عالم أزهرى: التسامح ليس معناه التغافل فى الحقوق
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
قال الدكتور محمد نجيب، من علماء الأزهر الشريف، إن التسامح وإلتماس الأعذار للناس يعتبر قيمة إنسانية كبيرة لابد أن يتصف بها كل مؤمن، لافتا إلى أن الله سبحانه وتعالى يقبل أعذار عباده ويسامحهم، فكيف بنا لا نقبل اعذارنا لبعض ونسامح بعض.
. دار الإفتاء ترد
وأضاف العالم الأزهري، خلال لقاء له اليوم الأحد: "على كل منا ان يسامح الاخر، حتى تستقيم الحياة، ويقبلنا الله ويسامحنا، ما دمنا على نهج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فى التسامح بين الناس، قبول الاعذار والتسامح ليس معناه التغافل عن الحقوق".
وتابع: "سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، علمنا ان الظن اكذب الحديث، فبالتالى علينا ان نبعد عن الظن فى الناس، ومن يقبل الاعذار هو صاحب القلب النقى الخالى من الظنون".
هل عرف المسلمون التسامح قبل الهجرة البنوية؟
وقالت دار الإفتاء في بيانها، إن التسامح في الإسلام مطلقٌ عن الزمان والمكان والأشخاص؛ فالمسلمون مأمورون بالتسامح مع عامة الناس في جميع الأحوال والأزمان، والتسامح سمة من سمات الدين الخاتم، وإليها وجَّه المسلمون على جهة العموم.
واستدلت بما أخرجه النسائي في "سننه"، والطبري وابن أبي حاتم في "التفسير"، والحاكم في "المستدرك" -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"-، والواحدي في "أسباب النزول"، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة": من طرق عن الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن عبد الرحمن بن عوف، وأصحابًا له أتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة فقالوا: "يا رسول الله، إنا كنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنَّا صرنا أذلة!" فقال: «إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ، فَلَا تُقَاتِلُوا»، فلمَّا حوَّلَنا الله إلى المدينة أمرَنا بالقتال فكفُّوا، فأنزل الله عز وجلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: 77].
وجاء في أحاديث ابن عباس، وابن مسعود، ونِيَارِ بن مُكْرَمٍ، وغيرهم، رضي الله عنهم، في التفاسير والمسانيد والسنن، وكان الله تعالى قد وعد بذلك النصر قبل حصوله، ووجَّه المسلمين إليه ومهَّد لهم الفرحَ به، وأضاف النصر إلى نفسه؛ تعظيمًا لشأنه وتنويهًا بذكره واستحسانًا لحصوله؛ حتى إنه وصفهم في فرحهم بالإيمان، وقدَّره متزامنًا مع الفتح المبين للمسلمين؛ فقد جاء عقب صلح الحديبية، فقال جل شأنه وتبارك اسمه: ﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لله الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: 1-6].
وفرَحُ المؤمنين هنا هو فرحٌ ديني مشروع؛ لأن الله تعالى أناطه بوصف الإيمان، وتعليق الحكم بالمشتق مُؤْذِنٌ بعِلِّيَّة ما منه الاشتقاقُ، وإنما فرحوا لفرح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أخبر الله تعالى بفرحهم في معرض التمدح والامتنان، والامتنانُ مستلزمٌ للمشروعية؛ لأنه لا يُمتَنُّ بممنوع، فكان نزول القرآن معبرًا عن فرح المسلمين بنصر الله للروم على الفرس، وإعلام الروم بأن المسلمين فَرِحُون باندحار المجوسية؛ لأنها من الوثنية، وبانتصار المسيحية، لأنها من الأديان السماوية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علماء الأزهر الشريف التسامح صلى الله علیه
إقرأ أيضاً:
مات قبل قضاء صيام رمضان فهل عليه إثم؟.. الإفتاء تكشف
كشفت دار الإفتاء المصرية، عن حكم الشرع في من مات قبل قضاء صيام رمضان ولم يتمكن من القضاء، مشيرة إلى أن المرض المبيح للفطر هو ما كان مؤديًا إلى ضرر في النفس، أو زيادة في العلة، أو تأخير في الشفاء، وذلك بإخبار أولي التخصص من الأطباء، بل إذا كان الصوم يضُرُّ بصحته فيجب عليه أن يفطر حفاظًا على نفسه من الهلاك.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى لها عبر موقعها الإلكتروني، أن من أفطر في رمضان بسبب المرض الذي يغلب على الظن الشفاء منه بقول أهل الطب المتخصصين، ثم مات في مرضه هذا، أو شفاه الله تعالى منه لكنه مات بعد ذلك مباشرة؛ فلا شيء عليه؛ لعدم تمكنه من قضاء أيام الصوم التي أفطرها قبل موته، ولكونه غيرَ مخاطَبٍ بالفدية حال مرضه هذا.
هل يجوز صرف أموال الزكاة في إصلاح أسقف بيوت الفقراء؟.. الإفتاء تجيب
حكم كتابة الأذكار على كفن الميت.. الإفتاء توضح
متمتع وقارن ومفرد.. الإفتاء توضح الفرق بين أنواع الحج وكيفية أدائها
هل تعليق صورة المتوفى على الحائط حرام؟.. الإفتاء يجيب
وأشارت الإفتاء إلى أنه يُشترَط لوجوب القضاء بلوغُ عدةٍ من أيامٍ أُخَرَ؛ مستشهدة بقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]، ولم يبلغها بموته؛ فسقط في حقه القضاء، ولكونه غيرَ مخاطَبٍ بالفدية حال مرضه الذي يغلب على الظن شفاؤه منه بقول أهل الطب المتخصصين، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء.
آراء الفقهاء في من مات ولم يتمكن من قضاء رمضانوذكرت دار الإفتاء المصرية آراء عدد من الفقهاء حول حكم من مات وعليه صيام ولم يتمكن من القضاء على النحو التالي:
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 89، ط. دار المعرفة): [مريضٌ أفطر في شهر رمضان ثم مات قبل أن يبرأ فليس عليه شيء؛ لأن وقت أداء الصوم في حقه عدةٌ من أيامٍ أخر بالنص ولم يدركه؛ ولأن المرض لَـمـــَّا كان عذرًا في إسقاط أداء الصوم في وقته لدفع الحرج، فلأن يكون عذرًا في إسقاط القضاء أولى] اهـ.
وقال العلامة الميداني الحنفي في "اللباب" (1/ 170، ط. المكتبة العلمية): [وإن مات المريض أو المسافر وهما على حالهما من المرض والسفر لم يلزمهما القضاء؛ لعدم إدراكهما عدةً من أيام أخر] اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 445، ط. دار ابن حزم): [القضاء إذا لم يكن لاتصال العذر فلا يجب بفواته إطعام؛ كالمريض والمسافر إذا اتصل به المرض إلى أن مات] اهـ.
وقال الإمام تَقِيّ الدِّين الحِصْني الشافعي في "كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار" (ص: 304، ط. دار الخير): [من فاته صيام من رمضان ومات؛ نُظِرَ: إن مات قبل تمكنه من القضاء بأن مات وعذره قائمٌ كاستمرار المرض فلا قضاء ولا فدية ولا إثم عليه] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 152، ط. مكتبة القاهرة): [من مات وعليه صيام من رمضان.. إن مات قبل إمكان الصيام؛ إما لضيق الوقت، أو لعذر من مرض أو سفر، أو عجز عن الصوم، فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم] اهـ بتصرف يسير.