بدء عمل المسار العربي الجديد للشحن بين الأردن ومصر الأسبوع الحالي
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
أعلن الأردن، اليوم الأحد، عن الاتفاق مع مصر على مسار شحن جديد عبر موانئه والموانئ المصرية المطلة على البحر الأبيض المتوسط في ظل أزمة الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وقالت وزيرة النقل الأردنية وسام التهتموني خلال لقاء مع صناعيين مصدرين إلى أسواق أمريكية وأوروبية في غرفة صناعة الأردن اليوم إن الأردن ومصر اتفقا على مسار شحن بامتيازات وتسهيلات جاذبة، وأنهينا العمل على التشريعات المتعلقة به.
مثقفون وشعراء يبايعون «مشعل الخير»: سُموّكَ «النوخذة»... ونحن البحرية 20 ديسمبر 2023 عبدالعزيز البابطين... رجل الثقافة والسلام 16 ديسمبر 2023
وتابعت التهتموني أن العمل على المسار الأردني المصري كان قبل الأزمة الحالية في البحر الأحمر أي منذ قرابة سنتين بهدف وجود بديل للشحن من وإلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، مشيرة إلى أن الوزارة تعي تماما مخاطر استمرار تعطل مضيق باب المندب على الاقتصادي الأردني، حيث إن 65 في المئة من الواردات الأردنية تمر عبر هذا المضيق.
وأضافت الوزيرة الأردنية أن تغيير المسارات سيزيد المسافات وسيرفع كلف الشحن والتأمين، مبينة أن الحكومة تسعى دائما إلى إيجاد الحلول بالتعاون مع القطاع الخاص بهدف استمرارية سلاسل التوريد.
ويمتد المسار الجديد بين الموانئ الأردنية والموانئ المصرية المطلة على البحر المتوسط، ويشمل (العقبة - ميناء نويبع - الموانئ المصرية المطلة على البحر الأبيض المتوسط وهي الإسكندرية وبورسعيد ودمياط) لخدمة متطلبات النقل البري والبحري، وفق المدير العام لشركة الجسر العربي للملاحة عدنان العبادلة.
وقال العبادلة في تصريح نقلته قناة ((المملكة)) الإخبارية إن شركة الجسر العربي سارعت إلى إكمال كافة المتطلبات الدولية والفنية اللازمة لتشغيل الخط البديل بين الموانئ الأردنية والمصرية المطلة على الأبيض المتوسط من خلال إنشاء مسار بحري جديد لخدمة متطلبات النقل البري والبحري في ظل أزمة الملاحة العالمية في البحر الأحمر وباب المندب.
وتابع أن العمل في المسار العربي الجديد للشحن بين الأردن ومصر سيبدأ خلال الأسبوع الحالي كخط بديل بعد إعلان عدد من شركات الشحن الكبرى إيقاف أعمالها في البحر الأحمر وباب المندب.
وأضاف أنه جرى اختيار طريق المسار من حيث الطرق الأكثر أمانا وأقل مسافة، حيث يمتد على مساحة 839 عقدة بحرية، متوقعا أن يشهد المسار إقبالا على استخدامه من دول الخليج.
وأشار إلى أن الخط العربي سيزيد من التنافسية الأردنية في مجال الشحن، مبينا أن المرحلة الثانية ستشهد الربط مع ميناء العريش وتخصيص مسار للشحنات العربية.
ولفت العبادلة إلى أن هناك مزايا إضافية للأردن مثل خصم 20% من رسوم الموانئ المصرية.
ومضى قائلا إن إجراءات الجانب المصري تشمل أيضا إعفاء الحاويات العابرة من ميناء نويبع إلى موانئ الإسكندرية وبورسعيد ودمياط من التسجيل على المنظومة الإلكترونية وتخفيض الرسوم والأجور في ميناء نويبع بنسبة 50% وإصدار فاتورة موحدة لخدمات هذ الخط، إضافة إلى تخفيض رسوم العبور من 500 دولار إلى 100 دولار.
وأكد العبادلة أن زمن الشحن لنقل الحاويات من المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن إلى الولايات المتحدة الأميركية (ترانزيت) عن طريق الموانئ المصرية سيكون من 18 إلى 20 يوما فقط وبأقل الكلف وأعلى نسبة أمان.
