طرابلس- شهدت مؤخراً مدينة غدامس قرب المثلث الحدودي لليبيا مع تونس والجزائر، الواقعة جنوب غربي طرابلس بقرابة 600 كيلومتر، تحركات عسكرية وأمنية غير مسبوقة، بعد وصول أرتال عسكرية من العاصمة، تتبع وزارة الداخلية ورئاسة الأركان بحكومة الوحدة الوطنية.

ودعا المجلس البلدي لمدينة غدامس إلى اعتصام شامل، مطالبا في بيان له بإخلاء المدينة ممّا وصفها بـ "التشكيلات العسكرية المسلحة"، مؤكداً أن خروج هذه القوات هو مطلب كل أهالي ومكونات المدينة، الذين يتهم بعضهم القوات الجديدة بإثارة الفوضى وترويع الآمنين.

مدينة غدامس الليبية تشكل نقطة التقاء حدودي مع تونس والجزائر (الجزيرة) خصوصية غدامس

وبدوره، دان مجلس النواب في بنغازي ما حدث في غدامس، ودعا في بيان إلى "خروج كافة التشكيلات المسلحة من المدينة مهما كانت تبعيتها" وإسناد مهمة تأمينها إلى مديرية الأمن، رغم تبعية الأخيرة لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة، التي باشرت تشكيل غرفة مع رئاسة الأركان، وقالت إن هدفها تأمين كل الشريط الحدودي مع تونس والجزائر.

وطلب مجلس النواب من النائب العام فتح تحقيق عاجل فيما حدث بالمدينة التي قال إنها "كانت الحاضنة للقاءات الإخوة من أجل وحدة الصف والمصالحة الوطنية"، في إشارة إلى حياد المدينة طوال فترة الصراع الليبي، واحتضانها جولات من الحوار السياسي، وهو ما أكدته البعثة الأممية في أكثر من مناسبة.

التوترات الأمنية حالت دون استمرار حركات المواطنين عبر المعابر الحدودية (الفرنسية) مصالح مشتركة

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، زار طرابلس وفد من شركة "سوناطراك" الجزائرية المتخصصة في مجال الاستكشاف النفطي، لإعلان عودة أنشطة الشركة، التي أوقفت عملها في ليبيا منذ 8 سنوات، وزار بعدها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة الحدود الليبية الجزائرية، وأعلن نيته فتح المعبر الحدودي (غدامس- الدبداب) بين البلدين.

وأغلقت المعابر الحدودية بين الجارتين منذ اندلاع ثورة فبراير الليبية عام 2011، ورغم أنها شهدت فتحاً مؤقتاً في عام 2015، فإن التوترات الأمنية حالت دون استمرار حركة المواطنين في المعبر الرئيسي، وكذلك في معبر "تين الكوم" و"طارات"، رغم العلاقات الوطيدة بين سكان المنطقتين وقرب المسافة التي لا تتعدى 20 كيلومتراً.

وأكد عميد بلدية غدامس قاسم المانع في تصريح صحفي، الأثر الإيجابي والمنافع الاقتصادية التي ستعود على المدينة، التي كانت إحدى أهم المحطات التجارية في غرب الصحراء الكبرى، الواقعة في منطقة حيوية بين ليبيا وتونس والجزائر، إلى جانب توفير فرص عمل للشباب فور تشغيل المعبر.

وأوضح المانع أن استئناف العمل بمعبر "غدامس-الدبداب"، سيُخرج غدامس من حالة الركود الاقتصادي الذي تعرفه، "في ظل ما تعانيه معظم مدن الجنوب الليبي من الفقر والتهميش وشح الخدمات الحكومية، بالإضافة إلى انعدام فرص العمل"، دون أن يخفي تخوفه من التوترات الأمنية التي حلت بالمنطقة.

الهدف اقتصادي أم سياسي؟

من جانبه، قال المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، محمد شوبار إن "ما يجري في منطقة حوض غدامس خلفه دول إقليمية، تهدف للسيطرة على منابع الغاز الطبيعي التي اكتشفت مؤخراً"، مؤكداً أن هذه الدول هي من دفعت حكومة الدبيبة للسيطرة على المنطقة عسكرياً وأمنياً بعد إبرامها عقوداً طويلة الأجل مع حكومة طرابلس.

ورأى شوبار أن تأمين المعبر الحدودي مع الجزائر "حجة لتوجه أرتال عسكرية تابعة لحكومة الوحدة الوطنية للسيطرة على المنطقة"، مؤكداً للجزيرة نت رفض مبادرة القوى الوطنية ما وصفه بـ "بيع مقدرات ليبيا، والنظر في كل العقود التي أبرمت في ظل حكومات الفساد المتعاقبة".

وتوقع المحلل السياسي عبد السلام الراجحي أن خطوة فتح الحدود لحركة المواطنين والتبادل التجاري جاءت بعد إطلاق الجزائر مشروعاً اقتصادياً لتطوير وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، فكان توجهها منطقياً للسوق الليبية، الأمر الذي يقول الراجحي إن "حكومة الوحدة تلقفته ورأته أمراً جيداً، بل وإنجازاً سياسياً مهماً لها".

واعتبر الراجحي محاولة حكومة الوحدة إبراز نفوذها على المنافذ التي تقع في مناطق سيطرتها، مثل رأس جدير مع تونس وغدامس مع الجزائر، أمراً طبيعياً، موضحاً للجزيرة نت أن "حكومة طرابلس لا تسيطر على حدودها الغربية بشكل كامل، ومن الطبيعي أن تحاول فرض السيطرة على هذه المعابر لأهداف قد تبدو سياسية".

