القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي: يبدو أن نبوءة  صامويل هنتنجتون بنظرية صراع الحضارات قد تحققت، وهي النظرية التي تقول بصراعات مابعد الحرب الباردة لن تكون بين الدول القومية واختلافاتها السياسية والاقتصادية، بل ستكون الاختلافات الثقافية المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنوات القادمة.  الكاتب والشاعر المصري  فاروق جويدة قرع أجراس الخطر اليوم مؤكدا وجود ظاهرة جديدة على العالم العربى بدأت تأخذ مكانتها ووقائعها فى فكر وثقافة عدد من المثقفين العرب يمكن أن يطلق عليها نسب الحضارات واختلاق الأدوار ومحاولة العدوان على حقائق التاريخ، مشيرا إلى أن الظاهرة بدأت تتجلى فى عمليات البحث والتنقيب عن الآثار ومحاولة البحث عن الوثائق حتى لو تطلب الأمر اختلاق بعضها.

جويدة نبه صراحةً – في مقاله اليوم بالأهرام بعنوان “صراع حضارات جديد بين الدول العربية” – إلى أطماع إسرائيل فى مصر والمدينة المنورة كمحاولات لسرقة التاريخ. وقال إن من حق الدول العربية أن تنقب عن تاريخها آثارا وجذورا ولكن ينبغى ألا يكون ذلك على حساب ثوابت تاريخية خاصة أن هناك جهات كثيرة مشبوهة تسعى لفتح أبواب لصراعات حضارية خارج التاريخ والزمن. وقال جويدة إن دولا عربية كثيرة تنقب الآن فى أراضيها بحثا عن آثار آو معابد أو مومياوات ربما اختلطت الأوراق وتكشفت حقائق أخرى، لافتا إلى أن المؤكد أن هناك من يريد هذه الصراعات. وقال إن إن من حق الشعوب أن تبحث عن جذورها وحضارتها خاصة أننا نعيش فى وطن واحد فى ظل حضارات تأثرت ببعضها ولكن أمام التاريخ لا ينبغى خلط الأوراق والعدوان على الأدوار.. لا احد يمنع بحث الشعوب عن جذورها وأدوارها فى ظل حقائق ثابتة الحضارات جزء من مكونات كل شعب ولكن بما يحفظ للتاريخ قدسيته. وقال إن البعض الآن يحاول أن يفتش عن الأدوار ومن سبق وهل عرفت الكتابة فى بابل بالعراق أم مصر القديمة خاصة أن هناك جوانب تفردت بها الحضارة المصرية القديمة فى الطب والتحنيط والعمارة والمعابد والمقابر والأهرامات وهى إنجازات حضارية لم يسبق إليها أحد.. وخلص جويدة إلى أنه ليس المهم الآن من سبق ولكن المهم أن نستعيد قدرتنا على أن نصنع حاضرا جديدا يضيف لما قدمنا للبشرية من أمجاد وإنجازات قديمة، لافتا إلى أن السباق بين الأشقاء ينبغى أن يكون على المستقبل؛ لأن الحضارات فى ذمة التاريخ وكثيرا ما وحدت بيننا فى الماضى ويجب أن نبحث عن كل ما يوحدنا الآن. من جانبه دعا المترجم والمفكر المصري شوقي جلال إلى الانتباه لأبعاد دور اليهود ومحاولاتهم المتكررة منذ نشأة تاريخهم لاغتصاب تاريخ مصر الحضاري، والادعاء بأنهم هم صناع حضارة وادى النيل. وأضاف جلال لـ “رأي اليوم” أنه للأسف حين يصمت أساتذة المصريات عن هذا الاغتصاب، ويتصدون لكل من يتحدث عن دور مصر الحضاري، فإنهم بذلك يدعمون الخصوم، ويمهدون لهم الأرض، إذ يتركون الوعى المصرى بالتاريخ الاجتماعى فارغا من حيثيات دوره الحضاري. وقال جلال إن التاريخ تحت رعاية وعيون قوى المستعمر ورواية رؤاه الايديولوجية، مؤكدا الحاجة الماسة لكتابة تاريخ الشعوب الاجتماعي. الأفروسنترك في ذات السياق قال د.