لهذه الأسباب لم تشارك مصر والسعودية والإمارات بتحالف حارس الازدهار
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
ألقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بإحدى شظاياها على منطقة البحر الأحمر، فوجدت الولايات المتحدة نفسها تقود تحالفا جديدا ضد الحوثيين في اليمن، والذين يفرضون حصارا ناريا على ميناء إيلات الإسرائيلي من خلال استهداف السفن التجارية المتوجهة إليه عبر مضيق باب المندب.
المثير للاهتمام أن الدول العربية -وعلى رأسها السعودية والإمارات اللتين خاضتا حربا ضد الحوثيين- لم تنضم إلى تحالف حارس الازدهار الذي أعلنت الولايات المتحدة تشكيله في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وحدها البحرين التي تحتضن مقر الأسطول الخامس الأميركي انضمت إلى التحالف البحري الجديد من بين بقية الدول العربية، رغم أن دورها من المرجح أن يكون رمزيا ويقتصر فقط على الجانب اللوجيستي.
هذا التردد أو الإحجام العربي عن المشاركة في تحالف بحري تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين، يدفع للتساؤل عن خلفياته وانعكاساته السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة العربية.
حماية الملاحة أم فك الحصار عن إيلات؟للوهلة الأولى، يسود الاعتقاد أن مهمة تحالف حارس الازدهار في بحر العرب وخليج عدن، لا تختلف كثيرا عن التحالف الدولي البحري الذي تشكل في بحر العرب والمحيط الهندي في مواجهة القراصنة الصوماليين.
إلا أن الوضع مختلف هذه المرة، فالمسألة متعلقة بالحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة من خلال منع المياه والغذاء والكهرباء والوقود والدواء عنه، لذلك أعلنت جماعة الحوثي مهاجمتها للسفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية إلى غاية فك الحصار عن القطاع.
وبدل أن تسعى واشنطن لوقف الحرب ورفع الحصار عن سكان غزة، تحشد أكبر عدد ممكن من الدول لحماية إسرائيل وتجارتها البحرية، لأن الحوثيين أعلنوا أنهم لا يستهدفون الملاحة الدولية في المنطقة باستثناء السفن التجارية المتجهة للموانئ الإسرائيلية.
وهذا ما يجعل دولا عربية مثل مصر والسعودية تحجم عن المشاركة في تحالف هدفه الحقيقي حشد الدعم العسكري لإسرائيل في حربها على غزة ولو بشكل غير مباشر، ومحاولة كسر العزلة الدولية التي تعاني منها تل أبيب بسبب جرائم الحرب التي ترتكبها في غزة، وتجلى ذلك في تصويت مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد، تقول صحيفة نيويورك تايمز إنه في ظل الدعم الأميركي للحرب الإسرائيلية على غزة لا يبدو أن أي دولة في المنطقة ترغب في الارتباط بالولايات المتحدة في مغامرة عسكرية.
حسابات السعودية مع بايدن
لا يمكن للسعودية أن تنسى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وجهت لها انتقادات لاذعة وللتحالف العربي بشأن حرب اليمن، وأوقفت دعمها لها، وعلقت بيع أسلحة وذخائر لجيشها، كما رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب، لكن اليوم ومن أجل إسرائيل تطلب منها المشاركة في حرب جديدة في اليمن.
فالأوضاع بين السعودية والحوثيين في حالة تهدئة، خاصة بعد الوساطة الصينية الناجحة بين الرياض وطهران، حليفة الحوثيين.
ولا ترغب السعودية في تصعيد الوضع بالانضمام إلى تحالف عسكري جديد ضد الحوثيين، يعيدها إلى حرب استنزاف جديدة تربك توجهها الجديد.
ومن شأن الانضمام إلى التحالف البحري بقيادة واشنطن أن يشعل الحرب مجددا، ويجعل السعودية في وجه العاصفة، وهدفا لصواريخ ومسيرات الحوثيين، بينما تسعى الرياض للتركيز على بناء اقتصاد لا يعتمد على مداخيل النفط، وفق رؤية 2030، وتوفير أجواء مستقرة في المنطقة، خاصة بعد فوزها بتنظيم إكسبو 2030، وتنظيم كأس العالم 2034.
وهذا ما أشار إليه عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي محمد البخيتي، حيث قال في تصريح صحفي "إذا ما التزمت السعودية والإمارات بعدم المشاركة العلنية وحتى غير العلنية فإن خفض التصعيد سيستمر فيما بيننا وبينهم، لكن إذا ما قاموا وشاركوا في الحرب على اليمن فإننا.. سنستهدف كل ناقلات النفط في المنطقة".
الإمارات تتريث وتشترط
الإمارات، التي تعتبر ضلعا رئيسيا في التحالف العربي ضد الحوثيين، عانت هي الأخرى من تعليق إدارة بايدن، صفقات سلاح مهمة معها، وعلى رأسها صفقة طائرات إف–35 الحربية، بسبب حرب اليمن، وهو ما يجعلها تتريث في قبول الانضمام إلى تحالف حارس الرخاء.
