في فرنسا، أزمة السكن تتفاقم على نحو غير مسبوق
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
اتخذت أزمة السكن في فرنسا أبعادا غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة. ومع تأثر ما يقرب من 15 مليون شخص في عام 2023، تثير هذه الأزمة مخاوف متزايدة بشأن عواقبها الاجتماعية والمجتمعية.
وفي تقريرها الجديد بعنوان "السكن: عدم المساواة على جميع المستويات"، الذي صدر مؤخرا، تحذر المنظمة الدولية للتنمية (أوكسفام فرنسا) من عواقب هذه الأزمة في البلاد، والتي غالبا ما تجمع بين عدة مخاطر (ظروف سكن غير ملائمة، أمراض، عدم الاستقرار، اكتظاظ، تأخر النمو التعليمي، وما إلى ذلك)، والعقبات التي تواجهها الفئات الأكثر هشاشة في الحصول على السكن اللائق بأسعار معقولة.
هكذا، تنتقد المنظمة غير الحكومية "أمو لة" السكن في البلاد (وهي العملية التي تصبح من خلالها الأصول العقارية أو غيرها من السلع أدوات مالية قابلة للتداول في الأسواق)، وفك ارتباط السلطات العامة بهذه القضايا.
وأشار تقرير المنظمة، المتخصصة في مكافحة عدم المساواة والفقر، إلى أن "الملاحظة الأولى لهذه الدراسة هي فك الارتباط التدريجي للسلطات العامة خلال العقود الأخيرة بقضية السكن وآثاره الضارة على عدم المساواة في الحصول على السكن".
وسجل المصدر أن "الدعم المالي للدولة، الذي كان قبل ذلك م ركزا شكل كبير على البناء، أصبح اليوم أكثر تركيزا على دعم الفئات الأكثر هشاشة من خلال المساعدة في الحصول على السكن. وهي المساعدات التي تم تخفيضها خلال السنوات الأخيرة"، مضيفا أن "سياسة السكن أضحت بالتالي أكثر توجها نحو الولوج إلى الملكية".
وأكدت المنظمة أن الولوج إلى السكن أصبح "أمرا صعب المنال"، خاصة بالنسبة للطبقات الأكثر هشاشة وحتى بشكل متزايد بالنسبة للطبقات الوسطى، بسبب غياب مرفق عام فعال للإسكان، يكون قوي بما يكفي لدعم هؤلاء الفئات.
ووفقا لـ (أوكسفام فرنسا)، فإن فك الارتباط هذا فتح الطريق أمام القطاع الخاص والمستثمرين الماليين، مما أدى إلى أمولة السكن المدعوم، مبرزة أن "هذه العملية حولت السكن إلى منتج مالي يسبب اختلالات كبيرة بين العرض والطلب في الأسواق".
وأضافت أن هذا الأمر "تم الكشف عنه بشكل خاص في قطاع السكن المتوسط، والذي أصبح سوق استثمار خاص مربح جديد، ولكن ليس دائما للمقيمين"، مشيرة إلى أن أمولة السكن المدعوم لا تساهم في جعل السكن المتوسط في المتناول.
ويضع هذا الوضع ضغوطا إضافية على السياق الاقتصادي والاجتماعي المتوتر في البلاد، ولا سيما بسبب التضخم المستمر. وفي سوق العقارات، فإن التضخم "متفشي" لأنه خلال عشرين عاما ارتفعت أسعار العقارات أربع مرات أسرع من إجمالي دخل الأسر.
وأكدت المنظمة أن أول بند إنفاق للفرنسيين، هو السكن، الذي انتقل من حصة قدرها 9,5 في المائة من إجمالي دخل الأسرة في عام 1960 إلى 23 في المائة اليوم، أو حتى 32 في المائة بالنسبة للأسر الأكثر تواضعا، مشيرة إلى أن عدم المساواة في الحصول على السكن أصبح موجودا "على جميع المستويات".
ويرى المراقبون أن الوضع الحالي يثير سلسلة من المشاكل الاجتماعية التي من المرجح أن تتطور بسرعة إلى أزمة اجتماعية ومجتمعية، مما يعمق الفوارق الاجتماعية والاقتصادية ويحد من حركة الأفراد، إذا لم تتدخل السلطات العامة أكثر.
وفي مواجهة هذا الواقع، تضع منظمة "أوكسفام" سلسلة من التوصيات، مثل "دستورية الحق في السكن على نفس مستوى الحق في الملكية"، و"تعزيز مرفق السكن العام لتعزيز حصول الجميع على السكن بأسعار معقولة"، و"تقييد أو حتى حظر وجود جهات الأمولة في سوق السكن".
ولا تقتصر مشكلة السكن على فرنسا، لأن العديد من البلدان كانت تواجه ارتفاعا في الأسعار ونموا محدودا في الأجور لعدة سنوات.
