عقب انتقاده الهجمات الإسرائيلية على غزة، أنهت غرفة تجارة في ولاية نيويورك الأمريكية تعاقدها مع مسن أمريكي يعمل سنويا في احتفالات عيد الميلاد لتجسيد شخصية "بابا نويل" أو ما يعرف بـ"سانتا كلوز".

 

الأمريكي كين دورف (70 عاما)، يشارك سنويا في احتفالات أعياد الميلاد مرتديا زي "بابا نويل" لإسعاد الناس وبث البهجة في نفوس الأطفال ببلدة "ساغ هاربور" التابعة لمنطقة لونغ آيسلاند بولاية نيويورك.

 

وفي حديثه للأناضول، قال دورف إنه يتابع المستجدات في الشرق الأوسط والعالم "عن كثب"، مشيرا إلى تلقيه في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري دعوة إلى جلسة نقاش بعنوان "أسئلة صعبة عن إسرائيل".

 

وأشار دورف إلى اعتقاده في بادئ الأمر أنه دعي إلى جلسة النقاش بسبب إلمامه بالمجريات والأحداث بالمنطقة.

 

وأضاف: "لكن الأمر لم يكن كذلك، فقد كان الهدف من الاجتماع المنعقد من قبل اللجنة اليهودية الأمريكية، هو توجيه الناس بخصوص طريقة الرد على أسئلة صعبة تتعلق باحتلال (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لقطاع غزة، فيما لو وجه إليهم سؤال من هذا القبيل، أي أن الاجتماع لم يكن إلا دعاية".

 

ولفت دورف إلى أن "المتحدثين طرحوا معلومات خاطئة للغاية بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال اللقاء"، وأنه رد على تلك الطروحات بطريقة "مهذبة جدا".

 

وقال: "شعرت كما لو أنني دخلت جلسة دعائية لنتنياهو، وهذا لم يكن مفيدا، وكان من الواجب فعلا طرح الأسئلة الحقيقية، الأسئلة الصعبة".

 

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى صباح الجمعة 20 ألفا و57 قتيلا فلسطينيا و53 ألفا و688 جريحا معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا للسلطات في القطاع والأمم المتحدة.

 

** تسريح مع العمل

 

وبعد يومين من مشاركة دورف في جلسة النقاش التي أقيمت داخل كنيس في البلدة، تلقى المسن الشغوف بأداء دور "بابا نويل"، رسالة عبر البريد الكتروني من غرفة تجارة المنطقة.

 

وقال دورف إن غرفة التجارة طلبت منه في البريد الإلكتروني عدم المشاركة في احتفالات عيد الميلاد بزي بابا نويل في البلدة بسبب "صراحته المبالغ بها"، وطالبته بإعادة الزي، دون تقديم تفاصيل أخرى.

 

وأوضح أنه فهم من البريد الإلكتروني أن الأمر متعلق بانتقاده السياسات الإسرائيلية، وقال: "شعرت بالأسف الشديد، وفكرت بأن ذلك كان خطأ كبيرا وأني لن أدع الأمر يمر هكذا، حيث يتم إسكاتي بسبب انتقادي لخطاب دعائي وإبداء رأيي بصراحة، ثم يتم منعي من أمر لا علاقة له بالموضوع إطلاقا، هذا فعلا خطأ فادح".

 

وأبدى المسن الأمريكي خيبة أمله من تصرف غرفة التجارة، مشيرا أنه بعد إبعاده من أداء دور "سانتا كلوز"، تلقى العديد من الرسائل الداعمة من سكان البلدة الذين وقفوا إلى جانبه وأكد أن ما فعلته غرفة التجارة كان "خطأ".

 

وأعرب دورف عن اعتقاده بأن ما دفع مسؤولي غرفة التجارة إلى إبعاده من دور سانتا كلوز هو "خوفهم من خسارة ارتباطاتهم التجارية".

