عدن ((عدن الغد)) خاص:

كتب /سعيد عولقي 

(سالمين) من له اذنان للسمع، فليسمع.. حيث تكون الجثة، تتجمع النسور"لوقا"
كان يوماً بهيجاً من ايام1978م لم نعلم حينها انه سيكون له ما بعده.. الرئيس سالم ربيع علي-- سالمين -- في اتصال تليفوني مع رئيس اتحاد الفنانين قال : كلهم.. كلهم ياعيديد معزومين.. قال له : ولكنهم كثيرون اخي الرئيس.

. اكد له : لا بأس.. قلت لك كلهم.. تلك كانت دعوة كريمة علئ حفل غداء ومقيل في دار الرئاسة.. اكبر حفل رأيناه في ايامنا تلك على الاطلاق.. لم يكن سالمين يعلم حينها انه حفل وداع.. ولا نحن نعلم الغيب.. وذهبنا.. كل اصناف المأكولات التي لم نكن نراها من قبل، كانت حاضرة.. وكذلك اجود انواع القات. 
  في المقيل، وفي ختام الكلام سال الرئيس جموع الحاضرين اللذين كانوا يمثلون الادب والفن والاعلام عن طلباتهم ان كانت لهم طلبات.. ماذا يريدون.. اذكر ان الفنان محمد عبده الزيدي كان يريد منحة للعلاج في الخارج.. وفيصل عبدالله يريد دعماً مالياً لمسرحية كان يعمل على اخراجها.. وغيره كثيرون قدموا طلباتهم.. وكان سالمين يرفع يده مشيراً الى كبير المحاسبين في الرئاسة لتنفيذ الطلب.. تلك كانت وكأنها ليلة القدر لتحقيق الاماني.. على مائدة الغداء قال لي الاستاذ عبدالواسع قاسم : لا تشغل نفسك كثيراً بالرز والخبز.. صحيح بسمتي اصلي، ولكن لا يهم.. فقط ركز علئ اللحم.. بالذات من هذا الجدي الرضيع المشوي. !!
  نرجع الى ليلة القدر.. في آخر اجتماع لفرقتنا المسرحية"المسرح الحديث"كنا نطمح الئ بناء مسرح الجيب داخل مقر فرقتنا الكبير الجميل بكريتر المجاور لمباني البلديات.. كنا قد اخترنا الاخ نجيب عبدالرحمن الدبعي رئيساً للفرقة.. وفوضناه للطلب من سالمين في ليلة القدر تلك.. وفعلاً اجاب علئ سؤال سالمين.. قال له : كم تطلبون لبناء مسرح الجيب ذاك؟ قال له نجيب : خمسة الاف شلن  !! قال سالمين متسائلاً : خمسة او خمسين؟؟ فأكد نجيب وهو يبتسم : لا فقط خمسة.. وتمت اشارة سالمين للمحاسب.. وبنينا المسرح في مقر الفرقة.. وكانت تنقصنا الكراسي، فمنحنا تفويضاً للنقل البري ليعطينا الكراسي.. كانت كراسي جميلة ومتينة مأخوذة من باصات النقل البري المجرية التي استوردها باصرة.. والغيت بخروجها لعدم صلاحيتها للخدمة.. والقيت في صحراء العند.. وجهزنا مسرحنا بكراسي باصات الايكوروس المجرية المكنسلة.. وافتتحنا لاول مرة مسرح جيب مكيف ومريح في الطابق العلوي لمقرنا، وفيه كذلك جهاز لعرض افلام السينما تابع لنادي السينما الذي استحدثنا. 
 كان بن ربيع يرتدي فوطة حريرية راقية.. ومعه كنا علئ وشك توديع الفقر والعوز، وبناء دولة الكفاية والعدل.. في آخر خطاب متلفز له اختتمه بقوله علئ غير العادة :والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. !!
كان الناس يقولون، ونحن معهم نظن بانه: لو تزحزح هذا الجبل -- شمسان --  فسالمين لن يتزحزح.. في اخر انفاس معركته مع الرفاق قبل بالتنازل، وتسليم نفسه في وجه رفيقه علي عنتر علئ ان يترك البلاد الى منفى، في اثيوبيا.. وتعهدوا له بذلك.. وخلفوا العهد.. وقتلوه بطريقة لا تليق بالرجال

المصدر: عدن الغد

إقرأ أيضاً:

تعلّم الرومانسيّة ودع عنك التاريخ

قبيل ظهر الجمعة وصلنا إلى قرية «كيبويني»، وهي على بُعد ستة كيلومترات من «المدينة الحجرية» التي سكَنّا فـيها. وكانت وجهتُنا «قصر السعادة» الذي بناه السلطان خليفة بن حارب بن ثويني عام 1915. وفور وصولنا استقبَلَنا الدليل القائم على القصر بامتعاض، لأنّ الوقت الآن غير مناسب للزيارة، فقد اقترب موعد صلاة الجمعة. قلتُ محاولًا التخفـيف من امتعاضه: «اذهب للصلاة، ودع تلك المرأة تشرح لنا». ردّ وقطراتُ ماء الوضوء تقطر منه: «هذه عملها محاسبة فقط».

