ما سر دعم بايدن القوي لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية مقالا للمحلل الإستراتيجي في شؤون الأمن القومي الدكتور أفيغدور هاسيلكورن، قال فيه، إن دعم الرئيس الأميركي جو بايدن غير المسبوق لإسرائيل ليس دافعه الرئيس هو صداقته العميقة لإسرائيل، أو اشمئزازه من هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأوضح أن بايدن وسلفه باراك أوباما كانا يعتقدان أن إسرائيل يمكن أن تتخذ خطوات عسكرية قد تفاجئ الولايات المتحدة وتضعها في مأزق.
وأورد أن بايدن وأوباما يعتقدان أن إسرائيل فريدة من نوعها في الشرق الأوسط بعقلية ووسائل يمكن أن تحولها إلى ثور هائج، ومن ثم فإن الطريقة الوحيدة للتخفيف من وقوع كابوس في المنطقة: هي منع إسرائيل من الانفلات، على أساس أن واشنطن هي القوة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ كافٍ للسماح لها بممارسة ضوابط فعالة على تل أبيب.
أوباما والبرنامج النووي الإيرانيوأضاف الكاتب أن هذا العامل هو الدافع الرئيس وراء تمسك أوباما المثابر بالتوصل إلى اتفاق للحد من برنامج إيران النووي في 2015 حتى لا تسقط المنطقة إلى حافة الهاوية.
ونقل الكاتب تعليقا لدوغ روسينوف أستاذ التاريخ بجامعة متروبوليتان الأميركية، في مجلة تايم الشهر الماضي قال فيه، إن بايدن نحّى جانبا الاعتبارات الإستراتيجية والسياسية التي وجّهت ردود فعل القادة الأميركيين السابقين على حروب إسرائيل، وانضم إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وردد نقاط الحوار الإسرائيلية بأمانة.
وقال، إن بايدن شعر بالقلق من الإجماع المتزايد في إسرائيل على أنه بعد هجوم حماس، كانت البلاد في حالة حرب مع "النازيين الذين يهدفون إلى الانقضاض عليها من جبهات متعددة"، وأن وجود الدولة ذاته قد يكون على المحك.
وأضاف أنه وبعد هجوم (حماس) أصبح شبح استخدام إسرائيل لما أسماه رئيس الوزراء في 2022 يائير لابيد "القدرات الأخرى التي تبقينا على قيد الحياة، وستبقينا على قيد الحياة طالما نحن وأطفالنا هنا"، حقيقة واقعة.
واستمر هاسيلكورن يقول، إنه لا ينبغي لنا أن يكون هناك شك في أن بايدن كان مدركا تماما للأهمية الإستراتيجية لتقييم التهديد الإسرائيلي هذا، ومن ثم سعيه لمنع كابوس استخدام إسرائيل سلاحها الأخير.
ومما لا شك فيه أن الاقتناع بأن الائتلاف الحاكم لنتنياهو الذي يضم أكثر الشخصيات تطرفا في إسرائيل، كما قال بايدن نفسه في يوليو/تموز الماضي، زاد من المخاوف الأميركية.
والأسوأ من ذلك، يقول الكاتب، إن فترة العداء الذي أظهره البيت الأبيض تجاه نتنياهو كان من الممكن تفسيرها من الحكومة الإسرائيلية على أنها تضع إسرائيل في عزلة عن حليفها الرئيس، مما قد يعزز التصور بأن إسرائيل ليس لديها خيار سوى اللجوء إلى إجراءات متطرفة لإنقاذ نفسها من الإبادة.
خطوات مترابطةونتيجة لذلك، سارعت إدارة بايدن إلى اتخاذ خطوات عدة مترابطة، تهدف جميعها إلى منع عمل إسرائيلي يائس. فأرسلت حاملة طائرات إلى البحر الأبيض المتوسط ومناطق الخليج العربي، بالإضافة إلى تعزيزات جوية وبرية إضافية، وأصدرت تحذيرات صارمة لـ حزب الله وإيران بعدم الاستفادة من مأزق إسرائيل، وزوّدت إسرائيل بمظلة إستراتيجية لتمكين الجيش الإسرائيلي من التحرك لإزالة تهديد حماس، دون أن ينتشر إلى مكان آخر، أو مواجهة هجوم واسع النطاق من اتجاهات متعددة.
