الموقع بوست:
2024-09-20@00:46:24 GMT

"حامي الازدهار" البحري.. تحالف يثير ريبة العرب

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

'حامي الازدهار' البحري.. تحالف يثير ريبة العرب

ألقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بإحدى شظاياها على منطقة البحر الأحمر، بينما تجد الولايات المتحدة التي قادت أساطيلها لشرق البحر الأبيض المتوسط لمنع امتداد الحرب إلى الإقليم، نفسها تقود تحالفا جديدا ضد الحوثيين في اليمن، الذين يفرضون "حصارا" ناريا على ميناء إيلات، من خلال استهداف السفن التجارية المتوجهة إليه عبر مضيق باب المندب.

 

المثير للاهتمام أن دول التحالف العربي وعلى رأسها السعودية والإمارات، التي خاضت حربا ضد الحوثيين منذ 2015 لم تنضم إلى تحالف "حامي الازدهار" الذي أعلنت الولايات المتحدة تشكيله، في 18 ديسمبر/ كانون الجاري.

 

وحدها البحرين، التي تحتضن مقر الأسطول الخامس الأمريكي، التي انضمت إلى التحالف البحري الجديد، من بين بقية الدول العربية، رغم أن دورها من المرجح أن يكون رمزيا ويقتصر فقط على الجانب اللوجيستي.

 

هذا التردد أو الإحجام العربي عن المشاركة في تحالف بحري تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين يدفعنا للتساؤل عن خلفياته وانعكاساته السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة العربية.

 

ـ حماية الملاحة أم فك الحصار على إيلات؟

 

للوهلة الأولى يسود الاعتقاد أن مهمة تحالف "حامي الازدهار" في بحر العرب وخليج عدن، لا تختلف كثيرا عن التحالف الدولي البحري الذي تشكل في بحر العرب والمحيط الهندي في مواجهة القراصنة الصوماليين.

 

إلا أن الوضع مختلف هذه المرة، فالمسألة متعلقة بالحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة من خلال منع المياه والغذاء والكهرباء والوقود والدواء، لذلك أعلنت جماعة الحوثي مهاجمتها للسفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية إلى غاية فك الحصار عن القطاع.

 

وبدل أن تسعى واشنطن لوقف الحرب ورفع الحصار عن سكان غزة، تحشد أكبر عدد ممكن من الدول لحماية إسرائيل وتجارتها البحرية، لأن الحوثيين أعلنوا أنهم لا يستهدفون الملاحة الدولية في المنطقة باستثناء السفن التجارية المتجهة للموانئ الإسرائيلية.

 

وهذا ما يجعل دول عربية مثل مصر والسعودية تحجم عن المشاركة في تحالف هدفه الحقيقي حشد الدعم العسكري لإسرائيل في حربها على غزة ولو بشكل غير مباشر، ومحاولة كسر العزلة الدولية التي تعاني منها تل أبيب بسبب "جرائم الحرب" التي ترتكبها في غزة، وتجلى ذلك في تصويت مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

وفي هذا الصدد، تقول صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه في ظل الدعم الأمريكي للحرب الإسرائيلية على غزة "لا يبدو أن أي دولة في المنطقة ترغب في الارتباط بالولايات المتحدة في مغامرة عسكرية".

 

ـ السعودية

 

لا يمكن للسعودية أن تنسى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وجهت لها انتقادات لاذعة وللتحالف العربي بشأن حرب اليمن، وأوقفت دعمها لها، وعلقت بيع أسلحة وذخائر لجيشها، كما رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب، لكن اليوم ومن أجل إسرائيل تطلب منها المشاركة في حرب جديدة في اليمن.

 

فالأوضاع بين السعودية والحوثيين في حالة تهدئة، خاصة بعد الوساطة الصينية الناجحة بين الرياض وطهران، حليفة الحوثيين.

 

ولا ترغب السعودية في تصعيد الوضع بالانضمام إلى تحالف عسكري جديد ضد الحوثيين، يعيدها إلى حرب استنزاف جديدة تربك توجهها الجديد.

