فـي تعقيد توحيد أنظمة المعارف العربية
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
من الصَّعب على المرء أن يصدقَ أو أن يهضمَ حقيقة مفادها أنَّ توحيد مناهج التربية والتعليم عَبْرَ الدول العربيَّة كان أبسط بكثير، بل وفي متناول اليد عَبْرَ بداية وأواسط القرن الماضي (العشرين) مقارنة بهذا اليوم.
وأسباب «الأبوان» بَيْنَ أنظمة المعارف العربيَّة كثيرة ومتنوِّعة، بل وفي ازدياد مُطَّرد، كما يبدو للتربويِّين العرب على أقلِّ تقدير، علمًا أنَّ التقريب بَيْنَ هذه المناهج التربويَّة، خصوصًا على المستوى الابتدائي الأوَّلي، كان دائمًا من أهمِّ ما عملت عَلَيْه وزارات المعارف والتربية والتعليم في الدوَل العربيَّة، سويَّة مع منظَّمات جامعة الدول العربيَّة المتخصِّصة.
والحقُّ، فإنَّ تباين التوجُّهات الفكريَّة والأيديولوجيَّة بَيْنَ الحكومات العربيَّة قَدْ أدَّى دَوْرًا معيقًا بقدر تعلُّق الأمْرِ بتوحيد أو تناظر المناهج التربويَّة بَيْنَ دَولة وأخرى. بل إنَّ التوجُّهات الحكوميَّة الأساس تزداد الآن تباعدًا عَبْرَ المرحلة الراهنة درجة «تيئيس» المختصين التربويِّين من مجرَّد فكرة التناظر والتوحيد الَّتي كانت في المتناول قَبل بضع عشرات من الأعوام، لبالغ الأسف.
وإذا ما أصبحت فكرة توحيد المناهج خصوصًا بالنسبة للمراحل الابتدائيَّة والمتوسطة تدقُّ نواقيس الخطر بقدر تعلُّق الأمْرِ بالتقريب، بدلًا عن التباعد، فإنَّ مجرَّد الاطِّلاع على التنافر البائن بَيْنَ بعض الحكومات العربيَّة عَبْرَ مؤتمرات القمَّة العربيَّة الأخيرة إنَّما هو خير دليل على بداية «انهيار الرؤية» الَّتي أدَّت قيادات الدوَل العربيَّة ليلة تأسيس «بيت العرب»، أي جامعة الدوَل العربيَّة، إذ بدت تلك الرؤية حقبة ذاك وهي واعدة ومتطابقة، ومشحونة بالتفاؤل، كما عَبَّرَ عن ذلك المسؤولون العرب الَّذين وضعوا إمضاءاتهم على مواثيق وتفاهمات جامعة الدوَل العربيَّة المبكرة. ولكن لبالغ الأسف لَمْ يتبقَّ من ذلك التفاؤل شيء يستحقُّ التشبُّث به الآن.
وإذا كان الأمْرُ بهذه السوداويَّة والتعقيد بقدر تعلُّق الأمْرِ بالقضايا التربويَّة المتَّفق عَلَيْها أصلًا، فما بالك فما بالك ببرامج التقريب والتوحيد السِّياسيَّة والتنمويَّة والاقتصاديَّة والتجاريَّة!
ولا بُدَّ لمؤتمرات القمَّة العربيَّة المرتقبة من دعوة خالصة ومخلصة للعودة إلى أصول فكرة جامعة الدوَل العربيَّة في جهدها المبكِّر والأوَّل للدَّمج والتقريب، مضادًّا للتفريق والتنائي الجاري الآن بَيْنَ بعض الأنظمة العربيَّة.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الدو ل العربی الأم ر
إقرأ أيضاً:
تونس.. افتتاح الملتقى الخامس لرؤساء الجامعات العربية التركية
تونس - افتتح الملتقى الخامس لرؤساء الجامعات العربية التركية، الجمعة، في تونس، بحضور 160 رئيس جامعة عربية وتركية .
وقال رئيس جامعة تونس المنار، معز الشقرة، للأناضول: "اليوم نظمنا الملتقى الخامس لرؤساء الجامعات العربية والتركية بالشراكة مع اتحاد الجامعات الأوروبية والآسيوية".
وأضاف الشقرة، وهو أيضا عضو في المكتب التنفيذي لاتحاد الجامعات العربية: "هناك 160 مشارك من رؤساء الجامعات العربية والتركية".
وأوضح الشقرة، أن "هدف الملتقى هو إبرام شراكة مستدامة بين الجامعات العربية، بما فيها 13 جامعة تونسية وتركية".
واعتبر أن الهدف الكبير في الشراكة المستدامة هو إبرام توءمة قوية بين الجامعات العربية والتركية، وكذلك بين الجامعات العربية العربية والجامعات التركية التركية".
وقال الشقرة: "في إطار الانفتاح بين الجامعات، سيكون هناك تبادل خبرات بين الطلبة والأساتذة، بالإضافة إلى برامج مشتركة".
وأضاف "أما في البحث العلمي فستكون هناك برامج مشتركة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتغيرات المناخية وهي تحديات عالمية لابد من العمل عليها مع بعض".
من جهته، قال السفير التركي لدى تونس أحمد مصباح دميرجان، للأناضول: "هذا الملتقى منصة فريدة من نوعها تجمع أكثر من 100 رئيس جامعة في تركيا والعالم العربي بهدف تعميق شراكتنا الاستراتيجية في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي".
وأضاف دميرجان، أن "عالم اليوم لم يعد عالما يمكن التقدم فيه بالسير منفلتا، بل أصبح عالما يُبنى بالتعاون والشراكة".
وتابع أن "الجامعة تشكل اليوم الأساس الأقوى لهذا التعاون"، موضحا أنها "ليست مؤسسات للإنتاج العلمي فقط، بل هي التي تعد الأجيال الشابة للقيادة والاستدامة والتحول التكنولوجي، وهي التي تبني جسورا غير مرئية بين الشعوب".
بدوره، قال البروفيسور مصطفى آيدن، رئيس جامعة إسطنبول آيدن، رئيس اتحاد الجامعات الأوروبية والآسيوية، للأناضول: "في الشرق الأوسط تعاون الجامعات مهم جدا من الناحية الاستراتيجية والسياسية والعسكرية والاقتصادية"، مشيرا إلى أن "هناك أزمات كثيرة في المنطقة".
وتابع آيدن: "الجامعات التركية والجامعات العربية عليها أن تفعل التعاون بينها".
ومن المنتظر، وفق المنظمين، أن تختتم أشغال المؤتمر، السبت، بإعلان منصة الجامعات العربية والتركية .
وكان الملتقى العربي التركي الرابع لرؤساء الجامعات العربية والتركية قد انعقد في رحاب جامعة اسطنبول أيدن التركية خلال الفترة الممتدة بين 26 و28 من فبراير/ شباط الماضي.