بدأت منذ قليل القداسات الاحتفالية بعيد الميلاد المجيد، لطائفة الاقباط الكاثوليك بمصر، وذلك بحسب التقويم الغربي الموافق 25 ديسمبر،وفي المنيا تقام الصلوات في مقر مطرانيتين، وعدد قليل من كنائس المدن الكبري.

قال بطريرك الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسيّة للأقباط الكاثوليك، البطريرك ابراهيم اسحق في عظته اثناء قداس عيد الميلاد اليوم يقولبولس الرسول مخاطبًا أهل كورنثوس: أنتم تعلمون جود المسيح، فقد افتقر لأجلكم

وهو الغنيّ لتغتنوا بفقره.

" (2 كور 8: 9)الله الغنى، افتقر من أجلنا لكي بفقره يغنينا. اقترب من خليقته، ويدعونا أن نكون مشابهين له. ما سبب هذا التخلّي؟

هو الحبّ الإلهي الذي يرغب في التقرّب ولا يتردّد في أن يعطي ذاته ويبذلها من أجل أحبائه. والــمحبّة تــقوم فــي الــحضور ومــشاركــةالــمحبوب. فــالــحبّ الحقيقيّ یھــدم الأســوار والحواجز ویلغي المسافات ویبني الجسور.

والھـدف مـن ھـذا التخـلّي لـیس الـفقر فـي حـد ذاتـه. وإنّـما كـما یـقول بـولـس الرسول: "لكي تغتنوا أنتم بفقره". لیس الأمر تلاعبًابالكلمات، ولكنّه منطق الله المحبّة، منطق العطاء والبذل.

ما ھو ھذا الفقر الذي یُغني؟ ھو حبّه لنا وقربه منّا. تمّ هذا كلّه في تجسّد كلمة الله. فالله قريب من البسطاء والصغار والضعاف لأنّهمقادرون أن يروه بعيون قلوبهم فيملأهم فرحًا ورجاء.

إنّ بساطة المسيح ووداعته ليست ضعفًا ولا سلبيّة، ولا يقوم غناه في استخدام الأسلحة البشريّة. فقد قال المسيح لبطرس الرسول أن يعيدالسيف إلى غمده. كم من مرّة نأخذ نحن هذا السيف بأيدينا! ربّما ليس بالمعنى المادي للكلمة، فلدينا العديد من الأسلحة التي نستخدمهاللدفاع ضدّ الآخرين: الثروة، اللغة، السلطة، أفكارنا، مشاعرنا، وربّما أحيانًا صمتنا السلبيّ.

دعونا نطلب من الله نعمة في هذا العيد أن يجرّدنا من أسلحتنا وأن يجعلنا قادرين على تركها ومستعدين للاستسلام لمحبّته. دعونا نصغيونتأمّل فنغيّر ونجدّد مواقفنا.

خاتمة

في الختام نرفع صلاتنا من أجل وقف الحرب والدمار والآلام في كلّ مكان. ونوجّه النداء إلى كلّ من يحمل أمانة المسؤولية في العالم إلىالتحرّك بعزم لإرساء أسس السلام والعدالة وحماية حياة الناس وحفظ كرامتهم.

نوجّه الشكر إلى كلّ من مدّ يده للتخفيف عن معاناة كلّ المهجرين واللاجئين.

وإلى كلّ من ساهم في نشر وتعزيز قيم التسامح وقبول الآخر والاحترام المتبادل والتلاقي والتضامن في إطار من الوحدة والتنوّع لبناءأسس متينة لمجتمع مدنيّ يشرّف بلدنا ويخدم مواطنيه. تـتحوّل أمـانـة المسؤولية إلى رسـالـة تـعبّر عـن مشيئة الله لنا، وعـلینا تـفعیلھا بـفرحلتتحوّل إلى منبع خیر وسلام وازدهارها.

ختامًا

نرفع صلاتنا متّحدين مع قداسة البابا فرنسيس وأصحاب الغبطة بطاركة الشرق الكاثوليك.

نهنئ كل الذين يحتفلون بعيد الميلاد من اليوم وكلّ الأيام المقبلة متمنيين أن يغمر فرح المسيح قلب كلّ إنسان.

نصلّي من أجل وطننا الغالي مصر، ومن أجل سيادة رئيس الجمهوريّة عبد الفتاح السيسي وكلّ المعاونين له في خدمة الوطن، ونقدّم لسيادتهالتهاني باختيار الشعب له لخدمة جديدة من أجل مواصلة العمل لخير بلادنا العزيزة وازدهارها.

يا طفل بيت لحم، تعال إلى قلوبنا اليوم، أعنا مثل الرعاة الفقراء والبسطاء،

أن نكتشف حضورك ونسمع صوتك، ونستجيب لندائك بشجاعة وسرعة. آمين.

