بوابة الوفد:
2024-09-30@14:26:32 GMT

وصية محمد الماغوط

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

لدى خبر قديم أود إذاعته، هو أننا ميتون نوشك أن نصل مبتغانا. نتنفس شهيقا ليس لدينا النبأ اليقين بخروجه زفيرا، وكل أحوالنا على الأرض مؤقتة.

أنا كاتب مؤقت، وهذا شاعر مؤقت، وهذه فنانة مؤقتة، وهذا ناقد مؤقت، وذاك مسئول مؤقت، وجميع مَن نشاهدهم منتفخين، متضخمين، مترفعين على البشر، وناظرين من علٍ يعيشون أحوالا مؤقتة.

كل جالس سيقوم، وكل واقف سيمر، وكل سلطة ستزول، ولن تبقى سوى القيمة، فكن خيرا، نفعا، بناء، دعما، سندا.

أذكركم بعد نفسى أن نفكر دوما فى كل فعل وحركة وقول. ما يصح وما لا يصح. ما ينفع وما يضُر. ما يُمثل قيمة، وما يُعد عبثا. ما يدفع أذى، وما يجلبه. ما يُنصف مقهورا، وما يشارك فى ظلم. ما ينير عتمات، وما يهدم قصور مجد.

كلما عبرت السنوات، واقتربت النهايات، أزداد اندهاشا من رؤية أى مشهد تملق، أنفر من متابعة بروتوكول رسمى يسمح بمذلة إنسان لآخر. أحزن كثيرا إن شهدت كبيرا، مبدعا أو صاحب علم وقيمة يُداهن. أنزعج من وصلة نفاق زاعقة، وأغضب جدا من سماع كلمة ليست لوجه الله تعالى.

فكما قال الشاعر الراحل صلاح عبدالصبور معرفا الكلمة «أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة فى كلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة». ونصيحتى لنفسى ولك، إن سمح لك القدر أن تبُوح بكلمة أمام كبير، فلا توظفها إلا لنفع الناس وإسعادهم.

قُل خيرا أو لتصمت، والأفضل ألا تصمت. فليس هناك ما يمنعك أن تُنصف مَن يستحق الإنصاف؟ وتحفظ لذاتك عزتها وكرامتها فى الوقت نفسه.

لقد كان الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت يقول لشعبه «إن أخوف ما أخاف عليكم هو الخوف نفسه»، ونحن تربينا على الخوف من كل شيء، وأى شيء. نخاف من المعلوم والمجهول. نخاف من الخوف نفسه. نخاف ونحن ندرك أن الخوف مقبرة الحياة، ومقصلة التطور، فالذين يخافون لا يصنعون مجدا ولا انتصارا.

نخاف نخاف.. فلِمَ نستغرب سوء الحال، وضعف الأمل، وتردى القيم؟ كيف نُصلح الغد ونحن نخاف؟ وكيف نحل مشكلات تلو مشكلات ونحن نخاف؟ كيف نتقدم للأمام؟ وكيف ننتصر ونحن نخاف؟

يقول الشاعر محمد الماغوط، كرم الله ذكره، موصيا الإنسان العربى فى كل زمان ومكان:

« لا تحنِ رأسك لأحد أبدا، لا تحنِ رأسك مهما ظننت أن الأمر ضروري، لا تحنِ رأسك، فقد لا تواتيك الفرصة لتنهض مرة أخرى».

وقد فعلها يوما الموسيقار العالمى لودفيج فان بيتهوفن، عندما أخبروه بأن الحاكم سيحضر احتفالا يخصه، ثُم طلبوا منه قبيل الاحتفال أن ينحنى للحاكم وهو يصافحه، لكنه رفض وأصر أن يقف مرفوع الجبين، ونقلوا عنه قوله « سيأتى مئات الملوك، وبعد مئتى عام لن يذكر أحد هؤلاء ولا كيف كانوا، لكنهم سيتذكروننا: نحن المبدعين».

