بوابة الوفد:
2024-12-22@21:13:58 GMT

فى عيدها العالمى.. لغة الضاد.. بحر يتلألأ بالدر

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

«إن الذى ملأ اللغات محاسنا جعل الجمال وسره فى الضاد».. قالها يوما أحمد شوقى ليوجز بها وصفًا بليغًا للغتنا العربية، تلك اللغة التى تعد سجلًا للتاريخ والفنون والآداب ومجمعًا للبلاغة، واختيار الله لتكون كلمته على أرضه، تصدح الألسنة وتتبتل إلى الخالق بحروفها التى شرفت بحمل كتابه للعالمين.. إنها اللغة العربية، أقدم اللغات السامية، بحر يتلألأ الدر كامنًا فى أحشائه فلا يصل إليه إلا كل غواص عليم.

يقول جورج سارتون، فى حق العربية: «لقد حقق العرب عباقرة الشرق أعظم المآثر فى القرون الوسطى فكتبوا أعظم المؤلفات قيمة وأكثرها نفعًا باللغة العربية التى كانت فى منتصف القرن الثامن لغة العلم الراقي»

لأن الإلمــام باللغة العربية يساعـد أبناءنا على الاستمتاع بما تصفه من روائع وكنوز فى تراثهـا القديم.

* دور العربية فى عصر النهضة

ويزخر تاريخ اللغة العربية بالشواهد التى تبيّن الصلات الكثيرة والوثيقة التى تربطها بعدد من لغات العالم الأخرى، إذ كانت اللغة العربية حافزاً لإنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا فى عصر النهضة. وأتاحت اللغة العربية إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقى.

* لغة الخطاب السياسي

ولأن اللغة أساس الهوية؛ لذلك كانت اللغة العربية صلب الهوية المصرية وأساسها، فاللغة العربية لها مكانتها العالمية المُعتَرَف بها فى المحافل الدولية، وفى هيئات الأمم المتحدة، فقد كان أول خطاب سياسى أُلقِى باللغة العربية فى الأمم المتحدة هو خطاب الرئيس المصرى جمال عبد الناصر فى أكتوبر عام 1960م، ثم تلته خطابات السادة رؤساء الدول العربية فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، مستخدمة اللغة العربية الفصحى، ومن ذلك: كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى باللغة العربية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 24 سبتمبر 2019م.

* اليوم العالمى للغة العربية

ولهذا كله، ولأنها تُعدّ ركناً من أركان التنوع الثقافى للبشرية، وإحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً فى العالم، إذ يتحدث بها يومياً ٤٥٠ مليون نسمة من سكان المعمورة؛ لذا فقد خصص يوم للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، وهو الثامن عشر من ديسمبر من كل عام. 

وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية لأنه اليوم الذى اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 1973 قرارها التاريخى بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة فى المنظمة، ومنذها والعالم يحتفل بلغة الضاد بشكل دورى.

* لغة إعلامية

تعد العربية الفصحى اللغة الرسمية للخطاب الإعلامى فى البلاد، سواءً فى القنوات الإعلامية المكتوبة أم المسموعة أم المرئية، ذلك أنها تتوفر بها خصائص اللغة الإعلامية بأبنيتها وتراكيبها اللغوية التى تسهم بنصيب كبير فى التأثير على المتلقي، سواءً أكان قارئًا أم مشاهدًا؛ لذا يحرص الإعلاميون على السلامة اللغوية، وضبط الخطاب الإعلامي، مما يساعد فى صنع منتج إعلامى متميز فى بناء مادته اللغوية ومحتواه الفني، لا سيما مع تقدم التقنيات التكنولوجية التى أتاحت الوصول إلى المحتوى الرقمى للخطاب الإعلامى فى أى وقت، فاللغة العربية الفصحى التى تحملها أجهزة الإعلام هى التى يفهمها من يتكلمون العربية على كافة الأصعدة وفى مختلف المستويات وبين الشعوب العربية، فاللغة العربية الفصحى هى اللغة الوحيدة التى يلتقى عندها أهل العربية فى جميع أقطارهم يتكلمون ويكتبون بها.

