محمد بن رامس الرواس
بتاريخ 17 نوفمبر 2023، عُثر على جثة فتاة إسرائيلية مُجندة من الرهائن لدى المقاومة مُلقاة بالقرب من مستشفى الشفاء، وهو ما غيّر مسار المفاوضات، وعجّل بتنفيذ صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس والكيان الإسرائيلي.
في السابع من أكتوبر الفائت ومن خلال الضربة الأولى التي وجهتها فصائل المقاومة الفلسطينية بمعركة طوفان الأقصى للكيان الإسرائيلي تم أسر ما يقارب 250 من الجنود والمدنيين الإسرائيليين بجانب أفراد من جنسيات أخرى كانوا متواجدين أثناء الهجوم، ولم تمض سوى أيام حتى بدأ الحديث يدور حول تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى من الطرفين، وفتحت قنوات التواصل عبر الوسيط القطري والمصري في هذا الشأن وتم التنسيق لوضع قوائم بأسماء من سيتم إطلاق سراحهم من المدنيين فقط وكانت النساء وكبار السن والأطفال في مقدمة هذه القوائم، كانت المفاوضات لإتمام الصفقة تتعثر من الجانب الإسرائيلي الذي يماطل ولا يتوقف عن القصف الجوي فحدثت في هذه الفترة مجازر للمستشفيات؛ المعمداني والأندلسي والرنتيسي والشفاء، لقد كان واضحًا أن الجيش الإسرائيلي يبحث عن خيط يقوده إلى أماكن الأسرى في ظل تسويفه وتأخره في تنفيذ الصفقة.
لقد كان الوسيط القطري تحديدًا يعمل بفاعلية كبرى مدعومًا من الولايات المتحدة لإنجاز هدنة يستطيع من خلالها تبادل الأسرى، وبينما كانت الترتيبات تجري لإتمام الصفقة يفاجأ الجميع بأن الحكومة الإسرائيلية تطلق تصريحات بأنها سوف تطلق سراح الأسرى بالقوة، وازداد معها القصف الجوي وتهجير المدنيين واقتحام المدارس والمستشفيات، عندها توقف الوسيط عن مواصلة إجراءات إتمام الصفقة.
ومن خلال تواصل القصف الجوي العشوائي لجيش الاحتلال، ظهر خبر وفاة عدد من الرهائن الإسرائيليين جراء القصف، وكان هذا الخبر الذي أطلقه المفاوض الفلسطيني قد تسبب بحدوث فاجعة في الشارع الإسرائيلي، خاصة لذوي الأسرى الذين هاجموا مجلس الحرب والحكومة بضراوة ووصفوهم بالقتلة الحقيقيين لذويهم وخرجت المظاهرات تندد بموقف الحكومة الإسرائيلية.
تأخرت إسرائيل في الموافقة على الصفقة التي أعلن عنها الوسيط فقام يحيى السنوار المفاوض العنيد كما يطلق عليه أعداؤه بالإعلان عن تخفيض عدد الرهائن الذين سوف يتم الإفراج عنهم هادفًا بذلك إلى الضغط على الطرف الآخر، لقد كان الاتفاق قبل القصف الذي زاد حجمه وشدته هو إطلاق 100 رهينة من المدنيين الإسرائيليين مقابل 100 من النساء والأطفال الفلسطينيين، وكان شرط المقاومة أن تتم الموافقة خلال عشر ساعات فقط، وإلا سيتم إلغاء الصفقة، تأخرت إسرائيل في الرد على الوسيط القطري، ثم أُعلنت الموافقة في اليوم التالي، تحت ضغط الشارع الإسرائيلي، فأبلغت المقاومة الوسيط بأنهم تأخروا وعليه قد تم خفض العدد إلى 80 من الرهائن مقابل 100 أسير فلسطيني بشرط الموافقة خلال 10 ساعات فقط، رفضت إسرائيل العرض وقررت مواصلة الحرب وكان رجال المقاومة لهم بالمرصاد من خلال الالتحام البري الذي تفوق فيه بجدارة.