الهاجس الأمني

وبعيداً عن المصالح السياسية والاقتصادية، يذهب الخبير العسكري عادل عبد الكافي إلى أن ما حدث في مدينة غريان أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي من توترات أمنية، بدخول قوة محسوبة على "معسكر حفتر"، دفع حكومة الوحدة لتشكيل قوة مشتركة، وبسط نفوذها العسكري على المدينة الإستراتيجية في الغرب الليبي.

ويفسر عبد الكافي للجزيرة نت سعي حكومة الوحدة للسيطرة الكاملة على المعابر البرية مع الجزائر وتونس، بالتنسيق بين رئاسة الأركان العامة ووزارة الداخلية التابعتين لها، بأنها تأتي "للدواعي الأمنية ذاتها، ولقطع الطريق على أي قوات موالية لمعسكر حفتر وحلفائه في الغرب الليبي".

ويرى الخبير العسكري أن اللقاء الأخير بين المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش واللواء أسامة جويلي، برعاية البعثة الأممية، يعزز هذا التفسير، في ظل "وجود انتماءات في تلك المناطق موالية لمعسكر حفتر، خاصة مدينة الزنتان" مما قد ينذر بتكرار مواجهات عسكرية محتملة في الغرب الليبي.

وبحسب مصادر محلية للجزيرة نت، فإن القوة التي تسيطر على المعبر الحدودي مع الجزائر يقودها أحد القادة العسكريين بمدينة الزنتان، وتتبع جهاز حرس الحدود، ولها تنسيق مع وزير الداخلية بحكومة الوحدة عماد الطرابلسي، المنحدر من الزنتان أيضاً، في ظل تحالفات يرى مراقبون أنها متبدّلة بين قبائل الزنتان وتشكيلاتها المسلحة وموقفها من السلطات الليبية المنقسمة شرقاً وغرباً.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: تونس والجزائر حکومة الوحدة مع الجزائر للجزیرة نت مع تونس

إقرأ أيضاً:

فضيحة جديدة: إحباط محاولة هدر 30 مليون دينار في منفذ سفوان الحدودي

ديسمبر 22, 2024آخر تحديث: ديسمبر 22, 2024

المستقلة/- كشفت هيئة المنافذ الحدودية عن واحدة من أكبر محاولات التلاعب التي كادت أن تُهدِر أكثر من 30 مليون دينار عراقي في منفذ سفوان الحدودي، مما يطرح تساؤلات خطيرة حول كفاءة الإجراءات الرقابية ومحاسبة المتورطين.

بحسب البيان الصادر عن الهيئة، تمكنت مديرية منفذ سفوان من ضبط عجلتين براد محملتين بمادة “الكبدة” خارج الحرم الجمركي في سيطرة البحث والتحري، وذلك بعد إتمام معاملتها الجمركية في مركز جمرك المنفذ.
وخلال عملية التدقيق، تم اكتشاف تلاعب فاضح في وصف ووزن البضاعة، مما أدى إلى محاولة هدر المال العام بقيمة 30,562,000 دينار عراقي.

أسئلة تثير الجدل كيف تمكنت الشحنة من تجاوز المعاملات الجمركية؟
إذا كان التلاعب بهذا الحجم، فهل هناك خلل في منظومة الرقابة داخل مركز الجمرك؟ أم أن هناك تواطؤاً داخلياً؟ هل ستصل القضية إلى محاسبة الفاعلين؟
إحالة العجلات والمضبوطات إلى مركز شرطة كمرك سفوان هو خطوة إيجابية، لكن هل ستكون هناك إجراءات شفافة وحاسمة لمعرفة المتورطين ومعاقبتهم؟ دعوة للتحقيق الشامل

هذه الحادثة تسلط الضوء على ضرورة تعزيز الرقابة والإجراءات الرادعة لمنع تكرار مثل هذه المحاولات التي تستنزف المال العام في وقت يعاني فيه العراق من أزمات اقتصادية خانقة.

هل ستكون هذه الفضيحة بداية لإصلاح جذري في المنافذ الحدودية؟ أم أنها ستنضم إلى قائمة القضايا المنسية؟

مقالات مشابهة

  • إحباط محاولة هدر بالمال العام في منفذ سفوان الحدودي
  • فضيحة جديدة: إحباط محاولة هدر 30 مليون دينار في منفذ سفوان الحدودي
  • مسرح المدينة يحيي اللقاءات الثقافية بعد الحرب: الموسيقى تولّد الأمل
  • سان بطرسبرج تستعد للاحتفال بالعام الجديد 2025.. ماذا فعلت المدينة الروسية؟
  • الدبيبة: ليبيا لن تكون ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الإقليمية
  • ماذا يجري عند جواجز الجيش في الجنوب؟
  • مدير إدارة الاستخبارات يستقبل مديري الاستخبارات من الجزائر وتونس والسودان وتشاد والنيجر
  • بالفيديو.. «الدبيبة» يحضر افتتاح مؤتمر «قادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا»
  • استئناف دخول الشاحنات الأردنية إلى سوريا عبر معبر جابر الحدودي
  • كناب بنك:فتح خمسة شبابيك جديدة مخصصة للصيرفة الإسلامية