عربي21:
2024-09-18@05:38:56 GMT

الـقـصـة مـش قـصـة مـسـاعـدات

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT

لا يمكن اختزال الحرب التي تشنها إسرائيل على شعبنا في غزة بمساعدات، ومن المعيب على مجلس الأمن أن يختزل دوره في الدعوة لإدخال مساعدات إنسانية لنا في غزة بدلاً من أن يدعو لوقف الحرب ولوقف الإبادة التي يتعرض لها شعبنا أمام مسمع ومرأى من العالم.

القرار الأممي قبل يومين يشكل إدانة جديدة لصمت العالم وعجزه عن الوقوف أمام مسؤولياته، ويكشف أكثر كيف تثبت المنظمات الدولية أنها أداة بيد القوى المهيمنة وأنها لم تكن بالأساس إلا نتاج هيمنة هذه القوى على العالم بعد حروب الغرب الفتاكة التي دفع العالم ثمنها، وكانت حصتنا فيها كبيرة بمنح بلادنا للأغيار للتكفير عن أخطاء تاريخ ليس لنا علاقة بها.



هذه ليست قضية إنسانية، وما نتعرض له ليس فقط واقعاً إنسانياً صعباً وبؤساً لا حدود له، بل قضيتنا قضية شعب يتعرض للإبادة، وكل يوم يذهب المئات ضحية القصف والتدمير وعليه فهي ليست قضية شاحنة طعام تدخل من هنا أو من هناك أو هي شاحنة حطب (هل لاحظت) يتم التبرع بها من أجل أن نوقد ناراً ونحن في الخيام.

القصة أن هذه الخيام يجب أن يتم نزعها عن الأرض ورميها ويعود الناس لبيوتهم بعد أن تهدأ الحرب.
من لا يرى ذلك فهو بالتأكيد شريك في كل تلك الجرائم التي ترتكب بحق الأبرياء.

قضيتنا ليست قضية إنسانية رغم أن الإنسان هو ضحيتها الأولى، بل هي قضية سياسية بامتياز فهذا شعب يريد حريته فيما الاحتلال يواصل قتله وتدميره وتهجيره.

هل ثمة أبسط من هذا! القصة ليست بحاجة لمداولات وليست بحاجة لنقاشات ولا صفقات بين الدول الكبرى بل هي بحاجة لأن يكون الإنسان إنساناً وربما أن من يحتاج لمساعدات إنسانية هي تلك الدول التي تدعم الاحتلال، فهي بحاجة لمساعدات إنسانية حتى تعود لإنسانيتها، وهي بحاجة لمن يذكرها أن البشر في نهاية المطاف بشر وليسوا مجرد مادة للقتل ولشهوة التدمير.

قضيتنا بحاجة لمعالجة إنسانية تنتصر للإنسان في وجه القتلة وفي وجه من يدعم الشر وقواه الظالمة والمظلمة.

من لا يرى ذلك بالتأكيد أعمى، ومن لا يريد أن يرى ذلك هو شريك في الجريمة.

وللأسف منذ اليوم الأول بدا واضحاً أن حرب الإبادة التي تشنها تل أبيب على شعبنا هي حرب بالشراكة مع قوى مختلفة في العالم، وأن الكثير من الدول ما زالت تصفق لإسرائيل وهي تواصل قتلها لشعبنا، بل إن أبعد ما قد يذهب له البعض هو القول: «اقتلوا برأفة ولا تقتلوا الكثير كل يوم حتى لا تلفتوا الانتباه».

للأسف العالم يرى بعيون واشنطن وتل أبيب والقرار الأممي قبل يومين قال ذلك بوضوح. هو العالم الذي جاء زعماء بلدانه الكبرى يحجون في تل أبيب وهم يمنحونها الضوء الأخضر للمزيد من العمليات ضدنا.

بل إن منظمات دولية سارعت في نفس اليوم للحديث عن الوضع الإنساني المزري في قطاع غزة وعن بعض الحقائق حول الحياة المعيشية هنا، من حيث معاناة الناس من الجوع ومن الجوع الشديد ومن نقص المياه ومن ما يتعرض له السكان من حرمان من أبسط أنواع الطعام.

وهي كلها معلومات حقيقية ولكنها تأتي فقط من أجل التركيز على أن ما يمكن أن يقوم به العالم في هذه اللحظة هو أن يرسل لنا الطعام حتى نأكل فتقتلنا إسرائيل في اليوم التالي، وبالتالي تغذية الحرب وليس تغذية الإنسان لأن العالم غير قادر على قول الحقيقة والوقوف في وجه آلة الحرب لأن بعضاً من قواه الكبرى تريدها.

ما فائدة الطعام إذا استمرت الحرب؟ وكيف يمكن للطعام أن يساعد في صمود الناس إذا كان ما يريدونه هو أن يبقوا أحياء وألا يموتوا، ولا الطعام ولا كل شاحنات المساعدات يمكن أن توفر لهم ذلك.

هم بحاجة لأن يصمدوا فقط إذا انتهت الحرب وإذا توقف القتل وإذا شعروا بأنهم نجوا.
ما يجري في غزة حرب إبادة تطال البشر والشجر والحجر وكل شيء.

ما جرى في غزة هو تدمير كامل للقطاع بحيث بعض المناطق لم تبقَ فيها بناية واحدة ويتم استهداف كل شيء يتحرك حتى الطير.

إسرائيل تريد أن تترك غزة خرابة لا يمكن العيش فيها. وإذا كان المجتمع الدولي قلقاً فعلاً على الوضع الإنساني في غزة فعليه أن يمتلك الجرأة ليقول الحقيقة بأن إسرائيل تخترق القانون الدولي وتقتل المدنيين وتدمر الأماكن المدنية والأثرية والمقدسة من أجل أن تواصل عدوانها على شعبنا.

والوضع الإنساني لا يمكن أن يتحسن طالما بقيت الحرب، فالقصة ليست أن تدخل ألف أو مليون شاحنة لأنه مهما دخل من شاحنات فإن الواقع الإنساني لن يتحسن ببساطة لأنه لا توجد كهرباء عند الناس.

هناك من لا يتذكر أن دولة الاحتلال قطعت الكهرباء منذ أكثر من سبعين يوماً وأن الماء شيء نادر في غزة وأن البنية التحتية الأساسية غير موجودة.

وأمام كل هذا الواقع كيف يمكن للمواطنين أن ينتعشوا ويعيشوا حتى لو دخل لهم كل شيء.
وبالإشارة لما دخل خلال فترة التهدئة وما بعدها فهو لم يلبِ أكثر من 5 بالمائة من احتياجات السكان لأن الأصل ألا يتوقف أي شيء، وطالما أن الدبابات تقوم باعتداءاتها والطائرات تقصف في كل اتجاه فإن كل ما يدخل لن يشكل فارقاً حقيقياً في حياة الناس. المطلوب هو أن تنتهي هذه الحرب ويعود النازحون إلى بيوتهم ويتم وضع حل سياسي لغزة يضمن شمولها في الحل السياسي العام الذي يتشكل وفقه مصير الشعب الفلسطيني والجغرافيا الفلسطينية، ما عدا ذلك فإن الأفضل للعالم أن يظل صامتاً.

(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة مساعدات غزة مساعدات عدوان مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

خياراتنا المحدودة في عصر القوة المفرطة

يمثّل العصر الذي نعيشه حاليًا واحدًا من عصور قليلة مرت على البشرية استخدم فيها الإنسان القوة المفرطة لفرض سيطرته وسيادته على الأرض بكل ما فيها من بشر وحجر وشجر ومجتمعات ودول.

القوة لمن يملكها هذا صحيح، ولكن ترشيد توظيف تلك القوة في النزاعات والصراعات البشرية أمر تدعو له الأديان السماوية، وكل المواثيق والعهود التي وقّعت عليها دول العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك دخلت الدول القوية في اتفاقيات لوقف سباق التسلح، والحد من انتشار الأسلحة النووية التي كانت أبرز مظاهر القوة المفرطة التي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لهزيمة اليابان وإجبارها على الاستسلام. وما زال العالم والأمريكيون أنفسهم يشعرون بفداحة الجرم الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية في حق البشرية عندما استخدمت تلك الأسلحة التي لم تستخدم مرة ثانية على نطاق واسع حتى يومنا هذا.

منذ ذلك الحين دخل العالم عصرًا عرف باسم «الحرب الباردة» كان يتم خلالها إدارة صراعات القوتين العظميين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، عبر وسطاء، ومن خلال استخدام الضغوط الاقتصادية والإعلامية المتبادلة، وقد ظلت هذه الوسائل فعالة إلى حد كبير في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، ونجحت في منع المواجهة المباشرة بين الحلفين العسكريين الكبيرين، حلف شمال الأطلسي «الناتو» وحلف وارسو، وبعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات من القرن الماضي والذي جاء نتيجة تراكم تأثير الحرب الباردة على مدى سنوات، عاد العالم مرة أخرى إلى مفهوم القوة العظمى الوحيدة التي سارعت إلى فرض سياساتها ورؤاها ومصالحها على العالم كله، واستخدمت القوة المفرطة العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية في إخضاع الدول والحكومات لها.

الولايات المتحدة التي منعت نفسها من إرسال جيشها لحروب خارج أراضيها بعد هزيمتها في فيتنام، استعادت شهيتها المفتوحة دوما للقتل والتدمير وبدأت على الفور بالتدخل المفرط في القوة في أماكن كثيرة من العالم خاصة في العالمين العربي والإسلامي، وتظهر ملامح العدوانية الأمريكية فيما فعله جنود البحرية الأمريكية «المارينز» في الصومال، وفي ملايين العراقيين الذين قتلتهم بأسلحة محرم استخدامها دوليًا، وملايين الأطفال من العراقيين الذين منعت عنهم الغذاء والدواء لأكثر من عشر سنوات حاصرت خلالها بلادهم حصارًا مميتًا، وملايين الأفغان الذين جربت فيهم كل أنواع الأسلحة الفتاكة.

في تقديري عند الحديث عن القوة الأمريكية المفرطة لا يمكن فصل الولايات المتحدة الأمريكية عما جرى ويجري في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 حتى الآن، وقد شهدت السنوات الأخيرة ما يمكن أن نسميه «الدعم الأمريكي المفرط» لإسرائيل، والذي يشمل تقديم أحدث ما أنتجته آلة الحرب الأمريكية من أسلحة لها دون غيرها من دول العالم، وتشجيعها على استخدام القوة المفرطة في مواجهات غير متوازنة مع شعب شبه أعزل لا يملك طائرات حربية أو دبابات أو مدافع أو آليات عسكرية. ولعلها -أي الولايات المتحدة- هي المشجع الأول لإسرائيل على استمرار الحرب في غزة واستخدام القوة المفرطة الزائدة عن الحد وعن الحاجة في قتل أكثر من 40 ألفًا من الفلسطينيين في أقل من عام واحد.

وإلى جانب الدعم العسكري، تقدم الولايات المتحدة لإسرائيل كل أشكال الدعم السياسي غير المشروط ليس فقط في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ولكن أيضا بالمشاركة في المفاوضات العبثية التي تطيل أمد الحرب وتطيل معها معاناة الفلسطينيين في غزة؛ لإجبار المقاومة على القبول بالمطالب الصهيونية، وتعمل خلال هذه المفاوضات كوسيط منحاز تماما لإسرائيل، بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي والدعم الإعلامي عبر منصات الإعلام الأمريكية الهوية والصهيونية الهوى. ولا يؤثر اختلاف الإدارات الأمريكية المتعاقبة على هذا الدعم، الذي لم يتوقف يومًا، واتسع مداه في الحرب الأخيرة على غزة المستمرة منذ عام تقريبًا بل إن الحزبين الرئيسيين يتنافسان على إرضاء إسرائيل وتحقيق مصالحها دون أية مراعاة لعلاقات الصداقة والحب من طرف واحد التي تربط الأنظمة العربية بهم.

الغريب في الأمر أن الاستخدام المفرط للقوة الأمريكية والإسرائيلية في غزة وحاليًا في الضفة لم يلفت انتباه أحد في الأنظمة العربية صاحبة الرموز الدولية المميزة، التي تزعم أن اللحظة لحظتها والعصر عصرها، وتتنافس على قيادة الأمة العربية في عصر تراجعت فيه القوى العربية الكبيرة بفضل الضغوط الاقتصادية والمالية التي تعرضت لها على مدار سنوات من الصديق الأمريكي لإخضاعها تماما للسيطرة الصهيونية، والتي تعلم أنها لا يمكن أن تتمرد على الإرادة الأمريكية لا بالتصريح ولا حتى بالتلميح.

