كيف يهدد الحوثيون الروابط التجارية العالمية في البحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
تحشد الولايات المتحدة أسطولاً دولياً لردع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران من اليمن عن مهاجمة الشحن في البحر الأحمر، أحد أهم الممرات المائية في العالم للتجارة العالمية، بما في ذلك شحنات الطاقة.
وذكر تقرير لصحيفة بوليتيكو أن المخاوف تتزايد من أن الاقتصاد العالمي الأوسع قد يتعطل مع إجبار السفن التجارية على تغيير مسارها، حيث عقد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مؤتمراً عبر الفيديو مع 43 دولة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وأخبرهم أن "الهجمات قد أثرت بالفعل على الاقتصاد العالمي وهي مستمرة في تهديد الشحن التجاري إذا لم يجتمع المجتمع الدولي لمعالجة القضية بشكل جماعي".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت الولايات المتحدة عن جهد أمني دولي أطلق عليه اسم عملية حارس الرخاء الذي شمل المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا كمشاركين، إلا أن مدريد قالت إنها لن تشارك.
إليك ما تحتاج لمعرفته حول أزمة البحر الأحمر.
1. من هم الحوثيون ولماذا يهاجمون السفن؟
ألقى المراقبون الدوليون باللوم في عمليات الخطف والصواريخ وهجمات الطائرات المسيرة على المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين صعدوا من هجماتهم منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس.
وتورط الحوثيون في الحرب الأهلية المستمرة منذ فترة طويلة في اليمن وخاضوا قتالا مع قوة تدخل في البلاد بقيادة المملكة العربية السعودية.
وقد تبنى الحوثيون عدة ضربات كبيرة ضد منشآت الطاقة عالية القيمة في المملكة العربية السعودية على مدى السنوات الماضية، إلا أن العديد من المراقبين الدوليين زعموا أنها غير قابلة للتصديق، حيث رأوا الحوثيين كستار دخان للعمل الإيراني المباشر ضد عدوهم اللدود الرياض.
يستهدف المتمردون الحوثيون الآن السفن التجارية حيث شن الحوثيون حوالي 100 هجوم بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية ضد 10 سفن تجارية، حسبما ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية يوم الثلاثاء.
ونتيجة لذلك، اضطرت بعض أكبر شركات الشحن في العالم، بما في ذلك MSC الإيطالية السويسرية، والعملاق الدنماركي Maersk و CMA CGM الفرنسية، إلى تغيير مسارها لتجنب استهدافها، كما أوقفت شركة بريتيش بتروليوم الشحن عبر البحر الأحمر.
2. لماذا البحر الأحمر مهم جدا؟
ويمثل مضيق باب المندب بين جيبوتي واليمن حيث يهاجم الحوثيون السفن عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يتصل بقناة السويس وهو حلقة وصل مهمة بين أوروبا وآسيا.
وتشير التقديرات إلى أن 12 إلى 15 في المئة من التجارة العالمية تسلك هذا الطريق، وهو ما يمثل 30 في المائة من حركة الحاويات العالمية، كما يجري شحن حوالي 7 إلى 10 في المئة من نفط العالم و8 في المائة من الغاز الطبيعي المسال عبر نفس الممر المائي.
والآن بعد إغلاق المضيق، "تتطلب البدائل تكلفة إضافية، وتأخيرا إضافيا، وتعيق سلسلة التوريد المتكاملة الموجودة بالفعل"، وفقا لما قاله ماركو فورجيوني، المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية.
يزيد تحويل السفن حول إفريقيا ما يصل إلى أسبوعين من أوقات الرحلات، مما يخلق تكلفة إضافية وازدحاما في الموانئ.
3. ماذا يفعل الغرب حيال ذلك؟
خلال عطلة نهاية الأسبوع، أسقطت المدمرة الأمريكية يو إس إس كارني والمدمرة البريطانية إتش إم إس دايموند أكثر من اثنتي عشرة طائرة مسيرة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اعترضت الفرقاطة الفرنسية متعددة المهام لانغدوك ثلاث طائرات مسيرة بما في ذلك صواريخ أرض-جو من طراز أستر 15.
والآن، تسعى واشنطن إلى قيادة عملية دولية لتكثيف الجهود ضد الجماعة المدعومة من إيران، تحت مظلة القوات البحرية المشتركة وفرقة العمل 153 التابعة لها.
وقالت هيلويز فاييت، الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI): "إنها عملية إعادة تأمين للسفن التجارية"، مضيفة إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت العملية تتعلق بمرافقة السفن التجارية أو تجميع قدرات الدفاع الجوي لمحاربة الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.
4. من المشارك؟
يوم الثلاثاء، أعلنت المملكة المتحدة أنه سيتم نشر البارجة HMS Diamond كجزء من العملية التي تقودها الولايات المتحدة.
بعد اجتماع عبر الفيديو بين أوستن ووزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو، وافقت إيطاليا أيضا على الانضمام وقالت إنها ستنشر فرقاطة فيرجينيو فاسان، وهي سفينة عسكرية بطول 144 مترا مزودة بصواريخ أستر 30 و15 بعيدة المدى. وكان من المقرر أن تبدأ السفينة في القيام بدوريات في البحر الأحمر كجزء من عملية أتلانتا الأوروبية لمكافحة القرصنة بحلول فبراير، ومن المتوقع الآن أن تعبر قناة السويس في 24 ديسمبر.
ولم تذكر فرنسا صراحة ما إذا كانت باريس ستدخل أو تخرج، لكن وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان ليكورنو أخبر المشرعين يوم الثلاثاء أن المبادرة الأمريكية "مثيرة للاهتمام" لأنها تسمح بتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وأضاف إن "فرنسا لديها بالفعل وجود قوي في المنطقة"، في إشارة إلى عمليات الاتحاد الأوروبي الخاصة أتالانتا وأغينور.
