تمثل ديون مصر سلاح إسرائيل الأخير ضد فلسطين، وربما تقبل القاهرة في حالتين بتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء مقابل شطب هذه الديون، بحسب ألفونس بيريز ونيكولا شيرير، في تحليل بمنصة "أوبن ديموكراسي" الإعلامية الدولية (openDemocracy) ترجمه "الخليج الجديد".

وحتى مساء الأحد قتل الجيش الإسرائيلي في غزة 20 ألفا و424 فلسطينيا، وأصاب 54 ألفا و36 بجروح، معظمهم أطفال ونساء، بالإضاف إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وقال بيريز وشيرير إنه في أواخر أكتوبر الماضي، نشرت صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية وثيقة مسربة كتبها وزير المخابرات الإسرائيلية جيلا جمالائيل تقترح نقل سكان غزة (2.4 مليون نسمة) إلى سيناء (مصر) كحل "سيؤدي إلى نتائج استراتيجية إيجابية طويلة المدى".

وأضافا أنه "يبدو أن تل أبيب تجري محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن استقبال مصر لسكان غزة وتوطينهم في سيناء، مقابل شطب كل ديونها للبنك الدولي".

وفي أكثر من مناسبة، أعلن السيسي رفضه لاحتمال تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، محذرا من تداعيات لاسيما على صعيد أمن مصر واحتمال تصفية القضية الفلسطينية.

وبحسب  بيريز وشيرير،  فإن مسعى تل أبيب "قد يعني أن الحكومة الإسرائيلية ستتحمل ديون مصر المستحقة للدائنين متعددي الأطراف (مثل البنك وصندوق النقد الدوليين) أو أنها، بدعم من الولايات المتحدة، ستقنع الدول الغربية المتحالفة بشطب الديون المستحقة لمؤسساتها لدى مصر".

وتابعا: كما أنه "خلال جولته بالمنطقة في أكتوبر الماضي، اقتراح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على الحكومة المصرية تمويل مدينة خيام (في سيناء ستتحول لاحقا إلى مبانٍ سكنية)".

وشددا على أن "فتح أبواب مصر أمام السكان الفلسطينيين بحجة المساعدات الإنسانية يحجب الهدف الحقيقي للحكومة الإسرائيلية، وهو التطهير العرقي واستعمار الأراضي مقابل شطب ديون مصر".

اقرأ أيضاً

مؤرخ يهودي: حكومة نتنياهو تخطط لنكبة فلسطينية ثانية وحاسمة

ديون تاريخية 

و"من منظور الاقتصاد، قد يكون هذا الاقتراح بمثابة هبة من السماء لحكومة السيسي، إذ تواجه مصر، البالغ عدد سكانها 105 ملايين نسمة، أزمة ديون تاريخية"، كما أردف بيريز وشيرير.

وزادا بأن "وكالة بلومبرج تصنف مصر في المركز الثاني بعد أوكرانيا (التي تتعرض لغزو روسي منذ 24 فبراير/ شباط 2022) من حيث احتمال تخلفها عن سداد الديون".

واستطردا: "ارتفع اثنان من مصادر الإيرادات الرئيسية لمصر، وهما السياحة ورسوم عبور قناة السويس، ولكن ليس بما يكفي لسداد ديونها الخارجية، البالغة 164.7 مليار دولار حتى يونيو/حزيران 2023".

ولفتا إلى أن "مصر تحتاج إلى دفع 2.95 مليار دولار لصندوق النقد الدولي و1.58 مليار دولار لحاملي السندات الأجنبية بحلول نهاية عام 2023".

و"لا تزال مصر، وهي واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم وتعتمد أيضا على واردات المواد الغذائية الأساسية الأخرى والوقود، تواجه آثار الحرب في أوكرانيا، وتزايد التضخم، والزيادات غير المسبوقة في الأسعار، ومحدودية الوصول إلى التمويل بأسعار معقولة"، كما زاد بيريز وشيرير.

