ما دلالات إعلان وزير أردني سابق فشل المبادرة العربية للحل في سوريا؟
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
أعلن وزير الإعلام والثقافة السابق في الحكومة الأردنية، سميح المعايطة، عن فشل المبادرة العربية للحل في سوريا مرجعاً ذلك إلى "تعنت النظام السوري وعدم التزامه بشروطها".
وأضاف المعايطة في حوار لموقع "السويداء24" أن مبادرة "خطوة بخطوة" التي قادها الأردن "وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم استجابة النظام السوري لمتطلباتها وتعامله الإيجابي الشكلي معها، والآن بعد العدوان على غزة لم يعد هناك اهتمام بهذه المبادرة أو محاولة انقاذها".
وحظيت تصريحات المعايطة باهتمام واضح، خاصة أنها تأتي بعد زيادة التوترات على الحدود السورية- الأردنية، والاشتباكات غير المسبوقة التي خاضها حرس الحدود الأردني مع مجموعات تهريب المخدرات والسلاح، واتهامات أردنية "غير رسمية" للنظام السوري وإيران بابتزاز الأردن، من خلال عمليات التسلسل عبر الحدود لإغراق الأردن بالمخدرات والسلاح.
وقاد الأردن منذ العام 2021 مبادرة "خطوة بخطوة"، وهي المقاربة التي تستهدف تغييراً تدريجياً في سلوك النظام، مقابل حوافز يتم منحها للنظام السوري، ونجم عنها بعد اعتمادها عربياً، إعادة النظام السوري لجامعة الدول العربية في أيار/مايو الماضي.
ومقابل تخفيف العقوبات المفروضة على النظام، تطالب المبادرة النظام السوري بـ"المشاركة الإيجابية" بتنفيذ القرار 2254 وعمل اللجنة الدستورية السورية والإفراج عن سجناء ومعتقلين وتحديد مصير مفقودين وإجراء انتخابات "تحت إشراف الأمم المتحدة بما يؤدي إلى تشكيل الحكومة الشاملة"، وفق تسريبات إعلامية لمسودة المبادرة.
وكذلك تنص المبادرة على التعاون في مجال إعادة اللاجئين، ومعالجة كل التهديدات لأمن المنطقة التي ولدت من الأزمة السورية ومن الظروف التي أوجدتها الأزمة، في إشارة إلى المخدرات والإرهاب.
وتأتي تصريحات المعايطة عن فشل المبادرة، لتثير تساؤلات حول ما إن كانت تأتي في إطار الرسائل غير المباشرة والردود الأردنية على تصاعد عمليات تهريب المخدرات والأسلحة.
المبادرة لا زالت سارية
وتعليقاً، يقول المحلل السياسي صلاح ملكاوي المقرب من دوائر صنع القرار الأردني، إن تصريحات معالي سميح المعايطة لا تُمثل رأي الحكومة الأردنية رغم أنه يعد من المقربين من دائرة صنع القرار، وبالتالي هو يستمزج الآراء.
ويضيف لـ"عربي21"، أن حديث المعايطة لا يمكن اعتباره رسمياً، لأن معاليه يعد وزيراً سابقاً، ولو رغبت الدولة الأردنية بإعلان موقفها من المبادرة لأعلنت ذلك بشكل مباشر.
وبذلك يؤكد ملكاوي أن مبادرة "خطوة بخطوة" لا زالت سارية، ما لم تعلن الحكومة عن توقفها بشكل رسمي.
المبادرة ميتة
من جانبه، يقول الباحث في مركز "الحوار السوري" الدكتور أحمد قربي لـ"عربي21" إن كل المعطيات تؤكد فشل مبادرة "خطوة بخطوة"، لأن النظام لا يستطيع تقديم أي تنازلات في الملفات الأساسية المطلوبة منه، أي المخدرات واللاجئين.
ويرجع ذلك إلى تحول اقتصاد النظام السوري إلى اقتصاد يشبه اقتصاد "العصابات" في ظل توقف الإنتاج والتجارة، أي التهريب وتجارة البشر والمخدرات والحواجز، موضحاً أن "النظام لا يستطيع حتى لو أراد أن يتنازل عن ورقة المخدرات، أما بشأن اللاجئين فالنظام يطالب بالأموال لإعادتهم، وبالتالي المبادرة ولدت ميتة".
وعن دلالة تصريحات المعايطة، يصف قربي التصعيد الأردني ضد النظام بـ"التراكمي"، ويقول: "عوّل الأردن كثيراً على النظام، وكان الأردن حريصاً على عدم التصعيد مع النظام، في المقابل لم يقدم النظام أي تنازلات"، ويستدرك: "لكن محاولة تهريب الأسلحة الأخيرة التي تحتوي على صواريخ، هي نقطة فارقة وقد تدفع إلى تغيير الموقف الأردني من النظام السوري".
وفي السياق ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة، أنه مع تزايد وتيرة تهريب المخدرات والأسلحة من الحدود السورية باتجاه الأردن، وتراجع مستويات الاقتصاد الأردني، بات حماية الحدود الأردنية مع سوريا يشكل واحداً من الأعباء الإضافية على عمان.
وفي حديثه لـ"عربي21" يتابع بأن "المبادرة الأردنية والمصافحة بين الملك عبدالله الثاني ورئيس النظام السوري بشار الأسد في القمة العربية الأخيرة، لم تحد من استمرار تهريب المخدرات عبر الأردن ثم إلى دول الخليج، ما يعني أن حديث الوزير الأردني السابق، هو رسالة غير مباشرة إلى النظام.
ويتساءل خليفة: "هل يصمد الأردن بمفرده بمواجهة تدفق المخدرات عبر حدوده، وهو يقع ضمن مثلث ملتهب في ظل اشتعال المنطقة والحرب على غزة؟"، ويردف: "هذا يتطلب الجهد والدعم الإضافي من دول الخليج والمساعدة من القوات الأمريكية".
وحول تجاوب النظام، يقول المحلل السياسي إن "التصريحات الإعلامية لن تردع النظام و"حزب الله" اللبناني و"الحرس الثوري" الإيراني، إذا بقي الصمت قائماً من قبل الدول التي صاغت اتفاقية إعادة قوات النظام إلى الجنوب السوري المجاور للأردن".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سوريا النظام المخدرات سوريا الاردن درعا النظام المخدرات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تهریب المخدرات النظام السوری خطوة بخطوة
إقرأ أيضاً:
هل سيندفع الأردن نحو دمشق؟
هل سيندفع #الأردن نحو #دمشق؟ _ #ماهر_ابوطير
لا يريد الأردن استعداء النظام الوريث في دمشق لكنه لن يندفع نحوه بسرعة أيضا، وهو أعلن رسميا أن مصير السوريين متروك للسوريين ذاتهم، وفي الوقت ذاته هناك محددات متوقعة.
علينا أن نعود إلى وثيقة العقبة، أو بيانها حول الملف السوري، والتي توافق عليها وزراء خارجية عرب وأجانب، بشأن سورية، حيث حضر العرب وغاب السوريون ذاتهم بلا أي ممثل عن النظام الوريث، وكان التركيز على القرار 2254 الذي يقوم على إطلاق عملية سياسية، وإجراء انتخابات، إضافة إلى ما ورد في الوثيقة من مكافحة الإرهاب وتفاصيل ثانية.
ذات القرار 2254 تأسس أصلا على وجود ثنائية النظام والمعارضة، في زمن الأسد، وهذه الثنائية لم تعد قائمة، لكن بقي جوهر قرار مجلس الأمن، أي العملية السياسية، وشروطها داخل سورية حتى في ظل غياب النظام، وكأن كلفة القرار بصيغته القديمة ما تزال قائمة.
مقالات ذات صلة تأملات قرآنية 2024/12/19السبب في ذلك يرتبط حصرا، برغبة عواصم عربية وأجنبية، بعدم حدوث استفراد بالسلطة في سورية، وتحديدا لا تريد جهات عديدة في المنطقة أن تستفرد الحركات الإسلامية من درجات مختلفة بالحكم السوري، خصوصا، أن هناك فئات داخل سورية قد لا تتبنى هذا الاتجاه أيضا، والمخرج من هوية سورية المستجدة المحتملة وفقا للمخاوف الغربية تحديدا، هو في إجراء انتخابات وتقاسم السلطة عبر التمثيل من خلال المكونات السورية، ومنع بروز هوية محددة، تسيطر على كل شيء في سورية، خصوصا، مع وجود الحاضنة التركية في المنطقة.
الأردن لديه حسابات كثيرة معقدة، من بينها احتمال تمدد إسرائيل نحو الحدود الجنوبية لسورية واحتلال هذه المناطق بحيث لا تبقى لدينا حدود مباشرة مع سورية، وتتوسع حدود إسرائيل معنا، وأيضا ما يرتبط بوجود عشرات الجماعات المسلحة من اتجاهات مختلفة، بعضها ديني، والبعض الآخر قومي، وهناك جماعات على صلة بالمخدرات والسلاح، والمخاوف أيضا من حدوث مواجهات بين هذه الجماعات، خصوصا، أن بعضها متشدد جدا، وبعضها الآخر أقل تشددا، مثلما أن هناك آلاف المقاتلين الأردنيين من تنظيم النصرة سابقا، ما يزالون في سورية مع عائلاتهم، بعد منع عودتهم سابقا إلى الأردن، وما يعنيه ذلك على صعيد الحدود مع الأردن، أو إعادة تشكيل تنظيمات جديدة، إضافة الى احتمال انتعاش داعش مجددا، والتدخلات المحتملة من الإيرانيين عبر وكلاء لإفشال التغيير، وخلخلة الورثة.
العوامل السابقة، مع التقديرات الأمنية لمنسوب الاستقرار الإستراتيجي داخل سورية ترفع التوتر، وتساهم في تحديد درجة الاندفاع نحو النظام الوريث، والمؤكد هنا أن عملية الاعتراف بالنظام وشكل الحكم وأولوياته لن تكون أردنية فقط، بل ستخضع لمعادلات عربية وإقليمية ودولية، ستقرر التوافق معا الانفتاح على دمشق الجديدة، أو عزلها وتركها لتواجه مصاعب الخزينة، والوضع الاقتصادي، والوضع الأمني، والمحاسبات الداخلية، وإطفاء التوترات مع الأكراد، وغير ذلك من ملفات على ما يبدو ستتم إدارتها مع تركيا التي ستفوز اليوم بعد تبديل النظام بإعادة الإعمار وعقوده، وإدارة الموارد السورية، في حال ترك الأميركيون والإسرائيليون الفرصة لأنقرة.
استبدال الإيرانيين بالأتراك من جهة، كان صاعقة في المنطقة، لأن هناك عواصم لا تريد الإيرانيين لكنها لا تريد الأتراك أيضا، كما أن إسرائيل التي استثمرت في مشهد سقوط النظام ودمرت كل بنى الجيش السوري، عبر أكثر من 500 غارة، تريد سورية منزوعة السلاح، توطئة لمرحلة مقبلة، قد تأخذنا إلى إطلاق ثورة مضادة للثورة في سورية بسبب تردي الأوضاع والخلافات الداخلية، وقد تأخذنا إلى تكريس الانقسامات القائمة حاليا وبالذات في شرق سورية.
الخلاصة هنا تقول إن النظام الوريث أمام مهمات صعبة، ويكفي أن نراه لا يطلق رصاصة على إسرائيل التي احتلت أراضي سورية، ودمرت الجيش في تلبية منه لنصيحة إقليمية بأن لا يرد بأي شكل حتى يضمن الاعتراف الدولي ورفع العقوبات، وإعادة الإعمار، والقبول العالمي.
هذا مشهد معقد يأخذنا إلى الحقيقة المخفية بنعومة وراء كل هذه المشاهد التي نراها، فالنظام الوريث يواجه أزمات متراكمة، ولن يتم فك عقد الأزمات عن أكتاف سورية ما لم تضمن عواصم متنفذة التزام النظام الجديد بمواصفات محددة، والتكيف مع شروط المتنفذين والأقوياء والممولين.
في كل الأحوال ليس من مصلحة العرب ترك سورية وحيدة اليوم.
الغد