أحيت مدينة بيت لحم في الضفة الغربية ليلة عيد الميلاد بحزن وصمت في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة للشهر الثالث على التوالي. وغابت مظاهر العيد في كنيسة المهد حيث تمت الاستعاضة عنها بالصلوات والدعوات لحلول السلام.

وألغت بلدية بيت لحم الاحتفالات على خلفية الحرب في غزة. وغابت شجرة الميلاد ومظاهر الفرح في المدينة التي كان العيد يجذب إليها الآلاف سنويا.

ووصل بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا الى باحة كنيسة المهد واضعا الكوفية الفلسطينية حول عنقه. وتقدم البطريرك أطفالا من الكشافة الذين استعاضوا عن الآلات الموسيقية الاحتفالية، بلافتات كتب فيها "فلتتوقف الحرب الآن" و"طوبى لصانعي السلام".

وقال البطريرك "قلوبنا مع غزة، الى كل الناس في غزة، لكن على وجه الخصوص الى رعيتنا المسيحية في غزة التي تعاني، لكننا نعرف أننا لسنا الوحيدين الذين نعاني".
وتابع "نحنا هنا لنصلّي ونطلب ليس فقط وقفا لإطلاق النار، وقف إطلاق النار ليس كافيا، علينا أن نوقف هذه الأعمال العدائية وأن نطوي الصفحة لأن العنف لا يولّد إلا العنف".

ولم توضع شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد بيت لحم ولم تعزف فرق الكشافة لدى دخول بطريرك اللاتين بيير باتيستا بيتسابلا ساحة الكنيسة بسبب الحرب.

وفي مدينة غزة أحيا مسيحيون ليلة عيد الميلاد في كنيسة العائلة المقدسة بمجمع دير اللاتين، في أجواء من الحزن خيّمت على الكنيسة في ظل غياب مظاهر الاحتفال واقتصارها على الصلوات بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع.

وقال بابا الفاتيكان فرانشيسكو خلال قداس الميلاد في الفاتيكان "قلبُنا الليلة في بيت لحم، حيث ما زال أمير السلام يرفضه منطق الحرب الخاسر، مع زئير الأسلحة الذي يمنعه حتى اليوم من أن يجد له موضعا في العالم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بیت لحم

إقرأ أيضاً:

في لبنان وغزة وسوريا.. الفرحة بعيد الميلاد تضيع وسط أوجاع العدوان الإسرائيلي

فى قطاع غزة، تختلط أصوات الطائرات والمدافع مع صرخات الأمهات وأبنائهن مع كل فقيد يفارقهن.

«كامل عياد»، مسيحى فلسطينى من غزة، فتح نافذة على معاناة شعب يعيش تحت وطأة الاحتلال، ليرى العالم ما تحمّله الشعب الفلسطينى من آلام وضياع، فى ظل احتفال الآخرين بعيد الميلاد.

«كل عام كان عيد الميلاد يحمل معانى مختلفة بالنسبة لنا، هو ليس فقط احتفالاً دينياً، بل لحظة تأمل وشعور بالانتماء إلى أرض وُلد فيها السيد المسيح»، بهذه الكلمات تحدث «عياد» بحزن، وهو يسترجع ذكرياته عن الاحتفال بعيد الميلاد فى القطاع.

وأضاف: «قبل الحرب، كنا نحاول أن نحتفل رغم الظروف، نُقيّم مسرحيات تحكى قصة ميلاد المسيح، نُغنّى الترانيم، ونتشارك الأمل مع المسلمين فى غزة وكأننا عائلة واحدة أما اليوم، فالفرح بات غريباً عنا».

فى السابع من أكتوبر 2023، تفاجأ «كامل» وعائلته بالحرب ليتّجهوا إلى كنيسة القديس برفيريوس، التى تُعتبر ثالث أقدم كنيسة فى فلسطين، ظنناً أن الكنائس ستكون أماكن آمنة بعيداً عن القصف، وكانت ملاذاً لآلاف المدنيين الذين لجأوا إليها، بعيداً عن القصف المدمّر الذى اجتاح قطاع غزة، ولكن الأمن الذى كانوا يأملون فيه سرعان ما تبخر تحت قسوة القصف والاستهداف لكل ما هو فلسطينى.