وتابعا: "لذلك، تعتمد البلاد بشكل كامل على القروض الدولية من صندوق النقد الدولي ودول الخليج الغنية. ويحد هذا الاعتماد من خيارات السياسة الخارجية لمصر؛ مما يجعل من الصعب أن تتصرف بشكل مستقل عن الولايات المتحدة (حليفة إسرائيل) التي تهيمن، إلى جانب الدول الأوروبية، على عملية صنع القرار في المؤسسات المتعددة الأطراف مثل صندوق النقد والبند الدوليين".

اقرأ أيضاً

مودرن دبلوماسي: التهجير هو هدف ما يحدث في غزة الآن.. وتدمير حماس مجرد ذريعة

رفض شعبي

بيريز وشيرير قالا إن احتمال قبول السيسي بالتهجير القسري للفلسطينيين يتعارض مع موقف المصريين المؤيد إلى حد كبير للشعب الفلسطيني، والذين خرجوا إلى الشوارع في 18 أكتوبر الماضي تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وهتفوا: "لا للتهجير لا للتوطين.. الأرض أرض فلسطين".

وتابعا أن "المعارضة والشعب المصري يدركون جيدا أن مصر حليف للولايات المتحدة، وأن دعم واشنطن للحكومة المصرية الاستبدادية وإجراءاتها القمعية يعود إلى حد كبير إلى وجود إسرائيل، إذ تعتمد واشنطن على الحكومة المصرية لتكون بمثابة سد احتواء ضد سكانها الذين غالبيتهم الساحقة من المناهضين للصهيونية".

و"إذا لم تتحسن الظروف الاقتصادية لمصر، واستمرت إسرائيل في القصف الوحشي للفلسطينيين في غزة، فمن المحتمل ألا يكون أمام مصر خيار آخر سوى قبول تهجير اللاجئين إلى أراضيها مقابل الحصول على مساعدات مالية وإعفاء جزئي من ديونها"، وفقا لبيريز وشيرير.

بيريز وشيرير قالا إن "هذه لن تكون المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة إلغاء الديون كوسيلة لإجبار مصر على الامتثال لمطالب أمريكية".

وأوضحا أنه "في عام 1991 شطبت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحكومات الغنية من "نادي باريس" (للدائنين) نصف مبلغ 20.2 مليار دولار مستحق لهم على مصر (في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك) في مقابل مشاركة مصر في حرب الخليج الثانية كجزء من التحالف المناهض للعراق (الذي احتل الكويت في عام 1990)".

اقرأ أيضاً

مصر تؤكد رفضها أي محاولة لتهجير سكان غزة طوعا أو قسرا

المصدر | ألفونس بيريز ونيكولا شيرير/ أوبن ديموكراسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الولایات المتحدة ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

نورث فولت السويدية تقترب من الإفلاس.. ديون وسوء إدارة وحالة وفاة

مقالات مشابهة قطاع النفط الأميركي يئنّ تحت ضغط صدمات الشرق الأوسط وسياسات بايدن

‏ساعة واحدة مضت

مخزونات الغاز في أوكرانيا تتجاوز 12 مليار متر مكعب أوائل أكتوبر 2024

‏ساعتين مضت

مشروعات الغاز المسال في آسيا تجذب شركة مدعومة من أدنوك

‏3 ساعات مضت

طاقة المد والجزر في إسكتلندا تحظى بدعم أقوى توربين عالميًا

‏4 ساعات مضت

وزارة الخارجية الأمريكية توضح موعد وخطوات تقديم اللوتري الأمريكي 2025

‏5 ساعات مضت

خدمة المستفيدين توضح موعد صرف حساب المواطن الدفعة 83 لشهر أكتوبر 2024

‏5 ساعات مضت

يحيط الغموض بمستقبل شركة تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية نورث فولت السويدية (Northvolt)، بعد سلسلة أزمات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) قد تصل بها إلى حد الإفلاس.

وترزح الشركة التي تأسست قبل 8 سنوات فقط تحت وطأة أزمة مالية طاحنة دفعتها في سبتمبر/أيلول المنصرم (2024) إلى تسريح 1600 من عمالها، وتعليق خطة توسعية طموحة في أحد مصانعها.

