غياب الإرادة لإنهاء حرب غزة
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
يقول بعض المفكرين، إن الحرب في ذاتها هي وجه من أوجه السياسة ولكن بطريقة ميدانية بعيدة عن الطاولات والغرف والوفود متعددة الأطراف، وفي ذات الوقت تُعتبر الحرب هي الوسيلة الأكثر قذارة في السياسة بمعناها الواسع، حيث يدفع الثمن الضحايا الأبرياء، بينما يرفع شارة النصر الأوغاد الذين أشعلوا نيران المعارك، ليس هذا فقط، ولكن يتمتع هؤلاء الأوغاد بنعيم الحكم والسلطة والسيطرة بعد أن تحط الحرب أوزارها.
لا أساوي هنا بين الضحية والجلد ولكنني أبحث عن مفر لوقف المذبحة التي فاقت الهولوكوست وفاقت ضحايا قنبلة أمريكا النووية على هيروشيما ونجازاكي، في القرن الواحد والعشرين يتم دفن الأجساد التي نفخ فيها الله من روحه بالجرافات في مقابر جماعية وتنتهي القصة بأنها مقابر مجهولي الهوية، والحقيقة هي أن هؤلاء الضحايا هم الهوية ذاتها وهم العلم والشعار والانتصار والهزيمة معا، مجهولو الهوية هم من أشعلوا الحرب وتصدروا وسائل الإعلام ليتكلموا عن الاستراتيجية والتكتيك، في إسرائيل عشرات الاحتجاجات التي يقودها اليسار لوقف الحرب والتفاوض وإنهاء هذه المأساة فيتبجح اليمين المتطرف هناك ويصف هؤلاء بالخونة، ويلعب نتنياهو وسيده بايدن لعبة الانتخابات وحصد الأصوات من الدماء التي غطت كامل خريطة غزة.
لا أريد الاتجاه إلى مندبة تشكو ولكنني أبحث عن مفر، المؤتمرات العربية والإسلامية العادية والطارئة منها لا تسمن ولا تغنى من جوع للحياة، حناجر الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج مغلوب على أمرها، المساعدات اليومية وطوفان الشاحنات والمعونات الغذائية والطبية هي أضعف الإيمان.
شجاعة وقف الحرب تحتاج إلى إرادة حقيقية صلبة من كلا الطرفين، نتنياهو الحزين على محنة ٧ أكتوبر ليس مفوضا بتحديد الخرائط السياسية لفلسطين، حماس التي اندفعت وتدفع مع شعب غزة الموت والجراح تحتاج إلى شجاعة التفاوض المرن، الحرب ليست نزهة يتجول فيها المتحاربون ولكنها أشلاء عجائز وأطفال ونساء، عداد الموت يتسارع ورقعة الميدان تتسع والخراب يقترب من الجميع، تحركات الحوثي في باب المندب وتهديد الحرس الثوري الإيراني بغلق مضيق جبل طارق يجعل من الحكاية حربا عالمية ثالثة ورابعة وألفا، التضامن مع الشعب الفلسطيني يحتاج عقلا باردا قادرا على إدارة الأزمة، عقل مسلح بإرادة حديدية تعرف من أين تبدأ الكلام وعند أي نقطة ينتهي، أما هذا الصمت والتراخي من ناحية والاندفاع المتهور من ناحية أخرى لايمكن لهما تضميد جرح فلسطيني ولا يمكن له وقف المقابر الجماعية التي تمطرنا بها الشاشات على مدار الساعة.
مصر الدولة الكبيرة الرائدة والتي تحارب على جبهات مختلفة لم تسلم من توابع حرب غزة وأهمها مخطط التهجير، وكأن الحرب في السودان قد انتهت حتى يبتلينا الظرف المعاكس بمعركة حماس وإسرائيل، وكأن ملف ليبيا قد تم ترتيبه حتى يبتلينا الظرف المعاكس بمعركة حماس وإسرائيل وكأن ملف سد النهضة ومعركة المياه مع إثيوبيا قد تم حسمها حتى يبتلينا الظرف المعاكس بمعركة حماس مع إسرائيل، وكأن قضية العدالة الاجتماعية بمصر وضرب حيتان الاحتكار قد انتهينا منهما حتى يبتلينا الظرف المعاكس بمعركة حماس مع إسرائيل، وعلي الرغم من كل هذا يرى كل صاحب عينين أن مصر في قلب معركة حماس مع إسرائيل، وفي ظني أن مصر سوف تنجح في وقفها والأيام القادمة سوف تشهد لنا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحرب وقف الحرب إدارة الأزمة الاحتكار
إقرأ أيضاً:
وزير إسرائيلي سابق يتحدث عن شرطين لإنهاء سيطرة حماس في غزة
تحدث وزير إسرائيلي سابق من حزب الليكود، عن شرطين أساسيين لضمان إفقاد حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة، وذلك في أعقاب الحرب الإسرائيلية المدمرة طيلة 15 شهرا.
