بقلم: كمال فتاح حيدر ..
تُعبّر (المظلومية) في كل زمان ومكان عن بشاعة الجرائم التي ترتكبها جماعة من الطغاة المتوحشين لإستكمال مسلسل الجرائم التي ارتكبها اسلافهم من الطغاة ضد فئة بعينها من الناس لأسباب عرقية أو طائفية وبدوافع انتقامية، وما أكثر الشعوب التي وقعت عليها المظلوميات في فترات متعاقبة ومتلاحقة من الماضي.
فالمظلومية التي وقعت هنا في غضون شهر واحد أبشع عشرات المرات من مظلومية البوسنة والهرسك، وتمثل صورة واضحة لحملات الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، على غرار حملات الإبادة التي ارتكبها الصرب في سربرنيتسا. .
هناك تركيز اسرائيلي متواصل على قتل المزيد من المدنيين، حتى امتلأت المقابر بقوافل الشهداء. . لا أهداف عسكرية في غزة، فالغارات اليومية لا شغل لها سوى استهداف الأحياء المأهولة والأسواق والمدارس والمستشفيات بمن فيها من مرضى وجرحى وأطباء. وظلت الهجمات الموجهة ضد الأبرياء مستعرة في كل شبر من بقاع غزة. بينما اشتركت حكومة السيسي وحكومة الأردن في فرض الحصار على سكانها. وفي مواصلة الدعم للنتن ياهو. .
قمة الذل والهوان أن يتهافت الغرب نحو تقديم المساعدات الحربية لاسرائيل، بينما يتعمد العرب حرمان اشقاءهم من الماء والخبز والدواء. .
ما يحدث الآن هناك لم يكن ليحدث لولا الولايات المتحدة واعوانها. فهي الممول الأول لحملات الإبادة الجماعية، وهي التي تواصل الآن دعمها بالمال والسلاح، وقد لعبت هذا الدور الأجرامي منذ عام 1950، وكانت هي المصدر الأقوى لسلاح اسرائيل بنسبة 89%، وارسلت الآن اكبر الشحنات عبر الجو والبحر. .
عندما تتكلم الولايات المتحدث عن مساعداتها لاسرائيل فهي تتكلم بلغة القنابل والصواريخ والفرقاطات، ولا تكتفي بتسليحها، وإنما بدعمها سياسيا لتغطية جرائمها في مجلس الأمن. ولم يكن لهذه المظلومية ان تقع لولا الدعم السخي الذي تقدمه لاسرائيل، ولولا تآمر مصر والأردن على غزة. .
بات واضحا ان الولايات المتحدة الأمريكية، وبكل ما أوتيت من قوة، هي التي تدعم النتن بكل شيء، وهي التي أرغمت الإتحاد الأوروبي على مشاركتها في حملات الإبادة. وهي التي وضعت مضخاتها الإعلامية في خدمة السرديات الصهيونبة الملفقة. .
كلمة أخيرة: لقد استشهد بائع الخبز في غزة، واستشهد معه بائع حليب الأطفال، وتلاميذ الروضة، ومديرة المدرسة. ومعلمة الحساب، استشهدوا كلهم في قوافل متلاحقة، إلا بائع فلسطين مازال على قيد الحياة، وفي صدارة المشهد. . .
د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
بين السرقة والتدمير.. مواقع أثرية من ضحايا إبادة إسرائيل لغزة
على مدار أكثر من 15 شهرا، حوّل الجيش الإسرائيلي البلدة القديمة الواقعة في قلب مدينة غزة التي ضمت إرثا حضاريا يمتد لمئات السنين إلى شاهد على حرب إبادة جماعية لم تستثن حتى الحجر.
نيران الإبادة التي امتدت على طول القطاع ودمرت 88% من بناه التحتية بما يشمل المنازل والمؤسسات الحيوية، وفق تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، حوّلت المعالم الأثرية للبلدة القديمة إلى أنقاض.