يذكر ان كنائس مصر المختلفة تحتفل بالعيد نهاية يوم السادس من يناير المقبل، وأبرزها الكنائس التى تحتفل على التقويم الشرقى مثل الكنيسةالأرثوذكسية، والطائفة الإنجيلية في مصر، وكذلك الأقباط الكاثوليك في صعيد مصر الذين يحتفلون مع إخوانهم الأرثوذكس.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط أقباط الأقصر من أجل

إقرأ أيضاً:

دروس على أعتاب السنة الهجرية الجديدة

وأنت على أعتاب السنة الهجرية الجديدة تَعبر في مخيلتك حادثة الهجرة الشريفة والمشاهد التي رسمها بالكلمات كُتَّاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فيلُوح لك سُراقة ابن مالك وهو مقبل من بعيد على فرسه وعند اقترابه من الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق تغوص قدما فرسه في الأرض، كما تتراءى لك خيمة أم معبد، وتستمع إليها وهي تُحدّث زوجها عن صفة الرجل المبارك الذي زارهم في وصف بديع، وتستذكر دخول الرسول العظيم هو وصاحبه إلى غار ثور، وحزن أبي بكر وخوفه على الرسول صلى الله عليه وسلم من أن ينظر أحد المشركين إلى الأسفل فيراهم.

كل هذه المشاهد وغيرها من أحداث الهجرة النبوية تستحضرها الأمة الإسلامية وهي تمر بظروف استثنائية من تسارع الأحداث وحدتها خاصة في الحرب الدائر بين المجاهدين في غزة وفلسطين وبين العدو الصهيوني، والصّراعات والتحزّبات الدولية، فما أحوجنا في هذه الفترة من استخلاص الدروس والعبر والمواقف وطرق التفكير من تلك الرحلة التي نقلت الإسلام من الضعف إلى القوة، وشكلت النواة الحقيقية للدولة الإسلامية، وأصبح العالم الإسلامي يوثق أحداثه وتاريخه ابتداء من تلك الحادثة وهي حادثة الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة. ومع كل سنة جديدة تعلوا المسلم الهمّة لإحداث التغيير في نفسه وفي مجتمعه وفي أمته وفي العالم من حوله، فهي فرصة تمثّل انطلاقة للتغيير.

اختيار الصاحب

في تلك الرحلة اختار الله لنبيه أن يكون رفيقه في تلك الرحلة أبو بكر الصديق، نسّابة العرب، وأعرف أهل قريش بأنسابها، الذي صدق الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كذّبه أهل قريش في الحادثة المشهورة للإسراء والمعراج، فنال بعد تلك الحادثة لقب الصدّيق، وقد قام بمهمة الصحبة خير قيام، فكان أحرص على النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من حرصه على نفسه، وقد نال شرف لقب صاحب رسول الله من قبل الله عز وجل في كتابه الكريم في قوله تعالى في سورة التوبة «لَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِىَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٍۢ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِىَ ٱلْعُلْيَا ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»، وكذلك من قبل نبيه الكريم عندما قال للصحابة: «فهل أنتم تاركو لي صاحبي»، فعلى المسلم أن ينتقي أصحابه وخاصة في السفر، فلك أن تتخيل الشرف والمنزلة التي نالها الصديق بصحبته للرسول صلى الله عليه وسلم، فقد فداه بماله وأولاده ونفسه، فقد فداه بماله عندما اشترى ناقتين من أجود النوق، وأخذ يعلفهما ويغذيهما أشهر قبل الرحلة، وقد فداه بأولاده الذين كانوا ينقلون له الأخبار ويحضرون له الطعام أثناء الرحلة، ولم يعبأ أن تأتي قريش وتقتل أولاده أو أن يتم تعذيبه لو تم اكتشاف دورهم في نقل الأخبار وإحضار الطعام، وقد فداه بنفسه عندما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم غار ثور، فأخذ أبو بكر يغلق الفتحات الصغيرة في الغار خوفا على الرسول صلى الله عليه وسلم من الحيات والعقارب، وقد سدّ أحد الفتحات بيديه ورجليه، ولسعته عقرب في قدمه ولم يوقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أحس بحرارة دمع أبي بكر التي نزلت من شدة ألم سم العقرب، فرقاه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وبرأ من السم.

الفأل الحسن

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، وهذا طبع أصيل في الصفات المحمدية، وقد أخبر عنه أصحابه في الحديث الشريف الذي يقول فيه: «لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، ويعجبني الفأل قيل: يا رسول الله! وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة»، وكان هذا طبع وديدن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة الصعبة، فعلى الرغم من مشقتها وصعوبتها وما يكتنفها من حالات الخوف والقلق وحالات المطاردة التي كانت تساور أبا بكر الصديق حرصا منه وخوفا على الرسول صلى الله عليه وسلم، وتجلى هذا الخوف عندما قال للرسول صلى الله عليه وسلم داخل غار ثور، وكان المشركون فوق الغار: «لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا» ولكنّ الرسول الكريم كطبعه في الفأل وفي صِدق وعد الله له، ورعايته وعنايته به قاله: «يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما».