 

** الخوف من "معاداة السامية"

 

دورف أبدى انزعاجه من خشية الأمريكيين توجيه أصابع الاتهام وانتقاد إسرائيل، وقال إن "الأمريكيين يمتلكون حرية الحديث عن نظام الرعاية الصحية والجنس والهجرة وكل القضايا الأخرى، لكنهم لا يشعرون بالارتياح عندما يتعلق الأمر بإسرائيل لقلقهم من مغبة وصمهم بمعاداة السامية".

 

وأضاف: "الأمريكيون يجب أن يشعروا أنهم لن يعاقبوا على انتقادهم إسرائيل".

 

وأوضح دورف أن وسائل الإعلام في الولايات المتحدة خلقت لسنوات طويلة تصورا أدى إلى النفور من العرب والمسلمين، وأكد أن لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) تلعب دورا رئيسيا في توجيه الموقف الشعبي الأمريكي تجاه إسرائيل.

 

وشدد على أن "أيباك" تعد واحدة من جماعات الضغط (اللوبي) الأكثر فعالية التي تحدد العلاقات السياسية في البلاد.

 

وأضاف: "أعتقد أن أيباك لديها الكثير من المال والقوة والنفوذ".

 

وتأسست "أيباك" عام 1953 بمبادرة من يشعيا كينن، عضو سابق في اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة، التي أنشئت بدورها عام 1951 في عهد الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور، لكن تم تغيير اسمها لاحقا، وهي مسجلة رسميا بموجب القوانين الأمريكية كجماعة ضغط (لوبي) للقيام بمهمة الدعاية لدعم إسرائيل باسم الطائفة اليهودية الأمريكية.

 

وقال دورف: "رغم ذلك، مع الأحداث الأخيرة في غزة، بدأ الناس في انتقاد إسرائيل بعدما كان يخشون ذلك".

 

وأوضح أن "الجيل الجديد، وخاصة ممن تقل أعمارهم عن 30 عاما، يشعرون بالاشمئزاز مما يحدث حاليا في غزة".

 

وقدّم دورف في هذا الإطار ما يشبه الاستطلاع عن موقف شرائح المجتمع الأمريكي حيال إسرائيل، دون أن يكشف المصدر.

 

وبحسب دورف، فإن "هناك فجوة بين آراء الجيل الجديد والأجيال السابقة"، مبينا أن "80 بالمئة ممن تزيد أعمارهم عن 65 عاما يؤيدون ما يقوم به نتنياهو، بينما 20 بالمئة فقط ممن تقل أعمارهم عن 30 عاما يبدي ذات التأييد لنتنياهو".

 

وبخلاف موضوع إسرائيل، لا يوجد هوة كبيرة بين آراء مختلف الأجيال في الولايات المتحدة، وفق دورف.

 

وعلل دورف ذلك بأن "الجيل الجديد يمتلك إمكانية الوصول إلى مزيد من المعلومات والمصادر حول المنطقة، بفضل تمكنه وإلمامه بكيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاستفادة منها أكثر من كبار السن".

 

ورغم أنه ليس يهوديا، إلا أن دورف بحسب قوله "نشأ وترعرع في حي تسكنه غالبية يهودية في بروكلين (بنيويورك)، وملم أيضا باللغة والثقافة العربية جيدا، نظرا لرحلاته المتكررة إلى الشرق الأوسط خلال حياته الدراسية والعملية.

 

وذكر أن "الأمريكيين لا يعرفون ماذا يعني أن تكون فلسطينيا"، موضحا أن "الناس هنا لا يعرفون مشكلة المستوطنين (غير الشرعيين) في الأراضي الفلسطينية، ولا يعرفون العوائق (عند نقاط التفتيش)، ولا يعرفون شيئا عن الجدار (المشيد على الحدود)، إنهم لا يعرفون ما هو الشعور الذي تشعر به عندما تكون فلسطينيا، ولا يعرفون ما هو التمييز".

 

** جدل حرية الفكر

 

أثار توغل إسرائيل في قطاع غزة بعد هجوم "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" في 7 أكتوبر، نقاشات كبيرة بشأن حرية الفكر في المجتمع الأمريكي.

