متلازمة الجهل والتدليس وفساد المنطق في الصراع السياسي
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
متلازمة الجهل والتدليس وفساد المنطق في الصراع السياسي:
من أغبى الممارسات وأكثرها جهلا وفسادا أخلاقيا وأثارة للشفقة فكريا في النقاش العام هو اللجوء إلى الإرهاب بتصنيف الخصم الفكري بدلا من مناقشة وتفنيد حجته.
في نقاش ذكي ومستنير، لا يمكنك الفوز في جدال بوصف خصمك بأنه شيوعي أو إخواني أو سلفي أو ما بعد حداثي أو أنصاري أو سنبلي.
والأسوأ من ذلك القول بأن الشخص بالضرورة إخواني لمجرد تقاطع موقفه مع موقف الإخوان وهذه حالة شديدة من الغباء وعدم الأمانة لا يمكن وصفها بكلمات مهذبة.
في تسعينات القرن رفضت لجوء المعارضة للعمل المسلح ضد نظام الأخوان وقلت أن هذه أكبر حماقة ترتكبها الحركة السيسية السودانية ولن تنتهي علي خير. فسارع دعاة العمل المسلح لاطلاق لقب كوز علي. والان نفس المجموعات التي ناصرت العمل المسلح تدعي حب السلام وتطلق علي لقب كوز فقط لرفضي لفقه الجنجويد وحلفهم الذي يخجل من اعلان نفسه. رغم أني لم أدعو لكوزنة أو لحرب أو لبل ولا في جملة واحدة في يوم في حياتي وها أنا ذا مع الغرابا في تهني وغاية إنسجام. .
الإنسان الحر يفكر بنفسه، ويقرر بناء على قيمه وحقائق الأمر. ولا يهمه موقف الإخوان أو الشيوعي أو مريم. إذا حدث أن أي مجموعة أخرى لديها موقف مماثل حول مسألة معينة فان ذلك لا يثبت أنه جزء من تلك المجموعة. أما الملتاث المطلساتى العاجز عن التفكير الحر فانه ينظر أين تقف جهة أبلسها ليتخذ موقفا مغايرا لا يسنده منطق ولا أخلاق.
إن القول بأن شخصًا ما هو من الإخوان لتبني الإخوان وجهة نظر مماثلة حول قضية ضيقة ومحددة عبارة عن تفكير غبي للغاية وغير أمين. إذا استخدمت طريقة التفكير اللا-منطقية الغبية هذه، فيمكنك إثبات أي شيء تريد إثباته. على سبيل المثال، إذا كان الإخوان يعتقدون أن واحد زائد واحد يساوي اثنين، فيمكنني أن أتهمك بأنك مكوز لأنك تتبنى نفس الاعتقاد. ويمكنني أيضًا أن أثبت أنك إخواني لأنك تؤمن مع الإخوان بالله ورسول الإسلام وهذه مساحة واسعة جدا تجمعك معهم.
وتزداد الوقاحة بملاحظة أنك عملت في أو دافعت عن حكومة انتقالية علي راسها جنرالات اللجنة الأمنية لنظام البشير وتتماهي مع قحت بها كيزان المؤتمر الشعبي – كمال عمر – ومراغنة خدموا في نظام الأخوان إلي يوم سقوطه. يا لوقاحتك وانت تعمل مع الأخوان ثم تتهمني بمناصرتهم بدون دليل.
منذ تسعينات القرن الماضي وطوال عمري كنت ضد العمل المسلح وضد الميليشيات من الحركة الشعبية إلي الدعم السريع مروروا بحركات دارفور. وفي ذلك الوقت تبنت معظم الأحزاب الممثلة في التجمع الوطني العمل المسلح والتف حوله المثقفون والناشطون، ولكني تمسكت برفض العمل المسلح وقلت أنه يعني نهاية السياسة وان الغلبة فيه للأكثر عمالة واكثر دموية فاتهمني دعاة الحرب حينها بميول إخوانية. . وقد كان. والان الذين مارسوا أو طبلوا للعمل المسلح ضد نظام البشير يدعون السلمية ويتهموني بالكوزنة لمجرد رفضي للخطاب الحلف الجنجويدي.
فلو رفض الأخوان اليوم الدعم السريع فان الأمانة تقتضي اتهامهم بالأقرعة لا أن تتهمني بالأخونة لرفضي المليشيات كما ظل موقفي منذ القرن السابق وقبل ميلاد الجنجويد الذين تعول عليهم.
وإذا كان منطقك يعتمد على إثبات أنني إخواني بدليل تلاقي صدفة حول قضية محددة، مثل اعتقادي بأن الجنجويد وتحالف الجنجويد يفتقران تمامًا إلى الشرعية والمشروعية ، فيمكنك إثبات أشياء أخرى كثيرة عني. على سبيل المثال، يمكنك إثبات أنني مسلم، ملحد، مضاد للإلحاد، صوفي، سلفي، تجاني، إدريسي، ماركسي، وجودي، ريكاردي، غرامشي، ستاليني، رأسمالي، متغرب، مناهض للغرب، نيوليبرالي، ماوي، أنصاري، بوذي، ود شاطوطي قرنقي، وضعي، شيعي، سني، مهرطق، محمودي، وهكذا. ويمكنك أن تثبت أن نورمان فنكستين ونعوم شومسكي من الأخوان وان ميشيل فوكو كان من الشيعة الأثني عشرية وربما كان ماركس شخصيا كان أنصاري من أنصار محمد أحمد المهدي.