المصدر: الراي
كلمات دلالية: الموانئ المصریة فی البحر الأحمر الأبیض المتوسط
إقرأ أيضاً:
خلية الإخوان الأردنية رسالة للعواصم العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لم يتردد الرئيس عبدالفتاح السيسي في الإتصال تليفونيًا بالملك عبدالله عاهل الأردن ليعبر له عن تضامن مصر مع الأردن في مواجهة الإرهاب، جاء ذلك بعد أن أعلنت الأردن عن ضبط خلية إخوانية تستعد بالسلاح، والغريب في أمر هذه الخلية هو أنها تأتي في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتشابك فيه الخيوط، تعود جماعة الإخوان المسلمين لتكشف عن وجهها الحقيقي، وجه لا يعرف للوطن حرمة ولا للاستقرار قدسية، وهذه المرة، جاء العبث من بوابة الأردن، حيث أعلنت السلطات الأمنية عن إحباط مخطط خطير تمثّل في ضبط خلية إخوانية كانت تعمل على تصنيع أسلحة وصواريخ محلية داخل الأراضي الأردنية، في محاولة مريبة لخلق بؤرة توتر جديدة في المنطقة.
ليست هذه المرة الأولى التي يتورط فيها الإخوان بمخططات تهدد كيان الدولة الوطنية، لكنّها تأتي في سياق إقليمي ملتهب، وبعد شهور من الخراب الذي خلفته حماقات جناحهم العسكري في غزة – حماس – التي ساهمت في تدمير القطاع وجرّته إلى حرب شعواء تحت وهم "المقاومة"، بينما لا تدفع الثمن إلا الشعوب.
هنا نطرح سؤالًا مهمًا، وهو هل فقد الإخوان صوابهم تمامًا، أم أنهم باتوا شركاء علنيين في مشاريع الفوضى والتخريب؟ أهي مصادفة أن تنكشف خلية تصنيع الأسلحة في الأردن، بينما يتحدث إعلامهم عن "تحرير الأوطان"؟ أم أن الهدف الحقيقي هو ضرب استقرار الدول من الداخل، تحت عباءة مهترئة من الشعارات الدينية؟.
جماعة الإخوان لم تؤمن يومًا بفكرة الدولة الوطنية، بل اعتبرت الأرض مجرد محطة على طريق "الخلافة"، والوطن مجرّد وسيلة لخدمة مشروعها الأيديولوجي، هذا الفكر هو ما دفعهم إلى تبرير العنف وشرعنته، كما يظهر في أدبياتهم، كقول حسن البنا: "لا يصلح الناس إلا الحديد والنار"، وكما تجلى في تحريض سيد قطب على الخروج على الحاكم، معتبرًا المجتمع الجاهلي ميدانًا للجهاد.
ما حدث في غزة خير دليل على هذا الانحراف، فقد تحولت المقاومة إلى سلطة ديكتاتورية، تُضيق على أهلها، وتحتكر السلاح، وتدفع بالأبرياء إلى الموت، بينما قياداتها تنعم في أماكن آمنة.. أما في الأردن، فالمخطط الذي تم ضبطه ليس مجرد حادث أمني، بل جرس إنذار لكل الدول التي ظنت أن الإخوان قد تخلوا عن منهج العنف، أو أدركوا خطورة ما زرعوه من خراب في الإقليم.
لقد بات واضحًا أن جماعة الإخوان لا تتعلم من دروس التاريخ، ولا تكترث للدماء التي تسيل، ما دامت تخدم مشروعها المغلق. ولذلك، لا بد من مواجهة هذا الفكر بأدوات واضحة وشاملة، تبدأ أولًا بتجريم كل أشكال التمويل والتحريض، وتفعيل القوانين التي تجرم تشكيل التنظيمات المسلحة، ولو تحت شعارات دينية، كما يجب أن تتسع المواجهة لتشمل الساحة الفكرية، من خلال تفكيك خطاب الجماعة، وكشف تناقضاته، ومواجهة دعوات العنف بالنقاش العلمي والديني الرصين، الذي يضع الوطن فوق كل اعتبار.
وبعيدًا عن الحادثة الأخيرة، فإن تعاظم تدخل الإخوان في الأردن لا يخفى على أحد، فمنذ عقود وهم يحاولون التغلغل في مفاصل الدولة، مستخدمين أدوات النقابات، والتعليم، والعمل الخيري، وحتى العمل السياسي، كحصان طروادة لمشروعهم، تحالفات مشبوهة وتمويلات من الخارج، وخطابات مزدوجة بين "الانتماء للوطن" في العلن، و"نصرة الأمة" في السر، حتى بات الأردن ميدانًا لمعارك إخوانية لا تراعي مصلحة الشعب ولا سيادة الدولة.
