في انتظار المواجهة الشرسة في عالم السنيما بين الذكاء الاصطناعي وإبداع المخرجين
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
لوس أنجليس "د.ب.أ": تتألق الأضواء في المكان، وتلمع سترات الرجال، وتهادت امرأة تضع قرطا تتدلى منه كاميرات صغيرة للغاية، بينما ظهر رجل مكتوب على قلنسوته عبارة "مغطى بالحب".
وسرعان ما اختلط مبعوثون من كوكبين مختلفين، عالم البرمجيات وكوكب السنيما، في قاعة دار سنيما كاري جرانت، مساء يوم خميس من بداية شهر نوفمبر الماضي، وهم ينتظرون بدء العرض، وفي الأحاديث المتبادلة بينهم، تذكر البعض حكايات من مهرجان كان السنيمائي، بينما تجادل آخرون حول مزايا منصات الذكاء الاصطناعي المختلفة، وتحدثوا عن مستقبل الأجهزة التي يحملها الأشخاص معهم، وتعمل بالذكاء الاصطناعي.
وذكرت صحيفة لوس أنجليس تايمز أن هذه المجموعة الكبيرة من الأشخاص، ومئات منهم تجمعوا في استديو تابع لشركة سوني بيكتشرز، لحضور مهرجان للفيلم يهدف إلى تسليط الضوء، على العالم الناشئ لصناعة الأفلام بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وعلى الرغم من أن المزاج العام في المكان، تختلط فيه مشاعر الحماس وحب الاستطلاع، فإنه جاء في لحظة حافلة بالتطورات، بشكل فريد للكوكبين أو بالأحرى للصناعتين المتشابكتين.
فقبل بضعة أسابيع فقط، أنهى كتاب السيناريو في هوليوود، إضرابا استمر لفترة طويلة، اعتصموا خلاله أمام مقر شركة سوني، وغيرها من الاستوديوهات الكبرى، احتجاجا –من بين أمور أخرى- على التهديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي لمصادر دخلهم.
ونجح اتحاد الكتاب في النهاية، في الحصول على عقد، يتضمن لوائح جوهرية بشأن استخدام أدوات التكنولوجيا، في كتابة السيناريو وإخراج الأفلام، غير أن زملاءهم في العمل السنيمائي، الأعضاء بنقابة الممثلين لا يزالون مضربين عن العمل، للإعراب عن قلقهم بشأن تأثير التكنولوجيا على عملهم.
غير أن المهرجان المدعوم من شركة "أدوبي" للبرمجيات، وتم فيه عرض ستة أفلام قصيرة، تم صنعها بمجموعة متنوعة من وحدات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، أدت وجهات النظر المتباينة فيه، إلى أن يكون هناك ضجيج كبير في الخلفية خلال الفاعلية.
وبدلا من ذلك كان التركيز على الأبواب، التي يمكن أن يفتحها الذكاء الاصطناعي، لمخرجي الأفلام المستقلين والهواة.
وفي كلمة تمهيدية قال مايك جيويا، وهو أحد منظمي الفعالية، والمؤسس المشارك في شركة "بيكاكسي" الناشئة لأدوات الذكاء الاصناعي، "ستسمعون الليلة الكثير عن الذكاء الاصطناعي، غير أن هذه الليلة في الحقيقة، ستتحدث أساسا عن الأشخاص، عن صناع الأفلام، وبالنسبة لأي شخص يعمل مخرجا في لوس أنجليس، فإن الواقع الذي يتعامل معه، يتمثل في أن هناك الكثير من الأطواق التي يتعين عليه القفز من خلالها، لتخرج الفكرة من رأسه إلى حيز التنفيذ على الشاشة".
وأضاف "في أفضل السيناريوهات، فإن ما يفعله الكاء الاصطناعي، هو أن يجعل الأمور أكثر بساطة".
أكد كثير من المخرجين المشاركين، على ما تعنيه تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بالنسبة للمبدعين الأصغر حجما في الإمكانات، وهم الأشخاص الذين توجد بشكل عام مشروعاتهم الفنية، التي تصنع بدافع الشغف، خارج النظام البيئي لهوليوود، وهو النظام الذي يتعرض الآن لإضرابات من جانب العاملين في نطاقه.
بينما قالت آنا آبتر المخرجة التي وضعت صورا أنتجها تطبيق للذكاء الاصطناعي، لحفلات أعياد ميلاد الأطفال في مونولوج عن الوحدة، في إطار فيلمها القصير "إيماجن" أي تخيل، "أردت في هذا الفيلم أن أصنع شيئا وأنا داخل غرفتي، دون أن اضطر إلى الانتظار أسبوعين أو ثلاثة، حتى يقول شخص ما، حسنا دعينا نفعل هذا أو ذاك".