«كامل» الذى يحمل الجنسية المصرية من والدته، اضطر مع أسرته إلى الخروج من غزة، بحثاً عن الأمان، ليجد نفسه فى مواجهة مع جيش الاحتلال خلال رحلة الخروج إلى مصر، فقد كان الطريق محفوفاً بالمخاطر، وعن ذلك قال: «تحركنا عبر الشارع الآمن الذى أعلن الجيش الإسرائيلى أنه آمن من إطلاق النار، ولكن اضطررنا للمشى أنا وأطفالى وزوجتى وسط إطلاق نار رغم الوعود الكاذبة من الاحتلال، رافعين أيدينا فى الهواء نُمسك بهوياتنا، لكننا لم نكن نعرف إذا كنا سنصل إلى بر الأمان أم لا ونجحنا فى الوصول إلى مصر، وبدأت عائلتى حياة جديدة فى منطقة مدينة نصر».

ورغم وجود «كامل» فى مصر مع زوجته وبناته، إلا أن قلبه لا يزال فى غزة، حيث توجد والدته وأشقاؤه الذين لم يتمكنوا من مغادرة القطاع، ولا يزالون يعانون فى غزة، متسائلاً حول كيفية الاحتفال بعيد الميلاد وهو بعيد عن بلده، وعائلته تعيش فى خوف دائم، لكن تظل رسالة الشعب الفلسطينى فى ظل كل ما يحدث لهم هى رغبتهم فى الحياة، ذلك الحق الذى تحول إلى أمنية.

«باسم»: الأمور أفضل لكن القلق مستمر 

حالة من الترقّب والحذر يعيشها مسيحيو سوريا خلال احتفالات عيد الميلاد التى تتزامن مع الأحداث الأخيرة، ينتظرون بشغف ما ستؤول إليه تحركات الحكومة المؤقتة خلال الأيام المقبلة، وكيف يمكن أن يسير الحوار المرتقب بينهم، ولذلك تشهد احتفالات الميلاد هذا العام فى بلد الياسمين تحركات خجولة.

ورغم الظروف التى مرت بها سوريا بداية من شهر ديسمبر، إلا أن احتفالات الميلاد لم تندثر، ولكنها ندرت، فلم تملأ الشوارع أصوات آلات العزف وترانيم الميلاد كما كان سابقاً، باستثناء احتفالات باهتة فى باب شرقى وباب توما فى المدينة القديمة، ويتصل بهما حى القصاع، ومن ثم حى جناين الورد وحى القصور، وهى الأحياء الأكثر كثافة للمسيحيين فى دمشق.

وصف «باسم» -اسم مستعار لمواطن سورى رفض الكشف عن هويته- الوضع الأمنى فى سوريا بأنه فى تحسّن مستمر، وأن المعاملة من قِبل الجهات الرسمية تتسم بالاحترام للمسيحيين، رغم وجود بعض الأخطاء الفردية التى يتم التعامل معها بحزم وسرعة: «الأمور بشكل عام أفضل، لكن القلق لا يزال يساور البعض».

القلق المسيحى سيظل يُغلف احتفالات الميلاد، رغم تحسّن الأوضاع، فالكثير من المسيحيين يأملون فى قيام دولة علمانية تكفل المساواة بين جميع السوريين فى الحقوق والواجبات، وهذا الأمل لن يتحقق -كما يرى البعض- إلا بعد اعتماد دستور جديد للبلاد يكفل لهم الحقوق الكاملة: «نحن لا نريد مجرد دولة مدنية، بل دولة قانون، حيث يكون الجميع سواسية»، وفقاً لـ«باسم».

أما بالنسبة لاحتفالات عيد الميلاد، فإنها لم تتغير بشكل كبير فى ظل الظروف الحالية، إذ يمكن للمسيحيين الآن تنظيم احتفالاتهم دون الحاجة إلى التنسيق مع أى جهة، ورغم الأوضاع الصعبة لا يزال الاحتفال بالعيد يعتبر رمزاً للتضامن والأمل.

«أوغيت»: الاحتفالات تمسح الحزن عن «بيروت».. والمغتربون يعودون 

فى قلب لبنان، الذى لا يزال يعانى من تبعات الحرب، ظل الأمل ينبض فى النفوس، خلعت المدن رداء الحزن والقلق، وأخلت ساحاتها لأضواء الميلاد.. شجرة ومغارة وموسيقى رسمت ملامح عيد لا يهجر بلد الأرز وإن كان مشوباً بكثير من الحذر بسبب الأوضاع المتوترة فى جنوب البلاد وفى دول الجوار.