لكن قناة كان الإسرائيلية، زعمت أن الإمارات أكّدت أنّها تدرس مسألة انضمامها إلى التحالف البحري في البحر الأحمر، إذا أقرّت واشنطن توجيه ضربة مهمة جدا ضد الحوثيين، ولم يصدر رد على الفور من أبو ظبي.
وسبق أن أعلنت الإمارات في ربيع 2023 انسحابها من القوات البحرية المشتركة، والتي كانت تضم 38 دولة بقيادة الولايات المتحدة، ومهمتها حماية الملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر من القرصنة و"الإرهاب".
ولم توضح الإمارات حينها سبب الانسحاب، لكن صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت في تقرير لها نقلا عن مصادر أميركية وخليجية أن الإمارات كانت محبطة من عدم رد الولايات المتحدة على احتجاز إيران ناقلتي نفط في خليج عمان. إلا أن هذا التقرير أثار حفيظة أبو ظبي التي انتقدت ما اعتبرته توصيفات خاطئة.
بينما التحالف الجديد، سيلعب دورا دفاعيا، أي أنه سيكتفي بإسقاط مسيّرات الحوثي وصواريخه الباليستية التي تستهدف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أو تلك التي تستهدف مدينة إيلات على ساحل البحر الأحمر.
ولن يقوم التحالف بأي عمليات هجومية على العاصمة صنعاء والمدن والموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، على الأقل في المرحلة الأولى، فالولايات المتحدة لا تريد التورط في حرب فيتنام جديدة.
مصر.. سوابق وتعقيدات
وبالنسبة لمصر فالوضع أكثر تعقيدا، فهي معنية بشكل مباشر بتأمين حركة الملاحة في مضيق باب المندب، لارتباطها بقناة السويس، والتي تمثل المصدر الرابع للدخل في البلاد بالعملة الصعبة (أكثر من 9 مليارات دولار سنويا) بعد الصادرات، وتحويلات العاملين في الخارج، والسياحة.
إذ إن إعلان كبرى شركات الشحن العالمية تحويل مسارات سفنها من المرور عبر قناة السويس إلى الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح، من شأنه التأثير مستقبلا على مداخيل مصر من القناة، إذا طالت فترة التوتر الأمني بمضيق باب المندب.
وحتى الحين غيّرت 180 سفينة مسارها بعيدا عن مضيق باب المندب، أو تم إيقافها بانتظار تعليمات من الشركات المشغلة لها، وفق ما أعلنته شركة الشحن الأميركية فليكسبورت، في 21 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
لذلك يمثل انضمام مصر إلى تحالف حارس الازدهار مصلحة اقتصادية، إلا أن القاهرة لم تنضم إلى هذا التحالف، رغم أن الفريق مهاب مميش مستشار الرئيس المصري للموانئ طالب بضرورة توفير قوة تأمين مصرية تتمركز بمحاذاة إحدى الدول في البحر الأحمر.
ومن مصلحة مصر الإستراتيجية زيادة الضغط على إسرائيل لرفع حصارها على غزة، ما يسقط بذلك مشروع تهجير الغزيين إلى سيناء.
وفي هذا السياق، يصب اشتراط الحوثيين وقف استهداف السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية مقابل إدخال الغذاء إلى غزة في مصلحة مصر، وأمنها القومي، المتعلق برفض تهجير سكان القطاع إلى أراضيها وتصفية القضية الفلسطينية، أو انتقال المقاومة الفلسطينية إلى سيناء، في تكرار للتجربتين الأردنية واللبنانية.
كما أن مصر لها تجربة مريرة في المشاركة بالحرب الأهلية اليمنية (1962ـ 1970)، ولا ترغب في تكرار هذه التجربة.
وهذا ما يفسر مشاركتها في التحالف العربي ضد الحوثيين في 2015 بدون قوات برية على الأرض، والاكتفاء بقطع بحرية لتأمين الملاحة في البحر الأحمر عبر قناة السويس.
وعليه فإن الوضع معقد في البحر الأحمر، وتشكيل تحالف جديد من 10 دول بقيادة الولايات المتحدة، سيكون تجربة مكررة للقوات البحرية الدولية المشتركة في المنطقة، إلا إذا تطور إلى مواجهة عسكرية بعد تلويح الحوثيين باستهداف القطع البحرية الحربية الأميركية في المنطقة، وضرب المنشآت النفطية في السعودية والإمارات إذا اشتركتا في التحالف.
وسينعكس ذلك سلبا على حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وقناة السويس، وإمكانية بحث شركات الملاحة عن مسارات جديدة لسفنها شمالا وجنوبا، وسيكون لذلك أضرار على الاقتصاد المصري، وورقة ضغط تستخدمها الدول الغربية من أجل جعل تهجير سكان غزة إلى سيناء أمرا واقعا.