كذلك أطلقت الولايات المتحدة على الفور عمليات جوية وخطوط بحرية ضخمة للأسلحة التقليدية؛ حتى لا تنفد ترسانة إسرائيل من هذه الأسلحة، وتمنع الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهدافه الحربية بالوسائل التقليدية.
بالإضافة إلى ذلك، تحركت أميركا للدفاع عن بعض المواقع الإستراتيجية الإسرائيلية؛ مثل: المفاعل النووي في ديمونة.
خطوة دراماتيكية
ويستمر الكاتب قائلا، إنه وفي خطوة وصفها المؤرخ دوغ روسينوف بالدراماتيكية، سارع بايدن نفسه وزار إسرائيل وجلس كجزء من حكومة نتنياهو الحربية، لتبديد أي فكرة لإسرائيل بأنها معزولة ووحيدة ضد هجوم متعدد الجبهات.
وفي الوقت نفسه، يقول هاسيلكورن، سعت إدارة بايدن إلى فرض ضوابط مشددة على سلوك إسرائيل للحرب منذ البداية، بما يتماشى مع تصورها الأساسي بأن إسرائيل يحتمل أن تكون فاعلا مجنونا. ومن المحتمل أن يكون هذا القلق قد تعزز بالنظر إلى الدمار الذي لحق بغزة.
ويضيف الكاتب واصفا ضخامة الدعم الأميركي لإسرائيل قائلا، إنه ومنذ هجوم (حماس) وصل عدد كبير من المسؤولين العسكريين والسياسيين الأميركيين رفيعي المستوى إلى إسرائيل، للاطلاع و"تقديم المشورة" لإسرائيل بشأن التقدم المحرز في القتال.
وبينما يعبّر الأميركيون في كثير من الأحيان عن التزام واشنطن "الصارم" بأمن إسرائيل، فإنهم قلقون بشكل خاص من احتمال التصعيد في الشمال، الذي يستمر طالما استمرت حملة غزة، وما ترتب على ذلك من هجمات من جانب حزب الله.
حزب الله اللبنانيويشير الكاتب إلى أن بايدن يشعر بالقلق من أنه بعد تفكيك حماس في غزة، سيتحول الجيش الإسرائيلي للتعامل مع حزب الله أو حتى التعهد بمواجهة إيران بشكل مباشر، وأنه يخشى من أن هذا "السيناريو" يمكن أن يؤدي إلى انفجار لا يمكن السيطرة عليه. "فلا عجب أن واشنطن تحاول نزع فتيل تصعيد محتمل ضد حزب الله، من خلال إطلاق مبادرة دبلوماسية تجاه الحكومة اللبنانية".
وأخيرا، وبمجرد أن أصبح بايدن مقتنعا بأن عمليات الانتشار الإقليمية الأميركية المعززة فعالة في ردع حزب الله وإيران عن التدخل بكامل قوتهما في الصراع، أصبح أكثر انتقادا لسلوك الجيش الإسرائيلي في الحرب ليس لأسباب سياسية داخلية فحسب، ولكن لإرسال رسالة لإسرائيل -كذلك- بألا تسيء تفسير دعمه الأولي القوي على أنه يعني إطلاق يدها لتفعل ما تريد.
ولمنع نشوب حرب إقليمية مخيفة، ضغطت واشنطن -أيضا- على إسرائيل لكيلا ترد على الهجمات الصاروخية والطائرات دون طيار التي شنّها الحوثيون ضد أهداف في جنوب إسرائيل. وبدلا من ذلك، ولأول مرة، كلّفت واشنطن سفن البحرية الأميركية المتمركزة في البحر الأحمر، باعتراض النيران اليمنية لإبعاد إسرائيل عن الرد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی أن إسرائیل أن بایدن حزب الله
إقرأ أيضاً:
هدنة غزة في مهب الريح .. وحماس تتهم إسرائيل بانتهاك وقف إطلاق النار
القاهرة غزة "وكالات"": توارى الحديث عن ما تبقى من مراحل صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس، وبات التركيز منصبا على طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، والاستيلاء على قطاع غزة، وتداعيات هذا الطرح، وكأن ترامب أطلق رصاصة الرحمة على أي آمال في صمود الاتفاق.
