بعد انفصال جنوب السودان في العام ٢٠١١ راجعت الانقاذ دستور ٢٠٠٥ بحجة ازالة المواد المتعلقة بالجنوب. ولكن التعديل طال فيدرالية الموارد والايرادات باعتبارها ركن في العدالة الانتقالية التي ارستها اتفاقية نيفاشا. فعادت الارض كأهم مورد تحت تصرف رئيس الجمهورية كما كانت. ينوب عنه والي الولاية والمعتمد ووزارة التخطيط العمراني.
في مخرف اسمه (الشويطينة) غرب مدينة الابيض والذي دخل ضمن السكن الإستثماري ورحل أهله الى غرب كردفان حاول الرعاة تنظيم انفسهم في جمعية سموها جمعية الانتاج الحيواني. وتقدموا بطلب عمل زرائب ومحلب حول المدينة. ولكنهم اينما ذهبوا وُضعت في وجههم العراقيل من قبل حكومة الولاية .
رئاسة الجمهورية وقتها حينما أطلقت يد الاستثمارات العربية والطفيلية الإسلامية في أراضي المجتمعات المحلية وأفقدت بعضها خصوبتها عن طريق إستخراج النفط لم تسال نفسها عن الكيفية التي يمكن ان يكسب هؤلاء الرعاة عيشهم بعد ان يفقدوا حيواناتهم ويصبحون في عداد المعدمين . لكن يبدو ان هذا السؤال كان حاضراً في ذهن المخططين والإجابة عليه أيضا كانت جاهزة. وهي إستيعابهم في حروب الإنقاذ الممتدة . وبعد ان سقطت الانقاذ وإنتهت تلك الحروب تلفت الرعاة فلم يجدوا مراعيهم. كما لم تعد يدهم مطلقة في نهب القبائل الأخرى الخارجة على سلطان أمير المؤمنين في الخرطوم.
وإذا نظرنا للحصار الذي تخضع له مدينة الابيض منذ إشتعال هذه الحرب سنجد أن تلك القوات هي بالفعل موجودة في الاراضي التي كانت ترعى فيها حيواناتها من قبل . والجديد فقط أنها تحمل السلاح وتقطع الطريق. في مناطق مثل الدبيبات التي يوجد فيها ٣٣ أرتكاز تقطع مدينة الابيض عن غرب كردفان.... وكذلك مدينتي الفولة وابوزبد، تسكنها قبائل ينحدر منها معظم المسلحين في قطاع كردفان . وأغلب سائقي الشاحنات الذين التقيناهم بعد تعرضهم للنهب على هذا الطريق قالوا انهم قد تم الاعتداء عليهم من قبل مدنيين يحملون السلاح ولايستطيعون أن يجزموا بأنهم من قوات الدعم السريع.
لذلك إذا تم التوصل إلى وقف دائم لاطلاق النار في جدة فسيكون من الصعب تنفيذه بدقة في كردفان. لأن النهب وقطع الطريق أصبحا من الحرف الاساسية في ذلك الاقليم الذي بات أهله بلا مورد رزق بسبب سياسة إقتصادية تقوم على تشجيع الاستثمار دون النظر لمصلحة المجتمعات المحلية . وهي لاتختلف عن السياسة التي أقرتها حكومة الفترة الانتقالية عقب الثورة . وبالتالي فإن مفاوضات جدة وكذلك مشاورات أديس أبابا إذا نجحت في ايقاف هذه الحرب فإنها ستبذر بذور الحرب القادمة مالم يتم إعتماد سياسة إقتصادية مختلفة . لأن صناعة السلام تحتاج توجهات تنموية ومنحازة لغمار الناس أكثر من إنحيازها للإستثمارات المحلية والعربية والاجنبية . فالجنجويد لم يهبطوا من السماء. ولهم وجه آخر يأخذ ملامحه من غياب العدالة وإنتهاك الحق في العمل وفي الحياة نفسها .
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: من قبل
إقرأ أيضاً: