موقع النيلين:
2025-01-05@06:27:12 GMT

حرب بلا إعلام (2من 5)

تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT


حرب بلا إعلام (2من 5)
النهج الذي اعتمدته القوات المسلحة في هذه الحرب هو التكتم
كتب ـ عثمان أبوزيد
قلنا في الحلقة السابقة إن من المظاهر الأولى لحرب الخرطوم توقف وسائل الإعلام الرسمية الحكومية توقفًا تامًا.
انقطع إرسال التلفزيون القومي وكذلك الإذاعة وإذاعات الأف أم، وتوقفت الصحف. وهذا مظهر لمركزية شديدة في الإعلام على الرغم من وجود إذاعة وتلفزيون في كل ولاية، إذ ظل الإرسال عبر الأقمار الاصطناعية (SNG) في التلفزيون القومي.

نتذكر في عهد الرئيس جعفر نميري حينما تعطلت إذاعة أم درمان في إحدى المحاولات الانقلابية أمكن الاستعاضة بإذاعة جوبا.
وبغياب الصوت الرسمي والقومي، توجهت الأنظار والأسماع إلى وسائل التواصل الاجتماعي بمنصاتها المعروفة وأكثرها استخداما بين السودانيين واتس أب وفيسبوك، وتعذر لدى الأغلبية في داخل البلاد الوصول إلى منصات الفيديو بل حتى المقاطع الصوتية لضعف الشبكات. وبرز تواصل شفوي بتبادل الأخبار عبر المكالمات الهاتفية وجماعات الأنس حيث يتأثر الناس بالشائعات والأخبار المصنوعة والمختلقة.
في 26 أبريل بعد أسبوع تقريبا من اندلاع القتال كتبتُ على صفحتي في
فيسبوك أن هذه الحرب في السودان، مثل سائر الحروب جزءٌ كبير منها حرب إعلامية.
نقول حرب إعلامية تجاوزًا لأن مفهوم الإعلام الذي نعرفه هو: تزويد الجمهور بالمعلومات الصحيحة، أو الحقائق الواضحة والصريحة لتشكيل رأي عام مستنير. وقد نتفهم أنه حين تندلع المعركة العسكرية يصبح الأساس هو الدعاية والحرب النفسية والدعائية.
إن النهج الذي اعتمدته القوات المسلحة في هذه الحرب هو التكتم، وهو النهج المتبع في ظروف الأزمات الأمنية عالية الحساسية، فهذه المواجهة بتوصيف القوات المسلحة تمرد وتفلت أمني، ومن طبيعة التغطية الإعلامية الرسمية خلال فترة الأزمات الأمنية من هذا النوع؛ التكتم والتقيد بما تنشره الجهات الرسمية.
وللمقارنة بين إعلام الجيش وإعلام الدعم، فقد رصد مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في مصر نشاط منصات التواصل الاجتماعي لكل من الجيش والدعم، ومما أبرزه الرصد:
امتلكت القوات المسلحة صفحة على «فيسبوك» تابعها منذ الشهر الأول
للحرب مليون ونصف المليون متابع، وبلغ حجم التفاعل عليها 359 ألفاً،
غير أن حسابها على «تويتر» كان غير نشط يتابعه ألفان فقط وتعود آخر
تغريدة عليه إلى 10 مارس 2023م.
خلال الفترة من 15 إلى 24 إبريل 2023، حصل استخدام مكثف لتلك
الحسابات لنشر أخبار تدعم انتصارات كل جهة مع توجيه الاتهامات للجهة الأخرى، وجرى خلال ذلك توظيف تقنيات النص والصورة والفيديو، ويمكننا تقديم نظرة أكثر عمقاً لذلك من خلال رصد التغريدات المنشورة على حساب الإعلام العسكري للقوات السودانية وحساب قوات الدعم السريع على «تويتر.
خلال الفترة المذكورة، نشر حساب الإعلام العسكري للقوات المسلحة السودانية
119 تغريدة تضمنت 11 مقطع فيديو وكان عليها 17081 إعجاباً و3792 رداً،
تضمنت 1883 كلمة، وبالتحليل التكراري لتلك الكلمات يظهر استفاضة
الجيش السوداني في استخدام صفات تنزع الشرعية القانونية عن قوات الدعم السريع، حيث تكرر استخدام أوصاف «المتمردة» و«متمردون» و«تمرد» بإجمالي 56 مرة، فضلاً عن أوصاف «الميليشيا» 19 مرة و«العدو» 5 مرات،
وبالمقابل عمد إلى ذكر المدنيين ومخاطبة الشعب السوداني بنحو 38 مرة،
لتأكيد رغبته في حماية الشعب من اعتداءات «الطرف المضاد». فيما نشر حساب قوات الدعم السريع على «تويتر» 179 تغريدة، عليها 74037 إعجاباً، و10532 رداً، وهو ما يعكس حجماً أكبر من النقاش والسجال الرقمي، زاد منه استخدام المواد المصورة، حيث بلغ عدد الفيديوهات المتضمنة 57 فيديو. وبالتحليل التكراري لكلمات تلك التغريدات والبالغ عددها 2277 كلمة. (تقرير فاطمة الزهراء، مركز الأبحاث ودراسات المستقبل).
وعلى الرغم من كثافة تغريدات منصة الدعم السريع، فإن الملاحظ
وجود ردود معارضة لتوجهها وهجوم مكثف عليها مما يدل على تعاظم رأي عام أوسع مساند للجيش ومعارض لموقف الدعم السريع.
استطاعت منصات الدعم السريع تمرير معلومات تعطي انطباعًا أوليًا بحيازة النصر وحسم المعركة، وأصبح هذا هو الانطباع السائد لدى الكثير من المراقبين.
وسرعان ما تناقصت فاعلية هذه المنصات بسبب تناقض الأخبار ونشر الأكاذيب.
وفي العموم لا تعد حسابات الجيش ولا الدعم في تويتر أكس حاليا وفيسبوك من المنصات الرائجة بمعيار رواج حسابات أخرى تحظى بمتابعة الملايين.
ولا شك أن الإعلام المساند للجيش أو للدعم من الفاعلين والناشطين والداعمين أقوى انتشارًا، وهو ما يشير إليه البعض على سبيل التقليل والاستهانة بالدجاج الالكتروني.
ومن الواضح أن غرفًا متخصصة ولا سيما لدى الدعم تعمل على توجيه هذه الحسابات بأساليب مختلفة منها استخدام الخوارزميات مما يؤدى إلى قدر من التحكم في صناعة محتوى معين يجري الترويج له عبر إنشاء الكثير من الحسابات الزائفة واستخدام الروبوتات في إغراق الشبكة بمضمون يهدف إلى تصوير تقدم الدعم السريع.
واستخدام إعلام الدعم السريع الذكاء الاصطناعي، والمستهدف به على وجه خاص هم جنود الدعم السريع ورفع معنوياتهم بمخاطبات افتراضية من قائدهم الذي لم يعرف مصيره منذ أيام الحرب الأولى.
واستطاعت غرف الدعم السريع زرع أخبار سرعان ما رددها المناوئون لها، مثل أخبار استيلاء الجيش على الإذاعة.
والغرض من ذلك هو التأثير السلبي على معنويات الجهة الأخرى، فبعد تصيدهم بمثل هذه الأنباء الطيبة ورفع التوقعات، يظهر جنود الدعم يوجهون تكذيبًا من داخل مباني الإذاعة والتلفزيون.
لكن إعلام الجيش استطاع بشكل لافت تحقيق انتصار معنوي كان له الأثر السلبي في خفض معنويات عدوهم. وهذا ما نتناوله في الحلقة القادمة.
(نواصل)

