الرؤية- محمود المدني

اتخذت الأحداث في السودان منحى جديدا إثر توسع الاشتباكات خارج العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة والتي تتميز بموقعها الإستراتيجي، ويفصل بينها وبين الخرطوم حوالي 200 كيلومتر، وتعد أكبر مصدر غذائي واقتصادي في البلاد، وتتميز بتوسطها للعديد من الولايات، ويبلغ عدد سكانها 700 ألف شخص من بين حوالي 5.

9 ملايين نسمة في ولاية الجزيرة، يعتمد معظهم على المراكز الخدمية فيها.

وإثر انسحاب الجيش السوداني من مدينة ودمدني، أكد رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن الجيش لن يوقع اتفاق سلام "فيه ذل ومهانة للقوات المسلحة والشعب"، وفق تعبيره، مبينا في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السودانية أن القوات المسلحة "ستظل متماسكة وقوية وصمام أمان السودان"، وأنها ستقضي على قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى "محاسبة كل متخاذل ومتهاون ساهم في دخول الدعم السريع إلى عاصمة الجزيرة، وأن الجيش سيقاتل حتى آخر جندي لينعم أهل السودان بالأمن والاستقرار، ولن تسقط القوات المسلحة".

وأدى اجتياح قوات الدعم السريع لمدينة ودمدني وإقامة ارتكازات لها داخل المدينة، إلى فرار الآلاف من السكان ومعظمهم نازحون من مناطق أخرى، حيث استقبلت ودمدني ومدن ولاية الجزيرة المجاورة لها نحو 500 ألف نازح من إجمالي 5.5 مليون شخص فروا إلى مواقع داخل البلاد جراء الحرب وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، بعد أن أقدمت قوات الدعم السريع على ترويع المواطنين في ودمدني والقيام بعمليات نهب واسعة للممتلكات من داخل المنازل بالإضافة إلى نهب المصانع والأسواق والبنوك وقطع الخدمات عن السكان بحسب روايات عدد من السكان.

واضطر سكان المدينة إلى النزوج إلى مناطق أخرى مثل مدينة سنار الواقعة على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق وعلى بعد حوالي 80 كليومتراً جنوبي ودمدني، وإلى بورتسودان في شرق السودان والقضارف بحثا عن الخدمات والعلاج، خاصة بعد أن فقدوا كل ما يملكون من أموال.

واختلفت الروايات حول كيفية سيطرة الدعم السريع على مدينة ودمدني، إذ يقول ناشطون إن بعض المتواطئين من الجيش السوداني قاموا بتسليم المدينة دون مقاومة، وهذا ما جعل البرهان يتوعد بمحاسبة المتخاذلين، في حين يرى آخرون أن الجيش استجاب إلى طلب من الولايات المتحدة الأمريكية بعدم الاقتتال داخل مدينة ود مدني لأنها تكتظ بالسكان والنازحين من الخرطوم والولايات الأخرى، والتزمت بذلك في حين لم تلتزم قوات الدعم السريع ودخلت المدينة عنوة ومارست الاعتداءات والانتهاكات بحق السكان- حسب وصفهم.

ويقول الصحفي والمحلل السياسي أحمد عمر خوجلي، إنه رغم ما ينتشر على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الأخبارية عن كيفية دخول الدعم السريع إلى مدينة ودمدني، إلا أن هناك غموضا كبيرا في التعاطي مع هذه المعلومات والخطوات، بسبب شح المعلومات وتضارب التصريحات، مؤكدا: "حتى الآن لم تسمع رواية حقيقية وأصيلة عن ما جرى في مدينة ود مدني، وهذا ديدن الحرب منذ بدايتها في الخامس عشر من أبريل الماضي".

يشار إلى أن قوات الدعم السريع قد أصدرت بيانا أعلنت فيه أنهم لن يتعرضوا للمواطنين، وأن إدارة المدينة سوف تسند إلى أعيان ودمدني وسيتم تشكيل حكومة محلية، كما جرى في بعض المناطق مثل الهلالية.

وعقب سيطرة الدعم السريع على ودمدني، سادت حالة من الرعب بين سكان مناطق أخرى مثل سنار، حيث بدأ المواطنون بحزم أمتعتهم والتحرك نحو قرى بعيدة أو مدن أخرى خوفا من تكرار سيناريو ودمدني في سنار، وبحث البعض عن الأمان في الدندر أو القضارف على الرغم من تردد أنباء حول عزم قوات الدعم السريع السيطرة على القضارف وبورتسودان.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود: قوات الدعم السريع هاجمت مستشفى بالعاصمة السودانية

قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، مساء الجمعة، إن قوات الدعم السريع استهدفت مستشفى "بشائر" جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، بإطلاق جنودها الرصاص داخل المستشفى، الأربعاء الماضي.

 

وأوضحت المنظمة الدولية، في بيان: "أطلق المهاجمون النار داخل قسم الطوارئ، وهددوا الطاقم الطبي بشكل مباشر، وعطلوا الرعاية المنقذة للحياة بشكل خطير".

 

وأضافت: "ندين بشدة التوغل العنيف لقوات الدعم السريع في غرفة الطوارئ بمستشفى بشائر التعليمي في جنوب الخرطوم، الأربعاء".

 

ودعت المنظمة، قوات الدعم السريع، إلى "احترام حياد المرافق الطبية وسلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية".

 

وفي البيان، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان صامويل ديفيد ثيودور: "دخل العديد من جنود قوات الدعم السريع غرف الطوارئ وبدأ بعضهم في إطلاق النار على العاملين الطبيين، وهددوا المرضى وموظفي أطباء بلا حدود ووزارة الصحة".

 

وأضاف ثيودور: "ولحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى".

 

وشدد على أن "الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين الصحيين غير مقبولة".

 

وأكد ثيودور، أنه "يجب أن تظل المستشفيات أماكن آمنة وخالية من العنف والترهيب، ولا يجوز تهديد حياة الموظفين أثناء تقديم الرعاية".

 

وأشار البيان إلى أن مستشفى بشائر التعليمي، يعد "أحد آخر المرافق الصحية العاملة في جنوب الخرطوم وسط الصراع المستمر، حيث حافظ موظفو أطباء بلا حدود بلا كلل على الأنشطة المنقذة للحياة في ظل ظروف صعبة للغاية".

 

ولم يصدر تعليق من قوات الدعم السريع حتى الساعة (21:50 ت.غ).

 

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

 

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.


مقالات مشابهة

  • ماذا تعني سيطرة الجيش على أكبر قواعد الدعم السريع بدارفور؟
  • قوات الدعم السريع السوداني يسيطر على قاعدة عسكرية شمال دارفور
  • الدعم السريع تستعيد السيطرة على قاعدة في دارفور
  • هذه تفاصيل سيطرة الجيش السوداني على قاعدة الزُرق بدارفور
  • الأمم المتحدة: مقتل 782 مدنيا في حصار مدينة الفاشر غربي السودان
  • الفاشر – طويلة .. مواطنون يروون معاناتهم جراء تعرضهم لاعتداءات من قبل قوات الدعم السريع
  • أطباء بلا حدود: قوات الدعم السريع هاجمت مستشفى بالعاصمة السودانية
  • المبعوث الأميركي للسودان: الدعم السريع متورطة في تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية
  • قوات الدعم السريع تعتزم التعاون مع حكومة جديدة وتثير مخاوف بتقسيم السودان
  • السودان يطلب من الولايات المتحدة الضغط على الإمارات بشأن الدعم السريع