تشير كل الدلائل إلى أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "الصهيونية تخطط بنشاط لنكبة (فلسطينية) ثانية وحاسمة"، عبر حربها المدمرة المستمرة على قطاع غزة منذ أن شنت حركة "حماس" هجومها في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على إسرائيل.

تلك القراءة خلص إليها آفي شلايم، وهو باحث ومؤرخ يهودي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة أوكسفورد في فصل من كتاب جديد له نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) وترجم "الخليج الجديد" خلاصته.

ويشير مصطلح النكبة إلى مجازر وحشية ارتكبتها عصابات صهيونية مسلحة بحق الفلسطينيين، ما أدى إلى طرد نحو 750 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم لإقامة دولة الاحتلال في عام 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة.

شلايم قال إنه "عندما انسحبت إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 (بعد اختلاله في حرب 1967)، حوّلت القطاع الصغير إلى سجن مفتوح، فيما حوّل القصف المتواصل على غزة حاليا، عن طريق البر والبحر والجو، هذا السجن المفتوح إلى مقبرة مفتوحة وكومة من الأنقاض".

وتابع أن "المسؤولين الإسرائيلييين زعموا أنهم من خلال الانسحاب أعطوا الفلسطينيين في غزة فرصة لتحويل هذا الجيب الساحلي إلى سنغافورة الشرق الأوسط، وهذا إدعاء غير معقول على الإطلاق إذا ما قورن بالواقع المرير، ولكنه نموذجي تماما للدعاية الإسرائيلية".

و"قطاع غزة ليس متخلفا وفقيرا لأن سكانه كسالى، بل لأن النظام الاستعماري الإسرائيلي الجشع لم يمنحه فرصة للازدهار. لقد تم إحباط التقدم الاقتصادي بسبب الاستراتيجية الإسرائيلية المتعمدة المتمثلة في "تقويض التنمية"، كما أردف شلايم.

وفي كتابها بعنوان "قطاع غزة: الاقتصاد السياسي لتراجع التنمية"، قالت سارة روي، عالمة يهودية في جامعة هارفارد، إن "الديموجرافيا هي سبب فك الارتباط مع غزة، فمعدل المواليد لدى الفلسطينيين أعلى من نظيره لدى الإسرائيليين، ويُنظر إلى ذلك على أنه تهديد أو "قنبلة ديموجرافية موقوتة" كما يسميها بعض الإسرائيليين".

وأوضحت أنه "للحفاظ على الأغلبية اليهودية الضئيلة في المناطق التي تطالب بها إسرائيل، قررت حكومة الليكود (2005) الانسحاب من غزة من جانب واحد واعتقدت أنها أخرجت، بضربة واحدة، 1.4 مليون فلسطيني (عددهم حاليا 2.4 مليون فلسطيني) من المعادلة الديموجرافية الشاملة".

اقرأ أيضاً

ف. تايمز: أهالي غزة لا يريدون النزوح لمصر.. لكن الاختيار بين النكبة الثانية والموت المحتوم صعب

مدن خيام بسيناء

شلايم قال إن "تقرير مسرب من وزارة المخابرات (الإسرائيلية)، بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول (الماضي)، حدد ثلاثة بدائل "لإحداث تغيير كبير في الواقع المدني في قطاع غزة" في ضوء هجوم "حماس".

وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة.

وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1140 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وأضاف شلايم أن "البديل الذي يعتبر واضعو الوثيقة أنه يخدم الأمن الإسرائيلي على أفضل وجه هو نقل سكان غزة إلى مدن خيام في شمال سيناء (المصرية المجاورة)، ثم بناء مدن دائمة وممر إنساني.. وسيتم إنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل، على الحدود مع مصر؛ لمنع النازحين الفلسطينيين من العودة".

وأردف أنه بينما "لم يذكر التقرير ما الذي سيحدث لغزة بمجرد إخلاء سكانها، فإن التاريخ يخبرنا أنه بمجرد أن تطرد إسرائيل الفلسطينيين من منازلهم، فإنها لا تسمح لهم بالعودة. وهذا ما حدث في حربي 1948 و1967، ورغم المعارضة المصرية القوية، فإنه يمكن أن يتكرر".

اقرأ أيضاً

نكبة جديدة.. ضغط إسرائيلي أمريكي لإنشاء منطقة آمنة في غزة

أقل عدد من العرب

و"هذه ليست إجراءات معزولة، ولكنها جزء من نمط، وكلها تخدم الهدف النهائي الذي حددته الحركة الصهيونية لنفسها منذ البداية: بناء دولة يهودية على أكبر جزء ممكن من فلسطين مع أقل عدد ممكن من العرب داخل حدودها"، كما زاد شلايم.

وأضاف أن "عملية السيوف الحديدية (الاسم الإسرائيلي للحرب الراهنة) تمثل خطوة جديدة وقاسية تماما في هذا الاتجاه (التهجير). وكما لاحظت الروائية المصرية البريطانية أهداف سويف في صحيفة "ذا جارديان" يوم 3 ديسمبر (الجاري): "ما يعرفه الجنوب العالمي منذ 100 عام، تفهمه شعوب الشمال العالمي الآن: الصهاينة يريدون كل الأرض، بدون وجود فلسطيني".

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى مساء السبت 20 ألفا و424 شهيدا، و54 ألفا و36 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

ويعاني سكان غزة حتى من قبل هذه الحرب من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعة في عام 2006.