وتعتمد البرامج التلفزيونية على فن الحوار القائم على جماليات اللغة، وتداولية استعمال الجمل والعبارات من قِبَل المتحاورين، وكذلك النشرات الإخبارية تهتم فى المقام الأول بإذاعة الأخبار السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية التى تنهض فى بنائها اللغوى على الأساليب الخبرية، وتعتمد فى المقام الأول على بلاغة الكلمة وفصاحتها، وعلى جماليات فن الإلقاء من قِبَل المذيعين؛ مما يُعَبر عن حضور اللغة العربية وهيمنتها على لغة الخطاب الإعلامي، سواءً المسموع أو المرئي، فاللغة (بألفاظها وتراكيبها) هى الوسيلة الأولى فى الوسائل الإعلامية للتأثير على المتلقي؛ ولذلك باتت العربية الفصحى هى الأكثر تداولًا والأشهر رواجًا فى وسائل الإعلام؛ لاعتمادها على قوة الكلمة، وتأثيرها فى نفوس المستمعين؛ ولذلك نلحظ اهتمام بعض الإعلاميين بانتقاء اللفظ الذى يتسم بالفصاحة والبلاغة وقوة التأثير لجذب انتباه المتلقى.

* ضعف الأداء.. الازوداجية..  أهم المشكلات

وتعد ظاهرة ضعف الأداء اللغوى وشيوع الأخطاء اللغوية والنحوية والإملائية واللجوء إلى العامية وعدم سلامة النطق وازدواجية اللغة وشيوع ما يسمى بالفرانكواراب بين الشباب، من أهم المشكلات التى تواجه الخطاب الإعلامى المعاصر، لذا فإنه يجب قصر اللغة الإعلامية على الفصيح من الأساليب العربية، من أجل الحفاظ على الهوية الحضارية للدولة المصرية، والتأكيد على عربيتها، والحد من الغزو اللغوى الذى يهيمن على معظم الوسائل الإعلامية، فعلى الرغم من حرص معظم الإعلاميين فى قنوات الخطاب الإعلامى المختلفة على التحدث بالعربية الفصحى (فى كثير من الأحيان)، فإننا نجد مستوى لغويًّا مغايرًا تمامًا للفصحى، يتسم بالمزج بين معيارى الفصحى والعامية؛ مما يبرز التداخل بينهما فى لغة الخطاب الإعلامي، ومن هنا تقع على مؤسسات الدولة -خاصة مجمع اللغة العربية- مسؤولية مراقبة اللغة الإعلامية فى وسائلها المختلفة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للإعلام.

ذلك أن فصاحة الاستعمال اللغوى فى وسائل الإعلام -سواءً المقروء أو المسموع– تساعد فى تيسير دخول الفصحى إلى كثير من المنازل بكل سهولة ويسر؛ ومن ناحية أخرى فإن وسائل الإعلام تُسهِم بنصيب كبير فى نشر الفصحى من خلال إعداد الكوادر الإعلامية، وتدريبها على التحدث بالفصحى، وتشجيعها على استعمال الفصيح من الأبنية والتراكيب اللغوية فى خطابها الإعلامى الذى يصل إلى كثير من البيوت دون استئذان.

* دور الجامعات فى الحفاظ على اللغة

تضطلع كليات الإعلام وأقسام الإعلام بكليات الآداب فى الجامعات المصرية المختلفة بدور مهم فى تدريس مقررات اللغة العربية، نحوًا وصرفًا وبلاغةً ونقدًا، ضمن برامجها الدراسية، واشتراط جودة التحدث بالعربية الفصحى ضمن شروط القبول بها، وأن يكون الإعلامى الذى يتصدر المشهد الإعلامى متحدثًا جيدًا باللغة العربية الصحيحة فى بنائها وأسلوبها اللغوى. كذلك يجب الاهتمام بالبرامج اللغوية ضمن مخرجات أقسام الإعلام؛ لضمان جودة الخطاب الإعلامي، ووضع ميثاق شرف لغوي، وأن يكون فى كل برنامج مجموعة من الإعلاميين الأكفاء الماهرين فى قواعد اللغة العربية؛ لتصحيح الأخطاء اللغوية الشائعة أولًا بأول، والحد من استعمال اللغات الأجنبية فى البرامج الإعلامية الوطنية.