فى الوقت الذى يعيش فيه المسيحيون فرحة استقبال الطفل «يسوع»، تجد فى لبنان فرحة استثنائية بعيد الميلاد هذا العام، إذ هلّ الفرح بعد فترة من الحرب والدمار فتقول أوغيت سلامة، سيدة لبنانية، فى وصفها للعيد هذا العام: «عيد الميلاد مميز للبنانيين كما هو لجميع المسيحيين فى العالم، فهو ميلاد الرجاء وبداية أعظم قصة حب للبشرية التى بدأت ببشارة مريم العذراء ثم ميلاد يسوع، ولكن هذا العام، ومع كل المعاناة التى مر بها لبنان، أصبح للعيد معنى آخر، فهو يحمل معه أملاً فى السلام ورجاءً جديداً مع شعور عميق بأن الحياة قد عادت، وأن اللبنانيين يمكنهم العودة للاحتفال، بعيداً عن نار الحرب والدمار الذى عاشوه، وخاصة منذ سبتمبر الماضى وحتى إعلان وقف إطلاق النار فى نوفمبر».

وفى كنائس لبنان على الجبل، تجتمع العائلات، وتختلف الوجوه، لكنْ هناك شىء مشترك بينهم ألا وهو الأمل، وتنعكس أضواء زينة الميلاد على الوجوه المرهقة من الحرب، وتملأ الكنيسة أصوات الترانيم التى تتردد فى أرجائها، تقول «أوغيت»: «حتى إن أجواء البهجة والزينة ترافق كل الأديان والطوائف فى لبنان»، لكن ما يميز هذا العام أكثر من أى وقت مضى هو فرحة الأطفال: «أنشطة الأطفال تتعدد بين المسرح وتوزيع الهدايا مع بابا نويل، لكن فرحتهم هذا العام مضاعفة، كما الكبار، لأنهم عادوا للاحتفال فى المناطق التى شهدت العمليات العسكرية، خصوصاً فى بيروت والجنوب والبقاع، فبعد الحروب جاء هذا العيد ليحيى الأمل للأطفال والكبار على حد سواء، ويزرع فى قلوبهم فرحة جديدة».

ليس فقط اللبنانيون داخل لبنان من يفرحون بميلاد المسيح، فحتى أولئك الذين غادروا إلى الخارج بسبب ظروف الحرب، عادوا ليحتفلوا بعيد الميلاد مع عائلاتهم فقد عاد اللبنانيون فى الخارج، سواء للعمل أو الدراسة، إذ حجزوا تذاكر سفرهم فور إعلان وقف إطلاق النار، ليكونوا مع أهلهم فى هذا العيد، وتختتم «أوغيت»: «اللبنانى لا يفقد الأمل، وكلما اشتدت عليه التحديات، زادت عزيمته، لتمسكه بالحياة وبالحرية مهما كانت الظروف والأثمان».

مقالات مشابهة

  • شتاء ثانٍ تحت الحصار الإسرائيلي.. الجوع والبرد يفاقمان أزمة فلسطين مع استمرار الحرب
  • البطريرك يحتفل بقداس عيد الميلاد المجيد في كنيسة مار إغناطيوس في الكرسي البطريركي
  • حدادًا على شهداء غزة.. كنيسة بيت لحم تحتفل بعيد الميلاد دون فعاليات
  • عيد الميلاد في غزة: صلوات وقداس هادئ وسط أصوات الطائرات واستمرار القصف الإسرائيلي
  • حزن في بيت لحم.. كنيسة المهد تحيي عيد الميلاد دون احتفال تضامنا مع شعب غزة
  • عيد الميلاد في أوكرانيا.. فرحة مغطاة بحزن الحرب وآثارها المدمرة
  • عيد الميلاد في أوكرانيا.. فرحة مغطاة بحزن الحرب وآثارها المدمرة (فيديو)
  • في لبنان وغزة وسوريا.. الفرحة بعيد الميلاد تضيع وسط أوجاع العدوان الإسرائيلي
  • الاحتلال يرتكب 3 مجازر وارتفاع فى ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ بداية الحرب
  • عيد بلا مظاهر.. بيت لحم تتحدى الحرب بحفاظها على روح الميلاد|فيديو