اقرأ أيضاً

شبح النكبة الثانية.. الفلسطينيون في غزة يخشون "الممر البشري" مع مصر

المصدر | آفي شلايم/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مؤرخ يهودي آفي شلايم حكومة نتنياهو نكبة غزة

إقرأ أيضاً:

بتسيلم الإسرائيلية: خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة نكبة ثانية وتطهير عرقي

أكدت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، في بيان صدر مساء امس ، أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة تمثل "دعوة للتطهير العرقي ونكبة ثانية" للفلسطينيين. 

 

وقالت المنظمة في بيانها إن إعلان ترامب يشكل "دعوة للتطهير العرقي" من خلال اقتلاع نحو مليوني فلسطيني من منازلهم في غزة ونقلهم قسراً إلى دول مجاورة، ووصفت الخطة بأنها "إعلان عن نكبة ثانية" للفلسطينيين، في إشارة إلى النكبة الأولى التي وقعت عام 1948 عند تأسيس إسرائيل وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين. 

 

وأضافت المنظمة أن هذه الخطة التي وضعها ترامب بالتعاون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشكل "خريطة الطريق التي تسعى لتنفيذ نكبة ثانية"، محذرة من أن هذه الخطوات تشكل تصعيدًا كبيرًا ضد حقوق الفلسطينيين وأمنهم واستقرارهم في وطنهم. 

 

وأكدت "بتسيلم" أن فكرة تهجير الفلسطينيين "مختلة ومستهجنة"، مشيرة إلى أن مجرد الإعلان عن هذه الخطة يمثل وصمة أخلاقية على الأطراف المشاركة فيها، بغض النظر عن مدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، واعتبرت المنظمة أن مثل هذه الخطط "تسهم في تصعيد العنف وتزيد من تعقيد الوضع السياسي" في المنطقة. 

 

في ختام بيانها، دعت منظمة "بتسيلم" المجتمع الدولي إلى الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لوقف هذه الخطة والبحث عن حلول سياسية وسلمية، منوهة بأن التهجير القسري يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وذكرت المنظمة أن تهجير الفلسطينيين بهذه الطريقة سيؤدي إلى مزيد من التوترات في المنطقة ويشكل تهديدًا لفرص السلام في المستقبل.

 

مظاهرة في برلين رفضًا لخطة ترامب بشأن غزة 

 

شهدت العاصمة الألمانية برلين، اليوم، مظاهرة حاشدة شارك فيها مئات المتظاهرين، احتجاجًا على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتوطين الفلسطينيين في دول مجاورة، ورفع المشاركون لافتات تندد بالمقترح، مطالبين المجتمع الدولي برفض أي محاولات لفرض تغييرات ديموغرافية على القطاع. 

 

وكان ترامب قد كشف عن رؤيته لمستقبل غزة، والتي تتضمن احتمال "سيطرة" الولايات المتحدة على القطاع وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وفق ما أورد موقع أكسيوس، وأثار هذا الطرح مفاجأة كبيرة حتى داخل أوساط مستشاريه، فيما لاقى ترحيبًا من قبل اليمين الإسرائيلي، لكنه أثار قلقًا واسعًا في العواصم العربية. 

 

ونقل الموقع عن مصدر مقرب من ترامب أن المقترح كان فكرة خاصة به، وعمل عليها لأكثر من شهرين، فيما أوضح مسؤول أميركي أن ترامب قدم خطته لأنه لم يجد أي أفكار جديدة بشأن غزة، مؤكدًا أن الرئيس الأميركي يرى أن "لا أحد آخر لديه رؤية واضحة لمستقبل القطاع". 

 

وتأتي خطة ترامب في وقت دقيق يتزامن مع وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، إضافة إلى تنفيذ صفقة تبادل الأسرى، ويرى محللون أن هذه التصريحات قد تدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى استئناف الحرب بدلًا من الانخراط في أي تسوية سياسية. 

 

خلال لقائه مع نتنياهو في المكتب البيضاوي، عرض ترامب رؤيته لتحويل غزة إلى وجهة سياحية عالمية، ما أثار دهشة الصحفيين ومستشاريه الذين لم يكونوا على دراية مسبقة بالمخطط. 

 

ورغم ترحيب بعض المسؤولين الإسرائيليين بالخطة ووصفها بأنها "عبقرية"، إلا أن مصر والأردن والسلطة الفلسطينية أبدوا انزعاجهم العميق، خاصة مع تصريحات ترامب المتكررة حول تهجير الفلسطينيين من القطاع. 

 

يرى مراقبون أن خطة ترامب قد تشكل عقبة أمام تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث بدأت الأطراف المعنية بتنفيذ المرحلة الأولى والتفاوض على المرحلة الثانية، كما أن هذه التصريحات قد تعزز من دعم حماس داخل القطاع، وربما تدفعها إلى تعليق تنفيذ صفقة تبادل الأسرى، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: إسرائيل لن تقبل بإدارة قطاع غزة من السلطة الفلسطينية
  • نتنياهو يعلن دعم خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة
  • بتسيلم الإسرائيلية: خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة نكبة ثانية وتطهير عرقي
  • صحيفة إسرائيلية: ممثل يهودي يشبه أفعال إسرائيل بجرائم النازية
  • كوهين: إسرائيل لن تعارض إقامة دولة فلسطينية على أرض ببلد عربي
  • الخارجية السعودية رداً على نتنياهو: لا تطبيع مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية
  • نتنياهو: ترامب يرفع الحظر عن الذخائر المحجوبة عن إسرائيل
  • ترامب في لقائه مع نتنياهو: مصر والأردن يرفضان تهجير الفلسطينيين
  • رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني: نتنياهو يريد أن يصبح ملك إسرائيل المتوج
  • لافروف: إسرائيل تخطط للبقاء في لبنان وطرد الفلسطينيين من غزة