محمد كركوتي يكتب: المرونة النقدية في 2024
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
يبدو واضحاً عبر متابعة التوجهات الاقتصادية الراهنة على الساحة العالمية، أن ثمة «مرونة» (وليس تحولات بعد)، ستصبغ الاقتصاد العالمي عموماً في العام المقبل. التحولات تحتاج إلى مزيد من الوقت لكي تظهر في الميدان، وستكون بالطبع نتاج السياسات المرنة التي سيتخذها المشرعون حول العالم، وفي مقدمتها عدم مواصلة رفع الفائدة، بل خفضها إذا أمكن في الربع الأول من العام 2024.
ربما لن يكون تخفيف التشديد النقدي عميقاً، لكنه سيصل إلى العمق بالتدريج. فخفض تكاليف الاقتراض لا بد أن يناسب وتيرة رفعها أيضاً، ناهيك عن أن الصعوبات الاقتصادية لا تزال باقية وإن بصورة أقل، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة، وعدم الاستقرار تماماً لسلاسل التوريد، على الرغم من القفزات النوعية في هذا المجال، خلال الأشهر الماضية. وسط هذه الأجواء، تبقى العيون شاخصة على مستويات التضخم، التي بات في الأشهر الأخيرة اتجاهها للهبوط، الأمر الذي خفف الضغوط على المشرعين الماليين، الذين يسعون إلى إيصال أسعار الفائدة لمستويات تكفل نسباً من النمو في المديين القريب والمتوسط. ورغم أن أحداً لا يتطلع إلى نمو كبير مشابه لما حدث في العقد الماضي، بما في ذلك الصين، إلا أن أي نسبة من هذا النمو، سوف تضمن ابتعاد هذا الاقتصاد أو ذاك عن دائرة الركود.
فقد وصل الخوف من الركود، إلى درجة أن كثيراً من البلدان المتقدمة والناشئة، تمنت هبوطاً ناعماً لاقتصاداتها. فمثل هذا الهبوط يسمح في النهاية بالتخلص من تبعاته في فترة زمنية قصيرة، والأمر ليس كذلك بالنسبة للركود بالطبع.
يمكن توصيف الشكل الاقتصادي العالمي في السنة المقبلة، على أنه ماض في التعافي شيئاً فشيئاً من الأزمات التي مر بها منذ العام 2020، بما في ذلك الحرب الجارية في أوكرانيا، ومستويات التضخم، وارتفاع تكاليف الاقتراض، واضطراب سلاسل التوريد، وتفاقم المواجهات الجيوسياسية.
وهذا التعافي سيكون ضرورياً جداً، ليس فقط من أجل استعادة النمو، والتغلب على آثار الأزمات المختلفة، بل وتعويض ما تم إنفاقه بصورة طارئة بسبب هذه الأزمات. فغالبية الاقتصادات حول العالم تعاني ديوناً حكومية مرتفعة، تساوت في غالبية البلدان بحجم ناتجها المحلي الإجمالي، وقفز بعضها فوق مستوى هذا الناتج.
وهذا الجانب يدق جرس الخطر دائماً، خصوصاً في الدول المعرضة لاحتمالات عدم السداد. وقد عجزت بالفعل بلدان في السنوات الماضية عن الإيفاء بتعهداتها في هذا المجال.
المهم الآن، أن ينطلق النمو بفعل التراجع المحتمل جداً لتكاليف الاقتراض في الدرجة الأولى. فمع التشديد النقدي المتكرر خرجت نسبة كبيرة من الأعمال من السوق، لعدم قدرتها على تأمين الإنفاق التشغيلي لها، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الفائدة بلغت في معظم البلدان النسبة الصفرية في العقد الماضي، أُطلق عليها توصيف «فترة المال الرخيص». بالطبع لن نشهد عودة تكاليف الاقتراض إلى هذا المستوى، لكن بلا شك، سيؤدي أي خفض إلى تحريك ضروري للاقتصادات حول العالم. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محمد كركوتي كلام آخر تکالیف الاقتراض
إقرأ أيضاً:
عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (1)
1 واهمٌ من يظن أن الحرب ستنتهي بتحرير الخرطوم أو دارفور. هذه الحرب قرر الذين أشعلوها ألَّا تنتهي أبدًا إلا بتحقيق أهدافهم، وهيهات. وبسبب هذه “الهيهات”، يسعون إلى استدامة الحرب، لأنهم يعلمون أن هزيمة الشعب السوداني مستحيلة، كما أنهم لن يستسلموا ، فغايتهم ليست تقسيم السودان، بل الاستيلاء عليه بالكامل، ليصبح نهبًا لأطماع الإمبراطورية الإماراتية.