وفي أغلب بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ارتفعت أسعار السكن في العقود الأخيرة، وكثيرا ما تجاوزت النمو في دخل الأسر.
ووفقا لمعهد الإحصاء (يوروستات)، ارتفعت أسعار المساكن في أوروبا بين عامي 2010 و2023 بنسبة 46 في المائة، والإيجارات بنسبة 21 في المائة في الاتحاد الأوروبي، مع وجود فوارق كبيرة اعتمادا على البلد.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: عدم المساواة فی المائة
إقرأ أيضاً:
المنصوري: عدد المستفيدين من برنامج الدعم المباشر للسكن إلى غاية 5 نونبر بلغ 28 ألف و458 مستفيد
أفادت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، اليوم الخميس بمجلس النواب، بأن عدد المستفيدين من برنامج الدعم المباشر للسكن بلغ إلى غاية 5 نونبر الجاري، 28 ألف و458 مستفيد، 26 في المائة منهم من المقيمين بالخارج.
وأوضحت المنصوري، خلال تقديمها للميزانية الفرعية للوزارة برسم السنة المالية 2025 أمام أعضاء لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية، أن قيمة المساكن التي تم اقتناؤها بلغت 11.4 مليار درهم، منها 2.3 مليار درهم مساهمة الدولة، أي 20 في المائة من القيمة الإجمالية للمساكن.
وأضافت الوزيرة أن عدد طلبات الدعم المقدمة إلى حدود 5 نونبر الجاري، بلغت 111 ألف و 745 طلبا، 89 في المائة منها مؤهل للدعم، مشيرة الى أن نسبة الطلبات المقدمة من قبل النساء بلغت 41 في المائة، فيما بلغت نسبة الشباب حوالي 37 في المائة (أقل من 35 سنة)، أما الطلبات المقدمة من طرف مغاربة مقيمين بالخارج فبلغت نسبتها 22 في المائة.
وبخصوص برنامج عمل قطاع إعداد التراب الوطني لسنة 2025، قالت المسؤولة الحكومية إنه سيتم العمل على “إتمام عملية المصادقة على توجهات السياسة العامة لإعداد التراب الوطني، وملاءمة مخرجات توجهات السياسة العامة لإعداد التراب الوطني على الصعيد الجهوي مع المخططات الجهوية، فضلا عن ملاءمة مشروع القانون المرتبط به.
وأوضحت أن المغرب يتوفر على شبكة حضرية مهمة تتكون من 365 مدينة ومركز حضري تلعب أدوارا مختلفة وتساهم في خلق الثروة، مشيرة إلى أن نسبة التمدن ستصل إلى 65 في المائة في أفق 2025.
وأبرزت أن “الاستراتيجية الوطنية للمدن الوسيطة” كتجربة رائدة على الصعيد الدولي تروم تحديد الاختيارات الاستراتيجية لجعل المدن الوسيطة آلية للتنمية الاقتصادية الجهوية، وتعزيز دور المدن الوسيط، إلى جانب إرساء نظام حكماتي من أجل مواكبة وتأطير نمو المدن الوسيطة، منوهة إلى أنه تمت بلورة مؤشر متعدد الأبعاد للمدن الوسيطة مكنت من تحديد 71 مدينة وسيطة.
وبخصوص تعميم وتسريع التغطية بوثائق التعمير، قالت الوزيرة “إن طموحنا هو بلوغ 93 في المائة من التغطية في أفق 2025، إذ أن 89.2 من الجماعات تغطيها على الأقل وثيقة واحدة للتعمير، أي ما يعادل 1341 جماعة من أصل 1503”.
وفيما يخص دعم تنمية المجال القروي، أفادت السيدة المنصوري، بأنه سيتم خلال سنة 2025 إعداد الشطر الثاني من المراكز القروية الصاعدة، عبر إضافة 12 مركزا قرويا صاعدا جديدا بما في ذلك إعداد وتحيين مخططات العمل وتحديد تركيبتها المالية والتقنية قبل المصادقة عليها في إطار مقاربة تشاركية، لافتة إلى دور البرنامج الوطني لتنمية المراكز الصاعدة والذي مكن من تحديد 542 مركزا قرويا صاعدا.
ولدى تقديمها لحصيلة معالجة السكن غير اللائق، ذكرت السيدة المنصوري أنه تم تحسين الظروف المعيشية لـ7685 أسرة منذ يناير إلى متم شتنبر من سنة 2024، إلى جانب مواصلة الأشغال المبرمجة في إطار المشاريع التي توجد قيد الإنجاز، والتي تهم تحسين وضعية أزيد من 69 ألف أسرة معنية.
وسجلت الوزيرة أن الوتيرة السنوية لتحسين ظروف السكن انتقلت من 6200 أسرة خلال الفترة الممتدة ما بين 2018 و2021، إلى 16 ألف و300 أسرة خلال الولاية الحكومية الحالية، وذلك بزيادة نسبتها 163 في المائة.