وكان أخطر ما روجوا له في الأردن – كما في غيره – هو فكرة أن الدولة القُطرية كيان مؤقت لا قيمة له، وأن الولاء يجب أن يكون فقط "للأمة الإسلامية" أو "الخلافة". وقد قال حسن البنا بصراحة: "فكرة الوطنية القُطرية من دعاوى الجاهلية، ومصلحة الأمة في أن تزول هذه الحواجز المصطنعة بين أجزاء الدولة الإسلامية الواحدة" وهي العبارة التي تفسر لماذا تحوّلت كل أرض دخلها الإخوان إلى ساحة صراع وخراب.
نموذج حماس في غزة صارخ في فضحه لحقيقة هذا الفكر، فمنذ أن استولت على القطاع بقوة السلاح عام 2007، غرقت غزة في ظلامٍ سياسي واقتصادي واجتماعي، الحريات مُصادرة، المعارضون في السجون، ومئات الملايين من المساعدات تُديرها الحركة كدولة موازية لا تخضع لرقابة أو محاسبة، تحت شعار "المقاومة"، أنشأت حماس منظومة اقتصادية موازية، تحتكر فيها التجارة، وتمرر عبر أنفاقها ما لا تراه الدولة مناسبًا، والنتيجة خرابٌ فوق خراب، وآلاف القتلى، بينما قادة الحركة يتنقلون بين العواصم الفاخرة.
وفي مصر، حين وصل الإخوان للحكم، لم تكن خطتهم إنقاذ الدولة، بل إعادة تشكيلها على مقاس مشروعهم، ففتحوا السجون، وعينوا أعضاء الجماعة في المناصب الحساسة، وتحدث بعض قادتهم صراحة عن "الحرس الثوري المصري"، واستقبلوا وفودًا من حماس في قصر الاتحادية وكأنهم أصحاب الدار. وحين خرج الشعب ضدهم، كانت رسالة الإخوان واضحة: إما نحن أو الفوضى.
في سوريا، انخرط الإخوان في العمل المسلح وساهموا في عسكرة الثورة، بدلًا من الحفاظ على مسارها السلمي، لتتحول البلاد إلى ساحة حرب إقليمية مفتوحة.. وفي ليبيا، دعمت الجماعة ميليشيات مسلحة سعت لتقويض الحكومة الشرعية، تحت غطاء "الثوار"، ليغدو المشهد الليبي اليوم ممزقًا بين سلاح الإخوان ونفوذ الخارج.
أما في السودان، فقد تحالف الإسلاميون مع نظام البشير، وهيمنوا على مؤسسات الدولة، واستخدموا نفوذهم في قمع المعارضين وإقصاء كل من لا ينتمي لمشروعهم، وكانت النتيجة أن انفصل الجنوب، وتفككت الدولة، وتراجع الاقتصاد، وعادت البلاد إلى المربع الأول من الحرب والفوضى.
كل ذلك كان يُسوّق بخطابٍ واحدٍ متكرر "نحن لا نعترف بحدود سايكس بيكو، ولا نعترف إلا بالأمة الإسلامية الواحدة"، وهذا ما صرح به يوسف القرضاوي أكثر من مرة، وكرره كثيرون من قادة الجماعة في مناسبات متعددة، مؤكدين أن "الانتماء للأمة أهم من الانتماء للوطن"، و"راية الخلافة أولى من راية القطرية"، وهي مقولات تُظهر بوضوح استهانتهم بفكرة الدولة الحديثة، وتحللهم من أي التزام وطني.
إن ما جرى في الأردن ليس مجرد خلية إرهابية، بل تجسيدٌ جديد لجنون جماعة لا تعرف إلا طريقًا واحدًا: الخراب. ولذلك، فإن حسم المعركة ضد الإخوان لا يكون فقط بإحباط المؤامرات، بل باجتثاث الفكر الذي ينتجها، وسحب الشرعية الأخلاقية عن كل من يبرر العنف تحت لافتة "الدين".
المطلوب اليوم هو تحصين الدولة الوطنية، تشريعيًا وفكريًا وإعلاميًا. تحصين يعيد الاعتبار لفكرة الوطن، ويفرض على الجميع قاعدة واضحة: الأرض ليست ملعبًا لأوهامكم، والسيادة ليست ورقة تفاوض. فإما أن نكون حراسًا على أبواب الوطن، أو نتركه فريسة لعقيدة لا تؤمن بحدود، ولا تعرف للسلام معنى.