فعلى استحياء تتواتر تقارير عن الدفعة الخامسة من تبادل الأسرى والرهائن المقررة اليوم، في ظل حالة من عدم اليقين بشأن إتمامها والتزام حركة حماس بتفاصيلها بعد تصريحات الرئيس الأمريكي التي كشف فيها ليس فقط عن رغبة في خروج الحركة من المشهد، ولكن أيضا عن إخلاء القطاع ككل من الفلسطينيين، الأمر الذي أثار ردود فعل دولية معارضة على نطاق واسع.
وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في مرحلته الأولى من المتوقع أن يتم الإفراج عن ثلاثة رهائن إسرائيليين غدا السبت، وهو اليوم الحادي والعشرون منذ بدء المرحلة الأولى، أي منتصفها، ولايزال 79 رهينة في أسر حماس.
وتطرقت الصحيفة إلى خشية المسؤولين الإسرائيليين من انعكاس التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي على المشهد، وأن توفر تلك التصريحات لحماس ذريعة لتأخير أو تعطيل العملية.
وقالت الصحيفة على موقعها الإلكتروني إن "تصريحات ترامب لها تأثير على وقف إطلاق النار الحالي وصفقة الرهائن"، ونقلت عن مسؤول ، لم تسمه، قوله: "أعتقد أن المرحلة الأولى ستمتص الضجيج الذي يحدث".
وفي ظل رغبة إسرائيلية أمريكية مستميتة في تحرير جميع الرهائن، يضغط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتمديد المرحلة الأولى، بهدف إجراء جولات إضافية من إطلاق سراح الرهائن مقابل أسرى أمنيين فلسطينيين.
ونوهت الصحيفة إلى مخاوف إسرائيلية من عدم الذهاب إلا لجولة إضافية واحدة من عمليات الإفراج بعد الموعد النهائي الأصلي وهو اليوم 42، حال تم تمديد المرحلة الأولى، لا سيما أن الجانب الفلسطيني ليس لديه ما يخسره، في ضوء إصرار ترامب على تسلم غزة من إسرائيل "بعد انتهاء القتال" ، حسبما ذكر في تغريدة على منصة تروث سوشيال الخميس، في إشارة إلى استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة.
وترافقت تلك التصريحات مع الإعلان عن عرض الجيش الإسرائيلي خططا أولية على وزير الدفاع يسرائيل كاتس بشأن تهجير سكان قطاع غزة بشكل طوعي. كما كشف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عن أن تل أبيب كانت تفكر بشكل جدي في تهجير الفلسطينيين منذ عدة أشهر، وقال: "منذ أشهر ونحن منشغلون بالإعداد لخطط تهجير سكان قطاع غزة، وكان ذلك من وراء الكواليس بسبب الخشية من رد فعل الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن".
وما يزيد من احتمالات انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، ما أعلنه سموتريتش عن عودة إسرائيل للقتال "المكثف" في غزة بعد إتمام المرحلة الأولى للصفقة. وأشار إلى جهود لتمديد تلك المرحلة "وبهذا سيكون لدينا الوقت الكافي للاستعداد للقتال مجددا وتدريب الجنود الذين تم استيعابهم حديثا وتعبئة الذخيرة، وبهذه الطريقة سنعود للقتال ونحن أقوياء جدا".
بالتزامن نقلت صحيفة يسرائيل هيوم عن مصادر وصفتها بالمقربة من نتنياهو أن رئيس الموساد لن يشارك في مباحثات الدوحة التي كان من المفترض أن تبحث تفاصيل المرحلة الثانية من الصفقة، وأن الوفد سيقتصر على مشاركة طواقم عمل مهنية ليست من المستوى الرفيع.
وبينما يبدو الهدف الإسرائيلي واضحا، وهو تحرير أكبر عدد من الرهائن في المرحلة الأولى، نقل موقع واللا الإسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي قوله: "ستكون هناك مرحلة ثانية من الصفقة إذا وافقت حماس على التنازل عن حكم قطاع غزة".