 

فالانضمام إلى التحالف البحري بقيادة واشنطن، من شأنه أن يشعل الحرب مجددا، ويجعل السعودية في وجه العاصفة، وهدفا لصواريخ ومسيرات الحوثيين، بينما تسعى الرياض للتركيز على بناء اقتصاد لا يعتمد على مداخيل النفط، وفق رؤية 2030، وتوفير أجواء مستقرة في المنطقة، خاصة بعد فوزها بشرف تنظيم "إكسبو 2030"، وتنظيم كأس العالم 2034.

 

وهو ما أشار إليه محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، في تصريح صحفي، عندما قال "إذا ما التزمت السعودية والإمارات بعدم المشاركة العلنية وحتى غير العلنية فإن خفض التصعيد سيستمر فيما بيننا وبينهم، لكن إذا ما قاموا وشاركوا في الحرب على اليمن فإننا.. سنستهدف كل ناقلات النفط في المنطقة".

 

ـ الإمارات

 

الإمارات، التي تعتبر ضلعا رئيسيا في التحالف العربي، عانت هي الأخرى من تعليق إدارة بايدن، صفقات سلاح مهمة معها، وعلى رأسها صفقة طائرات "إف35" الحربية، بسبب حرب اليمن، ما يجعلها تتريث في قبول الانضمام إلى تحالف "حامي الازدهار".

 

لكن قناة "كان" الإسرائيلية، زعمت أن الإمارات أكّدت أنّها تدرس مسألة انضمامها إلى التحالف البحري في البحر الأحمر، "إذا أقرّت واشنطن توجيه ضربة مهمة جدا ضد الحوثيين"، ولم يصدر رد على الفور من أبوظبي.

 

إذ سبق وأن أعلنت الإمارات في ربيع 2023 انسحابها من "القوات البحرية المشتركة"، والتي كانت تضم 38 دولة بقيادة الولايات المتحدة، ومهمتها حماية الملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر من القرصنة والإرهاب.

 

لم توضح الإمارات حينها سبب الانسحاب، لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت في تقرير لها نقلا عن مصادر أمريكية وخليجية أن الإمارات كانت "محبطة" من عدم رد الولايات المتحدة على احتجاز إيران ناقلتي نفط في خليج عمان.

 

إلا أن هذا التقرير أثار حفيظة أبوظبي، التي انتقدت ما اعتبرته بـ"توصيفات خاطئة".

 

بينما التحالف الجديد، سيلعب دورا دفاعيا، أي أنه سيكتفي بإسقاط مسيرات الحوثي وصواريخه البالستية التي تستهدف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أو تلك التي تستهدف مدينة إيلات على ساحل البحر الأحمر.

 

ولن يقوم التحالف بأي عمليات هجومية على العاصمة صنعاء والمدن والموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، على الأقل في المرحلة الأولى، فالولايات المتحدة لا تريد التورط في "حرب فيتنام" جديدة.

 

ـ مصر

 

بالنسبة لمصر الوضع أكثر تعقيدا، فهي معنية بشكل مباشر بتأمين حركة الملاحة في مضيق باب المندب، لارتباطها بقناة السويس، والتي تمثل المصدر الرابع للدخل في البلاد بالعملة الصعبة (أكثر من 9 مليارات دولار سنويا) بعد الصادرات، وتحويلات العاملين في الخارج، والسياحة.

 

إذ أن إعلان كبرى شركات الشحن العالمية تحويل مسارات سفنها من المرور عبر قناة السويس إلى الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح، من شأنه التأثير مستقبلا على مداخيل مصر من القناة، إذا طالت فترة التوتر الأمني بمضيق باب المندب.

 

180 سفينة غيرت وجهاتها بعيدا عن مضيق باب المندب، أو تم إيقافها بانتظار تعليمات من الشركات المشغلة لها، وفق ما أعلنته شركة الشحن الأمريكية فليكسبورت، في 21 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

 

لذلك يمثل انضمام مصر إلى تحالف "حامي الازدهار" مصلحة اقتصادية، إلا أن القاهرة لم تنضم إلى هذا التحالف، رغم أن الفريق مهاب مميش، مستشار الرئيس المصري للموانئ، رئيس هيئة قناة السويس السابق، طالب بضرورة توفير قوة تأمين مصرية تتمركز بمحاذاة إحدى الدول (في البحر الأحمر).

