الوطن:
2025-04-07@00:20:28 GMT

د. محمد عبود يكتب: هل أتاك حديث الطنطورة؟!  

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

د. محمد عبود يكتب: هل أتاك حديث الطنطورة؟!  

بعد 75 عاماً من التستر والإنكار ظهر فى إسرائيل فيلم وثائقى للمخرج «ألون شفارتس»، يكشف جريمة قتل 200 أسير فلسطينى أعزل بدم بارد على أيدى عصابات الهاجاناه فى قرية الطنطورة يوم 22 مايو 1948. يعترف ضباط وجنود إسرائيليون فى الفيلم بارتكاب جرائم حرب بشعة بحق أهالى الطنطورة. كيف قتلوهم، وأجبروهم على حفر قبر جماعى لأنفسهم، دفنوهم فيه أحياء.

يقول أحد الجنود: «كان بعض زملائى فى الكتيبة وحوشاً آدمية»! ويقول آخر إنه قَتَلَ ما بين 15 إلى 20 أسيراً فلسطينياً أعزل رمياً بالرصاص، كما اتضح أن ضابطاً قتل عدداً آخر بمسدسه الخاص بطلقات مباشرة فى الرأس!

أما القصة الأكثر بشاعة، فيرويها أحد الجنود قائلاً إنهم وضعوا عدداً كبيراً من الفلسطينيين فى «حاويات صفيح» وأطلقوا عليهم الرصاص من مدافع رشاشة، ثم وقفوا يشاهدون الدماء تنهمر من الفتحات التى أحدثها الرصاص فى مشهد يعبر عن وحشية الاحتلال! ويعترف الجندى عميتسور كوهين: «كنتُ سفاحاً، كنت أوقف الفلسطينيين وآمرهم برفع أيديهم ثم أطلق عليهم الرصاص. لم أحصِ عددهم. كان معى رشاش فيه 250 رصاصة، أطلقتها جميعاً»!

الطنطورة بلدة فلسطينية تقع جنوبى مدينة حيفا لها أهمية كبيرة بسبب مينائها البحرى وتاريخها العريق. فى عام 1948، وبعد إعلان قيام «إسرائيل» بأسبوع، هاجمها اللواء «ألكسندرونى»، وتعرضت لمذبحة رهيبة. وظل جيش الاحتلال ينكر الجريمة، ويزعم أن ما جرى كان قتالاً بين مسلحين من الطرفين. لكن مؤرخاً يهودياً، يدعى «تيدى كاتس»، أعد عام 1988، دراسة أكاديمية لنيل شهادة الماجستير من جامعة حيفا، كشف خلالها أن الإسرائيليين هاجموا الطنطورة بهدف التطهير العرقى، حتى يبقى الساحل خالياً من العرب. ونهبوا خلال العملية العسكرية ممتلكات الفلسطينيين، وجمعوا عشر حاويات من المجوهرات التى نزعوها من صدر النساء الفلسطينيات، وقتلوا 200 من سكانها، الذين استسلموا وأصبحوا فى نظر القانون الدولى «أسرى حرب»!

لم يعتمد الباحث الإسرائيلى على روايات شفوية من سكان الطنطورة فقط، بل اعتمد على شهادات عيان من بعض الجنود وبعض الوثائق السرية فى الجيش الإسرائيلى. بعد نشر الدراسة ثارت ضد كاتس موجة تحريض عاتية، إذ كانت إسرائيل مشحونة بالعداء للفلسطينيين بسبب الانتفاضة الأولى. وتقدم عدد من الجنود بدعوى إلى المحكمة ضد كاتس بتهمة السب والقذف، وطالبوه بتعويضات كبيرة. وأجرت المخابرات معه تحقيقاً مرعباً، ومارسوا عليه ضغوطاً شديدة، وأجبروا الجامعة على فصله، ورفع رسالته.

أصيب كاتس بالفزع، ولم يجد له ولياً ولا نصيراً فى معركته ضد مؤسسات الاحتلال، فتراجع عما كتب، ونشر اعتذاراً مكتوباً فى الصحف. لكن بعد فترة، أعاد مراجعة بحثه وترسخت قناعاته بأن ما كتبه كان صحيحاً، وأن من اشتكوا ضده أرادوا طمس القضية «لأنها تنطوى على جرائم حرب بكل معنى الكلمة». فأعلن تراجعه عن التراجع الأول. وتوجه إلى المحكمة لتقر وجهة نظره، لكن المحكمة رفضت مجدداً، وخرج المجرمون منتصرين!