وسيم السيسي إن الموضوع يبدأ برجل سنغالى، يُدعى Anta-diop، ادعى أن مصر كانت مليئة بالأفارقة السود، والغرب هو الذي شوه التاريخ، ثم جاء إفريقى 1980، يُدعى كيتى أسانتى، يدّعِى أن الأفارقة السود هم مَن أقاموا حضارة مصر، وطبع كلمة Afrocentricity على حركتهم الشريرة. وأضاف السيسي أن  الأفارقة السود في أمريكا الشمالية تلقفوا هذه الدعوة الضالّة، التي تدّعِى أن المصريين الحاليين إنما هم أبناء الغزاة من يونان إلى رومان إلى عرب إلى إلى مماليك إلى آخره، وأن هؤلاء الغزاة قتلوهم، فهربوا إلى أواسط إفريقيا، وهم أحفاد أصحاب هذه الحضارة المصرية. وقال السيسي إن الصهيونية العالمية تلقفت هذه الحركة المشبوهة، وأخذت تغذيها بالمال والميديا والأفلام الوثائقية، مثل فيلم كليوباترا، تمهيدًا لنزوح الأفارقة إلى مصر من الجنوب «السودان»، والغرب (تشاد وليبيا)، وبعد عشرات السنين نصبح جالية صغيرة في بلادنا مصر!. وقال إن الرد على هؤلاء الأشرار بالمنطق أولًا، والعلم ثانيًا. وتابع قائلا: “كليوباترا الهيلينية المقدونية لم يغفل عن تاريخها وليم شكسبير أو الفيلم العالمى 1963 وبطلته الشقراء إليزابيث تايلور حتى يكتشف هؤلاء الأدعياء أنها إفريقية سوداء!. أما العلم فأنا أبدأ بمعهد ماكس بلانك في برلين، والذى رئيسه Savanty Babo، الحاصل على جائزة نوبل 2022، قام عالمان في هذا المعهد، وولف جانج هاك ويوهانس كراوس، بأخذ عينات D.N.A من مومياوات أبوصير الملق من 1300 قبل الميلاد حتى 600 بعد الميلاد، وقارنوها بـD.N.A المصريين الحاليين، فكانت النتائج صادمة لهؤلاء السود المُموَّلين النصابين.”. وقال إن النتيجة الأولى كانت أن المصريين الحاليين إنما هم أحفاد هذه المومياوات في أبوصير الملق، أما النتيجة الصادمة الثانية فهى: ليس هناك D.N.A أسود حتى 600 بعد الميلاد، مشيرا إلى أن الأسرة 30 انتهت 332 قبل الميلاد بدخول الإسكندر الأكبر مصر!. واختتم بتقديم عدة توصيات، منها: حق انتفاع وليس تمليكًا لأرض أو عقار أسوة بالدول العربية مع الأجانب.  مشاركة المصريين في أي مشروع أجنبى بنسبة 51 بالمئة أسوة بالولايات المتحدة الأمريكية. كثافة سكانية مصرية في المناطق النائية، مشيرا إلى أن الهكسوس لم يدخلوا مصر حربًا، بل كان غزوًا سلميًّا، وحتى نُخرجهم كانت حربًا ضروسًا، توقفت النساء فيها عن الإنجاب من هول المعارك برًّا وبحرًا. وأردف: أرجو أن نفيق قبل فوات الأوان.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الدول العربیة وقال إن إلى أن

