أهمها الزلزال والانتخابات.. أبرز محطات تركيا في عام 2023
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
تركيا- تودع تركيا العام 2023 الذي شهد العديد من الأزمات الإنسانية والاقتصادية والأحداث السياسية المفصلية الحافلة بالتحديات الصعبة، وتستقبل 2024 بطموحات سياسية وخطط تنموية واعدة، لا سيما مع دخولها مئويتها الثانية مع رؤية "قرن تركيا".
وتسعى البلاد عبر هذه الرؤية إلى استبدال سياسة الهوية بسياسة الوحدة، والاستقطاب بالتكامل، والإنكار بالاحتضان، والهيمنة بالحرية، والكره بالمحبة، على حد وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
بدأت تركيا العام 2023 بتوتر سياسي، إذ استدعت الخارجية التركية في الثاني من فبراير/شباط سفراء كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وسويسرا والسويد وبلجيكا وإيطاليا، على خلفية تحذيرات أطلقتها سفارات الدول التسع بوجود تهديدات أمنية في تركيا.
وكانت قنصليات بعض تلك الدول قد علقت عملها في مدينة إسطنبول بحجة وجود تهديدات بوقوع أعمال إرهابية في تركيا، كما دعت رعاياها إلى الحذر من مخاطر هجمات انتقامية بعد حوادث حرق المصحف في دول شمال أوروبا.
وهو الأمر الذي اعتبرته تركيا حربا نفسية تسعى لزعزعة اقتصادها والإضرار بقطاعها السياحي، كما جاء على لسان وزير الداخلية -آنذاك- سليمان صويلو.
وفي الجانب الأمني، أصيب شرطيان تركيان بجروح طفيفة في هجوم بالقنابل شنّه مسلحان صباح يوم الأحد الأول من أكتوبر/تشرين الأول على إحدى بوابات مديرية الأمن التابعة لوزارة الداخلية التركية بالعاصمة أنقرة أسفر أيضا عن مقتل المنفذين، في حين قالت السلطات التركية إن المسلحين خططوا لشن هجوم أوسع مما تم تنفيذه، لكن قوات الأمن أحبطت ذلك.
وكانت مجموعة تسمى "كتيبة الخالدين" تابعة لحزب العمال الكردستاني تبنّت التفجير، في حين أكد رد الفعل التركي على العملية أن تركيا لن تسمح للإرهاب بأن يتحكم في سياستها، وأنها ستواصل الحرب عليه.
عاشت تركيا الكارثة الأسوأ في المنطقة خلال 100 عام، ففي السادس من فبراير/شباط 2023، استيقظ العالم على وقع زلزالين مدمرين ضربا جنوب تركيا وشمال سوريا، وراح ضحيتهما أكثر من 50 ألف شخص وإصابة أكثر من 107 آلاف آخرين.
أثّرت كارثة زلزال كهرمان مرعش على جميع مناحي الحياة في تركيا، وتسبب بخسارة مالية قدرت بنحو تريليوني ليرة (103.6 مليارات دولار)، واستغلت المعارضة الكارثة لتوجيه انتقادات لاذعة للحكومة التركية واتهمتها بالتقصير في أداء دورها الرقابي على الشركات الإنشائية العاملة في المنطقة.
وساهمت هذه الانتقادات في تأليب الشارع التركي على الحكومة التركية قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر انعقادها يوم 14 مايو/أيار 2023.
أما على المستوى الخارجي، فشهدت المساعدات الإنسانية تجاوزا للنزاعات السياسية في إطار "دبلوماسية الكوارث"، إذ كان وزير الخارجية اليوناني أول دبلوماسي أوروبي يصل إلى تركيا بعد الزلزال، ليتبعها فتح معبر "علي جان" الحدودي مع أرمينيا بعد 35 عاما من إغلاقه، لإيصال المساعدات للمناطق المنكوبة.
مهدت كارثة الزلزال الطريق أمام تدشين العلاقات التركية المصرية مجددا، إذ بادر وزير خارجية مصر بزيارة تركيا لأول مرة بعد 10 سنوات من القطيعة، الأمر الذي أشادت به تركيا، واعتبرته مسألة مهمة بالنسبة إليها وذات مغزى، ليتوجه وزير الخارجية التركي لزيارة القاهرة في الشهر الثالث من العام 2023 استجابة لدعوة نظيره المصري.
