جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-19@17:52:15 GMT

"حارس الرخاء" في البحر الأحمر!

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

'حارس الرخاء' في البحر الأحمر!

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

التحالف البحري في البحر الأحمر، أو ما أُطلق عليه عملية "حارس الرخاء"، بقصد حماية الملاحة والسفن العابرة في البحر الأحمر، وكما أشاعت أمريكا، هو تحالف وُلِدَ ميتًا بحق، فقد تعثّر في عضويته، وتلكأ وتردد من انضم له في ذكر اسمه وإعلانه؛ الأمر الذي دفع بوزير الدفاع الأمريكي إلى التصريح بأن لكل دولة مشاركة بالحلف الحق في الإعلان عن مشاركتها أو إخفاء ذلك.

هذه الرتوش والجزئيات لا تعني شيئًا مُقابل امتناع دول فاعلة في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من المشاركة فيه، ثم إعلان بعضها الانسحاب منه قبل انطلاق عملياته مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا! وتلى ذلك تسريبات صحفية أمريكية مفادها أن أمريكا لا تملك القوة الكافية لتنفيذ المهمة ومواجهة المخاطر المرتقبة!!

الواقع يقول إن تحركات صنعاء واضحة ومُحددة ومحصورة في استهداف السفن المملوكة للكيان الصهيوني، بشكل كُلي أو جزئي، والسفن التي تحمل بضائع من وإلى الكيان، وما عدا ذلك فالملاحة والعبور في البحر الأحمر طبيعية وعادية جدًا.

لهذا ظهر عوار التحالف المذكور ووضحت نواياه بأنه تحالف لحماية السفن الصهيونية فقط لا غير، وظهر دور أعضاء التحالف أنهم شركاء للكيان الصهيوني في الدم العربي الفلسطيني بغزة.

بكل تأكيد موقف اليمن من الحرب على غزة هو موقف فطري قبل أن يكون موقفًا سياسيًا. فمن الطبيعي، وكما فزع الغرب للكيان وغيره من أبناء جلدته وثقافته تاريخيًا، أن يفزع اليمن لأبناء فلسطين؛ كواجب شرعي وأخلاقي، كعرب ومسلمين وأشقاء الدم والتراب والتاريخ والمصير.

دعم ومباركة الغرب للصهاينة في تدميرهم وقتلهم المُمنهج لغزة وأهلها، لم يُعرِّيهم أمام حلفائهم العرب فحسب؛ بل عرَّاهم أمام شعوبهم أكثر، وبيَّن زيف ما يتشدقون به من حريات وديمقراطية وحقوق إنسان لعقود خلت. وهذا الانكشاف الغربي بدأ مع الأزمة الأوكرانية، وتُوِّجت فصوله ومفرداته وتجلياته في غزة.

أمريكا، ليس مشهود لها بالبراعة في إنتاج الفشل وتجربة المُجرب حتى تفشل؛ بل مشهود لها بفن صناعة الأعداء الحقيقيين لها، ومنحهم كل المبررات والأسباب والدوافع للقوة ومواجهتها بها لاحقًا.

إيران الحليف المثالي السابق لأمريكا- كمثال- لم تستوعب أمريكا التحولات الجذرية الكُبرى التي أحدثتها الثورة عام 1979 داخليًا وإقليميًا ودوليًا، فتعاملت معها كـ"انقلاب عسكري" أو حراك سياسي محدود الأهداف والأثر؛ الأمر الذي جعل من إيران الثورة- وكردة فعل طبيعية- عدوًا كاملًا لأمريكا، وتتلمس لنفسها كل أسباب القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية لمواجهة المخطط الأمريكي الشامل لزوال الثورة والإجهاز عليها؛ فأصبحت إيران اليوم قوة عسكرية وسياسية واقتصادية هائلة ومُهابة في المنطقة والعالم.

كان يمكن لأمريكا احترام إرادة الشعب الايراني في اختيار من يحكمه وكيف يحكمه، واعتبار ما حدث شأنًا داخليًا، وبهذا تحتفظ أمريكا لنفسها بما يشفع لها لرسم علاقات جديدة مع إيران الثورة، بالرهان على عنصري الزمن والمتغيرات، ولكن أمريكا كقوة بلا عقل، وكما عُرف عنها، توظِّف القوة بلا عقل وبلا رُشد فتفقد الاثنين معًا.

