كشفت الوثائق البريطانية، عن الدوافع الخفية وراء الهجوم العسكري الثلاثي على مصر في عام 1956، والذي شاركت فيه إسرائيل والمملكة المتحدة وفرنسا، والذي جاء خلافاً للهدف المعلن علناً المتمثل في استعادة السيطرة الدولية على قناة السويس، ولكن كان للهجوم لأغراض أخرى تستهدف ضرب مصر اقتصادياً وسياسياً، حيث كان يهدف الهجوم إلى تفكيك القوة الاقتصادية والعسكرية المصرية، وإقامة نظام جديد بعد الإطاحة بحكومة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

تأميم قناة السويس

جاء الهجوم ردًا على تأميم عبد الناصر لشركة قناة السويس في 26 يوليو 1956، واعتبرت هذه الخطوة تهديدًا مباشرًا لمصالح المملكة المتحدة وفرنسا، اللتين كانتا تسيطران على القناة. بدأ العمل العسكري، الذي أطلق عليه الحلفاء اسم «عملية الفارس»، في 29 أكتوبر 1956، وكان هذا على الرغم من التحذيرات الصريحة من الولايات المتحدة والتعبير عن غضب الناتو، الذي ظل في الظلام بشأن تنسيق بريطانيا مع إسرائيل.

عملية الفارس

بدأت إسرائيل، الحرب بعملية قادش، حيث سيطرت على قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، وكلاهما تحت الإدارة المصرية، وبدأ التخطيط للحرب بعد 3 أيام فقط من قرار عبد الناصر بالتأميم.

واوضح تقرير سري للغاية تم تبادله فقط بين وكالات الاستخبارات، اجتماع هيئة الأركان المشتركة البريطانية في 30 يوليو 1956، بحضور الجنرال سير تشارلز كيتلي، قائد قوات التحالف الثلاثي ضد مصر، حيث تم تعزيز الاستعدادات للحرب.

وكشف التقرير، عن نية الاستيلاء على قناة السويس دون تشريع خاص وتوقع قيام البحرية بتزويد الأفراد اللازمين دون استدعاء الاحتياطيات.

الجنرال سير تشارلز كيتليتكتيكات الحرب والغضب الشعبي

إلى جانب العمليات العسكرية، ذكر التقرير، خططًا لتعطيل إمدادات النفط، والتأثير على إمدادات مياه النيل، وشن حرب نفسية، وتضمنت الخطة العسكرية الثلاثية مراحل من الهجمات الجوية والحملات النفسية بأقل الخسائر في صفوف المدنيين، قبل الهبوط في بورسعيد، واحتلال منطقة القناة، والتقدم إلى المواقع الإستراتيجية. وعلى الرغم من هذه التكتيكات المحسوبة، واجهت الحرب رد فعل عنيفًا شديدًا.

العدوان الثلاثي على مصر

في الجانب الأخر، تدفق مئات الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع لندن، منددين بالحرب باعتبارها عدوانًا غير عادل، وطالبوا باستقالة رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، الذي انسحب في النهاية بعد شهرين من الحرب.

وسلطت الوثائق، الضوء كذلك على خطط الحرب النفسية، والاعتبارات القانونية لإدارة الأراضي المحتلة في مصر، والهدف غير المعلن المتمثل في الإطاحة بنظام عبد الناصر. اعتبر السقوط المتوقع للنظام المصري مباشرا بعد هزيمة الجيش المصري.

عملية الفارسوحددت ورقة رالف ماري، المسؤول القانوني في السفارة البريطانية في القاهرة في ذلك الوقت، أهداف هذه المرحلة في التالي:

* ضمان عدم عودة زمرة ناصر إلى السلطة والإطاحة بالحكومة في القاهرة.

* تنصيب وكالة لتشغيل القناة مؤقتة مهمتها إعادة فتحها وتشغيلها بأسرع ما يمكن.

* التفاوض مع القوى المعنية بشأن مشاركتها في نظام دولي للقناة.

* التفاوض مع الحكومة المصرية بشأن قبولهم (هذه القوى) مثل هذا النظام (الجديد).

ونصحت ورقة ماري، التي أقرها سير جيرالد فيتزموريس، كبير مستشاري وزارة الخارجية البريطانية القانونيين بأنه: «قبل سحب قواتنا، ينبغي أن نتأكد أولا من أن الحكومة اللاحقة لنظام ناصر في القاهرة ليست عرضة لخطر الإطاحة بها من جانب ناصر إذا سعى للعودة».

وذهبت الخطة لحد التحسب لطريقة التعامل مع نظام ناصر وأعضاء حكومته في حال خلعه.

