لغة الضاد والقرآن في ديوانية الراجحي
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
خالد بن مرضاح – جدة
احتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية “لغة الضاد ولغة القرآن” في الثامن عشر من ديسمبر ، حيث وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973م قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.
تهتم المملكة باللغة العربية كثيراً ، ويتجسّد ذلك في إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بالرياض، لتطوير البرامج المتعلقة باللغة العربية ونشر أبحاثها وعقد اللقاءات السنوية لعرض أبحاث أهل الاختصاص في ما يخص اللغة العربية.
كما تطرق المشاركون في الديوانية إلى أن للغة العربية خصائص تختلف عن لغات العالم ومنها:
-أنها لغةٍ القرآن الكريم خاتمة الكتب السماوية، وأكثر من مليار مسلم يؤدون الصلاة بقراءة القرآن باللغة العربية في صلاتهم، وتمتاز كلماتها من بين اللغات بالإشتقاق فتستطيع أن تشتق من الكلمة الواحدة معانٍ كثيرة مثل كلمة (حمد) تشتق منها مثلاً: أحمد، محمد، محمود، حامد، حمدان-حميد.
– الفصاحة: والمقصود بالفصاحة (لغةً) هو خلو الشيء من العيوب، وقد خلت اللغة العربية من التنافر بين الكلمات، ضعف التأليف اللفظي، التعقيد اللفظي والتعقيد المعنوي.
– الترادف: وهو وجود العديد من الكلمات التي تعطي دلالةً واحدة مثل وجدت فلاناً مسروراً، محبوراً، فرِحاً، جذِلاً، ومستبشراً
– دلالة الأصوات على المعاني: تتميز الكلمة العربية بأنّه لمجرد سماعها ، يُفهم معناها ودلالتها.
– الكم الواسع من المفردات: لو أمعنا النظر في معاجم وقواميس اللغات فلن نجد معجماً متسعاً بالمفردات كالمعجم العربي وكل ذلك بشهادة المستشرقين، فلا يمكن لأحد أن يعطي إحصاءً عددياً لمفردات اللغة العربية.
وأوضح الحاضرون أن اللغة العربية أنقى اللغات وأدقها في التعبير، وأنها متفردة في طرق التعبير بأساليبها المتنوعة واشتقاقاتها الفنية، قائلين :”لا يدرك جمالها إلا من أبحر فيها”.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: ديوانية الراجحي باللغة العربیة اللغة العربیة للغة العربیة
إقرأ أيضاً:
المِزاج العالمي الجديد
المِزاج حالة من حالات الوعي، ومن ثم فإنه يتغير بتغيره. هذا الوعي ليس له قدرة فحسب على تغيير الحالة المِزاجية، وإنما له قدرة أيضًا على تغيير العالم الذي نعيش فيه؛ فالعالم ـ كما تعلمنا من هيجل ـ لا يتغير بذاته، وإنما الوعي هو الذي يغير هذا العالم، وهذا قول صحيح، ولكنه سرعان ما يستدعي عندنا السؤال: وكيف يتغير الوعي، ومن ثم الحالة المِزاجية؟ ذلك أن هناك تحولات تحدث في تاريخ العالم تكون بمثابة الظروف الموضوعية التي تؤدي إلى هذا التغيير، ومن ذلك على سبيل المثال: التحولات في الأوضاع السياسية والاجتماعية، والتطورات العلمية في مجالات العلم والتكنولوجيا، وغير ذلك مما سوف نشير إليه في هذا المقال.
والواقع أن مفهوم «المِزاج العالمي» Public Mood قد يَلقى اعتراضًا باعتباره مفهومًا فضفاضًا؛ إذ إن مفهوم المِزاج يرتبط عادةً في أذهاننا باعتباره حالة فردية مرتبطة بأحوال المرء التي تتغير من حين لآخر، وربما يتغير الطابع العام لمزاجه الشخصي بفعل ما يطرأ على حياته في مجملها من تحولات عبر العمر وفقًا لظروف وأحوال موضوعية تسهم في تغيير نظرته للعالم وللأشياء من حوله.
