«المصغراتية».. أنامل تصنع الإبداع في متحف الفن الإسلامي
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
تًعد الآثار المصرية في العصر الإسلامي حقلًا ثريًا غنيًا بالتفاصيل التي تستهوي الفنانيين وتُظهر مواهبهم بدقة وتنوع الزخارف والتفصيلات، وقد جذبت آثار مصر الإسلامية انتباه الفنانة عبير سعد الدين فنانة مصغرات وديوراما، والشهيرة بلقب «المصغراتية» والتي تنتج ما يسمى بالمصغرات وهي عبارة عن تصغير للأثر بمقياس معين حتى يبدو محاكيًا للأثر الأصلي ولمكنه في متناول اليد.
والتقطت كاميرا بوابة الفجر جزء من أعمال الفنانة والذي عرضه المتحف في إطار معرض مؤقت عن الحرف التراثية على هامش احتفالية المتحف بمرور 120 عامًا على افتتاحة أمس السبت.
والتقت الفجر مع الفنانة عبير سعد الدين والتي درست الفنون وبرعت فيها، حيث قالت إنها صنعت مصغرات تمثل داخل وخارج البيوت المصرية في العصر الإسلامي والتي كانت تتميز بالمداخل المنكسرة والمشربيات، والزخارف الدقيقة والتغطيات المبتكرة سواء من الخشب أو القيشاني.
واستطاعت عبير سعد الدين أن تحاكي المشهد الحياتي لبيت من البيوت المصرية الأثرية وهو بيت السحيمى بما يتميز بدقة في الزخرفة وإتقان للمعمار وذلك بحجم صغير وهو ما يسمى بفن المصغرات، وكذلك مصغر آخر مستوحى من مشهد خارجى يحاكي شوارع القاهرة في العصر الإسلامي، مستخدمة في ذلك خامات متعددة ومنها مواد معادة التدوير لتخرج بهذا الشكل الإبداعي.
مشاهد حياتيةوعبير سعد الدين لا تصنع نسخ صغيرة، بل هي تحاكي المشهد الحياتي، بما ينقل المشاهد إلى ذلك الزمن، حيث تراعي أدق التفاصيل مثل عربة متوقفة أمام باب البيت، والأسرة والأثاث داخل الغرف وغيرها من تفصيلات تجعل المشاهد يعيش مشهدًا من مشاهد مصر في العصر الإسلامي.
أعمال سابقةوكانت سعد الدين قد شاركت في اليوم العالمي للمتاحف الذي انطلق منذ أشهر في المتحف الإسلامي أيضًا وكانت قد أنتجت مستنسخات بحجم صغير لعدد من الآثار التي تضمها قاعات عرض المتحف.
الأصل من بيت السحيمي المصغر المشهد الأصلي المصغروكان متحف الفن الإسلامي قد احتفل أمس السبت بمرور 120 عامًا على افتتاحه، حيث يُعد المتحف من أكبر متاحف العالم التي تخص حضارة واحدة، بما يضمه من آثار تصل إلى ١٠٠ ألف قطعة أثرية.
وشهد الحفل كوكبة من العاملين والمهتمين بمجالي السياحة والآثار، وعدد من الدبلوماسيين منهم سفير كازاخستان، وعدد من أساتذة الجامعات جاء في مقدمتهم الدكتور جمال عبد الرحيم أستاذ الفنون والآثار جامعة القاهرة.
وأيضًا مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف، والدكتور علي ضاحي رئيس الإدارة المركزية لشئون المتاحف، والدكتور جمال مصطفي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار لشئون الآثار الإسلامية.
كما حضر أيضًا عدد من أساتذة الآثار الإسلامية بالجامعات،وعلي رأسهم الأستاذ الدكتور محسن صالح عميد كلية الآثار جامعة القاهرة، والدكتور أسامة عبد الوارث عضو لجنة سيناريو العرض للمتاحف بوزارة السياحة والآثار، وجيهان عاطف مدير عام المتحف القبطي بالقاهرة، والدكتور ممدوح فاروق مدير عام متحف إيمحتب بسقارة، ومصطفي خالد المدير العام الأسبق للمتحف الاسلامي، وليلي فرماوي مدير عام التدريب والنشر العلمي بالمنافذ الأثرية سابقا، والدكتور حمدي عبد المنعم مدير عام الترميم السابق بالمتحف الإسلامي.
وتنوعت فقرات الحفل ما بين افتتاح عدد من المعارض المؤقتة التي تبرز جمال فنون الحضارة الإسلامية ضمنها معرضًا للفنانة الروسية ليزا يوخنيفا، وهي فنانة تقلد رسوم المستشرقين الذين سجلوا بفرشاتهم المعالم الحضارية في مصر بالعصر الإسلامي، ومعرضًا للحرف التراثية اشترك فيه عدد من الفنانيين بأعمال المصغرات والنحت والتكفيت وأشغال الخشب وغيرها من فنون.
