استحصل لبنان على شهادة إقليمية معزًّزة بتأييدٍ دولي تلقائي، انما مقترنة بمهلة زمنية يرجّح أن تمتد لغاية خريف 2024، وبموجباتٍ محدّدة تكفل الإقفال «المُقْنِع» لكامل المَنافذ المحتملة لمرور عمليات الجرائم المالية، ضمن مهمة معاودة ضبط واستكمال منظومة التقصي والتدقيق في مكافحة تبييض (غسل) الأموال وتمويل الإرهاب.

وتتطابق إفادة «براءة الذمة» المؤقتة التي تبلّغتها هيئة التحقيق الخاصة في البنك المركزي، مع مضمون متابعاتٍ ومعلوماتٍ خاصة سبق ان نشرتْها «الراي» توالياً نهاية شهر مايو ومنتصف يونيو الماضييْن، وخلصت من خلالها إلى تَوَقُّع «عدم إدراج لبنان ضمن اللائحة الرمادية والاكتفاء بتصنيف ملفه حاليا قيد التقييم المتبادل في نطاق مكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب، لدى مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على أن يتم تحديد الثغر الأساسية والثانوية الطارئة التي قلّصت، بحُكْم الأزمات القائمة، من كفاءة منظومة المكافحة عبر القطاع المالي وخارجه».

حلفاء غزة يستعدّون لخطواتٍ متدحرجة لدعمها منذ 23 ساعة تَحالُف «حارس الازدهار» في البحر الأحمر... أمام خيارات حرِجة! 20 ديسمبر 2023

وبالفعل، تلقّت هيئة التحقيق التقريرَ المنجَز من المجموعة المالية، ليؤكد في استنتاجاته أن لبنان أحرز نتائج مقبولةً في الالتزام الفني حيث حصل على درجة «ملتزم» أو «ملتزم الى حد كبير» في 34 توصية.

ولحَظَ التقرير وجوب إجراء تحسينات في التوصيات الـ 6 الباقية والتي حصل فيها لبنان على درجة «ملتزم جزئياً» ما يتطلب بعض التعديلات في القوانين والتشريعات.

وأكد تعميمٌ صدر عن حاكم مصرف لبنان بالإنابة ورئيس هيئة التحقيق الخاصة وسيم منصوري وتلقت «الراي» نسخة منه، أن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا (مينافاتف) نشرت في 21 ديسمبر الحالي، تقرير «التقييم المتبادَل للجمهورية اللبنانية حول تدابير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب» وذلك بعد مناقشته واعتماده في الاجتماع العام لـ «مينا فاتف» (مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) في شهر مايو 2023، وبعد التعديلات التي أدخلت لاحقاً عليه في اجتماعها العام الذي عُقد في شهر ديسمبر الحالي بناءً لطلب مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف).

وفي ما خص النتائج المباشرة الـ 11 لقياس الفعالية، فقد حصل لبنان على مستوى «متوسط» من الفعالية في 9 نتائج مباشرة، حيث أن منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب اللبنانية حققت بعض النتائج الإيجابية.

وفي المقابل، برزت اشارة لافتة الى «شبهات» تدور رحاها خارج المنظومة المصرفية والقطاع المالي الشرعي، حيث طلبت المجموعة، ومن دون أي مواربة، المزيد من الجهود والتعزيز في مجالاتٍ شملت تحديد المخاطر، التعاون الدولي، وتشديد الرقابة على القطاع غير المالي والإجراءات لديه، والأشخاص الاعتبارية والترتيبات القانونية وصاحب الحق الإقتصادي، والتحقيقات المالية الموازية، والعقوبات المالية المستهدَفة ذات الصلة بقرارات مجلس الأمن.

وحصل لبنان في نتيجتيْن مباشرتيْن على مستوى متدنٍّ من الفعالية، وهما متعلقتان أساساً بعدم كفاية مصادرات المتحصلات الاجرامية والأصول ذات الصلة، وبالادعاءات والأحكام القضائية بجرائم تبييض الأموال التي يجب أن تكون أكثر اتساقاً مع المخاطر، مع ضرورة وجود عقوبات متناسبة ورادعة في شأنها، كما وَرَدَ في التقرير الذي تَصَدَّرَهُ ملخّصُ استنتاجاتٍ خلصت إليها بعثةٌ خاصة زارت لبنان أواخر الصيف الماضي، وأجرتْ عملياتِ تدقيقٍ وعقدتْ العديدَ من الاجتماعات مع المسؤولين في المؤسسات والمرجعيات الأمنية والقضائية ذات الصلة، وبالتعاون المفتوح مع هيئة التحقيق الخاصة.