وأضافت في كلمة مسجلة لها من باريس قبل الفعالية، التي لم تتمكن من حضورها، "أعلم أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يهدد، كل هذه الوظائف بالاختفاء، ولكني أشعر أنه يعطي الأشخاص الذين ليست لديهم ميزانيات كبيرة، الفرصة لإنتاج مشروعاتهم الفنية، وبالتالي لن يكون لديهم أية أعذار لكي يبدعوا وينتجوا، والخلاصة هي أننا نستطيع فعل أي شيء".
ومن جانبه قال كوين هاليك الذي استخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في مختلف مراحل إخراج فيلمه القصير "سيجما_001"، المستوحي من قصة واقعية لمهندس يعمل بشركة جوجل، اعتقد أن روبوت الدردشة للشركة، الذي يعمل بتطبيق الذكاء الاصطناعي ربما أصبح واعيا، إن "الفكرة برمتها هي أنه كيف نواصل العمل، بالنموذج التقليدي في الإخراج، وفي نفس الوقت لا نخشى أدوات الذكاء الاصطناعي، وأن نكتشف وسيلة استراتيجية، تجعل هذه الأدوات تساعد كل فنان مشارك".
ويتم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، التي تم عرضها في فاعلية يوم الخميس، على نطاق واسع في أغراض التأثيرات الخاصة المصاحبة للأفلام، ولكن ليس لتحل محل الممثلين باستبدالهم بشخصيات رقمية مثيلة لهم، وذكرت نشرة تم توزيعها خلال الفعالية، أن بعض صناع الأفلام يستخدمون الذكاء الاصطناعي، في أغراض كتابة أو تطوير السيناريوهات، كما عرضت بضعة أفلام وجوها أو أصواتا ولدها الذكاء الاصطناعي.
وأقر بعض حضور الفاعلية، بأنهم يشعرون بقدر من التردد، إزاء الاستعانة بالذكاء الاصطناعي.
وحذر صناع الأفلام الذين شاركوا في الأمسية، من أن هذه التقنية لا زالت مقيدة بحدود، ويقولون إنه على سبيل المثال، يكون من الصعب للغاية الحفاظ، على اتساق مظهر الشخصيات بين اللقطات، حيث أن مقلة العين للشخصيات التي يولدها الذكاء الاصطناعي تستمر في إرباك التطبيق.
وعلق بول تريللو وهو مخرج آخر قائلا، "من المستحيل في الوقت الحالي، أن يكتب الذكاء الاصطناعي قصة جيدة، وأضاف وسط تصفيق من الحضور، "أعتقد أن الأمر متروك لما يختار الناس فعله".
ومع ذلك أكد صناع الأفلام، أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تتقدم بسرعة، وتحدث العديد من الحضور عن الخطوات السريعة التي تقطعها هذه التقنية، وقال بعضهم إنهم بعد أن يقطعوا شوطا في إخراج فيلم ما، يضطرون إلى العودة وإعادة إخراج الأجزاء التي انتهوا منها، والدافع لذلك هو ظهور أداة جديدة للذكاء الاصطناعي، تكون أفضل في منتصف عملية إخراج الفيلم.
وعقب تريللو قائلا إنه في عالم صناعة الأفلام، باستخدام الذكاء الاصطناعي، تكون كلمة "مستحيل" اصطلاح مؤقت لا يلبث أن يزول.
غير أن التفاؤل ليس هو الشعار الذي يرفعه الجميع، فيما يتعلق بالمواجهة بين قطاعي التكنولوجيا والفن، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی صناع الأفلام غیر أن
إقرأ أيضاً:
تحديات تواجه اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي.. قراءة
نظمت لجنة المكتبات بالنقابة العامة للمهندسين، برئاسة الدكتور المهندس أحمد فؤاد، احتفالا بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، استضافت فيه الدكتور نسيم عبد العظيم، أستاذ اللغة والنقد بكلية الآداب جامعة المنوفية، والدكتور المهندس أشرف كحلة، أستاذ تكنولوجيا الغزل والنسيج والخطوط العربية بالجامعة الأمريكية سابقًا، والدكتور المهندس عبد العاطي موسى، ولفيف من الأدباء والشعراء المهندسين.
حضر الاحتفالية وأدارها الدكتور المهندس مجدي محمد عبد الله، مقرر لجنة المكتبات، والمهندس ناصر الجزار، عضو اللجنة ومنسق الاحتفالية، وأعضاء اللجنة، وأعضاء اللجنة الثقافية والفنية بالنقابة.
وأعرب المهندس محمود عرفات عن سعادته لوجود زخم في الحضور المتنوع بين الشباب وكبار السن من المهندسين، ما يعكس مدى اهتمامهم باللغة العربية، مؤكدًا أن المهندسين متفوقون في جميع العلوم، معقبا: "لا شك أن اللغة العربية أثَّرت فينا جميعًا".