واعتبر محللون أن "المقاربة الإنسانية" للمجتمع الدولي في التعاطي مع كارثة الزلزال المدمر في تركيا فتحت الباب أمام بدء حوار ومفاوضات حول القضايا الخلافية.
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
يوم الأحد 14 مايو/أيار، جرت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية بين مرشح تحالف الجمهور رجب طيب أردوغان، ومرشح المعارضة أو ما يعرف بـ "الطاولة السداسية" كمال كليجدار أوغلو، ورئيس حزب الوطن محرم إنجه ومرشح حزب الأجداد سنان أوغان.
غير أن عدم نجاح أي من المرشحين في الحصول على نسبة 50% + 1 لتأكيد فوزه في الجولة الأولى، أدى إلى ضرورة الاحتكام لجولة انتخابات رئاسية ثانية لأول مرة منذ 100 عام، بين أردوغان وكليجدار أوغلو، في حين تصدر حزب العدالة والتنمية المشهد في الانتخابات البرلمانية بحصوله على 268 مقعدا برلمانيا، بحسب النتائج النهائية.
وأعلن إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان لولاية جديدة تمتد 5 سنوات في الجولة الثانية للانتخابات يوم الأحد 28 من مايو/أيار، بعد حصوله على 52.18% من أصوات الناخبين مقابل 47.82% لمنافسه كمال كليجدار أوغلو.
وغيّر الرئيس التركي في أول قراراته تشكيلته الحكومية التي أقصى فيها جميع الوزراء السابقين عدا وزيري الصحة والثقافة والسياحة، في إطار التغيير والتنمية التي وعد بها في حملته الانتخابية، ليبدأ فترته الجديدة.
وتصدّر خبر فوز الرئيس التركي بفترة رئاسية جديدة الذي استقبل العديد من الاتصالات من رؤساء دول العالم، الصحافة العالمية، بعد الحملة الإعلامية الشرسة التي أقيمت ضده قبل انعقاد السباق الديمقراطي.
في حين انتقد زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو الانتخابات الرئاسية، ووصفها بالأسوأ في تاريخ تركيا، كما عبر عن حزنه بسبب الصعوبات التي تنتظرها تركيا.
لم تغب تطورات الملف الاقتصادي عن المشهد التركي للعام 2023، إذ أعلن البنك المركزي التركي رفع معدل الفائدة إلى 40% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ليكون الأعلى خلال العقدين الماضيين، في إطار السياسة النقدية المتشددة التي بدأت تركيا باتباعها.
بينما أظهرت بيانات رسمية ارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في تركيا إلى 61.98% في الشهر نفسه، ولا تزال وعود الحكومة التركية والبنك المركزي بأن تؤتي هذه السياسة ثمارها في عام 2024 قائمة.
وفي إطار السياسية الداخلية التركية، أطاح أوزغور أوزيل بزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو في انتخابات رئاسة الحزب يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، ليصبح الرئيس الثامن له، ويواصل كليجدار أوغلو التمسك بلقب السياسي الذي لم يفز بأي انتخابات منذ 2010.
كما بدأت الأحزاب السياسية التركية الاستعداد لخوض انتخابات البلديات عام 2024، وهو ما جدد حالة الاحتدام والمنافسة بين الحكومة التركية والمعارضة، إذ تسعى الأخيرة لمواصلة سيطرتها على بلديات المدن الكبرى كإسطنبول وأنقرة وإزمير، في حين يسعى تحالف الجمهور الممثل بحزب العدالة والتنمية الحاكم لانتزاعها منها.
وجدت الأحداث الرياضية كذلك مكانا في أجندة تركيا للعام 2023، ففي تحدّ للأزمات التي لاحقتها طيلة العام، استضافت مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا الذي أقيم في العاشر من يونيو/حزيران على أرضية ملعب أتاتورك الأولمبي في إسطنبول.