ونورث فولت هي صاحبة أول مصنع عملاق لإنتاج البطاريات في أوروبا، وعقدت صفقات ضخمة مع شركات أوروبية عملاقة مثل “فولفو” و”بي إم دبليو” و”فولكسفاغن”.

وكان يُعوّل عليها للإسهام في مساعي القارة العجوز لمكافحة تغير المناخ، وبناء سلسلة توريد مستقلة لصناعة البطاريات لتقليل الاعتماد على النفط والاستيراد من الصين.

وضرب الركود صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا، إذ انخفضت المبيعات بنسبة 44% في أغسطس/آب (2024)، في حين تضغط الحكومات للتحول بعيدًا عن السيارات التقليدية العاملة بالوقود الأحفوري، تحقيقًا لالتزاماتها المناخية والحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وترجمت معاناة صناعة السيارات الأوروبية في شركة فولكسفاغن التي تراجعت عن صفقة شراء بقيمة 2.5 مليار دولار مع نورث فولت في يونيو/حزيران، كما تتجه إلى إغلاق مصنع في ألمانيا بسبب ارتفاع التكاليف، وآخر في الصين.

إفلاس نورث فولت السويدية

اعترف الرئيس التنفيذي لنورث فولت، بيتر كارلسون، بأن قرار الشركة المُعلن في بيان بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول (2023) مؤلم وصعب، لكنه ضروري، من أجل تعديل الواقع ودعم مستقبل الشركة من خلال ما أطلقت عليه “إجراءات صائبة”.

وبهدف زيادة الإنتاج لتلبية الطلبات واستدامة العمليات التجارية، قررت الشركة تسريح ما يعادل خُمس إجمالي العاملين لديها، والتخلي عن خطة توسعة مصنع بطاريات في شمال السويد كان سيضيف قدرات إنتاج إضافية قدرها 30 غيغاواط/ساعة.

وبعد تراجع قدرات الإنتاج السنوية للمصنع الكائن بمدينة سكيلفتيا السويدية إلى دون 1 غيغاواط من 16 غيغاواط سابقًا، قررت الشركة التركيز على زيادة قدرات الإنتاج هناك.

مصنع شركة نورث فولت في سكيلفتيا – الصورة من “Skellefteå”

وبعد ذلك، ظهرت على السطح شائعات تقول إن شركة نورث فولت على بُعد خطوات من إشهار إفلاسها، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن صحيفة الغارديان البريطانية.

وأكد الأكاديمي، صاحب العمود بصحيفة “أفارشفادن” السويدية (Affärsvärlden) كريستيان ساندستروم، أن السبيل الوحيد لحل أزمة الديون بشركة نورث فولت هو إعلان الإفلاس.

وأوضح أن ديون الشركة تتجاوز 60 مليار كرونة (6.65 مليار دولار)، كما تتكبد خسائر ضخمة ولا يمكنها زيادة الإنتاج، وإذا نجحت بجمع أي تمويلات فستكون من نصيب الدائنين.

*(الكرونة السويدية = 0.098 دولارًا أميركيًا)

وجمعت الشركة 15 مليار دولار في صورة أسهم وتمويلات ائتمانية من مصرف غولدمان ساكس (Goldman Sachs) وشركة الاستثمار بلاك روك (BlackRock) وأخرى.

وتضاعفت خسائر الشركة 4 مرات في العام الماضي (2023) إلى 1.2 مليار دولار من 285 مليون في سابقه 2022، في حين سجلت الإيرادات 128 مليون دولار بزيادة على 107 على أساس سنوي.

موقف الحكومة

استبعدت الحكومة السويدية تقديم حزمة إنقاذ إلى شركة نورث فولت، وترى وزيرة الطاقة والصناعة إيبا بوش تدخل الدولة في قروض أحد دافعي الضرائب أو بوصفها شريكًا أمرًا “غير ملائم”.