ومن الواضح أنني لا أستطيع أن أنتمي إلى كل هذه المجموعات لمجرد أنني أتفق معهم في نقطة واحدة محددة. إذن القصة بأكملها هي أنك مزيج قذر من الغباء والجهل وعدم الأمانة.
ويمكنني أن أثبت نفس الصفات عليك أيها الجاهل المدلس.
معتصم اقرع
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
مصطلح الإسلام السياسي
بحث وكتابه : د. سرى العبيدي .. سفيرة الثقافة والجمال الدولي
بدأ هذا المصطلح يأخذ حيزاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والسياسية وكأنه إحد المصطلحات السياسية التي ترتكز عليها أبواب السياسة،
فبعضهم وجدها سلعة رائجة ينتقد من خلالها فشل الأحزاب ذات الطابع الإسلامي دون تعميمها على باقي الأحزاب المشابهة لها والتي تنتمى لديانات وشرائع أخرى وهنا لابد من تسليط الضوء على هذا المفهوم وما يختزنه من حقد كبير على الإسلام،
في بداية الأمر يجب أن نتعرف على الأشخاص الذين يستخدمون هذا المصطلح ومعرفة إمكانياتهم وسيرتهم الذاتية وتوجهاتهم الفكرية فهذا أمر لابد منه قبل أن ننتقل الى شكل المواضيع التي يتطرقون إليها وكيف يذهبون بسياق الحديث الى هذه الزاوية ليوصلوا للعالم فكرة فشل الإسلام في إدارة الأمور،
إن فشل الأحزاب ذات الطابع الديني لم يكن الإسلام سبباً في ذلك فالأحزاب الإسلامية والدينية لايمكن أن تتخذ من القرآن الكريم والسنة النبوية منهجاً عملياً في حياتها الإدارية مع أنها تتشدق به بطريقة أو أخرى وإن تمكنت من تمرير ذلك على البسطاء والسذج من عامة المجتمع لكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك مع أولي الألباب وجهابذة السياسة والعارفين بدهاليزها.
غير أن المثير للجدل هو تركيز أغلب المحررين والمحللين السياسيين على إستعمالها في خطاباتهم وكتاباتهم حتى باتت وكأنها مادة أساسية صح تداولها فوصلت لأبعد نقطة في هذا العالم???? ليُتهم الإسلام بالضعف وسوء الفهم في إدارة المجتمعات والدول
وصار هذا الرأي سائداً حتى في البلدان الإسلامية ولتظهر الحاجة الملحة في الإبتعاد عن كل ما يمت للإسلام بصلة بينما نرى على الجانب الآخر عند دول العالم الغربي بأن كل ماوجدناه هناك يتقارب والى حد كبير مع المثل والقيم العليا التي إنفرد بها ديننا الإسلامي الحنيف.وكما قال أحدهم.
في دول الكفر وجدت الإسلام بلا مسلمين وفي بلاد المسلمين وجدت المسلمين بلا إسلام.
من هذا نفهم حجم التحديات التي واجهها الإسلام ومايزال يواجه الكثيرمنها،
ولكي نفسخ هذا الربط بين الأحزاب التي تبنت الخطاب الديني وبين الأديان فلابد من مغادرة هذا المصطلح بلا رجعة وأن الدين الإسلامي لايحتاج لحزب أو تكتل ليستمر في البقاء فهو باق في عقول كل البشرية التي تنادي بالعدل والمساواة وحقوق الناس وحدود الحريات حتى وإن كانت غير مسلمة..
علينا أن ندرك أن الإسلام بدأ بسيرة الرسول الأعظم محمد صلى الله وعليه وسلم وال يومنا هذا فهل كل المسلمين سياسيون؟ وهل الخطباء في المنابر سياسيون وهل أن المقاومين في جبهات القتال سياسيون ام عقيده علينا أن نميز بين الفكر السياسي والدين فلا يصح أن ندمج الدين مع السياسه
لعل الأيدلوجيات تختلف من عقل ال اخر ومن منهج ال منهج فلكل كيان له توجه أما الإسلام فنظريته ثابته بقواعد وأسس لاتقبل الشك
من هنا. جائت التشكك بالعقيده الاسلاميه ودمجها بمصطلحات استفادة منها بعض النفوس المريضه لدمج السياسه بالدين فلكل يعرف أن السياسه يلعبها صانعي المصالح تصب احيانا. في مصلحتهم وأحيانا. ال اتباع مصالح إقليميه. فليس كل سياسي هو. وطني وليس كل وطني هو سياسي
الأسلام. وطن عقيده ال الإنسان وهو الهويه الثابته نتمنى أن نترك مصطلح. (الأسلام السياسي) وندع ونسمي الأشياء بأسمها افضل وعلينا أن نفرق بين المقاومه الأسلاميه من جهة والاسلام السياسي من جهة أخرى
وطن وليس مزرعة للساسة..!