كذلك تعرضت بعض القطع الأثرية النادرة التي كانت تتربع في صدارة متحف "قصر الباشا" الأثري للسرقة من الجيش الإسرائيلي الذي توغل برًّا في المنطقة وأحالها دمارا، وفق ما قالته مديرة المتحف ناريمان خلة للأناضول.
وتتكون البلدة القديمة في غزة من 4 أحياء رئيسية هي الشُّجاعية والدرج والتفاح والزيتون، تعرضت بشكل متعمد لاستهداف إسرائيلي مكثف خلال أشهر الإبادة، ووثق تقرير سابق للجزيرة نت بالصور والفيديوهات الخاصة أهم تلك المعالم التاريخية والأثرية المتضررة جراء الحرب والتي تزيد على 200 موقع.
بعض المواقع الأثرية لم يكتف الجيش الإسرائيلي باستهدافها جوا بالقصف بل عمد إلى تجريف أجزاء واسعة منها بالكامل في محاولة لطمس الهوية الفلسطينية، بحسب خلة.
إعلانوأشارت خلة إلى أن أبرز المواقع التي تعرضت للدمار خلال العملية البرية للجيش الإسرائيلي التي طالت البلدة في ديسمبر/كانون الأول 2023 كان "قصر الباشا" والمسجد العمري وحمام السمرة وكنيسة "بيرفيريوس" وبعض البيوت الأثرية.
مثّل "قصر الباشا" الواقع في حي الدرج آخر النماذج من القصور المتبقية في قطاع غزة على مر الحضارات.
هذا القصر الذي كان يمزج بين العمارتين المملوكية والعثمانية أحالته إسرائيل إلى ركام؛ فلم يبق منه إلا بقايا بعض الجدران التي صنعت من الحجارة الرملية في العهد المملوكي والصخرية والجيرية في العهد العثماني.
وعلى أطلال هذا المعلم الأثري، نصب نازحون فلسطينيون خيامهم وحولوا الموقع إلى مأوى بعدما دمرت إسرائيل منازلهم خلال حرب الإبادة.
خلة تروي بحزن تاريخ "قصر الباشا" الذي ضربه التدمير الإسرائيلي المتعمد، قائلة إن "عمر هذا القصر يعود لنحو 900 سنة، إلى نهاية الدولة المملوكية (1260-1516) وبداية العثمانية (1516-1917)".
ومع مرور الزمن ونظرا للتغيرات التاريخية التي مرت بها المنطقة، تم تغيير وظيفة هذا القصر من إدارة حكم مدينة غزة وسن القوانين إلى وظائف شرطية وتعليمية، بحسب خلة.
وفي عام 2010 تم تحويل جزء من مبنى القصر إلى متحف يجمع عددا من القطع الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة كاليوناني والروماني والبيزنطي والإسلامي، وفق قولها.
قالت خلة إن الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية للمنطقة "هدم وجرف معظم مبنى قصر الباشا، وسرق بعض القطع أو القطع الأثرية الموجودة داخله".
وبينما لم تشر خلة إلى القطع الأثرية التي سرقها الاحتلال، أفاد مراسل الأناضول بأن الجزء الذي كان يقع فيه المتحف تم تجريفه بالكامل.
المسجد العمري أُسس قبل أكثر من 1400 عام، ويعد من أكبر مساجد غزة وأعرقها تعرض هو أيضا للقصف والتجريف الإسرائيلي.
إعلانكذلك يعد العمري ثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجدين الأقصى وأحمد باشا الجزار في عكا، ويوازيه بالمساحة جامع المحمودية في يافا، إذ تبلغ مساحته 4100 متر مربع أما مساحة فنائه فتصل إلى 1190 مترا مربعا.
تقول خلة إلى الجيش الإسرائيلي عمد خلال الفترة نفسها في ديسمبر/كانون الأول 2023 إلى "تجريف المسجد العمري وقصفه".
