واشنطن بوست: حرب إسرائيل على غزة أشد الحروب دمارا خلال قرن
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن هناك أدلة تثبت أن الضرر الذي ألحقته القوات الإسرائيلية بغزة يفوق ما حدث في نزاعات أخرى في القرن الحالي، وأن هذه الحرب هي من أكثر الحروب تدميرا.
وأضافت أن هذه الحرب أزهقت -إلى الآن- أرواح أكثر من 20 ألفا و57 شخصا، وشرّدت الغالبية العظمى من السكان، فضلا عن أنها دمّرت مساحات واسعة من أراضي قطاع غزة المحاصر.
ولعل أشرس الهجمات جاءت من غارات جوية سوَّت بالأرض مربعات سكنية بأكملها، وأحدثت حفرا في الساحات والحدائق.
وأفادت الصحيفة الأميركية في تقريرها بأنها حللت صور الأقمار الاصطناعية، وبيانات الغارات الجوية، وتقييم الأمم المتحدة للأضرار الناجمة عنها، وأجرت مقابلات مع الجهات التي توفر الرعاية الصحية، والخبراء في الذخائر والحروب الجوية.
دمار كبير
وأوضحت أن الأدلة التي جمعتها تظهر أن إسرائيل شنت حربها في غزة بوتيرة ومستوى دمار يفوق على الأرجح ما أوقعه أي صراع حديث، وتجلى ذلك في هدم المباني في وقت أقصر مما أحدثته معارك النظام السوري من خراب في حلب في الفترة ما بين عامي 2012 و2016، والحملة العسكرية بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة في الموصل بالعراق، ومدينة الرقة في سوريا عام 2017.
وذكرت الصحيفة أنها خلصت إلى أن الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية متكررة وواسعة النطاق بالقرب من المستشفيات، "التي من المفترض أن تُولى حماية خاصة بموجب قوانين الحرب".
وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية، التي اطلعت عليها واشنطن بوست، عشرات الحُفر الواضحة بالقرب من 17 مستشفى من إجمالي المستشفيات الــ28 الموجودة في شمال غزة، وهي المنطقة التي شهدت أعنف عمليات القصف والقتال خلال الشهرين الأولين من الحرب، 10 حفر تدل على استخدام قنابل تزن طنا واحدا، والتي تُعد الأكبر من نوعها التي تُستخدم باستمرار.
ونقلت الصحيفة عن رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريك إيغر -التي زارت غزة في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري- قولها "لا توجد منطقة آمنة"، مضيفة "مررت بالشوارع ولم أر شارعا واحدا نجا من تدمير البنية التحتية المدنية، بما فيها المستشفيات".
أرقام مرعبة
ونقلت واشنطن بوست عن وزارة الصحة في غزة، قولها إن الحرب أسفرت عن جرح ما يزيد على 53 ألفا 320 شخصا، وقتل أكثر من 7700 طفل فلسطيني. وتشكل النساء والأطفال حوالي 70% من القتلى، طبقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي يقول أيضا إن 1.9 مليون شخص نزحوا من ديارهم، أي ما يعادل 85% من السكان.
وقال مايكل لينك -الذي شغل منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة- "يبدو أن وفيات المدنيين الفلسطينيين في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن تعد أعلى معدل للضحايا المدنيين في القرن الـ21".
وذكرت الصحيفة أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أبلغ قواته في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنهم "محررون من القيود كلها"، وأن "غزة لن تعود أبدا إلى ما كانت عليه". وفي اليوم نفسه، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري "نحن نركز الآن على ما يسبب أقصى الأضرار".
وأوردت واشنطن بوست أن القوات الجوية الإسرائيلية أطلقت، خلال مدة تزيد قليلا على الشهرين، 29 ألف قذيفة أرض جو، 40% إلى 45% منها غير موجهة، طبقا لتقييم حديث من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية.
ولم يُخفِ الجيش الإسرائيلي أنه ينظر إلى مستشفيات غزة على أنها تمثل أهدافا عسكرية له، حسب الصحيفة التي استندت في ذلك على تصريح لهاغاري في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قال فيه "إن حماس تستغل المستشفيات بشكل منهجي باعتبارها ترسا أساسيا في آلتها الحربية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: واشنطن بوست
إقرأ أيضاً:
توكل كرمان تدعو في مؤتمر دولي إلى إنهاء الحروب المنسية في اليمن والسودان ومحاسبة مجرمي الحرب
دعت الناشطة الدولية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، إلى تكثيف الجهود الدولية لإنهاء الحروب المنسية في اليمن والسودان، محذرة من أن تجاهل هذه الحروب يزيد من معاناة المدنيين ويفاقم الأوضاع الإنسانية.