العدوان على السويس

وقال ماري: «لو ألحقنا هزيمة كاملة بالقوات المصرية، فإن بعض هؤلاء الرجال سوف يتحولون إلى العمل السري. وربما يكون الحل الأفضل هو العمل على تسليمهم إلى الحكومة المصرية اللاحقة للتعامل معهم».

الموقف الأمريكي

بينما كان التخطيط العسكري البريطاني الفرنسي الإسرائيلي مستمرًا، رصد الأمريكيون خطة بريطانيا لإجلاء مواطنيها من عدد من دول الشرق الأوسط، وهو ما رأته الإدارة الأمريكية استعدادا للحرب على مصر.

والتقى بربور، القائم بالأعمال الأمريكي في لندن، مع وزير الخارجية البريطاني سيلوين لويد، في أوائل شهر سبتمبر بناء على تعليمات من حكومته.

ويقول محضر اللقاء، إن بربور أبلغ الوزير بأن حكومته قلقة من أن الرأي العالمي سوف يأخذ انطباعا غير إيجابي بسبب المعلومات المتاحة عن الاستعدادات البريطانية الفرنسية وعن خطط للإجلاء.

الزعيم جمال عبد الناصر وجون فوستر دالاس

وأبلغ الدبلوماسي الأمريكي البريطانيين، بأن وزيره جون فوستر دالاس، يرى أن الحكومتين البريطانية والفرنسية مثلهما مثل الحكومة الأمريكية، عليهما التزام بإيجاد حل سلمي لمشكلة قناة السويس، حتى لو لم يمكن إيجاد حل سلمي في خلال أسبوع، في إشارة إلى ضرورة منح المفاوضات بين عبد الناصر ووفد الدول المعنية برئاسة رئيس الوزراء الاسترالي روبرت مينزيس فرصة أكبر.

ورد البريطانيون قائلين: «ما نفعله ينسجم مع اتخاذ الاحتياطات ولا يجب أن يؤخذ على أنه إشارة إلى أننا نعد لحرب غدًا».

غير أنهم قالوا، إنه ما لم يرضخ ناصر، فسوف ينبغي علينا دراسة عمل آخر، من ناحية أخرى، لم يتم الضغط على الزر بعد.

وانتهى اللقاء، بأن قال بربور، إن دالاس يعتقد بأنه من المهم أن يكون الرأي العالمي وراءنا قبل أن نلجأ إلى القوة.

وأضاف أن خشيته هي أن التحركات العسكرية الحالية وبداية إجلاء المواطنين البريطانيين من الشرق الأوسط سوف تبعد الرأي العالمي عنا.

عملية موحدة

في هذه الأثناء، صارح حلف الناتو البريطانيين بـ «السخط» مما يجري بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.

ودفع هذا السخط ليون جونسون، نائب قائد قوات الناتو في أوروبا، إلى لقاءات متكررة مع أحد مسؤولي السفارة البريطانية في واشنطن، أشير إلى اسمه بحروف بي جيه إس أم، لمناقشة تأثير أزمة السويس على الحلف.

وجاء في برقية بالغة السرية من السفارة إلى وزير الدفاع البريطاني، أن حديث جونسون «كان صريحًا، وأوضح سخط وغضب الولايات المتحدة، الذي هو مرأي بوضوح في واشنطن».

ليون جونسون

وعن السبب، قال جونسون، إن عدم التشاور المسبق مع الولايات المتحدة، والتحشيد مع إسرائيل قبل التحرك الأنجلو فرنسي.

وحسب البرقية، فإن جونسون، أكد أن الحكومة الأمريكية تملك معلومة استخباراتية تتمتع بأعلى درجة ممكنة من المصداقية والدقة القائمة على حقائق، تؤكد أن التحرك الأنجلو فرنسي قد تم بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية والاتفاق معه. بكلمات أخرى، عملية موحدة.

وردًا على سؤال للبريطانيين، عما إذا كانت هذه المعلومة جاءت مباشرة من الممثل الأمريكي في إسرائيل أم من مصادر استخباراتية، أجاب جونسون، بأنه لا ينبغي عليه الإجابة عن هذا السؤال.

وأبلغت السفارة، وزير الدفاع البريطاني، بأن مسؤول الناتو لم يقتنع بتفسيرات البريطانيين، وبأن الكلمات التي يستخدمها وزير الخارجية البريطاني في الرد على الأسئلة بشأن ما يحدث «لم تقنعه شخصيًا بأنه لم يكن هناك تعاون إسرائيلي بريطاني قبل العمل العسكري».