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوات المسلحة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

قتلى وجرحى جراء قصف الدعم السريع 3 مناطق بالسودان

أعلنت مصادر رسمية أن قوات الدعم السريع قصفت مناطق سكنية في الخرطوم الكبرى وفي ولاية شمال دارفور غربي السودان وهذا أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 53 آخرين.

فقد قالت وزارة الصحة في ولاية الخرطوم -في بيان- إن قوات الدعم السريع قصفت أمس السبت أحياء بمنطقتي أم درمان وشرق النيل، وأسفر ذلك عن مقتل 4 مدنيين وإصابة 43 آخرين بحسب صحيفة سودان تريبيون.

وأضافت أن القصف استهدف منطقتي كرري في أم درمان وشرق النيل بولاية الخرطوم، مشيرة إلى أنه جرى نقل المصابين إلى 3 مستشفيات.

ولا تزال عدة مناطق في الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان تشهد من حين لآخر معارك بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني الذي تمكن في الأشهر القليلة الماضية من استعادة مواقع إستراتيجية وقلّص مساحة الأراضي التي كانت بقبضة تلك القوات.

وقبل أسبوع، قال مصدر عسكري ميداني للجزيرة إن الجيش تمكن من التوغل في مناطق بالخرطوم بحري، وهذا أجبر قوات الدعم السريع على التراجع إلى ضاحيتي حلة حمد والشعبية.

وفي تطور آخر، قالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني إن 4 مدنيين قتلوا وأصيب 10 آخرون أمس السبت جراء قصف الدعم السريع أحياء سكنية بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

من جهتها، قالت وزارة الصحة السودانية أمس السبت إن قوات الدعم السريع قصفت للمرة الـ14 المستشفى السعودي في الفاشر وأسفر ذلك عن مقتل مواطن وإصابة اثنين من موظفي المستشفى.

إعلان

ومنذ مايو/أيار الماضي، تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر وشنت عدة هجمات لاقتحامها لكنها فشلت حتى الآن في كسر الدفاعات التي أقامها الجيش والقوات المساندة له، كما أنها خسرت مؤخرا قاعدة "الزُرق" الإستراتيجية، حيث سيطرت عليها القوة المشتركة لحركات التمرد السابقة المتحالفة مع الجيش.

واتُّهمت قوات الدعم السريع مرارا بقصف المناطق السكنية والمستشفيات والمرافق المدنية الأخرى ومخيمات النازحين في الفاشر، ولكنها تنفي هذه الاتهامات.

ويشهد السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 معارك بين الجيش والدعم السريع أسفرت حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 30 ألف شخص ونزوح 14 مليونا داخل البلاد وخارجها، بحسب أحدث البيانات التي تصدرها منظمات دولية.

مقالات مشابهة

  • قتلى وجرحى جراء قصف الدعم السريع 3 مناطق بالسودان
  • الجيش يصد هجومًا للدعم السريع على أبراج الحجاز في بحري
  • منسقية النازحين واللاجئين: الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يقصفان مخيمين بشمال دارفور
  • هل سيضحون بالدعم السريع؟
  • اتهامات للدعم السريع بنهب المنشآت الطبية في ولاية الجزيرة وسط السودان
  • الفاشر.. الدعم السريع قصفت المستشفى السعودي بأكثر من 11 “دانة”
  • ستشهد شقيقان في أسبوع واحد أحدهما في صفوف الجيش والآخر في الدعم السريع
  • اغتيال ناشط مجتمعي في شمبات على يد قوات الدعم السريع
  • الجيش الروسي يكبد أوكرانيا خسائر فادحة في كورسك
  • العدل والمساواة تحدد شروط التسوية السياسية مع قوات الدعم السريع