* دور المؤسسات الأخرى

ولا يقتصر الأمر على دور المؤسسات الإعلامية الفاعل فى الحفاظ على اللغة، بل إن للبيت دورا مهما فى تعليم الأطفال قبل سن الدراسة أهمية الفصحى والحفاظ عليها، من خلال إكسابهم مهارات القراءة والاطلاع، مما يجعل اللغة يسيرة جارية على ألسنتهم منذ الصغر، ثم يحين دور المدرسة والمناهج الدراسية التى يجب انتقاؤها بعناية، وغربلتها من الحشو والتلقين،  واستخدام وسائل تكنولوجية متطورة فى تدريسها، حتى يصبح تعليم اللغة محفزا لا منفرا، وحتى نعيد للفصحى مجدها الذى نبتغيه.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عصر النهضة الخطاب الإعلامی العربیة الفصحى باللغة العربیة وسائل الإعلام اللغة العربیة العربیة فى العربیة ا

إقرأ أيضاً:

مناقشة الخطة الإعلامية للمؤتمر الثالث ( فلسطين قضية الأمة المركزية)

وتطرق الاجتماع الذي ضم وزير الإعلام هاشم شرف الدين، ونائبه الدكتور عمر داعر، ورئيس اللجنة التحضيرية الدكتور عبدالرحيم الحمران، ونائبه الدكتور أحمد العرامي، وأعضاء اللجنة، إلى الخطة الإعلامية المقدمة من وزارة الإعلام المتصلة بتغطية المؤتمر إعلامياً، والمتضمنة التغطية الإعلامية ومواكبة أعمال المؤتمر والتعريف بأهمية انعقاده في ظل الظروف الحالية التي تمر بها الأراضي الفلسطينية مع تزايد الحملات الصهيونية الساعية طمس الهوية الفلسطينية.

واستعرض الاجتماع بحضور نائب رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية سبأ - نائب رئيس التحرير محمد عبدالقدوس الشرعي، ومسؤولي المؤسسات الإعلامية التلفزيونية والصحفية والإذاعية، أهداف الخطة الإعلامية لتوضيح الرؤية القرآنية تجاه القضية الفلسطينية وتسليط الضوء على طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني وخطورة التطبيع معه وحشد جهود الإعلام لدعم فلسطين وإبراز التحديات والمخاطر التي تواجهها القضية.

وأقر الاجتماع الخطة الإعلامية الهادفة تسليط الضوء على دور اليمن بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في دعم القضية الفلسطينية سياسياً وعسكرياً وإعلامياً ومساندة الشعب الفلسطيني في كافة المراحل، وإبراز دور القوات المسلحة اليمنية في معركة طوفان الأقصى والدعم المعنوي والعسكري للقضية الفلسطينية كجزء من المشروع التحرري للأمة.

وتضمنت الخطة إعداد المواد الإعلامية قبل وأثناء المؤتمر والترويج له عبر بث برامج حوارية عن الروابط التاريخية والدينية بين اليمن وفلسطين، وإنتاج فلاشات قصيرة وإعلانات تعريفية وفقرات خاصة عن معركة "طوفان الأقصى" وعمل هاشتاقات موحدة لتعزيز الزخم الإعلامي الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وإعلام الشارع، ومرحلة التغطية الإعلامية الواسعة المواكبة لفعاليات المؤتمر.

واعتبر النائب الأول لرئيس الوزراء، انعقاد المؤتمر الثالث لفلسطين - قضية الأمة المركزية ظاهرة نوعية يجب إبرازها والإعداد الجيد للتغطية الإعلامية الواسعة والترويج له قبل انعقاده وكذا التغطية المواكبة لفعاليات المؤتمر وتوزيع المهام والأدوار على مختلف وسائل الإعلام.