هل يبقى هذا الوضع على ما هو عليه؟ وهل يظل العرب سواء في الأراضي العربية المحتلة أو في غيرها يتلقون ضربات الصديق الأمريكي دون أي رد فعل؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نبحث عن إجابة عنه. إلى متى نبقى في موقع المفعول به ولا ننتقل إلى موقع الفاعل. لقد علّمنا «طوفان الأقصى» أن نقص الإمكانات وطغيان العدو ليس حجة للجلوس وانتظار ما يرمي به الأمريكيون والإسرائيليون لنا من فتات، رغم أن موائدهم ما عمرت إلا بالمال العربي. صاروخ باليستي واحد أطلقه اليمنيون على عاصمة الكيان الغاصب هذا الأسبوع قضّ مضاجع الإسرائيليين، فما بالك لو أطلق كل بلد عربي صاروخًا واحدًا باتجاه الأراضي المحتلة، ليس بهدف إشعال الحرب ولكن لإجبار العدو على إنهائها. صواريخ اليمن وصواريخ حزب الله والمقاومة العراقية قد لا يكون لها تأثير عسكري كبير على سير المعارك في غزة، ولكنها فعالة في مجال الردع الحقيقي الذي لم تجربه إسرائيل من قبل.

إذا كان عدوك وصديق عدوك يستخدمان القوة المفرطة لإرهابك وإجبارك على التسليم لإرادته، فلا أقل في هذه الحالة أن تجرب معهم القوة المفرطة في التهديد. لا نطلب من الأنظمة العربية خاصة في دول الطوق أن تذهب إلى الحرب لأن قرار الحرب ليس في يدها، وإنما في يد أمريكا أي في يد إسرائيل، ولكن فقط نطالبها بالتهديد فقط باستخدام القوة المفرطة.

لقد أصبحت خياراتنا محدودة للغاية بعد أن أعلن نتانياهو عزمه إشعال الحرب في الجبهة الشمالية مع لبنان، ويجب أن يكون هناك وضوح عربي ولو بالتصريحات فقط بأننا لن نترك لبنان وحده، وأننا تربطنا بلبنان معاهدة دفاع عربي مشترك تمامًا مثل التي تربطنا بالصومال، ودفعت دولا عربية إلى إرسال قوات إليها لمواجهة الأطماع الإثيوبية فيها. صحيح أنه «لا يفل الحديد إلا الحديد» والقوة الأمريكية والإسرائيلية المفرطة يجب أن تواجه بقوة مماثلة أو قريبة منها، ولكننا في هذه المرحلة من مراحل الضعف العربي العام، قد نرضى فقط بالتهديد.. مجرد تهديد قد يزعج تل أبيب وواشنطن، ولكنه قد يكون حاسمًا في لجم الجنون الإسرائيلي التي تذكر الوقائع والأحداث أنه لن يتوقف إلا بحرب شاملة سيدفع ثمنها الجميع.

أ.د. حسني محمد نصر أكاديمي في قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس

مقالات مشابهة

  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • خياراتنا المحدودة في عصر القوة المفرطة
  • بايدن «يواسي» ترامب بعد محاولة اغتياله الثانية.. ماذا قال؟
  • حجي: ليبيا بحاجة ماسة إلى منظومة رصد شاملة للتغيرات المناخية
  • الفاكهة ذات الرائحة الأسوأ في العالم ترفع أسعار القهوة.. ما القصة؟
  • قرقاش: الإمارات أكبر مانح مساعدات إنسانية للفلسطينيين في غزة
  • قرقاش: الإمارات أكبر مانح مساعدات إنسانية للفلسطينين في غزة
  • بايدن يعتزم مناقشة إستراتيجية الحرب مع زيلينسكي وأمريكا تعد حزمة مساعدات «كبيرة»
  • كيف يمكن لبوتين أن يستخدم السلاح النووي التكتيكي في أوكرانيا؟
  • العسومي: وقف العدوان على غزة ضرورة إنسانية وهدف استراتيجي لتجنيب المنطقة شرور الحرب