2
الحرب الجارية الآن ليست حرب الجنجويد، فقد انتهت قوتهم وتبددت، لكن الذين استخدموهم لا يزالون في الميدان، يغيرون خططهم وتكتيكاتهم باستمرار، متنقلين من خطة فاشلة إلى اخرى افشلمنها ، حتى انتهوا الان إلى خطة “التطويق الشامل” طويلة الأمد وستشفل باذن الله..
3
ما هي خطة التطويق الشاملة ؟ وكيف جاءت؟
تقضي الخطة بتطويق السودان ووضعه داخل دائرة عداء مع كل دول الجوار والدول القريبة منها، واستخدام تلك الدول وحدودها ومطاراتها وقواعدها لدعم حرب الإمارات. بدأت الإمارات تنفيذ خطة التطويق عبر الإغراء، والشراء، والاستثمار. وبما أن الرشاوى لا تظهر إلى العلن، ظهر الاستثمار، وهو في جوهره استثمار في تجنيد دول الطوق (تشاد، جمهورية إفريقيا الوسطى، جنوب السودان، إثيوبيا، ، ليبيا “حفتر”، أوغندا، كينيا) لصالح أجندة المشروع الإماراتي في السودان، الهادف إلى ابتلاع موارده بالكامل.
4
متى بدأ التحول إلى خطة التطويق؟
عندما فشلت خطة الانقلاب في 15 أبريل 2023، تحوَّلوا إلى الحرب. وعندما فشلت الحرب في تحقيق أهدافهم، لجأوا إلى نشر الفوضى، ولم يتركوا مرتزقًا إلا استعانوا به، من كولومبيا إلى تشاد! ثم، بعد أن تكسرت قواتهم وتبعثرت، انتقلوا إلى حرب الطائرات المسيّرة التي تُدار من داخل السودان وخارجه. لكن هذا النمط من الحرب لم يحقق أهدافهم، بينما تمكنت الحكومة من إحراز تقدم ملحوظ في التصدي له، عبر تطوير أساليب مكافحته، وإسقاط الطائرات، وتأمين الأهداف الحيوية. ولا تزال الجهود مستمرة للحصول على أنظمة وقاية تحمي جميع المناطق الاستراتيجية في البلاد.
5
الفخاخ الإنسانية والسياسة كأداة مساندة
عندما فشلت خطط الانقلاب ثم الحرب، لجأوا إلى نصب الفخاخ عبر القضايا الإنسانية كمدخل لوقف الحرب والدخول في متاهات تقاسم السلطة، كما جرى في جنيف. وتزامن ذلك مع تحركات دبلوماسية مكثفة للإمارات في دول الطوق، ثم الاستدارة نحو السياسة عبر مؤتمر “تأسيس” في نيروبي، في محاولة لإسناد المجهود العسكري للمليشيا وإنقاذ وضعها المتدهور، بعدما فقدت أغلب الأراضي التي كانت تسيطر عليها في وسط السودان، ولم يتبقَّ لها سوى جيوب محدودة، وهي في طريقها للخروج التام من العاصمة.
ظن كفيل المليشيا أن التحول إلى السياسة، إلى جانب دعمه للميدان العسكري، سيسهم في إبعاد الأنظار عن الإمدادات المستمرة للمليشيا التي لا تزال ترتكب جرائمها. لذلك، تم حشد مجموعة من الفصائل تحت ما عُرف بـ”تحالف تأسيس” في كينيا، حيث صيغ البيان الأساسي، ثم جرى التوقيع على دستور علماني على هوى “الحلو”. وتبقى الخطوة الأخيرة، وهي إعلان حكومة الجنجويد وحليفهم الحلو.
لكن، قبل اتخاذ هذه الخطوة، فوجئوا برفض إقليمي ودولي قاطع لأي حكومة موازية في السودان، بدءا من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي ودول الخليج، مرورًا بالعالم العربي، وصولًا إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة والولايات المتحدة. وهكذا، تعطلت خطة الحكومة الموازية، وأصبح إعلانها يُؤجَّل يومًا بعد يوم إلى أجل غير مسمى.
6
ما هي خطة التطويق؟ وماذا فعلت الإمارات مع دول الطوق؟كيف جرى استقطاب دول الطوق الإفريقية؟
تُظهر الاستثمارات الإماراتية في إفريقيا نموًا ملحوظًا، حيث أصبحت الإمارات أكبر مستثمر في القارة بين عامي 2019 و2023، بإجمالي استثمارات بلغ 110 مليارات دولار، بحسب صحيفة “الغارديان”. غير أن هذه الاستثمارات، التي تهدف إلى بناء إمبراطورية إماراتية في إفريقيا، أُعيد توجيهها لخدمة أهداف الحرب في السودان.
7
بدأت الإمارات ببناء “طوق” في دول جوار السودان، عبر الاستثمار والشراء المباشر للمتنفذين عبر الرشاوى ، مستغلة ضعف هذه الدول وحاجتها إلى الدعم المالي، فماذا فعلت لبناء ذلك الطوق؟.نواصل
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب