غزة عقدة اليمين المتطرف في الغرب
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
ترفرف أعلام إسرائيل في كثير من مظاهرات اليمين المتطرف في الغرب، في مشهد عبثي مؤسف يحيّر المراقب للمشهد ويدفعه للتساؤل: من منهما يدعم الآخر ولماذا؟ وبدا في ظاهر الأمر أن عدو عدوي صديقي لأن إسرائيل في حالة عداء مع معظم العرب والمسلمين، وبالتالي فإن الحقد اليميني على المهاجرين العرب والمسلمين دفعه لهذا التحالف الهش.
صمود أهل غزة أثبت للتيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا والولايات المتحدة صورة مختلفة عن العربي والمسلم التارك لبلده والساعي حثيثا نحو الغرب. ومعظم مؤيدي هذه التيارات لديهم قسط بسيط من التعليم والثقافة، وبالتالي يصعب عليهم هضم فكرتين متناقضتين في آن معا؛ وهما العربي والمسلم الصامد حاولت القيادات السياسية للتيارات اليمينة المتطرفة في كل من ألمانيا وفرنسا والدنمارك مثلا تعزيز خطاب الإسلاموفوبيا ورفع لواء مناهضة معاداة السامية، لكن الأمر لم يحقق الانتشار الذي كانت تأمله، بل على العكس، أثبت الانقسامات الداخلية في هذه التيارات اليمينة المتطرفة تجاه الحرب على غزة الذي لا يريد مغادرة أرضه من ناحية والمهاجر العربي والمسلم الذي تدعوه هذه التيارات إلى ترك البلاد الغربية والعودة إلى أرضه ووطنه من ناحية أخرى. فأين يذهب إذن؟ أضف إلى ذلك موقف روسيا غير المتماهي مع إسرائيل بسبب تغير موازين القوى والتحالفات بعد حرب أوكرانيا، ما جعل الصورة أكثر تشويشا عند التيارات اليمينية الغربية وقواعدها الشعبية.
حاولت القيادات السياسية للتيارات اليمينة المتطرفة في كل من ألمانيا وفرنسا والدنمارك مثلا تعزيز خطاب الإسلاموفوبيا ورفع لواء مناهضة معاداة السامية، لكن الأمر لم يحقق الانتشار الذي كانت تأمله، بل على العكس، أثبت الانقسامات الداخلية في هذه التيارات اليمينة المتطرفة تجاه الحرب على غزة.
لقد تجلى هذا الإفلاس اليميني المتطرف في مظاهرة لندن الشهر الماضي؛ حيث حاولت وزيرة الداخلية المقالة سويلا برافرمان استثمارها يمينيا، فانقلب السحر ضد الساحر وشرخت الحكومة البريطانية ما أدى لإقالتها وتغيير وزير الخارجية أيضا.
إن المتأمل لأحوال الدول الغربية وخاصة أوروبا خلال الفترة الماضية، يجد أن هناك انعطافا شديدا ناحية اليمين المتطرف، مدفوعا بمشاكل اقتصادية وتراجع تيارات اليسار والاشتراكية التي كانت ترحب بالمهاجرين. وتحول الأمر من حديث حول الانتخابات وفوز أحزاب اليمين المتطرف إلى حديث حول تغيير قوانين الهجرة لتشديدها والحد من تدفق المهاجرين، حتى من قبل الحكومات التي لا تصنف على أنها من اليمين المتطرف، وذلك في مغازلة للمزاج العام المعادي للمهاجرين.
الحرب على غزة أتت كطوق نجاة لأوروبا المنهكة والضائعة سياسية وخاصة لمسلميها، ووفرت لهم صدمة سياسة وعسكرية وأخلاقية ضد المبادئ الليبرالية وكشفا لها، الأمر الذي قد يعرقل عجلة الصعود السريع لليمين المتطرف على الصعيد السياسي والتشريعي، كما يوفر أرضية أخلاقية جديدة ولغة مشتركة للأجيال الجديدة من المهاجرين العرب والمسلمين وبين المجتمعات التي يعيشون فيها
لقد كانت حرب العراق عام 2003 على سبيل المثال رافعة اجتماعية وسياسية لجيل الألفية، سواء من أصول مهاجرة أو غيرهم من أقرانهم الأوروبيين وفي الغرب بشكل عام. فقد كشفت عن فظاظة وبشاعة أرغمت كثيرين على الانضواء في أحلاف شعبية وسياسية؛ سمحت لأبناء المهاجرين بالتعبير عن أنفسهم والانخراط في العمل الاجتماعي والسياسي على أرضية مشتركة مع طيف واسع من المجتمع، وكانت بوابة لوصول كثير منهم إلى مناصب سياسية واجتماعية هامة بعد ذلك، رغم التواطؤ الرسمي آنذاك مع الغزو الأمريكي البريطاني للعراق.
لا نبالغ إذا قلنا إن الحرب على غزة أتت كطوق نجاة لأوروبا المنهكة والضائعة سياسية وخاصة لمسلميها، ووفرت لهم صدمة سياسة وعسكرية وأخلاقية ضد المبادئ الليبرالية وكشفا لها، الأمر الذي قد يعرقل عجلة الصعود السريع لليمين المتطرف على الصعيد السياسي والتشريعي، كما يوفر أرضية أخلاقية جديدة ولغة مشتركة للأجيال الجديدة من المهاجرين العرب والمسلمين وبين المجتمعات التي يعيشون فيها. وإن نظرة سريعة على النشاط الجامعي المؤيد لغزة في الجامعات الغربية كفيلة بأن توضح هذه الأمور رغم العوائق والتحديات الذي تكتنفه.
twitter.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل اليمين المتطرف الغرب إسرائيل فلسطين الغرب اليمين المتطرف مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العرب والمسلمین الیمین المتطرف الحرب على غزة هذه التیارات
إقرأ أيضاً:
لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
روسيا – أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب لم يحترم قط مبدأ ميثاق الأمم المتحدة القائم على المساواة السيادية بين الدول، وأن الإدارة الأمريكية الجديدة تستمر في تجاهل هذا المبدأ.
وقال لافروف خلال كلمة ألقاها في الجمعية العامة للمجلس الروسي للشؤون الدولية: “في أي صراع أو موقف دولي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية وبعد إنشاء الأمم المتحدة، لم تلتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها أبدا بالمبدأ الأساسي للميثاق الذي ينص على أن الأمم المتحدة تقوم على المساواة في السيادة بين الدول”.
وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أنه “إذا نظرنا إلى تاريخ ما بعد الحرب، خاصة في أكثر المواقف حرجاً وصعوبة، سنرى أن الغرب لم يحترم هذا المبدأ أبدا”.
وأضاف: “بعد تولي إدارة دونالد ترامب السلطة، بدا أن وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو قد تنصل من النظام العالمي الليبرالي، لكنه أعلن في الوقت نفسه أن إدارة ترامب ستخلق نظاما جديدا من الفوضى مع أولوية مبدأ ‘أمريكا أولا’. الفرق هنا باستثناء المصطلحات ليس كبيرا”.
وأشار لافروف إلى أن هناك شكوكا حول جدوى النظام العالمي القائم على ميثاق الأمم المتحدة، ليس فقط بين السياسيين في الغرب ولكن أيضا بين الخبراء وعلماء السياسة في روسيا.
وقال الوزير الروسي: “لا تحتاج إلى أن تكون خبيرا فائق الذكاء لترى أوجه القصور والخلل في عمل الأمم المتحدة والمؤسسات المرتبطة بها. أعتقد أنكم ستتفقون معي على أن الأسباب الجذرية لهذا لا تكمن في عيوب أو تقادم المبادئ التي تقوم عليها الأمم المتحدة، بل في عدم رغبة أو قدرة بعض الدول، وخاصة الغرب، على اتباع هذه المبادئ في السياسة العملية. هذا مثال واحدا فقط أقدمه لكم”.
يعود الجدل حول احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة مبدأ المساواة السيادية بين الدول، إلى عقود من التوترات بين القوى الكبرى والدول الأخرى. وقد تأسست الأمم المتحدة عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية كمنصة لتعزيز السلام والتعاون الدولي بناء على مبادئ واضحة، أبرزها: المساواة في السيادة بين جميع الأعضاء وحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية”.
لكن القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، تتعامل بانحياز مع هذه المبادئ، حيث تُهمش مصالح الدول الأخرى لصالح أجنداتها الجيوسياسية. ومن أبرز الأمثلة التاريخية: “التدخلات العسكرية الأحادية دون تفويض من مجلس الأمن (مثل غزو العراق 2003) والعقوبات الأحادية التي تفرضها واشنطن وحلفاؤها خارج إطار الأمم المتحدة، والتعامل الانتقائي مع قرارات مجلس الأمن، مثل تجاهل القرارات المتعلقة بفلسطين أو الصحراء الغربية”.
وفي عهد إدارة ترامب تصاعدت هذه الانتقادات بعد تبني سياسة “أمريكا أولا”، التي ركزت على المصالح الوطنية الضيقة على حساب التعددية الدولية. وشمل ذلك: “الانسحاب من اتفاقيات دولية (مثل اتفاقية باريس للمناخ)، وتقويض مؤسسات مثل منظمة الصحة العالمية، والتهديد بتجميد تمويل الأمم المتحدة إذا لم تُلبِ مطالب واشنطن”.
المصدر: RT