اقرأ أيضاًمصطفى بكري: جمال عبد الناصر رفض حضور عُرس شقيقته «عايدة» بعد نكسة 67 «فيديو»

قتل جمال عبد الناصر (4)

مصطفى بكري يكشف أهم قرارين اتخذهما جمال عبد الناصر بعد نكسة 67 (فيديو)

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل جمال عبد الناصر العدوان الثلاثي العدوان الثلاثي على مصر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس المملكة المتحدة وفرنسا عملية الفارس جمال عبد الناصر قناة السویس على مصر

إقرأ أيضاً:

جامعة قناة السويس تعزز دورها المجتمعي بندوات تثقيفية حول محو الأمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظمت جامعة قناة السويس سلسلة من الندوات التوعوية والتثقيفية بكلية العلوم، في إطار جهودها لدعم قضايا المجتمع وتعزيز دورها في خدمة البيئة المحيطة، وذلك تحت عنوان "محو الأمية.. مسئولية مجتمعية وواجب وطني".

أكد الدكتور ناصر مندور، رئيس جامعة قناة السويس، أن الجامعة تضع قضايا التعليم ومحو الأمية في مقدمة أولوياتها، باعتبارها قضية أمن قومي تتطلب تكاتف جميع المؤسسات، مشددًا على أهمية التعاون بين الجامعات والهيئة العامة لتعليم الكبار لتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بالمجتمع.

كما أوضحت الدكتورة دينا أبو المعاطي، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، أن الجامعة تضطلع بدور محوري في مواجهة مشكلة الأمية من خلال مراكز تعليم الكبار، التي تعمل على تقديم برامج نوعية تستهدف غير القادرين على الالتحاق بالتعليم النظامي، مشيرةً إلى أهمية إشراك الطلاب في هذه الجهود لتعزيز روح المسؤولية لديهم.

أقيمت الندوات تحت إشراف الدكتورة مها فريد سليمان عميد كلية العلوم والدكتور مدحت صالح عميد كلية التربية، وبإشراف تنفيذي من الدكتور رأفت عفيفي، وكيل كلية العلوم لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.

شهدت الفعاليات تقديم الدكتورة أميرة خيري، مدير مركز تعليم الكبار بالجامعة والأستاذ المساعد بكلية التربية قسم أصول التربية، ندوة تناولت فيها قضية الأمية باعتبارها تحديًا وطنيًا، مؤكدةً أن التعليم يمثل حجر الأساس في تحقيق الأمن القومي والتنمية.

كما سلطت الضوء على دور الجامعة في التصدي لمشكلة الأمية، وآليات تفعيل الشراكة بين الجامعات والهيئة العامة لتعليم الكبار لتحقيق نتائج ملموسة في هذا المجال.

وفي ندوة أخرى، تناولت الدكتورة نشوه سعد بسطوسي، الأستاذ بكلية التربية، مفهوم المسؤولية المجتمعية لدى الطلاب، موضحةً أبعادها، وأنواعها، وأهميتها، وكيفية تنميتها لدى الأجيال القادمة، مشددةً على أن تعزيز الشعور بالمسؤولية الاجتماعية لدى الشباب يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وقدرة على مواجهة التحديات.

كما قدمت نورهان سيد محمد، مدير عام فرع تعليم الكبار بالهيئة العامة لتعليم الكبار، ندوة تعريفية حول المشروع القومي للجامعات المصرية، حيث استعرضت أهداف المشروع ودور الجامعات في المساهمة الفعالة في محو الأمية وتعليم الكبار، من خلال بروتوكولات التعاون المبرمة بين الهيئة والجامعات، مشيدةً بجهود جامعة قناة السويس في هذا الإطار.

تولت إيفون حبيب، مدير إدارة الاتصالات والمؤتمرات بالجامعة، تنظيم الفعاليات والإشراف على تنسيقها، لضمان تحقيق أقصى استفادة للمشاركين.

مقالات مشابهة

  • شاهد.. التجهيزات الأخيرة لمبنى الاختبارات الإلكترونية بجامعة قناة السويس
  • جامعة قناة السويس تعقد لقاءً تعريفيًا لتعزيز الوعي النفسي بين الطلاب
  • رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع عقد مشروع تصنيع الملابس الجاهزة بالقنطرة غرب
  • جامعة قناة السويس تعزز دورها المجتمعي بندوات تثقيفية حول محو الأمية
  • جامعة قناة السويس تعقد ورشة عمل حول التخطيط الاستراتيجي للحياة
  • هل تعوض قناة السويس خسائرها بعد انتهاء الحرب في غزة؟
  • إقامة مباراة سيراميكا كليوباترا والجونة في كأس مصر باستاد هيئة قناة السويس
  • إقامة مباراة سيراميكا كليوباترا والجونة في كأس مصر بستاد هيئة قناة السويس
  • باستثمارات 28 مليون دولار.. رئيس اقتصادية قناة السويس يُوقع مشروعين جديدين لصناعات المنسوجات
  • جامعة قناة السويس تنظم ندوة عن التعلم النشط والتفكير الإيجابي