وتكرر هذا الفأل الحسن في هذه الرحلة، بل وتجاوزه إلى وعد صادق يتحقق في المستقبل، فعندما أقبل سُراقة بن مالك -وكان ممن يشتهر باقتفاء الأثر- أخذ يتتبّع أَثر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه بعد أن نما إليه أنهم قد سلكوا ناحية معينة، وكان يطمع في 100 من الإبل قد وعدت بها قريش أي أحد يأتي بالرسول صلى الله عليه وسلم حيا أو ميتا، فعندما أقبل عليهم ورآه الرسول صلى الله عليه وسلم دعا ربه، فساخت قدما فرسه في التراب، وسقط منها، فطلب الآمان فأمّنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك أقبل عليهم مرة أخرى فساخت قدما فرسه مرّة أخرى في التراب، فأيقن أن الله مانعه من الوصول إلى الرسول الكريم وصاحبه، فطلب الآمان وأدرك يقينا أن هذا نبي كريم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كشف الله له حادثة مستقبلية، وأدرك أن سراقة بن مالك سوف يدخل الإسلام، قال له: «كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى». فلك أن تتصور حال الرسول صلى الله عليه وسلم يُطارد من قبل أهل مكة، وهنالك جائزة على من يُحضره وهو يمشي في تعب وشدة وجوع، ولكنّه ينظر إلى الغيب الذي كشفه الله له، ويوَعد به أن هذا الدين الذي لم تبدأ دولته بعد سوف يصل الآفاق ويسيطر على دولتي الفرس والروم، اللتين كانتا أعظم قوتين في العالم في ذلك الوقت، ولكن مع ذلك يوَعد هذا الأعرابي بكنوز وسواري كسرى ابن هرمز، فهذا هو الفأل الحسن.

وقد تكرر هذا الفأل الحسن والنبوءة الصادقة في غزوة الخندق عندما اعترضت صخرة عظيمة الصحابة الذين كانوا يحفرون الخندق، فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل بنفسه إلى الخندق، فضربها ثلاثا، وفي كل ضربة كانت تترأى له قصور الروم والفرس واليمن، فهذه النبوءات تتكرر عندما يشتد الأمر ويضيق، لكن تكون حادثة فأل تعين الصحابة على الصبر والتحمل.

التخطيط والتجهيز

وقد سبق هذه الرحلة مجموعة من التدابير التي اعتنى بها أبو بكر الصديق، قام هو وعائلته ومساعدوه بمجموعة من الإجراءات التي كفلت لهذه الرحلة تمامها بعد توفيق الله عز وجل لهم، فقد قام بشراء ناقتين قويتين، ولم يركبا الراحلتين وإنما أعطاها الرسول صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن أريقط كي يحضرهما عند غار ثور.

كما أن أبو بكر الصديق أخذ كل ماله في هذه الهجرة وكان معه 5 آلف درهم، كما أن أبا بكر الصديق قام بتقسيم المهام فطلب من ابنه عبدالله أن يأتيهما بالأخبار في غار ثور، كما طلب من مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى الأغنام كي يمحو أثر مسيرهما، وأوكل إلى ابنته أسماء أن تأتيهما بالطعام في فترة المساء، فكل هذه التدابير كانت معدة مسبقا ومتفق عليها.

فعلى من يريد أن يخرج رحلة أن يستعد لها جيدا من كل النواحي وأن يسبقها التفكير والتخطيط والتدبير؛ لكي تكون رحلة آمنة تحقق الغاية منها.

ومع دخول هذا العام الجديد أرجو أن يكون عام خير على الأمة الإسلامية وأن تنعم بالظفر وتحرير أراضيها من يد المعتدين الغاصبين.

مقالات مشابهة

  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يشهد يوم المكتب الوطني للمنشآت الرسولية البابوية بالقاهرة للمرحلة الإعدادية
  • بطريرك السريان الكاثوليك يحتفل بقداس المناولة الأولى لـ 74 طفلاً في أستراليا
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنىء السيسي وقيادات الدولة بمناسبة العام الهجري الجديد
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يهنئ الرئيس السيسي وشعب مصر بالعام الهجري الجديد
  • نظرية إسلامية للحكم
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يشهد يوم المكتب الوطني للمنشآت الرسولية البابوية
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس المناولة الاحتفالية بالفجالة
  • عبد المسيح من الديمان: لن نقبل بأن يقرّر أحد مصيرنا أو يجرّنا الى حروب
  • 7 محطات يستعين بها الرسول في تعامله مع زوجاته
  • دروس على أعتاب السنة الهجرية الجديدة