كما تضمن الحفل فقرات لعرض المولوية وعدد من الفقرات الأخرى التي لها علاقة بالحضارة المصرية في العصر الإسلامي.
IMG_0770 IMG_0773 IMG_0774 Captureالمصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الأثار المصرية الآثار العصر الاسلامي الحرف التراثية فی العصر الإسلامی سعد الدین مدیر عام
إقرأ أيضاً:
موسم النفير.. تهامة تصنع مجد الجهاد وتعلن البراءة من الخونة والعملاء
يمانيون../
من شواطئ الحديدة، المدينة التي وقفت دوما كجدارٍ لا ينكسر، يتجدد اليوم وهج النفير، وتشتعل الروح القتالية في صدور الرجال والقبائل، كأنّ الأرض تنادي أبناءها للعودة إلى ميادين الكرامة.
تهامة، بكل ما تحمله من وفاء وصبر وتاريخ، لا تزال تثبت للعالم أن البحر لا يهدأ إذا غضب، وأن حراسه لا ينامون في زمن الاستهداف، بل إن كل محاولة عدوانية لا تُفضي إلى انكسار، بل توقظ مزيداً من الوعي الجمعي، وتعمّق شعور المسؤولية لدى الناس، حيث تتحوّل دماء الشهداء إلى مشاعل تضيء الطريق، ويصبح القصف دافعاً لتماسك الصف، وسبباً في ارتفاع منسوب الغضب الشعبي العارم.
يتصاعد الزخم الشعبي في عموم مديريات الحديدة، من السَّهل إلى الساحل، ومن قلب المدينة إلى أطرافها، ويشهد الميدان حراكا جماهيريا واسعا عبر الوقفات القبلية واللقاءات الحاشدة، التي تحوّلت إلى محطات تعبئة وتحريض ووفاء. وكل لقاء قبلي، وكل وقفة، تحمل في جوفها قسما معلنا أن “لا حياد في معركة الوعي والحرية والسيادة”.
أبناء الحديدة لا يخرجون من أجل مشهدية الحشود، بل يخرجون لأنهم يعتبرون النفير واجبا دينيا وطنياً، تفرضه المعركة الكبرى التي تخوضها الأمّة، سواء في الداخل لمواجهة العدوان وأدواته، أو في الخارج نصرة لفلسطين وغزة التي تذبح تحت سمع العالم وبصره.
قبائل تهامة عمومًا، تواصل رسم لوحة نادرة من الاصطفاف، حيث تصطف البنادق بجوار الرّايات، وتصطف الكرامة بجوار الشهادة، ويتقدَّم الشيوخ، ويليهم الشباب، ويزحف الجمع نحو الكلمة الواحدة: “جاهزون للمعركة، حاضرون للتضحية، ولن نكون في صفوف المتفرجين”.
في كل لقاء قبلي، تتكرر العبارات ذاتها الصادقة الخارجة من عمق المعاناة والصمود: “لن نترك رجال الجبهات وحدهم، ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام التصعيد الأمريكي على مياهنا وموانئنا ومناطقنا، ولا أمام المجازر اليومية بحق أهلنا في غزة”، بمواقف ميدانية بدأت تترجم على الأرض.
الحديدة، ورغم محاولات التركيع الطويلة التي تعرَّضت لها خلال سنوات العدوان، لا تزال هي حارس البحر الأحمر التي تفاجئ الأعداء بإرثها الثوري، وهي التي قلبت حسابات المعتدين أكثر من مرَّة، بدءا من معركة الساحل وحتى اليوم، ها هي تعود لتشعل نار النفير بزخم غير مسبوق.
اللقاءات الجماهيرية، التي تعمُّ المناطق التهامية، تتحوّل إلى منابر لإشعال الحماسة الوطنية والغيرة الدِّينية، حيث يتصدَّر المشايخ والوجهاء الصفوف، يتحدّثون عن مسؤولية المرحلة، ويحفزون أبناءهم وأبناء قبائلهم للالتحاق بمسارات العِزة التي لا تبقي مجالا للتخاذل أو التردد.
ليس غريبا على تهامة أن تكون في الطليعة، فهذه الأرض، التي لم يعرف رجالها المساومة، عرفت جيدا كيف تصوغ الكرامة في مواقفها، وكيف تحوّل التحدِّيات والحصار والتهميش التاريخي إلى قوة دافعة للتمرّد على الهيمنة والذل، كما حوّلت ملوحة البحر إلى عزم لا يلين.
هذا التفاعل الشعبي المهيب لم يأتِ بتوجيهات فوقية، بل هو نابع من جذوة داخلية لا تنطفئ، ويعكس وعيا جمعيا تراكميا بأن هذه المعركة معركة بقاء وكرامة، وأن البحر الأحمر الذي يريد الأعداء تحويله إلى ممر استعماري، لن يسلم لهم ما دام في تهامة قلب ينبض.
