في محاولة لتحقيق وقفٍ مستدام لإطلاق النار في ظل استمرار القوات الإسرائيلية في التوغل داخل القطاع وصولا إلى الجنوب، وفي ظل استمرار حماس في إطلاق الصواريخ على أهداف بعيدة تصل إلى تل أبيب، جاءت الدعوة إلى الهدنة كأمر سهل ولكن التفاصيل بالنسبة لها كانت أصعب. لقد بدا وكأن هناك تغيرا في اللهجة الغربية اليوم على الرغم من استخدام واشنطن "الفيتو" ضد قرار طارئ بمجلس الأمن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار.
واليوم نتساءل عن قطاع غزة في مرحلة ما بعد الصراع، لا سيما أن المقربين من "نتنياهو" يتطلعون إلى سيطرة إسرائيلية أمنية على القطاع بعد الحرب، ومن ناحية أخرى يعارض " نتنياهو" بشدة أي عودة للسلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية المحتلة. لكن من الواضح أن هذا هو نفس اتجاه التفكير في واشنطن. وهناك احتمال قائم في أن تصل الأمور إلى طريق مسدود بعد الحرب ليظل السلام بعيد المنال ما دام قطاع غزة يعيش تحت وطأة الفقر، وما دام مئات من المستوطنين الإسرائيليين يقيمون في الضفة الغربية.
ولعل من أسوأ ما حدث خلال المعارك الدائرة بين القوات الإسرائيلية وحماس هو مقتل الرهائن الإسرائيليين الثلاثة على يد القوات الإسرائيلية بعد بقائهم على قيد الحياة لعشرة أسابيع من احتجاز حماس لهم في غزة. والثابت أنه بعد هذا الحادث لا يمكن لحكومة " نتنياهو" أن تتوقع استمرار عائلات الرهائن في تأييدهم للحرب التي أودت بحياة بعضهم، فهذا الحادث الخطير يتطلب استخلاص الدروس بشكل فوري، وإجراء تغيير في النهج سواء فيما يتعلق بأولوية صفقة الرهائن أو طبيعة القتال في القطاع.
لقد حذر وزير الدفاع البريطاني السابق ( بن والس) من تكتيكات إسرائيل فى قطاع غزة قائلا:" إنها ستؤجج الصراع لمدة خمسين عامًا أخرى، فهى تخاطر بدفع الشباب المسلم إلى التطرف في جميع أنحاء العالم، وأن على إسرائيل وقف أسلوبها الفظ والعشوائي في الهجوم الذي تقوم به ضد الفلسطينيين، وأن تحارب حماس بطريقة مختلفة"، وأضاف: "ملاحقة حماس مشروعة، ولكن محو مساحات شاسعة من غزة ليس مشروعا"، ولفت إلى افتقار الجيل الجديد من الساسة الإسرائيليين إلى الحكمة، قائلا: "هم الآن يتصرفون وكأنهم ثور في متجر صيني، فهم ينتقلون من أزمة إلى أخرى".
في نفس الوقت اتهمت منظمة "هيومان رايتس ووتش" إسرائيل باستخدام تجويع المدنيين في غزة كأسلوب حرب مما يشكل جريمة حرب. وقالت: إن الجيش الإسرائيلي يتعمد منع إيصال المياه والغذاء والوقود، ويعرقل، عمدا، المساعدات الإنسانية، ويجرف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التى لا غنى عنها لبقائهم. وأضافت قائلة:" لأكثر من شهرين تحرم إسرائيل سكان غزة من الغذاء والمياه، وهي سياسة حث عليها مسؤولون إسرائيليون كبار، وهى تعكس نيتهم في تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.وأردفت:" إن الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع، فضلا عن إغلاقه المستمر منذ ستة عشر عاما يرقيان إلى مصاف العقاب الجماعي للسكان المدنيين وهو جريمة حرب".
جاء هذا بعد أيام من استخدام أمريكا " الفيتو" ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إنساني لإطلاق النار في الأراضي الفلسطينية التي تتعرض لقصف عنيف وعملية برية إسرائيلية، ولا غرابة فهي أمريكا المخادعة التي تدعي دوما حمايتها لحقوق الإنسان والذود عنها.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: حماس لا تزال تحكم قطاع غزة رغم الخسائر
قالت صحيفة نيويورك تايمز، اليوم الخميس، إن اليوم الأول من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة أكد أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال تسيطر على القطاع، على الرغم من الخسائر التي تكبدتها طوال 15 شهرا من الحرب.
وأضافت أن ظهور مقاتلي كتائب القسام أو موظفي حفظ الأمن بلباسهم الرسمي وأسلحتهم وسياراتهم "بلمح البصر" فاجأ إسرائيل، وأرسل لها رسالة مفادها أن "حماس لا تزال تحكم غزة رغم مقتل بعض قادتها وعناصرها وتدمير أنفاقها ومصانع أسلحتها"، حسب وصف الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين -لم تسمهم- قولهم إن تل أبيب لا تزال تقف وراء هدفها المتمثل في تفكيك الجناح العسكري لحماس وحكومتها، إذ كانت إسرائيل أعلنت منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن أحد أهدافها هو القضاء على الحركة بالقطاع.
وأضاف المسؤولون أن إسرائيل قد تستأنف الحرب بعد إطلاق سراح المحتجزين الـ30 المتبقين ضمن 100 في قطاع غزة خلال الأسابيع المقبلة لتحقيق هدفها المتمثل بالقضاء على حماس.
لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" أكدت -في وقت سابق اليوم- أن الاستعدادات بدأت في إسرائيل لبدء المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة، ومن المقرر رسميا أن تكون المفاوضات في الرابع من فبراير/شباط المقبل، لكنها بدأت فعليا من خلف الكواليس.
إعلان خطر على إسرائيلوكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال إن حكم حماس يُشكل خطرا على أمن إسرائيل، مؤكدا أن تل أبيب لم توافق على اتفاق وقف إطلاق نار دائم يترك الحركة تسيطر على غزة.
وتطالب إسرائيل -خلال مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار- بعدم بقاء حماس في السلطة في غزة، وأن تحكم القطاع جهة أخرى، دون أن تحددها، إذ رفضت أيضا أن تحكم السلطة الفلسطينية القطاع.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أن حماس لن تسيطر على معبر رفح المخطط أن يبدأ العمل في اليوم السابع من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلا إن إدارة العمليات الفنية داخل المعبر ستتم بواسطة سكان من غزة غير تابعين لحماس، تم فحصهم واعتمادهم من قبل الشاباك، فيما سيقتصر دور السلطة الفلسطينية على ختم الجوازات.