واتخذت السلطات التركية إجراءات أمنية وصحية مشددة لضمان سير المباراة بشكل لائق، حيث رفعت ولاية إسطنبول التدابير الأمنية في المدينة، وتم تخصيص نحو 16 ألف شرطي انتشروا داخل الملعب وحوله، وفي المطارات ومحطات المواصلات العامة والساحات والفنادق التي استضافت المشجعين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة فی ترکیا فی إطار فی حین عام 2023
إقرأ أيضاً:
تركيا.. اشتباك قضائي وسياسي يفتح سباق الرئاسة مبكرًا
البلاد – أنقرة
يتصاعد التوتر السياسي في تركيا بين الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم العدالة والتنمية، وحزب الشعب الجمهوري المعارض، على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وتبادل الاتهامات بين الجانبين. وبينما تواجه الحكومة اتهامات بتسيس القضاء وإقصاء المنافسين، يسعى أردوغان لحسم المعركة عبر القضاء، في وقت تكشف فيه استطلاعات الرأي عن تقدم المعارضة للمرة الأولى منذ سنوات.
واتهم الرئيس التركي، أمس الثلاثاء، المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري بمحاولة عرقلة تحقيق قضائي “كبير” في قضية فساد تتعلق بعمدة إسطنبول المسجون أكرم إمام أوغلو. وقال أردوغان: “مهما فعلتم، لا يمكنكم عرقلة سير العدالة… على القضاء أن يكسر هذه الأيدي القذرة”. بالتزامن، أعلن محاميه حسين أيدين رفع دعوى قضائية ضد زعيم الحزب المعارض، أوزغور أوزال، أمام محكمة أنقرة بتهمة “الإهانة”، على خلفية تصريحات ألقاها الأخير خلال المؤتمر الطارئ للحزب، قال فيها إن “تركيا تُدار من قبل مجلس عسكري يخاف الانتخابات”، واصفًا أردوغان بـ “رأس المجلس العسكري”.
ومن داخل محبسه في سجن مرمرة، واصل إمام أوغلو التصعيد عبر تغريدات نارية نشرها حسابه الرسمي على منصة “X”، مهاجمًا الحكومة بشدة، قائلًا “أولئك الذين يفترون علينا من الصباح إلى المساء دون أي خجل أو حياء، يصمتون عندما يتعلق الأمر بزيادة الكهرباء بنسبة 25%. هل تعلمون لماذا يصمتون؟ لأنهم يعلمون جيدًا أنهم يجرون البلاد إلى كارثة كبيرة”. وأضاف: “للأسف الشديد، يدفع الوطن كله ثمن شغف حفنة من الناس بالكراسي وطموحهم في السلطة”. كما هاجم إمام أوغلو الوضع القضائي في تركيا، بالقول “إذا كان القانون قد أصبح أكثر المؤسسات التي لا يمكن الاعتماد عليها في هذا البلد، فإن السبب الوحيد في ذلك هو العقل الذي يسيس القضاء”.
وتحولت قضية إمام أوغلو إلى عنوان صراع سياسي وقضائي واسع، إذ يرى حزب الشعب الجمهوري أن الاعتقال محاولة مكشوفة لإقصائه من السباق الرئاسي، خاصة بعد ترشيحه رسميًا كمرشح أوحد للحزب في الانتخابات المقبلة، والتي تطالب المعارضة بتقديم موعدها من 2028 إلى أقرب وقت ممكن.
وفيما يؤكد أردوغان أن لا أحد فوق القانون وأن قضية أوغلو جنائية، تستعر المعركة بين قصر الحكم وبلدية إسطنبول، مع تلويح من الطرفين بخوض “حرب شاملة” قبيل الانتخابات، التي تبدو هذه المرة أبكر وأشرس من أي وقت مضى. ومع تصاعد الخلافات، يكشف أحدث استطلاع للرأي العام التركي، لمؤسسة “ALF” للدراسات في أبريل الجاري، عن تقدم حزب الشعب الجمهوري للمرة الأولى منذ سنوات في نوايا التصويت. حيث حصل الحزب المعارض على 32.1 % من الأصوات، بينما جاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في المرتبة الثانية بـ30.7 %. وحل حزب الحركة القومية في المرتبة الثالثة بـ8.5 %، بينما حصل حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الكردي على 8.2 %.
ويواجه حزب العدالة والتنمية تحديات غير مسبوقة على مستوى الشعبية والسيطرة السياسية. وبينما يواصل الرئيس أردوغان تصعيد مواقفه ضد المعارضة، تزداد التكهنات بشأن مستقبل الانتخابات وكيفية تأثير هذه الصراعات القانونية والسياسية على نتائجها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح صورة: الرئيس التركي وعمدة إسطنبول في لقاء قبل توقيف أوغلو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