دفعنا الرسوم المقررة بعد السؤال التقليدي الذي يتكرر فـي كلِّ مكان نذهب إليه: «هل أنتم ضيوف؟»، وتأتي الإجابة ذاتُها فـي كلِّ مرة: «نعم. نحن ضيوف». وأظن أنهم يكررون لنا السؤال دائمًا لأنهم لا يستطيعون أن يجزموا هل نحن من زنجبار أو من عُمان، خاصةً أننا نتحدّث لغتهم. أخذَنا الدليل إلى أقسام «قصر السعادة» المختلفة؛ والذي تبدو حالته جيدة بعد أعمال الصيانة التي أجريت له. أخبرنا أنّ الحكومة الزنجبارية استخدمت القصر فـي بعض المراسم الرئاسية، وجعلت منه مقرًّا لسكن رئيس الوزراء فـي سنة 1986 لفترةٍ وجيزة؛ ثم حُوِّلَ إلى متحفٍ وطني يستقبل الزوار ابتداءً من عام 2022م. أخبرَنا أيضًا أنّ القصر كان استراحة السلطان خليفة بن حارب فـي عطلات نهاية الأسبوع، بعيدًا عن ضوضاء المدينة. وما لم يخبرنا به أنه بعد أحداث عام 1964، استولى الانقلابيون على القصر واستخدموه مقرًّا لاجتماعاتهم الرسمية، وبعد سنواتٍ من الإهمال أقدمت حكومة زنجبار على ترميمه. تساءلتُ فـي قرارة نفسي: تُرى كيف هو شعور أحفاد السلطان خليفة بن حارب وهم يرون أموالهم وبيوتهم تُسرَق من أمام أعينهم وهم بلا حول ولا حيلة ولا قوة؟! ثُمَّ وسّعتُ التساؤل: بِمَ يُحِسّ يا تُرى أولئك الذين نُهبت أموالهم بغير حقّ من العُمانيين واليمنيين والهنود؟! مثل هذه المآسي تحدُث عادةً عندما تقلم أظافر العدالة التي أمر بها الله عز وجل فـي كتابه الكريم، إنها تخلِّف فـي الحلق طعمًا أمرَّ من العلقم، غير أنّ المظالم الفادحة ستظلّ كتابًا مفتوحًا يُقرأ على رؤوس الأشهاد فـي ذلك اليوم الذي لا ينفع فـيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وفـي ظلِّ هذه المظالم هناك من أعيد لهم بعض ممتلكاتهم بعد جهد جهيد. وقد حكى لي أحد هؤلاء أنّ الانقلابيين استولوا على عقار يعود لجدته، واستحلّوه سنين طويلة بغير وجه حقّ، وعندما أعيد لهم بعد ذلك الجهد، استغرق الأمر سنوات أخرى لبيعه (مضطرين) لأنّ العقار أصبح من حقِّ عشرات الورثة. والعقار حاليًّا يرمم من قبل المشتري الهندي ليصير فندقًا. ونستطيع أن نقيس هذا الأمر على أناس آخرين تعرضوا للنهب، وحين عادت ممتلكاتهم المنهوبة لم يستطيعوا الاستفادة منها بسبب التقادم؛ وهناك كثيرون استسلموا للأمر الواقع، مؤثرين الراحة بدلًا من صداع الرأس والجري هنا وهناك، لا سيما وأنّ الدلائل والشواهد تشير إلى أنّه لا أمل فـي عودة حقهم المسلوب. وقد قادني التساؤلات إلى أن أسأل نفسي: لماذا لا يشتري أحفاد السلطان خليفة بن حارب هذا القصر، طالما أنّ كلَّ شيء قابلٌ للبيع الآن؟!

فـي استراحة السعادة، شاهدنا المقتنيات الشخصية للسلطان خليفة وكامل الأثاث من أسرّة وكراسٍ وطاولات، وسمح لنا القائم عليها أن نلتقط صورة تذكارية فـي الكرسي السلطاني (كرسي العرش) الذي كان يترأس فـيه السلطان الاجتماعات، وبه شعاره الخاص. وكعادته استغل سيف الموقف فصوّر لقطات فـيديو نشرها فـيما بعد فـي حسابه فـي «إنستجرام» وفـي «تيك توك»، وكان لسليمان -كعادته أيضًا- تعليقاته اللطيفة واللماحة؛ فعندما رأى كرسيًّا خاصًّا مصممًا لشخصين يجلسان عليه متقابلين، بعدما وصفه الدليل بأنه «كرسي المحبة»، صرخ سليمان: «يا زاهر تعلّم الرومانسية وخلي عنك التاريخ».