تُكرر أمريكا ذات النهج والسياسات مع اليمن اليوم؛ حيث أهدت جماعة أنصار الله نصرًا كبيرًا وبلا حرب، حين أشهرت هذا التحالف، والذي فهمه القاصي والداني منذ لحظة ولادته، وبالنتيجة، أن الانصار كسبوا تعاطف وتأييد شرائح واسعة من الشعب اليمني؛ حيث أصبح الخيار عقاب اليمن على نُصرة غزة وأهلها.

قبل اللقاء.. تبقى خطيئة أمريكا الكبرى في اليمن، هي مماطلتها في مراحل الهدنة؛ الأمر الذي كلّفها اليوم أثمانًا باهظة جدًا للعودة إلى المربع الأول للهدنة والسيطرة على شيء في اليمن.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف أعاد اليمن تشكيل معادلات البحر الأحمر وأربك إسرائيل وحلفاءها دعماً لغزة؟

يمانيون/ كتابات/ ماجد حميد الكحلاني

في ظل تحولات إقليمية ودولية عميقة، فرض اليمن حضوره كقوة مؤثرة في البحر الأحمر، ليفاجئ العالم بقدرته على تغيير قواعد الأشتباك والمعركة.

مع انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، بدأ اليمن بتنفيذ عمليات عسكرية نوعية أربكت الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه وأثّرت بشكل مباشر على الملاحة البحرية في المنطقة.

هذه العمليات لم تكن مجرد ردود أفعال عشوائية، بل كانت استراتيجيات مدروسة أظهرت أن اليمن، رغم العدوان والحصار، قادر على إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، داعماً غزة ومحور المقاومة، وموجهاً رسائل قوية للخصوم.

حين أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير مهدي المشاط، أن اليمن نجح في فرض حظر كامل على السفن المرتبطة بالكيان الإسرائيلي، لم يكن ذلك مجرد خطاب بروتوكولي. فالشركات العالمية، مثل “ميرسك” و”هاباج لويد”، سارعت إلى تصديق هذا الإعلان بعد أن أصبحت الملاحة في البحر الأحمر خطراً كبيراً.

وأكدت التحذيرات الأمنية والتقارير الدولية أن السفن تواجه تهديدات حقيقية في هذا الممر الحيوي. وقال متحدث باسم “ميرسك”: “الوضع في البحر الأحمر لم يعد آمناً. اضطررنا إلى تحويل مساراتنا إلى طرق أطول وأكثر تكلفة”.

تأثير هذه العمليات تجاوز حدود البحر الأحمر، حيث عانت إسرائيل من عزلة اقتصادية غير مسبوقة. صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية وصفت الوضع بقولها: “ميناء أم الرشراش (إيلات) أصبح شبه معزول، والسياحة تراجعت بشكل كبير، فيما يخيم القلق والخوف على المدينة”.. فيما أكد البنك المركزي المصري انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 61.2% بين يوليو وسبتمبر 2024، بسبب توقف السفن الإسرائيلية وحلفائها عن استخدام هذا الممر البحري.

ما يزيد الصورة وضوحاً هو تصريحات شركات الملاحة العالمية، حيث أكدت “هاباج لويد” الألمانية أن المخاطر المرتبطة بالهجمات اليمنية جعلت البحر الأحمر منطقة يصعب على السفن التحرك فيها بأمان. هذه المخاوف دفعت خطوط الشحن العالمية إلى انتظار “ضوء أخضر” من اليمن لإعادة الحركة إلى طبيعتها، مما يعكس مدى التأثير المباشر للعمليات اليمنية على الاقتصاد العالمي.

المواجهة لم تقتصر على السفن التجارية فقط، بل امتدت لتشمل حاملات الطائرات الأمريكية التي طالما اعتبرت رمزاً للهيمنة العسكرية. القوات المسلحة اليمنية، وفقاً لما ذكره السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية مساء الخميس١٦ يناير ، نجحت في إخراج حاملات الطائرات الأمريكية “روزفلت” و”لينكولن” من المعادلة، بينما أصبحت “ترومان” مجرد سفينة هاربة في عرض البحر، تتجنب الاقتراب من السواحل اليمنية بأكثر من ألف كيلومتر. وأكد الحوثي أن “الأمريكيين الذين اعتادوا تهديد العالم، وجدوا أنفسهم يهربون من المواجهة، ويطوّرون تكتيكات للهروب بدلاً من الهجوم”.

حالة الخوف والارتباك لم تقتصر على الأمريكيين، بل امتدت إلى الأوروبيين. فرقاطة “هيدرا” اليونانية، التي شاركت في المهمة البحرية الأوروبية، وصفت مهمتها بأنها أشبه بـ”العودة من الجحيم”، حيث أطلق طاقمها النار على النجوم ظناً أنها طائرات مسيرة يمنية، في مشهد يعكس حالة الرعب التي أحدثتها العمليات اليمنية.

ورغم كل المحاولات الدولية لاحتواء الوضع، إلا أن الأثر السياسي للعمليات اليمنية كان واضحاً. حيث لم يقتصر دعم اليمن للقضية الفلسطينية على الشعارات لحسب، بل امتد إلى عمليات عسكرية غيّرت قواعد المواجهة.

وأوضح السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير أن “الملاحة الإسرائيلية لن تكون آمنة طالما استمر الاحتلال، وأن الشعب اليمني، رغم العدوان، لن يتخلى عن دوره في معركة الأمة”.

تداعيات هذه العمليات دفعت إسرائيل إلى الاعتراف بفشلها في حماية ممراتها البحرية. صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية قالت بوضوح: “الحوثيون هم من يقررون متى وأين تبدأ الهجمات. إسرائيل لم تعد تمتلك حرية الحركة، سواء في البحر أو الجو”.

حتى الرئيس الأمريكي المنتهيه ولايته جو بايدن، في محاولة يائسة لتهدئة الوضع، أقرّ بصعوبة حماية السفن في البحر الأحمر، قائلاً: “رغم حشدنا لأكثر من 20 دولة، إلا أننا نواجه تحدياً حقيقياً بسبب الهجمات اليمنية المستمرة”.

في نهاية المطاف، بات واضحاً أن البحر الأحمر لم يعد كما كان. اليمن، الذي اعتقد كثيرون أنه منشغل بعدوان داخلي وحصار خارجي، أثبت أنه لاعب محوري في المنطقة، قادر على إرباك أكبر القوى العالمية.

هذه العمليات حملت رسالة واضحة: لا أمان لإسرائيل في البر أو البحر، والمقاومة قادرة على قلب الموازين، مهما بلغت التحديات.

اليمن العزيز، الذي تحول إلى حجر عثرة في وجه الهيمنة الإسرائيلية والغربية، أعاد تعريف مفاهيم الصراع في البحر الأحمر. هذا البحر، الذي كان يوماً منطقة نفوذ مفتوحة للقوى الكبرى، أصبح اليوم رمزاً لصمود شعب يؤمن بعدالة قضيته. ومع استمرار العمليات، يبدو أن الهيمنة الغربية في هذا الممر الحيوي باتت على المحك، فيما يواصل اليمن كتابة فصول جديدة في معركة التحرر والنضال من أجل الأمة.

مقالات مشابهة

  • عام على حشر اليمن لأمريكا في الزاوية الحرجة
  • الحوثيون يحذرون من الهجوم على اليمن أثناء وقف إطلاق النار في غزة
  • شواهدُ هزيمة أمريكا أمام اليمن تتعاظمُ مع اقتراب وقف إطلاق النار في غزة
  • كيف أعاد اليمن تشكيل معادلات البحر الأحمر وأربك إسرائيل وحلفاءها دعماً لغزة؟
  • أمريكا تتوعد بأسوأ السيناريوهات ضد صنعاء.. تفاصيل
  • وزير الخارجية والهجرة يتلقي اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية إيران لبحث آخر التطورات بالمنطقة
  • إيران تشيد بدور مصر المحوري في اتفاق غزة
  • شاهد.. قناة غربية تصف اليمن بمفتاح النصر الأول لغزة
  • 11 عاماً مأساوية على اليمن بسبب الانقلاب «الحوثي»
  •  بعد الإعلان عن اتفاق غزة.. شركات الشحن البحري تنتظر الرد من اليمن