كان الشارع الإسرائيلي والولايات المتحدة والمجتمع الدولي يضغطان بشدة على الحكومة الإسرائيلية لقبول عرض المقاومة الأخير وإتمام الصفقة، وهنا قام الوسيط القطري بالتواصل مع المقاومة وأبلغهم الموافقة على 80 مقابل 100 فلسطيني، ولكن المقاومة أبلغت قطر بأن الوقت قد انتهى منذ مدة، وأن العدد الآن 50 مقابل 100 مع زيادة أيام الهدنة من 3 أيام إلى 5 أيام بشرط عدم إطلاق النار أثناء الهدنة، وإلا سيتم التوقف عن تسليم باقي الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم على دفعات كل يوم مجموعة .
في اليوم التالي بعد موافقة إسرائيل تفاجئ المفاوض القطري بأن المقاومة لا تجيب على الاتصالات، وكانت الحرب مُشتعلة، فازداد رعب الإسرائيليين خاصة وأن الرسالة التي تركتها المقاومة لجثة الرهينة الإسرائيلية على شاطئ غزة كانت واضحة جدًا ومفادها: أنكم ستجدون رهائنكم واحدًا تلو الآخر جثثًا هامدة في ظل عدم إذعانكم لوقف القصف والدخول في هدنة.
عندها خضع الإسرائيليون في نهاية الأمر، وسارت الهدنة بتاريخ 24 نوفمبر 2023، وامتدت لسبعة أيام بدلًا من 3 أيام، وجرى تبادل الأسرى حسبما أرادت المقاومة بقيادة زعيمها يحيى السنوار المفاوض العنيد. وللحديث بقية..
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الدفاع الإسرائيلي: إعادة الأسرى على رأس أولوياتنا
أكد يسرائيل كاتس وزير دفاع الاحتلال، أن استعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس في غزة ستكون على رأس أولوياته.
وأوضح كاتس أنه سيدعم الجيش ويعزز دوره، مشيرًا إلى تمسكه بقضية الأسرى كأولوية إستراتيجية.
جاءت هذه التصريحات بعد مغادرة وزير الدفاع السابق، يواف جالانت، الذي كشف سابقًا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار مع حماس، وذلك رغم توصية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
وتسببت هذه القضية بتصاعد التوتر الشعبي، إذ خرج آلاف الإسرائيليين في تظاهرات حاشدة في تل أبيب، يومي الثلاثاء والأربعاء، مطالبين الحكومة بالعمل على إعادة المحتجزين في غزة.
تزايد الخلافات داخل الائتلاف الحاكمشهدت مراسم أداء كاتس اليمين الدستورية يوم الخميس الماضي تصعيدًا بين المعارضة وأعضاء الائتلاف الحاكم، حيث تبادل الطرفان السباب داخل الكنيست.
وتوترت الأجواء بين أعضاء المعارضة الذين انسحبوا احتجاجًا على إقالة جالانت، وفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
يأتي هذا الصراع الداخلي عقب قرار نتنياهو بإقالة جالانت يوم 5 نوفمبر، حيث عيّن وزير الخارجية السابق يسرائيل كاتس في وزارة الدفاع، بينما تولى جدعون ساعر حقيبة الخارجية، وهو المعروف بتوجهاته المتطرفة.
وعلل نتنياهو إقالة جالانت بانعدام الثقة، وسط تصاعد الخلافات داخل الائتلاف.
موقف جالانت من الأزمةكان جالانت دعا سابقًا إلى حل دبلوماسي لضمان عودة الأسرى المحتجزين لدى حماس، وهو ما أثار حفيظة بعض أعضاء الائتلاف الحكومي.
وأثار غضب حلفاء نتنياهو من اليمين المتشدد والمتدينين بدعوته إلى تجنيد المتدينين في الجيش، ما وضعه في مواجهة حادة مع شركاء نتنياهو الذين يعتمد عليهم للحفاظ على استقرار الحكومة.
معضلة الأسرى وضغوط المعارضةتعتبر قضية الأسرى الإسرائيليين في غزة من الملفات الحساسة في السياسة الإسرائيلية، وسط دعوات متزايدة للحكومة لاتخاذ إجراءات جادة لحل الأزمة.
وفي ظل الاحتجاجات الشعبية المتواصلة وضغوط المعارضة، يواجه كاتس تحديات كبيرة في إدارة هذه القضية، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة داخل الحكومة وفي المجتمع الإسرائيلي.
ويرى مراقبون أن الحكومة الإسرائيلية تتجه إلى المزيد من الاستقطاب، ما يضع نتنياهو في وضع حرج بين مطالب الشارع وضرورات الحفاظ على الائتلاف الحاكم.