أخبرني الباحث ناصر الريامي أنّ الأثاث الموجود فـي الاستراحة حاليًّا ليس هو الأثاث الأصلي للقصر، إذ إنّ معظم الأثاث الحالي منقول من «بيت العجائب» و«بيت الساحل»، بعدما تقرر غلقهما وحجب جمهور العامة عنهما منذ ما يربو على الثلاث سنوات؛ مخافةَ الانهيار بالكامل، بعد أن انهار جزء من «بيت العجائب»، ليعقب ذلك نقل أغلب أثاثهما إلى متحف استراحة السعادة (قصر كيبويني). وعليه؛ فإنّ هذا الوضع قد يُحدِث لبسًا لزوار المتحف، فـيظنون خطأً أنّ الأثاث المعروض هو ذاته الذي تزينت به الاستراحة فـي فترة السلطان المؤسس لها، ومن جلس على عرش زنجبار من بعده. وأنا شخصيًّا وقعتُ فـي الفخ، فظننتُ أنّ هذا أثاثُ القصر؛ لأنّ المرشد لم يشر إلى الموضوع، لا من قريب ولا بعيد.

هناك مقطع مصوّر يعرض نزول السلطان عبدالله بن خليفة بن حارب السُلّم وخلفه أخوه السيد حارب بن عبدالله، بينما يصطف بجانب السلّم ثلة من الشرطة تحية للسلطان. هذا المقطع لم أكن أعلم أنه مأخوذٌ من هذا القصر إلا بعد أن قرأتُ سلسلة المقالات التي كتبها الباحث ناصر الريامي عن القصور السلطانية فـي زنجبار، وإلا لكنتُ أخبرت سيف أن يلتقط لنا صورًا فـي السلّم نفسه للذكرى.

تجولنا فـي الاستراحة التي تتكون من ثلاثة طوابق. الطابق الأرضي به عدد من الغرف، خُصصت لمن يرافق السلطان من أفراد الأسرة المالكة، كما يشغلها الضيوف أحيانًا، وتوجد بجوار السُلّم غرفة للحارس مزودة بجهاز اتصال هاتفـي من النوع الكلاسيكي العتيق؛ فإذا ما قرر السلطان زيارة الاستراحة يجري الاتصال بالحارس وتنقل إليه التعليمات بتجهيزها لاستقبال جلالته وضيوفه. ومتى ما وصل السلطان يرفرف علم الدولة الأحمر على منارتها مربعة الشكل. أما عن المساحة الإجمالية لقصر السعادة فـيُقدِّرها الباحث محمد بن حمد العريمي ما بين ألفـين إلى ثلاثة آلاف متر مربع. ويعلّق العريمي على طريقة بنائه فـي مقال له فـي صحيفة «أثير» الإلكترونية بالقول: إنه «وعلى الرغم من عدم وجود المساحات الكبيرة التي تميّز القصور عادةً بسبب كونه قصرًا خاصًّا لاستراحة السلطان وقضاء إجازاته، إلا أنّ مكوناته وطريقة بنائه تنم عن ذوقٍ عالٍ فـي التصميم، وتشير إلى التقدم الحضاري الذي وصلت إليه زنجبار فـي تلك الفترة، ومسايرةِ حكامها للتطور الحاصل فـي العمارة والبناء. وقد اختير المكان بعناية حيث إنه مبنيٌّ على حافة الجبل ويطل بشكلٍ كامل على البحر».

هذه الإطلالة على البحر هي ما يجعل قصر السعادة من أجمل الأماكن التي تهفو النفوس لزيارتها أكثر من مرة، خصوصًا مع هدوء المكان، والمساحة الخضراء التي تحيط به من كلِّ جانب.

على كل حال، تركنا القائم على المتحف أو القصر أو الاستراحة ليلتحق بما تبقى من خطبة صلاة الجمعة، وواصلنا مسيرنا إلى «بيت المرهوبي» لنشاهد معلمًا آخر من معالم التاريخ العُماني فـي الشرق الأفريقي.

زاهر المحروقي كاتب عُماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

مقالات مشابهة

  • مؤتمر فكري وأفلام وثائقية للأوبرا عن سيرة نجيب محفوظ
  • نجيب ساويرس: التعريفات الجمركية الأمريكية تمثل فرصة نمو للاقتصاد المصري
  • تعليم مكة المكرمة يعلن مواعيد اختبارات نهاية العام الدراسي
  • تعلّم الرومانسيّة ودع عنك التاريخ
  • هيئة الكتاب تقدم تخفيضات على أعمال نجيب محفوظ
  • قصف جديد للعدو على حي الشجاعية شرق غزة يسفر عن خمسة شهداء
  • 5 شهداء في قصف إسرائيلي جديد على حي الشجاعية شرق غزة
  • تقديرا لدوره البارز في تعزيز الهوية المصرية.. ثقافة الغربية تحتفي بـ نجيب محفوظ
  • محافظ الإسكندرية يُتابع أعمال مشروع كوبري محمد نجيب خلال جولته بشارع خالد بن الوليد
  • العقاري يرفع سقف السحب لبطاقات الصراف عن طريق أجهزة (ATM) و(POS)