تصدع وتوجس
وليست الدول العربية وحدها المتوجسة إزاء هذا التحالف، إذ تحدثت تسريبات عن انسحاب دول أوروبية منه لإدراكها أن أميركا تحشد العالم لمجرد فك الحصار عن ميناء إسرائيلي بينما يمكن العلاج الموقف بإدخال المواد الغذائية لقطاع غزة.
واليوم الأحد قال عضو القيادة السياسية للحوثيين محمد الحوثي إن "الإعلان عن انسحاب من "تحالف حماية السفن الإسرائيلية، يؤكد فشل التحالف المعلن"، ويؤكد أن الدول المنسحبة "رأت أن أهمية مصلحة بلدانها أولى من هذا التحالف".
ويضيف هذه "رسالة لمن يريد الاستمرار في المغامرة بالحفاظ على مصلحته بدلا من التضحية بها لإجل مصلحة الكيان المحتل".
وجدد التأكيد على أن "أي استهداف من قبل هذا التحالف بالإقدام على أي حماقة بعمليات ضد الشعب اليمني وجمهوريته سيجعل من سفن المعتدي وبوارجه وملاحته ومصالحه هدفا للصواريخ والطيران والعمليات العسكرية اليمنية".
وقال إن أفضل حل لتجنب التصعيد حماية الملاحة الدولية وقناة السويس يكمن في خطوتين: إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة وفك الحصار عنها وإدخال الغذاء والدواء لها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تحالف حارس الازدهار السعودیة والإمارات الولایات المتحدة فی البحر الأحمر ضد الحوثیین هذا التحالف فی المنطقة باب المندب إلى تحالف الحصار عن على غزة
إقرأ أيضاً:
COP29.. تحالف عالمي للقيادات النسائية الدينية في مواجهة تغير المناخ
شهد جناح الأديان الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين، في الدورة التاسعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP29، التي تستضيفها العاصمة الأذربيجانية باكو، إطلاق تحالف عالمي للقيادات النسائية الدينية في مواجهة التغير المناخي.
وجاء إطلاق التحالف بحضور 50 من القيادات النسائية يمثلن 15 دولة حول العالم، منهن ماري روبنسون، الرئيسة السابقة لجمهورية أيرلندا، عضو مؤسس لمجموعة "الحكماء" والمؤسسة المشاركة لمشروع "الهندباء"، وهي حملة عالمية تقودها النساء من أجل العدالة المناخية، وريديما باندي، الناشطة الشابة في مجال المناخ.
إطلاق التحالف العالميوقالت ماري روبنسون، في كلمتها بمناسبة إطلاق التحالف العالمي للقيادات النسائية الدينية من أجل المناخ، إن القيادات الدينية تمثل قوة هائلة قادرة على تحفيز أكثر من 5.8 مليار شخص حول العالم، لتحويل القيم الأخلاقية والدينية إلى أفعال ملموسة لمواجهة أزمة المناخ.
ويهدف التحالف العالمي للقيادات النسائية الدينية الذي يحمل اسم "النساء، الأديان، المناخ"، إلى إشراك تحالفات العمل المناخي التي تقودها النساء من ديانات وجغرافيات مختلفة، والاستفادة من التأثير القوي للقيادات النسائية الدينية للمضي قدماً وبسرعة أكبر نحو تحقيق الأهداف المناخية العالمية، إضافة إلى إلقاء الضوء على الأدوار النسائية في مواجهة أزمة المناخ على المستويين الوطني والدولي، ونشر أفضل الممارسات في مجال الاستدامة البيئية، وتعزيز التعاون بين التحالفات النسائية من مختلف الأديان، وتحفيز مزيدٍ من النساء على المشاركة في الجهود المناخية العالمية.
73 مليون شخصويستفيد من هذا التحالف أكثر من 73 مليون شخص حول العالم، من منظمات كبرى مثل “الاتحاد الأمومي”، ومؤسسة "تزو تشي" البوذية، وحركة “براهم كوماريس”، إضافة إلى "الاتحاد الدولي للرؤساء العامات" .
كما تشمل خططه المستقبلية تعزيز الوعي العالمي بالجهود المناخية بقيادة النساء من خلال حملات إعلامية وقصص ملهمة تسلط الضوء على نجاحاتهن، وتوسيع نطاق التعاون لتنفيذ مشروعات تشجير دور العبادة وزراعة الأشجار واستخدام الطاقة المتجددة، بجانب تعزيز الوعي بأهمية تبني سياسات مناخية فعالة، خلال الفعاليات العالمية المقبلة مثل مؤتمر الأطراف COP30، مع إنشاء آلية تنسيقية لدعم التواصل وتبادل الخبرات بين الأعضاء لتوحيد الجهود في مواجهة التحديات المناخية.