إقرأ أيضاً:

استفادة الدول العربية من مجموعة "بريكس"

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

خلال العام الماضي انضم إلى مجموعة "بريكس" عدد من الدول العربية من بينها مصر؛ حيث تضم هذه الكتلة عددًا من الاقتصادات الناشئة الكبرى في العالم من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري فيما بينها. 
عضوية هذه المجموعة تهدف إلى فتح آفاق جديدة للاستثمارات الأجنبية وتعزيز فرص العمل؛ الأمر الذي سوف يعمل على زيادة النمو الاقتصادي للدول الأعضاء، في حين تزداد أهمية هذه المجموعة في النظام العالمي المتعدد الأقطاب، وبناء قوى اقتصادية جديدة وتعزيز التجارة بين الدول النامية. وبالرغم من تلك الأهداف فإن التحديات ماثلة أمام هذه المجموعة خاصة تلك التي يريد أن يخلقها الرئيس الأمريكي ترامب القادم إلى البيت الأبيض فيما يتعلق بموضوع طرح عملة خاصة بهذه المجموعة التي تعمل على تبني وسيلة جديدة بدلًا من التعامل مع نظام "سويفت" المالي العالمي. 
إحدى القضايا المهمة في سياسات مجموعة بريكس هي التخطيط لإنجاح "نظام تعدُّد العملات" والتخلي عن الدولار الأمريكي تدريجيًا في التعاملات التجارية بين الأعضاء وخاصة بين روسيا والهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا التي بدأت التعامل بالعملات المحلية في التجارة فيما بينها، وذلك لمواجهة التحديات والصعوبات الناجمة عن هيمنة العملة الخضراء على اقتصاداتهم، حيث تسعى إلى التقليل من الاعتماد على هذه العملة وتحويل النظام النقدي والمالي الدولي الحالي بعيدًا عن "سويفت".
المجموعة توسعت مؤخرًا لتضم اليوم 20 دولة وتشكّل نصف سكان العالم من حيث العدد، و41% من الاقتصاد العالمي، بعد قبول عدة دول كأعضاء جدد في عام 2024، بحيث انضمت تسع دول جديدة لمجموعة بريكس رسميًا اعتبارًا من بداية العام الجاري 2025، وهي بيلاروسيا، وبوليفيا، وكوبا، وإندونيسيا، وكازاخستان، وماليزيا، وتايلاند، وأوغندا، وأوزبكستان. المجموعة تشكّل اليوم قوة تعادل القوة الاقتصادية في العمليات الشرائية لنصف سكان العالم، خاصة وأنها تضم كبار المنتجين للسلع الأساسية مثل النفط والغاز والحبوب واللحوم والمعادن. وهناك 4 دول متبقية لم تتقدم بالرد الرسمي للانضمام حتى نهاية العام الماضي 2024؛ وهي: الجزائر ونيجيريا وتركيا وفيتنام.
مجموعة بريكس تأسست في بداية الأمر عام 2009 من قِبل: البرازيل وروسيا والهند والصين لتنضم إليها لاحقاً في العام التالي 2010 دولة جنوب إفريقيا، وتوسعت المجموعة في قمة 2023 بجوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، بدعوة الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات؛ حيث انضمت معظم الدول العربية المدعوة العام الماضي 2024، في حين لم تتخذ السعودية القرار الرسمي إلى الآن. أما الأرجنتين فقد وافقت في البداية على الانضمام، عندما كانت لديها حكومة يسار الوسط، إلا أن حكومة اليمين المتطرف المؤيد للولايات المتحدة ألغت القرار في ديسبمر عام 2023، ومنعت الأرجنتين من الانضمام إلى مجموعة بريكس في يناير 2024.
ومع إضافة دول شريكة أخرى، أصبحت هذه المجموعة التي تضم أكثر 20 دولة قوة بشرية واقتصادية كبيرة في العالم تضم حوالي 4 مليارات نسمة بوجود الهند والصين التي يبلغ عدد سكان كل منها حوالي 1.4 مليار نسمة، فيما يبلغ عدد سكان إندونيسيا 290 مليون نسمة بجانب القوة السكانية في البرازيل وروسيا وإثيوبيا ومصر وإيران وتايلاند. 
ويُشكّل الأعضاء الخمسة الأصليون في مجموعة بريكس 33.76% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (تعادل القوة الشرائية) في أكتوبر 2024، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي. كما تشكّل حصة أكبر من الاقتصاد العالمي مقارنة بمجموعة السبع للدول الغربية، والتي مثلت 29.08% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (تعادل القوة الشرائية) في عام 2024. ويعزى السبب الرئيسي وراء هذا التحول التاريخي إلى النمو الاقتصادي الهائل للصين التي أصبحت القوة العظمى الصناعية الوحيدة في العالم، والمسؤولة عن 35٪ من الإنتاج الصناعي الإجمالي العالمي (ما يقرب من ثلاثة أضعاف الولايات المتحدة). 
وخلال المرحلة المقبلة، من المتوقع انضمام دول عربية أخرى إلى مجموعة بريكس لتحقيق بعض المكاسب؛ إذ إن الدول العربية تمثل سوقًا كبيرة لمختلف المنتجات للدول الأخرى. كما إن هناك العديد من الإيجابيات لانضمام الدول العربية لهذه المجموعة منها تعزيز التعاون الاقتصادي في مجالات التجارة والاستثمار، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيما بينها مما يساعد في النمو الاقتصادي المحلي، اضافة إلى تنوع الأسواق فيما بينها؛ الأمر الذي يزيد من فرص تصدير المنتجات العربية، وتبادل المعرفة والتكنولوجيا لتستفيد الدول العربية وتعزز فرص التنمية الصناعية لديها، بجانب تعزيز الوزن السياسي لها على المسرح العالمي. 
ورغم ذلك تبقى هناك سلبيات من الانضمام لمثل هذه المجموعات تتمثل في التبعية الاقتصادية لتلك الدول، وصعوبة التنسيق فيما بينها بسبب اختلاف أولوياتها الاقتصادية، بالاضافة إلى التحديات الأمنية، والتنافس الداخلي فيما بينها، وأخيرًا تعرضها للتقلبات الاقتصادية نتيجة الاعتماد على مجموعة من الاقتصادات الناشئة.
 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • “أكسيوس”: مسؤولون يحذرون ترامب من كارثة في غزة بعد حظر “إسرائيل” للأونروا
  • هل يكون الجنوب العالمي بوابة الصين لبناء نظام عالمي جديد؟
  • جامعة الدول العربية تدين خريطة إسرائيل: منشورات تحريضية لتأجيج التطرف
  • جامعة الدول العربية تدين نشر إسرائيل خرائط لدولتها تضم أراضي عربية
  • جبريل إبراهيم: هناك من يتربصون بالدولة وينتظرون إنهيارها وعشمهم لن يتحقق
  • لقطات تحبس الأنفاس .. شاهد سيول مكة والمدينة المنورة
  • استفادة الدول العربية من مجموعة "بريكس"
  • إندونيسيا تنضم رسميا إلى تكتل بريكس
  • أميركا تسجل أول وفاة بإنفلونزا الطيور إتش5 إن1.. وخبراء: مثيرة للقلق ولكن ليست مفاجئة
  • “البيئة” ترصد هطول أمطار في 6 مناطق.. والمدينة المنورة تسجّل أعلى كمية بـ49.2 ملم