كما نقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين استبعادهم أن تتنازل حماس عن ذراعها العسكري والسلاح، قائلين: "تقديراتنا تشير إلى أن احتمال موافقة حماس على إجلاء قياداتها إلى خارج القطاع ضئيل للغاية، وعدم موافقة حماس على ذلك قد يؤدي إلى انهيار الصفقة وتجدد القتال".
وبجانب ما تحدثت عنه وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية بشأن رغبة نتنياهو كذلك في إدخال تغييرات على الصفقة، يظل انسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا، أي حدود غزة مع مصر، بحلول اليوم الخمسين وفقا لبنود الاتفاق، أمرا يعارضه نتنياهو بشدة. ومع ذلك، أشار رئيس الحكومة الإسرائيلية ومسؤولون آخرون إلى أنه إذا وافقت قيادة حماس على مغادرة قطاع غزة والذهاب إلى المنفى، "فإن ذلك سيغير الأمور".
ووسط التطورات المتلاحقة وحالة عدم اليقين المهيمنة على المشهد، نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية تحذيراته إلى المستوى السياسي من اشتعال الأوضاع الأمنية خلال الفترة المقبلة إثر تصريحات ترامب بشأن خطته لتهجير سكان قطاع غزة.
انتهاك وقف إطلاق النار
اتهمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسرائيل الجمعة بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار عدة مرات، وذلك قبل يوم من مبادلة ثلاث رهائن إسرائيليين بسجناء فلسطينيين في أحدث مرحلة من اتفاق هش يهدف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة.
وقالت حماس إن إسرائيل مسؤولة عن تأخير دخول مئات الشاحنات المحملة بالطعام وغير ذلك من الإمدادات الإغاثية، إلى جانب عدم السماح سوى بدخول عدد قليل من الخيام والمنازل المتنقلة اللازمة لتوفير المأوى للأشخاص العائدين إلى منازلهم التي تعرضت للقصف.
وقالت حماس في بيان "رغم مرور 20 يوما على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لا تزال الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة تتدهور بشكل خطير، في ظل استمرار الاحتلال في المماطلة والتلكؤ في تنفيذ البروتوكول الإنساني من الاتفاق".
وجاء البيان في الوقت الذي تستعد فيه الحركة لإعلان هويات الرهائن الثلاثة الذين ستطلق سراحهم غدا السبت، لكنه يؤكد هشاشة الاتفاق الذي أبرم الشهر الماضي بوساطة من مصر وقطر ودعم من الولايات المتحدة.
وتأخر الإعلان عن الأسماء اليوم في أعقاب اتهامات حماس، لكن لم يتضح على الفور ما إذا كان التأخير سيؤدي إلى تأخير التبادل.
إعادة إعمارغزة
دعا برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، المجتمع الدولي وجميع المانحين، إلى المساعدة في إطعام سكان غزة وإعادة إعمار القطاع الذي دمرته الحرب. وقال كارل سكاو نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، في تصريحات اليوم عقب زيارته قطاع غزة: " ندعو المجتمع الدولي وجميع المانحين إلى الاستمرار في دعم مساعدات إنقاذ الحياة التي يقدمها البرنامج في هذه اللحظة المحورية".
وأضاف سكاو، أن برنامج الأغذية العالمي أرسل أكثر من 15,000 طن من المواد الغذائية إلى غزة منذ بدء وقف إطلاق النار في 19 يناير الماضي، مشيرًا إلى أن البرنامج أسهم في تسهيل دخول أكثر من 4000 شاحنة إلى القطاع. وأشار إلى أن برنامج الأغذية العالمي، يستعد لإرسال ما يزيد على 30 ألف طن من الغذاء شهريًّا إلى غزة للوصول إلى 1.4 مليون شخص، لافتًا إلى أنه في غضون أربعة أو خمسة أيام عبر نصف مليون شخص إلى شمال القطاع. يذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي دخل حيز التنفيذ يوم 19 يناير الماضي.