كل لقاء قبلي يعقد في تهامة اليوم هو بمثابة خندقٍ تعبوي، يتخلله التأكيد على الموقف، والاستعداد للانخراط في الجبهات، وتشكيل قوافل العطاء، في مشهد يعكس أن الحديدة لا تتحرك بردود الفعل، بل تصنع الحدث، وتمضي به نحو المدى الأبعد.
الزخم يتصاعد أيضا من أوساط الشباب والطلاب والقطاعات المدنية، التي باتت تطلب ساحات التدريب والتأهيل قبل أن يُطلب إليها، إذ يرون في الالتحاق بجبهات الشرف، فرصة للانتصار على الظلم والعدوان، وفرصة لأن يكونوا في طليعة المرحلة لا في هامشها.
المديريات، الواقعة تحت التهديد المباشر، لم تتراجع عن دورها، بل تحوّلت إلى شعلة مشتعلة، تتصدّر المواقف، وترفع صوت النفير من قلب الوجع، لتؤكد أن هذا الشعب لا يمكن ابتزازه بالجوع ولا كسره بالقصف.
الإعلام المحلي في تهامة بدأ يلعب دوره الحقيقي، لا كمجرّد ناقلٍ للأخبار، بل كمحرك للرأي العام، وناقل لتفاصيل الملحمة الشعبية، وكاشف لأكاذيب المعتدين، حيث أصبحت الصورة التهامية صورة ملهمة ومزلزلة في آنٍ معًا.
الخطاب التعبوي المنتشر اليوم في الأوساط التهامية تحوّل إلى برنامج عمل يومي، حيث تُنظَّم اللقاءات والوقفات، وتوزّع المهام، في صورة تؤكد أن مشروع النفير ليس لحظة موسمية، بل مسار مستمر حتى الانتصار.
العدو بات يدرك أن تهامة ليست خاصرة رخوة، بل درع متين، ومصدر نفير لجبهة متواصلة تقلقه، وهو ما جعله يُكثف من غاراته على بعض المديريات، في محاولة لإرباك هذا الزخم الشعبي، لكنه لا يدري أن كل غارة تنتج غضبا جديدا، وكل شهيد يشعل ألف مقاتل.
حراس البحر الأحمر اليوم لا يرتدون زيا موحّدا، ولا يقفون في ثكنات مغلقة، بل هم أبناء القرى والمزارع والأسواق، الذين يلبّون النداء تاركين كل شيء خلفهم من أجل أن يظل البحر لنا، وأن تبقى الحديدة حُرة، عربية، عصيَّة على الطامعين.
إنه موسم النّفير التهامي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقد أدرك الجميع أن الوقت ليس للانتظار، بل للانخراط الكامل في مشروع المواجهة، وهو ما يجعل من هذه الوقفات واللقاءات خنادق تمهِّد لانتصارات قادِمة، وتعيد ضبط وِجهة المعركة من جديد.
الرسائل، التي تبعثها تهامة اليوم، لا تُقرأ فقط في سياق الدّاخل، بل تُرسل إلى غزة، إلى جنين، إلى كل ساحات المقاومة، تقول فيها: “لسنا متفرِّجين، ولا هُواة بيانات، نحن شعب يتقدَّم، ويقاتل، ويصنع النَّصر مهما طال الزمن”.
في موازاة هذا النفير، يتعاظم الوعي الشعبي بضرورة البراءة الكاملة من الخونة والمرتزقة والعملاء، الذين باتت حقيقتهم مفضوحة، وانكشافهم ساطع لكل ذي بصيرة، فهم اليوم يقفون في صف العدو جهاراً نهاراً، يمهّدون له الطريق، ويبررون جرائمه، لكن الشعب الذي يعرف معنى الكرامة لا يمكن أن يغفر لفاقدي الشرف، ولا يساوم على طعنات الدّاخل، بل يلفظهم كما يُلفظ السّم، ويعزلهم من ذاكرة الأرض والتاريخ.
وفي مشهد موازٍ، تلتف القبائل والوجاهات والمكوِّنات المجتمعية حول قائد حكيم، يُمسك بدفّة المرحلة بثبات، ويقود المسار ببصيرة نافذة، حيث تترسخ الثقة الشعبية بأنه القائد الذي قرأ المشهد جيّداً، واستوعب لحظة الصراع، واستنهض الأمة من حالة الرّكود، فبات صوت الشعب ولسانه، وبوصلة الصمود في معركة المصير.
وها هو البحر الأحمر، مرّة أخرى، يشهد على أن حراسه ليسوا جنودا غربيين، بل رجال تهامة، الذين نذروا أرواحهم لتكون الأمواج سلاحا، والمرافئ خنادق، والساحل قلعة لا تسقط.
الحديدة – جميل القشم