ومع ذلك، قالت إسبانيا، على الرغم من إدراجها كمشارك من قبل واشنطن، إنها لن تشارك إلا إذا قرر حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي القيام بذلك، وليس "من جانب واحد"، وفقا لصحيفة "إل باييس"، نقلا عن الحكومة.
وأصر ليكورنو على ضرورة ضم قوى إقليمية مثل السعودية إلى التحالف وقال إنه سيتناول القضية مع نظيره السعودي الأمير خالد بن سلمان آل سعود في اجتماع في باريس مساء الثلاثاء.
ووفقا لبرادلي بومان، المدير البارز لمركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، يبدو أن عددا من حلفاء الشرق الأوسط مترددون في المشاركة.
"أين مصر؟ أين المملكة العربية السعودية؟ أين الإمارات العربية المتحدة؟" محذرا من أن إيران تسعى عبر حلفائها الحوثيين إلى تقسيم الغرب وحلفائها الإقليميين وتفاقم التوترات حول الحرب بين إسرائيل وحماس.
وللصين أيضا قاعدة في جيبوتي حيث لديها سفن حربية، على الرغم من أنها ليست في التحالف.
6. ماذا تعني هجمات البحر الأحمر للتجارة العالمية؟
في حين أنه لم تنشأ أزمة اقتصادية كاملة بعد، فإن ما يحدث في البحر الأحمر قد يؤدي إلى زيادة الأسعار.
"الوضع مقلق في كل جانب، لا سيما فيما يتعلق بالطاقة والنفط والغاز" كما قال فوتيوس كاتسولاس، كبير محللي الناقلات في شركة S&P Global Market Intelligence.
وأضاف: "من المتوقع بالفعل أن يزداد الطلب على الوقود [البحري] بنسبة تصل إلى 5 في المئة"، و"ارتفاع أسعار الوقود، وارتفاع تكاليف الشحن، وارتفاع أقساط التأمين" بما يعني في النهاية ارتفاع التكاليف للمستهلكين.
وعلق: "لدرجة أن هناك سفنا موجودة بالفعل في البحر الأحمر تفكر في العودة عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط، حتى لو كان عليها دفع نصف مليون دولار مقابل القيام بذلك".
وقال جون ستاوبرت، أحد كبار المديرين في الغرفة الدولية للشحن، إنه "لا يزال هناك شحن يعبر البحر الأحمر"، في حين "سيكون هناك تأثير من حيث سعر السلع عند في السوبر ماركت"، وقد يكون هناك تأثير على أسعار النفط.
وافاد أن هذا ليس "اضطرابا تاما" يمكن مقارنته بإغلاق القناة لمدة أيام في عام 2021 من قبل سفينة الحاويات Ever Given.
ومع ذلك، قال فورجيوني إنه "قلق من أننا قد ينتهي بنا الأمر بحصار فعلي لقناة السويس، لأن المتمردين الحوثيين لديهم أجندة واضحة للغاية".
7. لماذا يصعب محاربة الطائرات المسيرة؟
تثير الطريقة التي يعمل بها الحوثيون تحديات للقوات البحرية الغربية، حيث إنهم يصدون الطائرات المسيرة الرخيصة بمعدات باهظة الثمن.
وتقدر تكلفة صواريخ أرض-جو أستر 15، تلك التي أطلقتها فرقاطة لانغدوك الفرنسية، بأكثر من مليون يورو لكل طلقة واحدة، في حين أن الطائرات المسيرة الإيرانية الصنع من نوع شاهد، التي من المحتمل أن الحوثيين يستخدمونها، تكلف بالكاد 20 ألف دولار.
وقال رئيس أركان الدفاع الفرنسي، الجنرال تييري بوركهارد، في مؤتمر في باريس في وقت سابق من هذا الشهر: "عندما تقوم بتدمير مسيرة شاهد بإطلاق مضاد من أستر، فحينها يكون شاهد هو من قتل أستر"!
ومع ذلك، إذا ارتطمت مسيرة شاهد بسفينة تجارية أو سفينة حربية، فستكون التكلفة أعلى بكثير.
قال فايت: "ميزة تشكيل ائتلاف هي أنه يمكننا تشارك التهديدات التي يمكن أن تصيب القوارب"، هناك وعي الآن بأن [الحوثيين] يشكلون تهديدا حقيقيا، وأنهم قادرون على استمرار هذه المساعي مع مرور الوقت".
--------
*المصدر: بوليتيكو
شارك في التقرير لورا كيالي وأنطونيا زيمرمان وغابرييل جافين وتوماسو ليكا وجوشوا بوسانر وجيفري سميث
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: الطائرات المسیرة فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
الصحة العالمية: فشل المفاوضات مع الحوثيين لإطلاق موظفي الأمم المتحدة
شمسان بوست / متابعات:
أعلن الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مدير منظمة الصحة العالمية، عن فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات مع الحوثيين لإطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لديها منذ أشهر طويلة، وبعضهم منذ سنوات.
وحذر غيبريسوس في تصريح صحفي عاجل من خطورة استمرار احتجاز هؤلاء العاملين الإنسانيين، مؤكداً أنهم يقومون بواجبهم الإنساني لمساعدة الشعب اليمني في ظل الأزمة الإنسانية التي تعاني منها البلاد.
ودعا مدير منظمة الصحة العالمية الحوثيين إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، محملاً إياهم المسؤولية الكاملة عن سلامتهم وحياتهم.
وأكد غيبريسوس أن المجتمع الدولي يتابع باهتمام بالغ هذا الملف، ولن يقبل باستمرار هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.