وقالت كرمان: إن التاريخ سيحاكمنا من خلال طريقة استجابتنا لمعاناة الآخرين، وإن ما يجري في اليمن والسودان من حروب ليست مجرد أزمات محصورة الحدود، بل هي اختبار حقيقي لالتزامنا العالمي بالعدالة وحقوق الإنسان والسلام.
كما طالبت بمحاسبة مجرمي الحرب من خلال المحكمة الجنائية الدولية والآليات القضائية الأخرى، مشيرة إلى أن العدالة لا ينبغي أن تكون انتقائية، بل يجب أن تشمل جميع المتورطين في الانتهاكات.
جاء ذلك في كلمة لها خلال مؤتمر دولي للصليب الأحمر الكندي بالشراكة مع قسم العدالة والتنمية العالمية في جامعة ترينت الكندية، بعنوان "الصراعات المنسية: السودان واليمن"، عقد في 7 مارس/آذار 2025، في كندا.
وأكدت كرمان، على أهمية زيادة الوعي العالمي بهذه الحروب، مشددة على ضرورة أن تواصل وسائل الإعلام تسليط الضوء عليها، وألا يقتصر الاهتمام الدولي على الاستجابة في لحظات الأزمات الكبرى فقط.
.
وشددت كرمان على ضرورة تعزيز المساعدات الإنسانية، داعية إلى ضمان وصول الإغاثة الفورية وغير المقيدة إلى المتضررين، إلى جانب دعم التحولات الديمقراطية من خلال معالجة الأسباب الجذرية للصراع، وتعزيز الحكم الديمقراطي، والمصالحة الوطنية.
وفي هذا السياق، حثت على إنهاء التدخلات الخارجية، معتبرة أن هذه التدخلات تساهم في إطالة أمد النزاعات بدلاً من حلها، داعية المجتمع الدولي إلى الدفع باتجاه حلول دبلوماسية تحترم سيادة الشعوب.
وأكدت كرمان أن التاريخ سيحاكم الجميع بناءً على استجابتهم لهذه المعاناة، وداعية إلى موقف دولي موحد لمنع استمرار هذه الأزمات.
وأضافت لا ينبغي لنا أن نسمح لهذه الحروب بأن تظل منسية خصوصاً وأن ضحايا هذه الصراعات ليسوا بلا صوت، بل يتم إسكاتهم من قبل عالم اختار أن يشيح بوجهه عنهم.
وتابعت كرمان: يقع على عاتقنا واجب إيصال أصواتهم إلى العالم، والمطالبة بالعدالة، والسعي نحو مستقبل لا تُترك فيه أي حرب طي النسيان
وشددت كرمان على ضرورة الوقوف معًا من أجل اليمن والسودان، والنهوض من أجل عالمٍ لا تكون فيه العدالة امتيازًا، بل حقًا مكفولًا للجميع.
وقالت كرمان: لنجعل من يقظة الضمير الإنساني جدارًا يحول دون نسيان أي حرب، مهما بدت بعيدة.
واعتبرت كرمان أن أعظم مصير تراجيدي قد يكابده المرء هو أن يجد نفسه أسير حرب منسية اختار العالم أن يتجاهلها، فالحروب التي تستأثر باهتمام المجتمع الدولي غالبًا ما تواجه ضغوطًا تُعجل بنهايتها، أما تلك التي تدور رحاها في الظل فإنها تستمر لسنوات طويلة وتخلف وراءها جراحا وندوباً غائرة في جسد ونسيج الأمم والمجتمعات.
وأشارت كرمان إلى أن الحروب التي يتجاهلها العالم يخرج من رحمها أزمات إنسانية مروعة يعيث فيها الطغاة وأمراء الحرب فسادًا، ويرتكبون الفظائع بغير وازع ولا حساب.
وحول إخفاقات النظام الدولي قالت الناشطة الدولية توكل كرمان إن حربي اليمن والسودان لم تكونا سبباً في معاناة إنسانية مهولة فحسب، بل وأزاحتا الستار أيضاً عن إخفاقات النظام الدولي في معالجة الصراعات الممتدة.
وأوضحت كرمان أن اليمن والسودان غارقتان في حروب لم تحظى بما تستحقه من الاهتمام العالم، فعلى الرغم من الانتهاكات المروعة التي ارتكبها مسعروها إلا أن المساءلة لا تزال غائبة.
وأكدت كرمان أن عدم اخضاع مجرمي الحرب للمحاسبة لا يؤدي فقط إلى إطالة أمد المعاناة، بل ويقوض في الآن نفسه مفهوم العدالة ذاتها، ويقضي على كل أمل في عالم عادل.