مع حلول موسم الشتاء، بدأت بشائر الخضراوات فى الانتشار فى الأسواق، وبناء عليه انخفضت أسعارها قليلا، فمحصول البصل، الذى انتظرناه طويلا، ظهر لدي باعة الخضراوات بسعر 25 جنيها، وهو سعر وإن كان ما زال مبالغا فيه لسلعة مثل البصل، الذى كان يستخدم فى الثقافة الشعبية للتدليل على قلة قيمة الشيء وكانت عبارة "مايسواش بصلة" دليلا على معان كثيرة، غير أن البصل طيلة الأشهر الماضية خالف كل التوقعات وكسر الحالة الشائعة عنه، فبعد أن كان يباع الاربعة كيلوجرامات بعشرة جنيهات فقط، أصبح الكيلو الواحد يباع بخمسين جنيها دفعة واحدة.
وقتها قيل إن السبب فى هذا السعر المرتفع هو التصدير، ومع أشتداد الأزمة اضطرت الحكومة إلى إصدار قرار بوقف تصديره لمدة ثلاثة أشهر، ومع ذلك لم ينخفض السعر الذى استقر طويلا على 35 جنيها للكيلو الواحد، الأمر الذى جعل البصل مادة للتعليقات والنكات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتناول البعض طرق استخدام البصلة الواحدة وتقسيمها على أكثر من مرة.
البطاطس أيضا تعتبر المحصول الأكثر شعبية، باعتباره مكونا رئيسيا لكل الوجبات فى البيوت المصرية، وهى أيضا شهية المذاق لمعظم الأطفال، وصل سعر الكيلو منها الى 20 وربما 25 جنيها، بعد أن كانت فى سنوات سابقة تباع بجنيه واحد للكيلو، وشاهدنا فيديوهات مصورة من سوق الخضراوات تعرضها جملة بسبعين قرشا فقط، جن جنون البطاطس هى الأخرى واستعصت على إمكانات بعض الأسر التى إما امتنعت عنها، وإما اشترتها بكميات قليلة، خاصة أن المعروض منها كان بجودة أقل. الآن وبعد ظهور البشائر وصل سعر الكيلو من المحصول الجديد إلى 15 جنيها وعشرة جنيهات لـ"الحبات" الصغيرة.
النائب هشام حسين، أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، قال: إن ما تشهده البلاد حاليًّا من ظاهرة ارتفاع أسعار السلع، لا سيما السلع الغذائية، أمر غير مبرر في ظل وجود حجم إنتاج محلي كبير من تلك السلع يزيد على حجم الاستهلاك في بعض السلع ويقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعضها.
وأضاف أن السبب الرئيسي في ذلك الارتفاع في الأسعار تقف وراءه سياسات احتكارية يمارسها بعض التجار من ضعاف النفوس في تلك السلع، من أجل تحقيق مكاسب غير مشروعة.
واعتبر أن ممارسة تلك السياسات تضر بالمواطن والدولة بشكل عام، داعيًا إلى اعتبار جريمة احتكار السلع، جريمة من جرائم الإرهاب التي تضر بالأمن القومي بالبلاد، وأن يتم إدراج المتهمين في تلك الجرائم على قوائم الإرهاب.
نتعشم أن تسهم محاصيل الشتاء فى خفض أسعار الخضراوات التى لاتتراوح أسعارها ما بين الـ15 والـ30 جنيها، وألا يتم ترك الأمر بيد التجار الذين يتلاعبون بالأسعار وتخزين السلع وطرحها بكميات قليلة وبأسعار مبالغ فيها، طمعا فى مكاسب خيالية تحققت لهم، وأن يتم تشديد الرقابة على كل مايتعلق بـ "أقوات الناس".
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
القانون للضعفاء
كثيرًا ما أقف حائرًا أمام عبارة «أن الناس أمام القانون سواء» وسبب حيرتى أن ما أشاهده أمامى يختلف، خاصة فى الدول التى نحن منها. وأعتقد أن هذه المساواة لا توجد إلا فى الدين، فليس هناك فرق بين الناس إلا بالتقوى، أما فى الدنيا.. فالغنى غنى والفقير فقير، وتصطدم بعبارة أخرى «أن القانون وضع للفقراء الضعفاء، أما الأغنياء الأقوياء فلهم قانونهم الخاص» هو قانون قريب من قانون سكسونيا الذى لا يطبق أى عقوبات على الشرفاء ويعاب خيالهم. فالأغنياء لهم منزلة مختلفة عن منزلة الفقراء، لذلك لا تندهش عندما تتذكر المثل الشعبى المرتبط بهذا الأمر الذى نسمعه منذ كنا صغار «العين لا تعلو على الحاجب» ثم تحول الأمر مع السنين إلى ثقافة راسخة فى وجدان الناس أن هناك منازل لكل شخص حسب ما معه من أموال، لذلك لم أندهش من الحكم بالغرامة البسيطة جدًا على أحد المشهورين الذى أصبح من أثرياء البلد بفضل تلوث أسماعنا بعدما ضرب شخصًا بسيطًا «بقلم» على وجهه، ولم يستطع هذا أن يفعل شيئًا ولجأ للقانون، معتقدًا أنه سوف يحصل على رد إهانته، ليكون الحكم «سكسونى» الطبيعة ويحكم على الفاعل بالغرامة التى يدفعها «بقشيش» للغلابه، والأمثلة كثيرًا تطالعنا كل يوم حكاية لتؤكد أن القانون «خُلق للضعفاء»!
لم نقصد أحدًا!