كما أشار "عرفات" إلى التحديات التي تواجهها اللغة العربية بسبب تزايد اعتماد الأجيال الجديدة على اللغات الأجنبية في أحاديثهم اليومية، ما قد يلقي بأثر سلبي ويؤدي إلى طمس الهوية الثقافية، لا سيما أن اللغة العربية حملت بين طياتها إرثًا ثقافيًا ودينيًا وحضاريًا يُثري الإنسانية عبر العصور، داعياً لاستغلال التقنيات والتكنولوجيا الحديثة لتطويرها وتعزيز سبل تعلمها عبر تحديث المناهج وتطوير أساليب التدريس الذي يمكن أن يجعل تعلم اللغة أكثر جذبًا خصوصا أن "العربية" تعرف بجمالها البلاغي وتنوع أساليبها الأدبية.
من جانبه، قال الدكتور المهندس أحمد فؤاد، إن اللغة العربية حفظها القرآن كتراث، معبرًا عن سعادته بحضور الاحتفالية كوكبة من الشعراء والأدباء والفنانين من المهندسين، موضحًا أن اختيار يوم الثامن عشر من ديسمبر بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية، يأتي كونه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973، قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.
فيما وجه الدكتور المهندس مجدي محمد عبد الله، الشكر للمهندس محمود عرفات، لدعمه المستمر للجنة المكتبات، والذي كان له الدور الأعظم في تنظيم العديد من فعاليات وأنشطة اللجنة، خاصة في جولاتها الخارجية.
واستعرض "عبد الله"، خلال محاضرته التي حملت عنوان "آفاق اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي"، الفرص والتحديات التي تواجه اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي، مطالبًا بإطلاق مبادرات وطنية لدعم اللغة العربية رقميًّا، وإدخال مناهج الذكاء الاصطناعي في التعليم.
بدوره، أكد الدكتور المهندس أشرف كحلة، أن اللغة العربية اللغة الشاملة والجامعة، وكانت صعبة، إلا أن نزول القرآن جعلها سهلة، مشيرًا إلى أن اللغة العربية ليست 28 حرفًا فقط، بل 364، لأن القرآن جعل لكل حرف 13 حركة من فتح وضم وكسر وشد وسكون... إلخ، فكل حركة تعطي معنى مختلفًا، موضحًا أن ما ساهم في سهولة اللغة العربية بشكل أكبر التشابه في الشكل بين الحروف، مثل (ب – ت – ث) و ( ج – ح – خ).
وقال "كحلة" إن هناك بعض القضايا التي أضرت باللغة العربية، منها الاستعمار الأجنبي للدول العربية، وما خلفه من التعليم الخاطئ لنطق بعض الحروف، مثل تبديل نطق حرف (ق) إلى (ج) وحرف (ض) إلى (ظ)، مختتمًا كلمته بالتأكيد على سهولة اللغة العربية، رغم تراثها وعظمتها.
فيما أوضح الدكتور نسيم عبد العظيم، أن “اللغة العربية لغة دينية لحوالي 2 مليار نسمة، ولا يليق بنا أن نحتفل باللغة العربية يومًا واحدًا في العام، ثم نهملها باقي العام”، قائلًا: "كل أمة تعتز بلغتها وتكتب بها العلوم من هندسة وطب وفلك وغيرها إلا نحن، على الرغم من أن لغتنا كانت لغة العلم لفترة من الفترات عندما استوعبت العلوم المختلفة في عصر الترجمة في العصر العباسي، واستوعبت جميع العلوم الموجودة في الحضارات المختلفة وترجمتها ونقلتها".
وأضاف “عبد العظيم”: “إننا لا ينقصنا معاجم، لكن ينقصنا ممارسة اللغة العربية، ويتأتى ذلك من خلال حفظ القرآن الكريم”، مستنكرًا الحديث باللهجة العامية في جميع أنشطتنا، وهو ما لا يليق، فلن نبدع إلا إذا كانت لغتنا هي اللغة العربية الفصحى.
وتضمنت فعاليات الاحتفالية إقامة معرض الخط العربي لفناني النقابة تحت إشراف المهندس عبد الرحمن لاشين.
وجرى خلال الاحتفالية حوار ونقاش فكري حول سبل تعزيز المحافظة على اللغة العربية، وتبارى الحضور في إلقاء القصائد الشعرية، كانت البداية مع الدكتور المهندس عبد العاطي موسى، والذي ألقى قصيدة شعرية في حب اللغة العربية.
على هامش الاحتفال، افتتح أمين عام النقابة، معرض اللوحات الفنية والمخطوطات العربية التي تناولت عددًا من ألوان فنون الخط المختلفة.