والله أعلم.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد

إقرأ أيضاً:

«الأيكوفوبيا: مفهوم الرفض تجاه الوطن والثقافة المحلية»

لطالما حيرني هذا النقد الذي أجده قاسيا أحيانا منا كعمانين لبلادنا، سياستها ومرافقها وثقافتها، وكنت أعتقد أن هذا السلوك الذي يصل لجلد الذات عند البعض حصرا علينا نحن، حتى بدأت ألحظ في شبكات التواصل الاجتماعي أن الجميع يمارس هذا السلوك وبشكل أقسى بكثير منا، حتى وقعت منذ أيام على مصطلح (الأيكوفوبيا) الذي يفسر هذه الظاهرة، والذي يعني النفور أو الخوف من البيئة المنزلية أو الثقافية الخاصة بالفرد. والذي يعكسه المثل الإنجليزي الدارج (المراعي دائما أكثر اخضرارا في الجهة الأخرى) وكلمة (الأيكوفوبيا) وفقا لموقع (ويكيبيديا) أصلها يوناني وتتكون في الواقع من كلمتين «أويكوس» وتعني المنزل، و«فوبيا» وتعني الخوف.

من الناحية النفسية، يمكن أن تشير الأيكوفوبيا وفقًا للموقع ذاته إلى حالة من النفور أو الاضطراب العاطفي تجاه المنزل أو البيئة الأسرية. قد يكون هذا الخوف ناتجًا عن تجارب سلبية عاشها الشخص في محيط الأسرة.

أما في السياق الثقافي والسياسي، فقد استخدم الفيلسوف البريطاني روجر سكروتون هذا المصطلح في كتابه «إنجلترا والحاجة إلى الأمم» ليصف الرفض المتزايد للثقافة الوطنية والقيم المحلية من قبل بعض الأفراد. وفقًا لسكروتون، تمثل الأيكوفوبيا نقيضًا للـ«زينوفوبيا» (رهاب الأجانب)، حيث إنه بدلا من الخوف من الثقافات الأجنبية، يتبنى الأفراد موقفًا عدائيًا أو متشددًا تجاه ثقافتهم الأصلية. قد يظهر هذا في شكل انتقاد مفرط للتقاليد والقيم الوطنية أو التقليل من شأن إنجازات الوطن.

في النقاشات السياسية، يُستخدم المصطلح غالبًا لوصف أولئك الذين يبدون عدم الولاء أو الرفض للقيم الثقافية والاجتماعية لبلدانهم. يُنتقد هؤلاء الأشخاص على أنهم ينحازون دائمًا للأفكار والقيم الأجنبية على حساب ثقافتهم الأصلية، أو ما يسمى عند إخواننا المصريين بعقدة الخواجة.

هذا الرفض نراه حتى على صعيد رفض المنتجات المحلية التي قد تكون أعلى جودة، لصالح المنتجات المستوردة، ونراه على مستوى التوظيف، والعادات والتقاليد العمانية الأصيلة، نراه في تخلينا عن لهجاتنا المحلية، ويمكن له إذا لم نعِ أبعاده أن يشوه هويتنا، ويهدد أمننا الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي، لهذا تعمل الدول على تعزيز روح المواطنة لدى الناشئة، وتعزيز انتمائهم وولائهم واعتزازهم بهذه الهوية، حماية لمنجزاتها وقيمها.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية

مقالات مشابهة

  • كيف يقود الخوف من العقاب الإلهي إلى تبني أفكار إلحادية؟.. «حكم ضميرك»
  • «الأيكوفوبيا: مفهوم الرفض تجاه الوطن والثقافة المحلية»
  • منطقة الأمان الخادع
  • مات من شدة الخوف ولم يُصب جسده بأي خدش.. كشف مفاجأة عن سبب وفاة حسن نصر الله بعد معاينة جثته
  • في ظهوره الأول.. هاشم صفي الدين يكشف وصية هامة لـ “حسن نصر الله” (فيديو)
  • فيديو. الدكيك : مباراة البرازيل ستكون تاريخية ونحن مستعدون لها
  • آمنة الضحاك: المجتمع شريك في الحد من فقد الغذاء
  • كيف ينص القانون على تنفيذ وصية معينة؟.. تفاصيل
  • بعد تعيين نعيم قاسم مؤقتًا.. من يقود حزب الله بعد استشهاد حسن نصر الله؟
  • وصية الشهيد حسن نصر الله (فيديو)