وقال الوزير الإسرائيلي السابق دان مريدور في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، إنّه "دون التطبيع مع السعودية، وتدخل السلطة، فإنّ حركة حماس ستواصل سيطرتها في غزة".
وشدد مريدور على أن "الإدارة الفاشلة للمخاطر قبل الكارثة، والإدارة الاستراتيجية الفاشلة للمعركة في أعقابها، جعلت حماس تبقى هي المسيطرة في القطاع".
نتنياهو فشل مرتين
وأوضح أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فشل مرتين، الأولى في إدارة الخطر أمام "حماس" حتى كارثة 7 أكتوبر، والثانية في إدارة الحرب منذ ذلك الحين وحتى الآن، مضيفا أنه "بسبب قرار حكومة الليكود خرجت إسرائيل من قطاع غزة، وحماس سيطرت بالقوة على القطاع (..)".
وأشار إلى أن إسرائيل تقف أمام سؤال "كيف سنتعامل مع القطاع المحكوم فعليا من قبل حماس؟"، منوها إلى أنه كان هناك "محاولة لخلق واقع من الحدود الهادئة لفترة طويلة، ومن أجل ذلك بذل نتنياهو جهود مضنية لتمكين حماس من الحصول على تمويل كبير من قطر، وأعطيت لها تسهيلات اقتصادية".
واستدرك بقوله: "قرار كهذا يقتضي إدارة المخاطر، وحماس بقيت عدو لدود ولا تسلم بوجود إسرائيل (..)، وتل أبيب أخذت مخاطرة عالية على أمل الوصول إلى حدود هادئة، لكن حكومة نتنياهو فشلت فشلا ذريعا ومتواصلا في إدارة الخطر الشديد".
وتابع: "نتنياهو بمعرفته من هي حماس، كان يجب عليه أن يجري كل أسبوع أو شهر، بنفسه وعن طريق هيئة الأمن القومي، جلسة مع رؤساء الجيش والشاباك، واستيضاح ما الذي يحدث في غزة (..)".
ورأى أنه لو تصرف نتنياهو ورؤساء الأجهزة الأمنية بهذا الشكل، لما كان هناك أي شك تقريبا بأنه كان يمكن "تجنب كارثة 7 أكتوبر".
وذكر أن الفشل الثاني لنتنياهو "هو إدارة الحرب بعد 7 أكتوبر. وتدمير سلطة حماس هو هدف مناسب ومهم، ولا توجد إمكانية لتحقيقه بدون ضربة عسكرية قاسية، لكن أيضا لا توجد إمكانية لتحقيقه بواسطة ضربة عسكرية فقط. تدمير سلطة حماس مرهون بسلطة أخرى تقوم باستبدالها".
بديل حكومي لحماس
وأردف قائلا: "تم اقتراح على إسرائيل بديل كهذا من قبل الرئيس الأمريكي وبعض الدول العربية. بديل حكومي لحماس كان يمكن أن يتم تشكيله من رجال السلطة الفلسطينية (التي ضعفها معروف، لكنها كانت مستعدة لذلك) بمساعدة قوات عربية (مصرية، إماراتية وغيرها)، وبمساعدة مالية ضخمة (ربما سعودية، إماراتية) من أجل إعادة إعمار القطاع".
واستكمل بقوله: "لا يوجد أي يقين بأن هذا سينجح، لكن هناك احتمالية لذلك بدعم أمريكي ودولي واسع. هذه هي الرجل المكملة لعملية عسكرية. وبدونها لن تكون هناك أي فرصة لإسقاط نظام حماس. بالفعل، الآن بعد مرور 15 شهر وبعد ضربة عسكرية قاسية فإن حماس لا تزال تسيطر على قطاع غزة".
وأكد الوزير الإسرائيلي السابق أن مصلحة تل أبيب هي إضعاف حماس وتعزيز السلطة الفلسطينية، مستدركا: "لكن الحكومة التي شكلها نتنياهو يمكن أن تتفكك إذا كانت هناك مفاوضات مع السلطة، لذلك فإن الحرب جرت منذ 15 شهرا، وحماس تسيطر حتى الآن على القطاع".
ووفق قوله، فإنّ "كل ذلك واضح ومعروف لدى نتنياهو، وهو يفضّل عدم وصول السلطة الفلسطينية إلى غزة، لأنه حينها سيتعين على إسرائيل التفاوض معها، وبالتالي ستسقط حكومة اليمين المطلق لاعتبارات سياسية".
وختم قائلا: "يجب إنهاء المعركة الآن وإعادة جميع المخطوفين ومواصلة عملية التسليم بوجود إسرائيل عن طريق التطبيع مع السعودية، وهذا مهم تاريخيا ويساعد على صمودنا أمام محور إيران، لكن يبدو العملية مرتبطة بضم السلطة الفلسطينية".