وشدد على ضرورة أن يكون المؤتمر هذا العام مختلفاً عن سابقيه بحكم الأحداث الجارية والخبرات التي اكتسبت خلال المؤتمرات السابقة، مبيناً أن قوة التغطية الإعلامية وتناولها للمؤتمر يزيد من أهميته بما في ذلك توثيق الأحداث التي يجب أن يتناولها المؤتمر.

وأشار مفتاح إلى ضرورة تسليط الضوء على تداعيات الأحداث في غزة على سقوط الحزب الديمقراطي الأمريكي واليميني الفرنسي والبريطاني وانكشاف الأنظمة العربية وضعف وهشاشة الموقف الرسمي العربي ومسار القمم العربية والإسلامية وهزالتها والتركيز على كلمات قائد الثورة ومواكبتها للأحداث.

بدوره أكد وزير الإعلام، أهمية اضطلاع وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية بدورها في التغطية الإيجابية للمؤتمر الثالث "فلسطين قضية الأمة المركزية"، وإبراز مظلومية غزة والأراضي المحتلة وإبراز الموقف اليمني بقيادة قائد الثورة في دعم ومساندة القضية الفلسطينية على مختلف الصعد.

ووجه وسائل الإعلام بالاهتمام بأعمال المؤتمر وتسليط الضوء على محاوره وإبراز أوراق العمل المقدمة من قبل المشاركين في المؤتمر، والمساهمة في إنجاحه لما تمثله فلسطين من محور ارتكاز للأمة والشعب اليمني بوجه خاص.

وأكد شرف الدين الحرص على تجويد الرسالة الإعلامية، موضحًا أن المؤتمر تكمن أهميته في إحياء القضية الفلسطينية التي تمثل قضية الأمة الأولى والمركزية رغم محاولات تصفيتها وشيطنة المقاومة الفلسطينية التي تسطر أروع الملاحم البطولية في مواجهة الصهاينة.

واعتبر مؤتمر فلسطين في دورته الثالثة، أحد مظاهر التحرك العملي اليمني للدفاع عن القضية الفلسطينية، ويمثل في الوقت ذاته عملاً ثقافيا وعلميا لإيصال الرسالة إلى العالم خاصة مع مشاركة عدد من الباحثين والشخصيات الأجنبية، مبينًا أن صوت الشعب اليمني حالياً هو الصوت الأعلى في الدفاع عن الفلسطينيين المظلومين..

فيما أكد رئيس وأعضاء اللجنة التحضيرية الحرص على انعقاد المؤتمر بصورة تتناسب مع موقف اليمن المناصر للشعب والقضية الفلسطينية، وإقامة الندوات والأنشطة المصاحبة التي تُبرز مظلومية الشعب الفلسطيني وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وضد الإنسانية التي يتعرض لها، وكذا الدور المحوري اليمني في الدعم والإسناد.

وشددوا على أهمية المواكبة الإعلامية للمؤتمر الذي يستمر أربعة أيام بمشاركة عشرات الباحثين والأكاديميين من الداخل والخارج، إضافة إلى الأنشطة التحضيرية والندوات التي ستقام ابتداءً من شهر رجب المقبل، وصولاً إلى المؤتمر وتتويجه بإحياء يوم القدس العالمي.

 

مقالات مشابهة

  • بوب ديلان: الصوت الذى شكّل ثقافة الستينيات
  • في اللغة وأشياء َ غيرها!!بقلم: د. ذوقان عبيدات
  • عن تجربة الطاهر التوم الإعلامية
  • ٦ شهور .. حكومة مدبولى مالها وما عليها
  • مناقشة الخطة الإعلامية للمؤتمر الثالث ( فلسطين قضية الأمة المركزية)
  • جداول امتحانات برنامج اللغة العربية بكلية الإعلام جامعة القاهرة 2024/2025
  • سوريا.. حنين لا يغادر محبيها
  • مؤتمر الصحفيين ونقطة الانطلاق
  • كأسك يا وطن
  • لغة الضاد.. انتشار عالمي ومحدودية على الإنترنت