كشف خبيئة الهيدروجين الذهبي باستخدام الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
كما أن الخبيئة الأثرية تكون عادة تحت الأرض وتضم مجموعة من القطع الأثرية القيمة، فإن هناك كنوزا أخرى ليست أثرية يحتفظ بها باطن الأرض، ومنها خبيئة "الهيدروجين الحر" التي وضع فريق بحثي من جامعة ولاية أوهايو الأميركية خطوة هامة على طريق توظيف الذكاء الاصطناعي لاكتشافها.
و"الهيدروجين الحر" الذي يشار إليه أحيانا باسم "الهيدروجين الذهبي"، هو الغاز في شكله النقي غير المرتبط بمركبات أخرى، وغالبا ما يُطلق عليه اسم "الذهبي" نظرا لإمكاناته كمورد طاقة نظيف وقيم.
وعلى خلاف الخبيئة الأثرية التي كانت حضارات الماضي تخفي الآثار بها عمدا خشية السرقة ويكون العثور عليها صعبا، فإن "خبيئة الهيدروجين الذهبي" توجد بشكل طبيعي في باطن الأرض، وربطت دراسات بين العثور عليها ووجود علامات أرضية على سطح الأرض تشير إلى وجودها، وهي المنخفضات نصف الدائرية التي نجح الباحثون في تدريب "خوارزمية" على اكتشافها.
وتشير تلك المنخفضات إلى سمات سطحية تتميز بأنماط نصف دائرية موجودة على تضاريس الأرض، وغالبا ما تظهر على شكل فجوات منحنية أو دائرية جزئيا في الأرض، وعادة ما تكون ذات شكل مقعر، ويمكن أن يختلف حجمها من بضعة أمتار إلى عدة أمتار اعتمادا على الظروف الجيولوجية المحددة وعمليات التكوين.
وعلى الرغم من أن هذه الأنماط نصف الدائرية تظهر غالبا في المناطق المنخفضة الارتفاع، فإن اكتشافات متعدده لهذه الأنماط في الولايات المتحدة ومالي وناميبيا والبرازيل وفرنسا وروسيا أظهرت عوامل مختلفة قد تخفيها، وهو ما قاد الباحثين إلى الاعتقاد بأنها موجودة بأعداد أكبر مما كان يعتقد سابقا، وبالتالي فإن العثور عليها سيكون علامة توجه الجهود الرامية نحو البحث عن "الهيدروجين الذهبي" تحت السطح، والذي يعد اكتشافه مفيدا في إطار المساعي الرامية إلى التحول عن الوقود الأحفوري وتعزيز البحث عن مصادر جديدة للطاقة منخفضة الكربون.
يمكن أن تكون تلك المنخفضات نصف الدائرية مرئية على سطح الأرض في ظل ظروف معينة، ولكن تختلف رؤيتها بناء على عدة عوامل منها:
الحجم والعمق: يؤثر حجم وعمق تلك المنخفصات على رؤيتها، وقد تكون المنخفضات الأكبر أو الأعمق أكثر وضوحا، خاصة إذا أدت إلى تغيير كبير في المشهد الطبيعي. السياق الجيولوجي: قد تكون أكثر وضوحا في بعض البيئات الجيولوجية حيث تسمح التضاريس بظهورها بشكل مميز وفي بعض الحالات، وقد تكون أكثر وضوحا بسبب تكوينات معينة من التربة أو الصخور. الغطاء النباتي واستخدام الأراضي: يمكن للغطاء النباتي الذي يغطي الأرض أن يحجب المنخفضات نصف الدائرية، مما يجعلها أقل وضوحا، وقد تخفي المناطق ذات النباتات الكثيفة أو الغابات أو الأراضي الزراعية هذه الميزات عن الأنظار. الطقس والتآكل: مع مرور الوقت، قد تؤدي العوامل الجوية أو التآكل أو التغيرات في المناظر الطبيعية إلى حجب تلك العلامة المميزة.وللمساعدة في التغلب على تلك التحديات والكشف عن المنخفضات نصف الدائرية غير المرئية، تصف ورقتان بحثيتان حديثتان، كيف قام الباحثان في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مركز "بيرد بولار" لأبحاث المناخ بجامعة ولاية أوهايو سام هيريد وسوراب كوشيك، بتوظيف الذكاء الاصطناعي لرسم خريطة تلك المنخفضات حول العالم، وهو ما قادهما إلى تحديد خزانات الهيدروجين المحتملة تحت السطح.