 

فمصر من مصلحتها الاستراتيجية زيادة الضغط على إسرائيل لرفع حصارها على غزة، ما يسقط بذلك مشروع تهجير الغزيين إلى سيناء.

 

وفي هذا السياق، يصب اشتراط الحوثيين وقف استهداف السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية مقابل إدخال الغذاء إلى غزة في مصلحة مصر، وأمنها القومي، المتعلق برفض تهجير سكان القطاع إلى أراضيها وتصفية القضية الفلسطينية، أو انتقال المقاومة الفلسطينية إلى سيناء، في تكرار للتجربتين الأردنية واللبنانية.

 

كما أن مصر لها تجربة مريرة في المشاركة بالحرب الأهلية اليمنية (1962ـ 1970)، ولا ترغب في تكرار هذه التجربة.

 

وهذا ما يفسر مشاركتها في التحالف العربي ضد الحوثيين في 2015 بدون قوات برية على الأرض، والاكتفاء بقطع بحرية لتأمين الملاحة في البحر الأحمر عبر قناة السويس.

 

وتجربة القوات البحرية للتحالف العربي، وقبلها القوات البحرية الدولية المشتركة، لا تشجع مصر على المضي في خطوات مشابهة، حيث أن ثماني سنوات من الحرب، لم تقض على الحوثيين ولم تسقط صنعاء ولا حتى ميناء الحديدة على البحر الأحمر.

 

فالوضع معقد في البحر الأحمر، وتشكيل تحالف جديد من 10 دول بقيادة الولايات المتحدة، سيكون تجربة مكررة للقوات البحرية الدولية المشتركة في المنطقة، إلا إذا تطور إلى مواجهة عسكرية بعد تلويح الحوثيين باستهداف القطع البحرية الحربية الأمريكية في المنطقة، وضرب المنشآت النفطية في السعودية والإمارات إذا اشتركتا في التحالف.

 

وسينعكس ذلك سلبا على حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وقناة السويس، وإمكانية بحث شركات الملاحة عن مسارات جديدة لسفنها شمالا وجنوبا، وسيكون لذلك أضرار على الاقتصاد المصري، وورقة ضغط تستخدمها الدول الغربية من أجل جعل تهجير سكان غزة إلى سيناء أمرا واقعا.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر قناة السویس ضد الحوثیین فی المنطقة باب المندب إلى تحالف

إقرأ أيضاً:

اتحاد المحامين العرب: تعديل الحوثيين قانون السلطة القضائية مساس خطير باستقلالية القضاء وحرية مهنة المحاماة

قال "اتحاد المحامين العرب"، إن تعديل جماعة الحوثي قانون السلطة القضائية في اليمن يمثل مساساً خطيراً باستقلالية السلطة القضائية ومساساً بحرية مهنة المحاماة.

 

وأضاف الاتحاد -في بيان صادر عن الأمانة العامة بخصوص تعديلات جماعة الحوثي لقانون السلطة القضائية- "لا يجوز بأي من الأحوال تحويل السلطة القضائية إلى مجرد أداة بيد السلطة التنفيذية بمخالفة صريحة لأحكام الدستور اليمني والقوانين النافذة.

 

ودعت للوقوف ضد التعديلات التي تجريها مليشيات الحوثي على قانون السلطة القضائية، وحماية السلطة القضائية منها باعتبارها مليشيا لا تمتلك أي سلطة دستورية أو قانونية.

 

وقالت الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب إنها تابعت البيانات الصادرة من نقابة المحامين اليمنيين ونادي قضاة اليمن الرافضة للتعديلات غير الدستورية لقانون السلطة القضائية الصادرة في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي باليمن وما تضمنتها من مساس بحقوق المحامين والقضاة في آن واحد.