 

وتبنت الإدارة الأمريكية سياسة دعم حكومة إسرائيل، وواجهت المظاهرات والمواقف المؤيدة للفلسطينيين باتهامات تتعلق بمعاداة السامية.

 

وخسر العديد من الناس، منهم شخصيات بارزة في مجال العرض والنشر والأوساط الأكاديمية، وظائفهم بسبب إبداء رأي علني معارض لما تقوم به إسرائيل في غزة.

 

واستدعت لجنة التعليم والقوى العاملة بالكونغرس في 5 ديسمبر الجاري، كلا من رئيسة جامعة بنسلفانيا إليزابيث ماغيل، ورئيسة جامعة هارفارد كلوديا غاي، ورئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) سالي كورنبلوث إلى جلسة "محاسبة رؤساء الجامعات ومكافحة معاداة السامية".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: غرفة التجارة بابا نویل لا یعرفون

إقرأ أيضاً:

مقتل وإصابة 12 جرّاء انفجار مصنع في كنتاكي الأمريكية

أسفر انفجار بمصنع في مدينة لويفيل بولاية كنتاكي الأمريكية عن مقتل اثنين من العاملين، وانهيار جزئي للمبنى وتحطيم نوافذ المنازل والشركات المجاورة، حسبما أعلنت شركة "جيفودان سينس كلر"، اليوم الأربعاء.

ووقع الانفجار ظهر، الثلاثاء، في شركة "جيفودان سينس كلر" لصناعة ألوان الأغذية والمشروبات.

An explosion at a factory in Louisville has killed at least two people and injured several others, with the local government declaring it a “hazardous materials incident” and briefly issuing a shelter-in-place order for people within one mile of the blast. https://t.co/goT0Q4u0Uh pic.twitter.com/1cbCcW2LR6

— The Washington Post (@washingtonpost) November 13, 2024

وقالت شركة جيفودان السويسرية المصنعة في بيان عبر البريد الإلكتروني، الأربعاء، إن الانفجار في المصنع  أدى إلى مقتل موظفين وإصابة عدد آخر.

وقال عمدة لويزفيل كريغ غرينبيرغ في بيان سابق إن خدمات الطوارئ تلقت عشرات المكالمات حول الانفجار.

وقال إن 12 شخصاً أصيبوا، وتراوحت الإصابات من طفيفة إلى حرجة أو مهددة للحياة. 

وصفت إدارة الإطفاء في لويزفيل الانفجار الذي وقع في المصنع، بأنه "حادث واسع النطاق".

وقال غرينبيرغ إن إدارة الإطفاء تقود التحقيق في الانفجار بمساعدة من شركاء الولاية والحكومة الفيدرالية، مضيفاً أن فريق إعادة الإعمار الفيدرالي من مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات سيزور لويزفيل للمساعدة في تحديد سبب الحادث.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: جنرال أبلغ نتنياهو بتحضير مسلحين لهجوم يوم 7 أكتوبر
  • نيويورك تايمز: الكر والفر سمة حرب إسرائيل الدموية بشمال غزة
  • نيويورك تايمز: اتهام مسئول بـ CIA بتسريب وثائق حول خطط إسرائيل لضرب إيران
  • رسميا.. ترامب يختار ماركو روبيو وزيرا للخارجية الأمريكية بإدارته
  • “نيويورك تايمز”: مسؤول في الـCIA متهم بتسريب وثائق سرية للغاية حول خطط إسرائيل لضرب إيران
  • كيف استقبلت الاستخبارات الأمريكية اختيار ترامب لراتكليف لرئاسة CIA؟
  • مقتل وإصابة 12 جرّاء انفجار مصنع في كنتاكي الأمريكية
  • "نيويورك تتكلم عربي".. تفاصيل الدورة الرابعة من المهرجان المصري الأمريكي للسينما والفنون
  • تأثير فوز ترامب على العلاقات الأمريكية التركية
  • محلل ومقدم برامج.. من هو وزير الدفاع الأمريكي الجديد؟