وبرز في التقييم الأولي للتقرير من رئيس هيئة التحقيق، التنويهُ بالحاجةِ الى مقاربةٍ حكومية شاملة لتنفيذ الإجراءات التصحيحية المطلوبة من الجهات الداخلية المعنية، مع الإشارة إلى أن التقييم الذي خضع له لبنان بالإستناد لمنهجيةٍ معتمَدة من قبل «فاتف» لتقييم جميع البلدان، تمّ في ظل الظروف الإستثنائية المعروفة والتي ما زالت سائدة.

وفي جميع الأحوال وكما هو الحال في كافة البلدان، ستقوم هيئة التحقيق الخاصة بصفتها المنسق الوطني لعملية التقييم بإطلاع رئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء على كافة نتائج التقرير بهدف التواصل مع الجهات الداخلية المعنية في شأن الإجراءات التصحيحية المطلوبة بغية تعزيز فعالية منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب اللبنانية، التي سيتوجب على لبنان إرسال تقارير متابَعة بالتقدّم الحاصل في تنفيذها خلال 2024 إلى «مينا فاتف» للنقاش واتخاذ القرار المُناسِب.

وبالفعل، يحاول البنك المركزي، ووفق ما أوردته «الراي» سابقاً، إعادة ضبط السيولة الهائلة المخزّنة في المنازل والشركات واستقطابها للاستخدام مجدداً عبر القنوات المصرفية التقليدية كالشيكات والبطاقات الالكترونية، ما يستجيب عملياً لإحدى الملاحظات الأساسية التي تُبْديها المجموعة الاقليمية في شأن المخاطر الناجمة عن توسع عمليات الاقتصاد النقدي، والذي يقدّره البنك الدولي بنحو نصف الناتج المحلي، أي ما يناهز 10 مليارات دولار.

ويعاني لبنان بفعل تَفاقُم أزماته المالية والمصرفية، تفشي ظاهرة المعاملات النقدية خارج القنوات المصرفية الخاضعة لمنظوماتِ رقابةٍ صارمة تحدّد بدقةٍ مشهودةٍ مَصادر الأموال ومقاصدها إيداعاً وصرفاً. كما تعاني سلطاته القضائية والأمنية المختصة بجوانب من مكافحة تبييض الأموال ترهلاً وتراخياً في بعض مهماتها، ربطاً بالفراغات في المؤسسات الدستورية والشلل في الإدارات العامة.

وضمن سياق الاستجابة لمعالجة الثغر، كانت هيئة التحقيق الخاصة فرضت تطبيق إجراءات العناية الواجبة المعزَّزة على العمليات وعلى كل من العملاء وأصحاب الحق الإقتصادي المصنّفين بدرجة مَخاطر عالية، وأيضاً على الأشخاص المعرضين سياسياً (PEPs) وفق تعريف مجموعة العمل المالي وعلى أفراد عائلاتهم والأشخاص المرتبطين بعلاقة وثيقة بهم، على أن يتم تحديدهم، سواء كانوا عملاء أو أصحاب حق اقتصادي، وفق نظام إدارة المَخاطر. تشمل الإجراءات المعزَّزة الاستحصالَ على موافقة الإدارة العليا على التعامل، أو استمرار التعامل، كما القيام بالمتابعة المستمرة المعزّزة لعلاقة العمل وتحديد مصدر الثروة.

كذلك، أوجبت إبلاغ الهيئة فوراً عند وجود تأكيدات أو شكوك، بناء على أسباب معقولة أو موضوعية، بأن العملية أو محاولة إجرائها تتعلق بتبييض أموال أو جرائم أصلية مرتبطة بها أو تمويل إرهاب أو أعمال إرهابية أو منظمات إرهابية، وذلك بغض النظر عن مبلغ العملية. وفي حال توافر شكّ بتبييض أموال أو تمويل إرهاب والإعتقاد لأسباب منطقية بأن تنفيذ إجراءات العناية الواجبة المطلوبة سينبّه العميل، يُسمح حينها لعدم مواصلة هذه الإجراءات على أن يتم اعلام الهيئة فوراً.

المصدر: الراي

كلمات دلالية: الأموال وتمویل الإرهاب مجموعة العمل المالی

إقرأ أيضاً:

5 أولويات ترسم مساراً طموحاً ورؤية لمجموعة «منافاتف»

اجتمعت قيادة مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب «منافاتف»، في العاصمة الأردنية عمّان، لتفعيل الخطط الاستراتيجية للمجموعة.
ترأس الاجتماع سامية أبوشريف، عضو اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الأردن، ونائب رئيس المجموعة حامد سيف الزعابي، الأمين العام ونائب رئيس اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة في الإمارات، وبحضور سليمان بن رشيد الجبرين، السكرتير التنفيذي للمجموعة.
وعقد الاجتماع لوضع الخطط التنفيذية لأولوياتهما الاستراتيجية المشتركة لرئاسة دولة الإمارات والأردن للمجموعة، والتي تم تحديدها واعتمادها من الاجتماع العام ال39 للمجموعة في نوفمبر 2024، بناءً على الإنجازات البارزة التي حققتها الرئاسة اليمنية لعام 2024.
وستركز محاور الأولويات المشتركة لرئاسة المجموعة الإقليمية على تعزيز فاعلية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتشمل الأولويات الخمس، تعزيز دور مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إعداد وتنفيذ الجولة الثالثة من عملية التقييم المتبادل ودعم الدول الأعضاء فيها التي توشك على الخضوع لعملية التقييم، وثانياً تعزيز نظام حوكمة المجموعة، وثالثاً الاستمرار في دعم المجموعة لتنفيذ وإنجاز خطة عمل توصيات مجموعة العمل المالي، ورابعاً تعزيز التعاون والتواصل ورفع مستوى التنسيق.
أما خامس الأولويات فهي، تعزيز الجهود المبذولة لتطبيق المعايير الدولية من خلال تحديد وفهم مخاطر واتجاهات وأساليب غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح. وستتولى سامية أبوشريف، منصب رئيس مجموعة العمل المالي للمنطقة لعام 2025، فيما سيشغل حامد سيف الزعابي، منصب نائب الرئيس في الوقت ذاته، قبل أن يتولى رئاسة المجموعة في 2026.
وأكدت سامية أبوشريف، أن الأولويات المشتركة لرئاسة «منافاتف» ترسم مساراً طموحاً لتعزيز التوجه الاستراتيجي ورؤية المجموعة وأولوياتها القادمة، والذي من شأنه الإسهام في تحقيق رؤية البلدين على مدى رئاستيهما لعامي 2025 و2026 بشكل فاعل ومثمر.
وقال حامد الزعابي، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد تطوراً ملحوظاً في تعزيز قدراتها لمكافحة الجرائم المالية، مؤكداً عزمهم على تعزيز المبادرات الرائدة في هذا المجال.
وأعرب سليمان بن رشيد الجبرين، عن أهمية المبادرة المشتركة بين الرئاسة الحالية للمجموعة ممثلة في المملكة الأردنية الهاشمية. (وام)

مقالات مشابهة

  • تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.. الوزير الأوّل يترأس إجتماعا للحكومة
  • هيئة الرقابة الإدارية تأمر بحبس مدير مكتب استرداد الأموال بتهم فساد
  • بعد قرار لبنان بترحيله.. ما هي التهم التي يواجهها عبد الرحمن يوسف القرضاوي؟
  • 5 أولويات ترسم مساراً طموحاً ورؤية لمجموعة «منافاتف»
  • تفاصيل التحقيق مع 3 متهمين بالاتجار فى العملة خارج نطاق السوق المصرفية
  • تجاوزوا في حق المواطنين.. التحقيق مع ضابطين وفردي أمن بالقاهرة
  • الإمارات والأردن تقودان جهود "منافاتف" لتعزيز مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
  • مجلس الوزراء ينعقد عصرا وكلمة لرئيس الحكومة في المتحف..هوكشتاين: ميقاتي أظهر قيادة عظيمة
  • غسل 150 مليون جنيه.. التحقيق مع صاحب شركة بتهمة الاتجار في المخدرات
  • عند الإصابة أو العجز.. هذه التزامات صاحب العمل تجاه الموظف بالإمارات