أعاد وثائقى «الطنطورة» صراخ دماء الشهداء الفلسطينيين إلى الواجهة من جديد، ولا شك أن الجهود التى بذلها المؤرخ كاتس، والمخرج شفارتس، وحفنة من اليساريين فى إسرائيل فى غاية الأهمية، لكن الكرة الآن فى الملعب العربى والفلسطينى. وينبغى مساندة الخارجية الفلسطينية التى طالبت بلجنة تحقيق دولية مستقلة فى قضية المقابر الجماعية والمجازر التى ارتكبتها إسرائيل عام 1948. فنحن الآن أمام فرصة جيدة لإنصاف الضحايا الفلسطينيين ومعاقبة المسئولين الإسرائيليين، الذين يواصلون التستر على جرائم حرب مخزية، وينفذون جرائم حرب جديدة، يومياً، فى قطاع غزة والضفة الغربية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: جرائم الاحتلال الإسرائيلى جرائم حرب

إقرأ أيضاً:

خبير سياسي لـ «الأسبوع»: تصريحات إسرائيل حول موافقة دول على استقبال الفلسطينيين تستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما

قال وسائل إعلام عبرية، أن عدة دول أبدت استعدادها لاستقبال فلسطينيين من غزة لكن لديها مطالب استراتيجية، وأن المفاوضات مستمرة مع أكثر من دولة لاستيعاب فلسطينيين من قطاع غزة، وأن إسرائيل جادة في تنفيذ خطة ترامب بنقل سكان القطاع إلى دول أخرى.

وتعليقا على ذلك، أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن هذه التصريحات تكشف بوضوح عن المخطط الإسرائيلي الهادف إلى تهجير السكان الفلسطينيين وإحداث تغيير ديموغرافي قسري في المنطقة، وهو أمر يتنافى مع كافة القوانين الدولية ويعد استكمالا لنهج الاحتلال القائم على طرد السكان الأصليين والاستيلاء على أراضيهم.

وأشار أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، إلى أن إسرائيل تحاول منذ سنوات فرض سياسة التهجير القسري كأحد الحلول التي تتماشى مع «صفقة القرن»، التي رفضها الفلسطينيون والمجتمع الدولي، مؤكدا أن هذه الخطوات تمثل جريمة في حق الإنسانية، وتكرس سياسات التطهير العرقي التي سبق أن مارسها الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الحديث عن وجود استعداد من بعض الدول لاستقبال فلسطينيين من غزة مقابل «مطالب استراتيجية» يكشف أن هناك ضغوطا تمارس على بعض الحكومات لقبول هذا السيناريو الخطير، وهو ما يستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما لمنع تنفيذ هذا المخطط الذي يهدد السلم والأمن في المنطقة.

وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر أن التهجير القسري لشعب غزة ليس مجرد انتهاك إنساني، بل هو محاولة لضرب أساس القضية الفلسطينية بإنهاء وجود الشعب الفلسطيني على أرضه، وهو ما لن يقبل به أحد، مشددا على أن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وليس في تشريد الفلسطينيين وإجبارهم على مغادرة وطنهم.

وأوضح «فرحات» أن مصر كانت وما زالت صامدة في موقفها الرافض لأي خطط لتهجير الفلسطينيين، وقد عبرت القيادة المصرية بوضوح عن رفضها القاطع لمحاولات دفع الفلسطينيين نحو سيناء أو أي أراض أخرى، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة إنسانية بل هي قضية وطن وشعب وأرض، وحلها لا يكون إلا بإنهاء الاحتلال وليس بتفريغ الأرض من أهلها.

وشدد على أن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك العاجل لوقف هذه المخططات ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المستمرة، مؤكدا أن أي حلول لا تستند إلى العدالة الدولية وحق الفلسطينيين في أرضهم لن تحقق سوى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.

اقرأ أيضاًفرحات: خطاب الرئيس يعكس إيمانا بقدرة المصريين على مواجهة التحديات

اللواء رضا فرحات: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية عكست بوضوح موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية

«اللواء رضا فرحات»: الشعب المصري كله يدعم الرئيس رفضا للتهجير.. والمشككون هدفهم تفتيت الدولة

مقالات مشابهة

  • د. هشام فريد يكتب: عيد تحرير سيناء .. وتجدد المخاطر والتحديات
  • محمد كركوتي يكتب: روافد غير نفطية لاقتصاد أبوظبي
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: غزة وحقوق الإنسان
  • غازي فيصل: حديث إسرائيل عن "منطقة آمنة" في جنوب سوريا مغالطة سياسية خطيرة
  • تامر أفندي يكتب: أنا اليتيم أكتب
  • خبير سياسي لـ «الأسبوع»: تصريحات إسرائيل حول موافقة دول على استقبال الفلسطينيين تستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما
  • خبير: إسرائيل تهدف لتحويل غزة إلى منطقة استعمارية عبر إخلائها من الفلسطينيين
  • خبير عسكري: إسرائيل تدفع الفلسطينيين للموت أو الهجرة القسرية
  • مسئولة أممية تدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف العدوان وحماية الفلسطينيين
  • الديب أبوعلي: إسرائيل تعمل على تطهير غزة عرقيا والقاهرة تدافع وحدها عن الفلسطينيين