وبحسب الوزيرة، تعمل الحكومة مع شركة البطاريات بنشاط من أجل استمرار أعمالها، كما تتابع التطورات الأزمة من كثب.

بدوره، قال رئيس الوزراء أولف كريسترسون، إن حكومته ساعدت في توفير داعمين وأنماط ملكية جديدة، وأنه بحث ذلك مع ألمانيا.

عمال مصانع نورث فولت

نفت شركة نورث فولت السويدية شائعات إفلاسها الوشيك أو تورط الصين في أعمال تخريبية، وفتحت الشركة تحقيقًا لمعرفة ملابسات وفاة رجل بعمر 25 عامًا داخل مصنعها في شمال السويد.

بدورها، تقول الشركة إنها تجري اتصالات مع النيابة والشركة، وتنأى بنفسها عن التعليق على سير التحقيقات الأولية.

وأكد رئيس مسؤولي الأمن في نقابة “آي إف ميتال” أوليفر شابو، إن حادث الوفاة غير مقبول، مشيرًا إلى حالة من القلق تنتاب العاملين في مختبر الأبحاث والتطوير التابع لشركة نورث فولت السويدية في فيستيروس بوسط البلاد.

كما ينتظر العمال تفاصيل بشأن قرار التسريح، وسيضطر عمال من خارج السويد إلى ترك البلاد.

وعدّ شابو شركة نورث فولت مكان عمل جيدًا رغم المشكلات القائمة، لكن قيادة الشركة كان يمكن أن تكون أفضل مما هي عليه.

لافتة في مدخل أبحاث شركة نورث فولت – الصورة من “nyteknik”أزمة أوروبية

من المحتمل أن يضع إفلاس شركة نورث فولت حكومات السويد وألمانيا والمفوضية الأوروبية في ورطة سياسية؛ كونها قد تعهدت جميعًا بدعم خطط شركة البطاريات.

وعن هذا، يقول كبير زملاء السياسات في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتس إنغستروم، إن تداعيات انهيار الشركة ستمثل فشلًا للسياسة الصناعية الخضراء وصعوبة إنتاج خلايا البطاريات على نطاق واسع في السويد التي لا تمتلك خبرة في المجال.

واتهم الإدارة بوضع مستقبل الشركة في خطر بسبب الإفراط في الوعود وانخفاض التسليمات، لكنه أشار إلى إمكان اتفاق المالكين والمقرضين على اتفاق تمويلي في المستقبل القريب لإنقاذ الأعمال الأساسية للشركة.

من جانبه، أكد مدير الاتصالات والعلاقات العامة في شركة نورث فولت ماتي كاتاجا، أن الشركة شهدت تقدمًا في الأسبوعين الماضيين، كما دخلت في جولة تمويلية.

وشدد على التزام الشركة بالهدف الذي أنشئت من أجله، وهو بناء قاعدة صناعية أوروبية لإنتاج البطاريات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
Source link ذات صلة

مقالات مشابهة

  • إسرائيل ربما تتورط في لبنان.. قراءة عالمية عن الحرب مع حزب الله
  • آل معمر : استلمت النصر وعليه ديون وصلت 400 مليون ريال
  • قبل مواجهة ساوثهامبتون.. أرتيتا يصدم جماهير آرسنال
  • صحف عالمية: التاريخ يوحي بأن إسرائيل ربما تتورط في لبنان
  • الصين تؤكد قدرتها على إصدار ديون بـ1.4 تريليون دولار
  • أعلى مستوى منذ 12 عامًا.. صعود تكلفة التأمين على ديون إسرائيل السيادية
  • نورث فولت السويدية تقترب من الإفلاس.. ديون وسوء إدارة وحالة وفاة
  • أحمد أبو زيد: انتصارات 6 أكتوبر تثبت من الوقائع ما لا يقبل الضد
  • تكلفة التأمين على ديون إسرائيل تسجل أعلى مستوى منذ 12 عاما
  • الرئيس النمساوي يقبل استقالة الحكومة ويكلفها بتصريف الأعمال