ووفق العرض الذي قدمه الباحثان في الاجتماع السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي الأسبوع الماضي، فقد قاما بتجميع قائمة بمواقع المنخفضات نصف الدائرية المرئية المعروفة عالميا، وذلك لتدريب الخوارزمية الخاصة بهم على البحث، وبعد استخدام بيانات الاستشعار عن بعد لتحليل شكل هذه المواقع من الأعلى، اعتمدوا على الأنماط الطيفية والجيومورفولوجية (فرع من علوم الأرض يركز على دراسة أشكال الأرض وأصلها وتطورها والعمليات التي تشكل سطح الأرض)، وذلك لتحديد المواقع حول العالم التي من المرجح أن تكون بها منخفضات نصف دائرية مرتبطة بالهيدروجين الجيولوجي.
يقول يواكيم مورتغات الأستاذ المشارك في علوم الأرض في ولاية أوهايو والذي أشرف على هذا المشروع: إن ما توصل له الباحثان سيسهل كثيرا من مهمة اكتشاف أحد أنظف مصادر الطاقة وأكثرها كفاءة في الطبيعة، وهو الهيدروجين الذهبي.
ويوضح في بيان صحفي نشره الموقع الرسمي لجامعة ولاية أوهايو أن "الهيدروجين بشكل عام هو مصدر طاقة جذاب للغاية، فإذا قمت بحرقه فإن منتجه الثانوي الوحيد هو الماء، وعلى عكس طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، يمكن تخزين الهيدروجين ونقله، لذلك فإن جميع أنواع الصناعات تحاول جاهدة إجراء هذا التحول".
ويضيف: "بما أن الهيدروجين الذهبي يُنتَج أيضا بشكل مستمر داخل القشرة الأرضية، يعتقد البعض أن الوصول إلى مورد طاقة منخفض الكربون يخلو تقريبا من انبعاثات الغازات الدفيئة يمكن أن يعيد تشكيل مشهد الطاقة العالمي، ومع ذلك وجد الباحثون أن تحديد موقعه يتطلب تطوير أدوات استكشاف جديدة".
وأحد أسباب صعوبة العثور عليه هو أنه ربما يحدث في أنواع جيولوجية ومواقع مختلفة عن تلك التي قد تجد فيها النفط أو الغاز، ولكن باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي نطورها، فإننا نرسم خريطة لكل شيء يمكن أن يكون منخفضات نصف دائرية، كما يؤكد مورتغات.
ومن جانبه، يقول أستاذ هندسة الاستكشاف وتقييم الطبقات بقسم هندسة البترول بكلية الهندسة في جامعة القاهرة والمتخصص في برامج الذكاء الاصطناعي، عبد العزيز محمد عبد العزيز: إن رصد تغيرات بسطح الأرض والربط بينها وبين وجود ثروات معينة تحت سطح الأرض باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليس بالأمر الجديد، إذ توجد دراسات عديدة في هذا الاتجاه، ولكن ربما يكون الجديد هو استخدام هذا المنهج لاكتشاف الهيدروجين الذهبي.
ويوضح عبد العزيز في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت" أن هذا العمل مجرد بداية جيدة، ولكن من المؤكد أنه ستُجرى عليه تعديلات لاحقة بعد الإجابة على مجموعة من التساؤلات التي ستعطي مزيدا من الدقة عند الربط بين المنخفضات نصف الدائرية والهيدروجين الذهبي.
ومن بين أبرز هذه التساؤلات التي يشير إليها أستاذ هندسة الاستكشاف وتقييم الطبقات بكلية الهندسة جامعة القاهرة:
آليات التكوين: ما هي العمليات الجيولوجية التي تؤدي إلى تكوين المنخفضات نصف الدائرية قرب رواسب الهيدروجين، حيث يعد إجراء تحقيق أعمق في آليات تكوين هذه الأنماط ضروريا لتحديد الهوية بدقة؟ دقة الكشف: كيف يمكن تحسين نموذج الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر للتمييز بدقة بين رواسب الهيدروجين الفعلية والميزات السطحية الدائرية المماثلة مثل البحيرات أو ملاعب الغولف؟ التنوع الجيولوجي: ما هي الخصائص الجيولوجية والبيئات المحددة التي تستضيف رواسب الهيدروجين؟ حيث يعد فهم هذا التباين أمرا بالغ الأهمية لتحديد مواقع تجمع الهيدروجين المحتملة بصفة دقيقة على المستوى العالمي.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی ولایة أوهایو سطح الأرض یمکن أن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يعيد صياغة مستقبل كرة القدم مع "الليغا"
يكتسب الذكاء الاصطناعي أرضاً جديدة كل يوم، ليصبح عنصراً مهما في تطوير كرة القدم خاصة في دوري الدرجة الأولى الإسباني الذي تديره رابطة الدوري.
ومن أجل معرفة إلى أي مدى وصل استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير كرة القدم الإسبانية، قال خابيير خيل رئيس إدارة تنفيذ وتطوير الذكاء الاصطناعي في "الليغا" إن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً من هوية الرابطة منذ فترة لتصبح الأفضل استخداماً له في مجال كرة القدم.
وقال خيل "الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحمض النووي لليغا. لقد مرت سنوات منذ أن قمنا بنشر حلول تعتمد على تحليل التنبؤات والخوارزميات.
"في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي يُعد خابيير تيباس رئيس الرابطة قائداً جريئاً أدرك منذ البداية إمكانيات الذكاء الاصطناعي التوليدي واتخذ قراراً بإنشاء إدارة لتطبيقه وتطويره لضمان دخوله في كافة مجالات الرابطة من خلال التفكير الاستراتيجي لتقييم الحلول والتقنيات والاستفادة منها".
وأوضح خيل أن الأمر لا يتعلق بتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي لمجرد تطبيقها لكن لما تحققه من قيمة كبيرة لكل من الرابطة والبطولة.
ولم يقتصر نجاح رابطة الدوري الإسباني في استخدام الذكاء الاصطناعي على النطاق المحلي فقط، وهذا ما أوضحه خيل قائلاً "لم يثبت الذكاء الاصطناعي التوليدي قدرته على تغيير طريقة عملنا فحسب، بل أثبت أيضاً قدرته على تحويل المجتمع نفسه. لدينا فرصة رائعة للتواصل مع جماهيرنا بطرق جديدة ولإعادة صياغة صناعة الترفيه".
وأضاف "بصفتنا رابطة دوري، يقع على عاتقنا أيضاً مسؤولية مشاركة المعرفة مع بطولات الدوري والاتحادات الأخرى لا سيما في بيئة سريعة التغيير تشتد فيها المنافسة. ستظل الليغا منفتحة دائماً على مشاركة المعرفة والخبرات مع أي رابطة أو مؤسسة أو اتحاد مهتم بمشاركة الأفكار وإنشاء قاعدة معرفية مشتركة للاستفادة من قوة التكنولوجيا".
وأكد خيل "لا شك أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منطقة رئيسية لرابطة الدوري الإسباني. وتعكس مبادرات مثل الاستشارات التي نقودها في العراق أو افتتاح مكتبنا في دبي منذ عقد التزامنا الطويل الأمد بتطوير المنظومة المحلية خاصة فيما يتعلق بالابتكار والتحول التكنولوجي".
* الذكاء الاصطناعي في تحليل المباريات
بالطبع كان للذكاء الاصطناعي دور مهم في تحليل المباريات وهذا ما أكده خيل "هناك طرق عديدة لتطبيق الذكاء الاصطناعي اليوم. سجلت الليغا أكثر من 3.5 نقطة بيانات لكل مباراة من خلال نظام كاميرات تتبع مثبت في جميع الملاعب.
"يُشكل نظام البيانات هذا أساس الحل التقني الذي نوفره لأنديتنا للإعداد للمباريات وربما يكون أحد أسباب التنافسية التي تتحلى بها أندية الدوري الإسباني في المنافسات الأوروبية. يتيح لنا ذلك دمج الإحصائيات المتقدمة مع إشارة البث من خلال مشروع 'ما وراء الإحصاءات' الذي نقدمه للجماهير بالتعاون مع مايكروسوفت. كما يساعدنا الذكاء الاصطناعي في إنشاء مقاطع فيديو تلقائياً في الوقت الفعلي ودمجها في قنواتنا الرقمية وقنوات أنديتنا".
ومع التطور المستمر للذكاء الاصطناعي أشار رئيس إدارة تنفيذ وتطوير الذكاء الاصطناعي في الليغا إلى أنه لا يدري كيف سيصبح الأمر خلال عامين أو حتى شهرين.
وقال "من الواضح أن التطور التكنولوجي لن يتوقف لا سيما مع حجم الاستثمار الموجه للذكاء الاصطناعي حالياً. من ناحيتنا نؤمن بأن مسؤوليتنا توفير تدريب مستمر لموظفينا لزيادة مستوى الوعي بالذكاء الاصطناعي وتشجيع الإبداع بين فرق العمل. هذه الطريقة الوحيدة لمواصلة تطوير حلولنا وتحسين قدراتنا".
ولا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي داخل الملعب فقط بل يتعداه إلى المشاهدين أمام شاشات التلفزيون، إذ قال خيل "بالطبع لن تكون هذه مسؤولية البطولات المحلية الوطنية وحدها. فالعديد من أنديتنا مثل إشبيلية وأتليتيكو مدريد وألافيس تطلق بالفعل تجارب وديناميكيات جديدة لتحسين تجربة الجماهير من خلال التكنولوجيا وأدوات الذكاء الاصطناعي.
"من جانبها تتمتع الليغا بفرصة مواصلة العمل مع شركائنا مثل مايكروسوفت وشركة سبورتيان لمواصلة المضي قدما في هذا المجال".
* تعاون مستمر لمواجهة التطور
تتعاون رابطة الدوري الإسباني مع عدة دول في مجال الذكاء الاصطناعي مثل الولايات المتحدة، إذ قال خيل "نعتقد أننا نعيش فترة رائعة ويشهد العالم تطورات كبيرة على جميع المستويات خاصة في مجال التكولوجيا والذكاء الاصطناعي. لطالما كانت الولايات المتحدة مرجعا في الابتكار والمسؤولية والإلهام ونحرص على الاستفادة القصوى من تبادل المعلومات معها لنبقى على تواصل مع هذه السوق ونتعلم منها كل يوم".
وتملك رابطة الدوري مؤثراً افتراضياً خاصاً بها من أجل التواصل مع الجماهير بلغات مختلفة دون قيود جغرافية أو مكانية، كما أنه منصة مثالية لاختبار مشاريع مثل البودكاست الخاص بالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
ويشارك "أليكس" المؤثر الافتراضي لليغا ملخصاً أسبوعياً مع جميع موظفي الرابطة حول آخر أخبار الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ويعتبر طريقة ممتعة لمواكبة أحدث التطورات التي لا تتوقف. وعن كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في محتوى رابطة الدوري الإسباني قال خيل "الإمكانيات لا حصر لها بدءا من إنشاء فيديوهات تلقائيا كما ذكرنا وصولا إلى المساعدة في كتابة المقالات والدعم الإبداعي وحملات العلامات التجارية والمؤسسات والإعلانات والتجارب التفاعلية".
وأردف قائلاً "لدينا فرصة فريدة لمواصلة الاستكشاف والتعلم من خلال كل ما تقدمه التكنولوجيا. نؤمن بأن تبادل المعرفة مع المؤسسات الرياضية الأخرى في مناقشات مفتوحة ليس مجرد رفاهية بل هو السبيل الحقيقي الوحيد لمواصلة التعلم والتطور معاً".