وأوضحت أن أبرز ما استهدفته إسرائيل بالمسجد كان قسم المكتبة التي تعود للعهد المملوكي وضمت بين جنباتها "المخطوطات والكتب النادرة التي كانت تستخدم بين الباحثين والأكاديميين الفلسطينيين".
حمام السمرةفي السياق، تعرض أيضا حمام السمرة لتدمير إسرائيلي متعمد خلال الإبادة الجماعية، وبذلك تكون إسرائيل قد دمرت آخر الحمامات التاريخية في القطاع.
وتقول خلة إن "حمام السمرة (الحمام التاريخي) الوحيد المتبقي في مدينة غزة قام الاحتلال الإسرائيلي بهدمه بالكامل".
وأعربت عن آمالها في إعادة تأهيل وبناء المواقع الأثرية بغزة "بسواعد المواطنين ووزارة الآثار ودعم المؤسسات الدولية".
وأشارت إلى أن تلك المواقع تمثل تاريخ الفلسطينيين، ولا بد من "الحفاظ عليها للأجيال القادمة لدراستها".
كنيسة بريفيريوسلم تسلم دور العبادة لدى المسيحيين أيضا من الاستهداف الإسرائيلي المتعمد خلال الإبادة التي أسفرت عن سقوط ضحايا في صفوفهم.
وتعمّد الجيش في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 استهداف كنيسة القديس "بريفيريوس" بمدينة غزة، ثالت أقدم كنيسة في العالم إذ يعود البناء الأصلي فيها لعام 425 للميلاد.
هذا القصف أسفر عن مقتل 19 شخصا لجؤوا إلى مبنى الكنيسة هربا من الغارات الإسرائيلية.
وأوضحت خلة أن القصف المتعمد للكنيسة كان محاولة إسرائيلية "لطمس الهوية الفلسطينية بالكامل وتهجير الفلسطينيين من أرضهم".
بدوره، يقول المسيحي رامز الصوري (47 عاما) الذي فقد 12 فردا من عائلته خلال قصف الكنيسة من بينهم 3 من أبنائه "تعرضت الكنيسة لهجمة صاروخية أدت إلى استشهاد عدد كبير من أبناء المجتمع المسيحي".
وأوضح أن ضحايا القصف الإسرائيلي للكنيسة كانوا من "المدنيين السالمين والمسالمين الذين لجؤوا إليها".
إعلانوذكر أنه بالنسبة لأبناء المجتمع المسيحي بغزة، فالخيار الوحيد الذي كان مطروحا أمامهم خلال الحرب هو التوجه إلى الكنيسة باعتبارها "ملاذا آمنا لأي شخص كان يحاول النجاة بنفسه وأطفاله".
وأشار إلى أن توجه المدنيين للاحتماء بالكنائس والمساجد خلال الحرب يأتي من باب أنها من "المحرمات" التي يحظر استهدافها، لكنه استدرك قائلا "للأسف، لم يكن هناك محرمات لدى الاحتلال".
ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي كان معنيا بإلحاق الأضرار المادية بالكنسية والبشرية في المجتمع المسيحي.
وعلى مدى عقود تناقصت أعداد المسيحيين في غزة بفعل الهجرة، وقبل الإبادة الجماعية كان عددهم لا يزيد على ألفي شخص، حسب مؤسسات مسيحية.
ويتبع نحو 70% من مسيحيي قطاع غزة طائفة الروم الأرثوذكس، بينما يتبع البقية طائفة اللاتين الكاثوليك.
وخلال الإبادة الإسرائيلية المستمرة بالقطاع تضررت 3 كنائس بشكل كبير، كذلك استهدف الجيش الإسرائيلي المركز الثقافي الأرثوذكسي في حي الرمال الجنوبي غربي مدينة غزة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن إسرائيل دمرت خلال أشهر الإبادة 206 مواقع أثرية وتراثية في القطاع.
وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل للأسرى بين "حماس" وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، مع اشتراط التفاوض بشأن المرحلة التالية قبل انتهاء المرحلة الراهنة.