 

وحثت جميع نقابات المحامين العرب والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية وكافة الجهات ذات العلاقة بالوقوف للوقوف ضد هذه التعديلات التي تجريها ميليشيات الحوثي والعمل على إيقافها وحماية السلطة القضائية ونقابة المحامين اليمنيين منها واعتبار أن مليشيات الحوثيين لا تمتلك أي سلطة دستورية أو قانونية تخول لها القيام بذلك.

 

‏‎وأكدت الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب في بيان صادر عنها على تضامنها المطلق مع نقابة المحامين اليمنيين ومع كافة الزملاء المحامين بها وجميع أعضاء السلطة القضائية في اليمن.

 

‏‎‏وشددت الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب على حصانة الدفاع التي يجب أن تحترم؛ وعلى أن مهنة المحاماة محمية بأحكام الدستور والقوانين النافذة ولا يجوز بأي حال من الأحوال إيقاف المحامي من الترافع بسبب ما يقدمه من دفوع وعرائض في أي قضية وكما هو معمول به في جميع المحاكم المحلية والإقليمية والدولية التي تعطي للمحامي مكانة خاصة مشمولة بحرية التعبير والاستقلال والحصانة.

‏‎

وطالبت الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب بإلغاء هذه التعديلات غير الدستورية وغير القانونية والتي يترتب عنها فرض الانقسام داخل الوطن اليمني الواحد الذي يشهد حالة حرب منذ سنوات ومحاولات مستمرة لتقسيم الجمهورية اليمنية.

‏‎

واعتبرت أن هذا التعديل تعد إحدى أدوات التقسيم التي يشجبها اتحاد المحامين العرب.

 

والأربعاء الماضي، أقرت جماعة الحوثي تعديلات على قانون السلطة القضائية في اليمن، يسمح لها بموجب هذه التعديلات تعيين أشخاص في القضاء من خارج السلطة القضائية، وحبس المحامين لمدة ثلاث سنوات ونص بأمر من القاضي.

 

وبعد التعديلات بيومين فقط، قامت مليشيا الحوثي بإصدار قانون وتحديدا يوم السبت الماضي، قضى بتعيين أشخاص في مجلس القضاء الأعلى من خارج السلطة القضائية تنفيذا لتلك التعديلات الحوثية.

 

وكان نادي قضاة اليمن قد أعلن رفضه القاطع لهذه التعديلات الحوثية، مؤكدا انها انقلاب على القضاء اليمني، لإعادة نظام القضاء الإمامي.

 

فيما أكدت نقابة المحامين رفضها القاطع والواضح لهذه التعديلات مؤكدة أنها ستقف بكل الوسائل المتاحة للوقوف ضد هذا القرار، الذي اعتبره محامون بأنه انقلاب على التعددية السياسية في اليمن، وفرض للنظام الجهوي والمناطقي.

 

 


مقالات مشابهة

  • ارتفاع التأمين في البحر الأحمر مع توحش هجمات الحوثيين
  • Epoch Times: “إسرائيل” تشعر بالإحباط من فشل التحالف الغربي في مواجهة الحوثيين
  • من البحر الأحمر والأسود.. دروس للبحرية الأميركية لاحتمال مواجهة الصين
  • انطلاق "أسد البحر" ضمن جهود إدامة مستويات الجاهزية للأسطول البحري
  • صور الأقمار الصناعية تظهر المهمة الصعبة لإنقاذ ناقلة نفط منكوبة في البحر الأحمر
  • مصر وأمريكا تختتمان التدريب البحري المشترك «النسر المُدافع» بنطاق البحر الأحمر
  • تحالف مدني سوداني يجدد الدعوة لتسليم البشير ورفاقه لـ«الجنائية الدولية» ،، «القوى المدنية المتحدة» تدعو لوقف الحرب وتنفي علاقتها بـ«الدعم السريع»
  • اتحاد المحامين العرب: تعديل الحوثيين قانون السلطة القضائية مساس خطير باستقلالية القضاء وحرية مهنة المحاماة
  • السوداني:ليست هناك حاجة لوجود تحالف قوامه (86) دولة
  • تستوعب 3.5 مليون حاوية سنويًّا.. تفاصيل محطة حاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط