الاستدارة الَّتي يُبديها «شيخ الخَرَف» الأميركيُّ ليست صادقة ونابعة من أعماق قلبه، وإنَّما بدافع الواقع الَّذي فرضته المقاومة على الميدان وحالة الوعيِ الشَّعبيِّ الَّتي أخذت تتَّسع في جهات الأرض الأربع، حيث مفاعيل هذا الوعي بدأت تُمثِّل ضغطًا غير مسبوق ولَمْ يعهَدْه لا أصحاب القضيَّة ولا أرباب السِّياسة والعسكرة.


«شيخ الخَرَف» ظنَّ عِندما جاء مهرولًا من واشنطن لِيعلنَ دعمه العسكريَّ والسِّياسيَّ والدبلوماسيَّ المفتوح سيحمله هذا الموقف انطلاقًا من خلفيَّته الصهيونيَّة سريعًا إلى نصر جديد يمتطي عَبْرَه الحمار في مواجهة خصمه الفيل في جولة الانتخابات القادمة.
لقَدْ أراد (النتن ياهو وشيخ الخَرَف) الغريمان ظاهريًّا، النَّديمان باطنيًّا، الحليفان توجُّهًا وعسكرةً وعدوانًا ومخططًا، أنْ يقفزا عاليًا وأعلى من الشجرة ظنًّا مِنْهما أنَّ ما يمتلكان من إرهاب دَولة وآلة عسكريَّة جبَّارة سيُمكِّنهما من إعادة رسم خريطة الإقليم وأرض فلسطين من على جثث الأطفال والنِّساء وكبار السِّن في قِطاع غزَّة والضفَّة الغربيَّة، فإذا بطغيانهما يجعلهما يغرقان في رمال غزَّة، ومياه البحر الأحمر، ويزيدهما غرقًا مشاهد الوعيِ في كُلٍّ من شوارع واشنطن ولندن وباريس ومدريد وروما وتل أبيب، لِيصبحَ العالَم ويمسيَ على شخصيَّة نتنة وأخرى خَرِفة تقاومان الغرَق؛ الغرَق في غياهب السِّجن، والغرَق في غياهب الخسارة الانتخابيَّة المذلَّة، فيحاول كُلٌّ مِنْهما إنقاذ الآخر من الغرَق عَبْرَ سلسلة طويلة من الكذب والتدليس والتمظهر، ومخادعة المتظاهرين المعتصِمين والمناوئين لسياسة النتانة وسياسة الخرَف، تارةً بالحديث عن عزم على إعادة جميع الأسرى لدى كتائب القسَّام وسرايا القدس، وتارةً بالحديث عن هدنة «إنسانيَّة» مؤقَّتة تسمح بدخول المساعدات والإفراج عن الأسرى، وتارةً أخرى بالحديث عمَّا يُسمَّى «حلّ الدولتَيْنِ».
وعِند مقارنة الحديث مع ما يحدث على أرض الواقع من استمرار للمجازر وهدم المنازل على رؤوس الأطفال والنِّساء وكبار السِّن والتدمير المُمنهج لأحياء قِطاع غزَّة، يكتشف المتابع حجم الكذب ومدى الزَّيف لهذه السرديَّة، وأنَّها موَجَّهة للداخل الصهيونيِّ والأميركيِّ لخداع الرَّأي العامِّ، وامتصاص غضَبه لحسابات داخليَّة لِتدارُكِ حالة الاحتراق السِّياسيِّ، والهروب إلى الأمام خوفًا من النِّهاية المذلَّة.
إذًا، العالَم أمام شخصيَّتَيْنِ «نتنة وخَرِفة» تغرقان رويدًا رويدًا، تُجيدانِ الكذب، وتُوهمانِ هذا العالَم بأنَّهما لَيْستَا على وفاق ممَّا ترتكبانِ من جرائم حرب في غزَّة، وتحاول كُلُّ واحدة مِنْهما إلقاء طوق النَّجاة للأخرى. وتبقى الكلمة للميدان ورجال المقاومة، وأحرار اليمن الَّذين بقوَّة إرادتهم وإيمانهم وشجاعتهم نجحوا في تحويل بوصلة العالَم إلى غزَّة والبحر الأحمر.

خميس بن حبيب التوبي
khamisaltobi@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العال م

إقرأ أيضاً:

قسنطينة: إنقاذ امرأتين تسممتا بالغاز 

تمكنت مصالح الحماية المدنية للوحدة الرئيسية بالمقاطعة الإدارية علي منجلي سهرة اليوم من انقاذ امرأتين تبلغان من العمر 38 و 65 سنة جراء تعرضهما لتسمم بغاز أحادي حادي أكسيد الكربون المنبعث من سخان الماء داخل شقتهما المتواجدة بالوحدة الجوارية 01 في المدينة الجديدة علي منجلي.

الضحيتين كانتا تعانيان من غثيان ، حيث تم اسعافهما من طرف ذات المصالح قبل ان يتم نقلهما الى مستشفى علي منجلي عبد القادر بن شريف

مقالات مشابهة

  • الهلال يطالب بالحديث المسجل بين حكام الفيديو
  • حزب الوعي يدعو المصريين للتبرع لإعادة إعمار غزة
  • ”إماطة الأذى“.. مبادرة من الجالية المصرية لتعزيز الوعي البيئي بالشرقية
  • الكذب والتدليس الكِيزَانِي
  • قسنطينة: إنقاذ امرأتين تسممتا بالغاز 
  • «هاكاثون» يعزز الوعي المالي لطلاب المدارس
  • تبون يواصل الكذب على الجزائريين ويثير سخرية الأفارقة بإعلان إستثمار مليار دولار في أفريقيا دون أثر على أرض الواقع
  • أحوال طقس فلسطين اليوم الجمعة 14 فبراير
  • رضا عبد العال: لا يمكن الحكم على بيسيرو مبكرا مع الزمالك
  • فاطمة ناعوت: جماعة الإخوان لديها مهارة في الكذب.. وحكمهم لمصر كشف حقيقتهم