وإذا كانت الحالة المِزاجية هي حالة فردية شخصية؛ فبأي معنى يحق لنا أن نتحدث عن حالة من المِزاج العالمي أصلًا؟! وأود هنا أن أفصل في هذا الأمر بالقول: إن المِزاج باعتباره حالة فردية هو أمر يتعلق بطبائع الشخص وتوجهاته السيكولوجية فيما يتعلق بأحوال حياته وما يطرأ عليها من تغيرات. ولكن حالة «المِزاج العالمي» هي أمر يتعلق بحالة عامة لدى معظم الناس تتعلق بمواقفهم وميولهم إزاء ما يجري في العالم من أحداث وما يطرأ على وقائعه من تحولات. والحقيقة أن مفهوم «المِزاج العالمي» الذي أتحدث عنه هنا يشبه إلى حد ما مفهوم هربرت ماركوزه Marcuse عن مفهوم «الحساسية الجديدة»، الذي يعني عنده إعلاء الاحتياجات الحيوية لدى الإنسان من خلال مواجهة ثقافة العنف والقمع والاستغلال والعدوان. وهو يشبه- إلى حد كبير- مفهوم «العاطفة الاجتماعية» باعتبارها حالة شعورية عامة تنشأ لدى الناس، لا باعتبارهم أفرادًا أو ذواتًا منعزلة، وإنما باعتبارهم قطاعًا واسعًا من الناس لديهم هموم سياسية واقتصادية واجتماعية مشتركة.
هناك إذن ظروف موضوعية تسهم في تشكيل حالة جديدة من الحساسية أو المِزاج العام. وهناك أمثلة لا حصر لها على الأحوال الموضوعية العالمية التي تسهم في تغيير الوعي والمِزاج العالمي، ومن ذلك على سبيل المثال: الأوضاع السياسية العالمية والتوتر العالمي بفعل الحروب والنقاط المشتعلة في كثير من المناطق عبر العالم، كما في التوتر بين الصين وتايوان، والصراع بين إسرائيل وإيران، وفي الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ، وفي السودان، والصراع داخل ليبيا، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي تحرش الولايات المتحدة عسكريًّا بفنزويلا، وغير ذلك من مناطق التوتر والصراعات والحروب حول العالم.
وفضلًا عن ذلك، فقد بدأت تلوح في الأفق مخاطر اشتعال حرب عالمية ثالثة نووية، بفعل التوتر الشديد بين قوى كبرى في الاتحاد الأوروبي وبين روسيا، وهو التوتر الذي يعبر عن نفسه على ساحة أو مسرح أوكرانيا! بل إن الإدارة الأمريكية أعلنت عن نيتها في إجراب تجارب نووية، بالمخالفة لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية! وليس من قبيل الصدفة أن الإدارة الأمريكية الحالية قد تبنت منحى الصدام والصراع السائد الآن في السياسات العالمية للقوى الكبرى؛ بل أعلن ترامب بنفسه تغيير اسم «وزارة الدفاع» إلى «وزارة الحرب»؛ كأن الهدف المطلوب ليس هو السلام، وإنما العدوان! وكأن السلام لا يمكن تحقيقه إلا من خلال القوة العسكرية، ومن خلال توقيع العقوبات الاقتصادية على الخصوم السياسيين!
غير أن هذه الأوضاع في السياسات العالمية قد أدت إلى ردود فعل شعبية مناهضة بفعل الإحساس بالخطر التي يهدد السلم العالمي في ظل عجز المؤسسات الدولية عن مواجهة هذا الخطر، وبفعل الإحساس بأن أنظمتها الحاكمة تتبنى مواقف عنصرية تتعامى عن حوق الإنسان عبر العالم. ولقد رأينا ذلك مرارًا في تنامي وعي الشعوب بحقوق الفلسطينيين المشروعة في مواجهة الاحتلال والعدوان الإسرائيلي الغاشم على الفلسطينيين في غزة، وهو ما تبدى جليًّا سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في تظاهرت حشود الناس عبر العالم، وحتى في تظاهرات شباب الجامعات الأمريكية والأوروبية.
ولا شك في أن التكنولوجيا فائقة السرعة قد ساهمت بقوة في خلق حالة التحول إلى المِزاج المناهض أو الرافض لدى قطاع واسع من الشعوب، وذلك من خلال تداول الصور والفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في اللحظة نفسها عبر العالم. هذا التأثير المباشر على المِزاج العالمي يكاد فوريًّا بفعل الصورة، أعني بفعل قدرة التكنولوجيا على بث التصوير الحي المباشر لما يجري على أرض الواقع في اللحظة نفسها.
هذا المِزاج العالمي الجديد قد عبر عن نفسه لدى ما يُسمى «بالأجيال الرقمية»، وقد تبدى هذا حتى في رفض هذه الأجيال الجديدة للنزعة العنصرية لدى الإدارة الأمريكية في التحيز للعرق الأبيض في مقابل الهويات العرقية الأخرى؛ ومن المؤكد أن حصول ممداني ـ الذي ينتمي إلى أصول هندية مسلمة ـ على نسبة مرتفعة من التصويت على ترشحه لعمودية نيويورك التي هي أهم ولاية أمريكية، إنما هو تعبير عن هذا المِزاج الجماهيري الجديد (داخل أمريكا نفسها) الذي هو ـ في الوقت ذاته ـ تصويت عقابي ضد الموقف العنصري للإدارة الأمريكية.