أصبحنا جميعًا نعرف ما علمنا إياه الصينيون من أن فى الأزمة أخطارًا وفرصًا؛ ونحن الآن نعيش فى ظلال حزمة من الأزمات، وعلينا أن نخرج منها بأعلام خفاقة. القائمة باتت معروفة عما جرى خلال السنوات العشر الماضية، التى بدأت بأزمات ما بعد الربيع العربى المزعوم من فوضى لدينا وحروب أهلية فى دول الإقليم، بعضها لا يزال ساخنًا فى سوريا واليمن وأخيرًا فى السودان، ولم تنتهِ بعد بسلسلة أزمات الإرهاب والكورونا والحرب الأوكرانية، وأخيرًا حرب غزة الخامسة، التى تَشِى باتساع نطاقها من الشام إلى مضيق باب المندب؛ وإذا ما استمرت طبول الحرب قارعة فسوف تصل إلى الخليج.
الانتخابات الرئاسية، وقبلها ممارسة الحوار الوطنى، كان فيهما قدر كبير من التدرُّب على المسؤولية، وعلى أن الدولة المصرية تقطع مسارها الخاص فى التطور والتغيير، الذى يبدأ بالبيئة المادية للإقليم المصرى، وإقامة العدالة بين أقاليم الدولة كلها، لا يُستثنى منها ريف ولا حضر ولا محافظات على بحر أو نهر. لم يعد الأمر فى مصر شعارات تُرفع لتنمية الصعيد، ويمر العام وراء العام ولا يلقى الصعيد إلا النزر القليل؛ ولا حلفان القَسَم على تعمير سيناء، وتمضى السنة وراء الأخرى، فلا يكون هناك إلا نفق يتيم وجسر للسلام أقامته اليابان، بينما بقيت سيناء على حالها، حتى باتت موئلًا للإرهاب الممتد حتى وادى النيل.
التجربة كانت غنية بالأصول الجديدة والمثمرة، واستيعاب ٢٠ مليون نسمة إضافية، غير اللاجئين والنازحين، ولكن كان لها ثمن تمثل فى مجمع من الديون الداخلية والخارجية، وتضخم وزيادة فى أسعار السلع، مع تراجع فى معدلات النمو وتقديرات المؤسسات المالية الدولية لمستقبل الاقتصاد المصرى. هذه المعادلة ما بين غنى الأصول فى ناحية وتهافت السوق المصرية وضعف عملتها واضطراب قراراتها وأسعار سلعها من ناحية أخرى؛ على ما تسببه من مصاعب وآلام للشعب المصرى قابلة للعلاج إذا ما عرفنا أمرين: أولهما أنه لا يجوز فى القرن الواحد والعشرين إعادة اختراع العجلة؛ وثانيهما أن الأصول التى حققناها من الطرق والكبارى والجامعات والمصانع والمزارع والمدن الجديدة، كلها تكفى وزيادة لإعادة التوازن مرة أخرى إلى الاقتصاد المصرى إذا ما بدأنا فى استخدامها والاستثمار فيها. كل ما نحتاجه هو أن نعرف كيف استخدمت شعوب ودول مثل الصين والهند وفيتنام وكوريا الجنوبية وغيرها العجلة، التى تحقق التوازن للاقتصاد القومى ودفع الأفراد والشركات إلى التنافس الداخلى والخارجى فى سوق حرة ومبدعة.
المسألة من ناحيتنا جرى تكرار المقترحات الخاصة بها، التى تبدأ بتطبيق مشروع إصلاح النظام الإدارى للدولة، والذى كان منتظرًا تطبيقه مع الانتهاء من العاصمة الإدارية، ومن ثَمَّ تكون هى العقل الذى يُدير بالرقمنة جهاز الدولة فى أقاليم مصر، التى آن الأوان لتحريرها من المركزية الشديدة، وتحويلها إلى قدرات استثمارية جديدة، ومتنوعة تنوع اقترابها أو ابتعادها من النهر، حيث الدلتا والصعيد، والبحرين الأبيض والأحمر وخليجى العقبة والسويس ومثلث قناة السويس وفرع دمياط وطريق القاهرة والعين السخنة، ونهر النيل الجديد فى الصحراء الغربية من «توشكى» إلى الدلتا الجديدة ومتفرعه فى الوادى الجديد والواحات والعوينات.
وإذا كنا نريد «جمهورية جديدة» حقًّا فإن عليها أن تتخلص من التقاليد المركزية، وتنظر فى الإقليم المصرى وترى ما فيه من فرص وإمكانيات مادية وبشرية. ما نحن بصدده حقًّا مرحلة جديدة ليس فقط فى البناء، وإنما أكثر من ذلك فى التفكير فى أن المرحلة المقبلة سوف تعتمد كثيرًا على قدراتنا الذاتية، وسوقنا المحلية، وتكاملها الإقليمى، فى بيئة تشتد فيها المنازعات والصراعات، بينما تكون علينا رعاية مائة وعشرين مليون نسمة فى المتوسط خلال السنوات الست المقبلة. باختصار، فإن واجبنا إزاء المشروع الوطنى المصرى أن نعرف من الآن أن العالم والإقليم الشرق أوسطى سوف ينتابه الكثير من القلق والاضطراب، الذى يلحق بالقوى المختلفة، التى لن يستثنى منها قوة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية. مصر سوف يكون عليها دائمًا أن تكون رمانة الميزان، التى تعطى الشرق الأوسط الأمان والسلام، والواحة التى تخلق فرص الرخاء والازدهار؛ والتى فيها من الحكمة ما يكفى للسلوك الإيجابى بلا تورط، ومن الكمون الاستراتيجى ما يكفى للبناء بلا عزلة أو انكفاء.
عبدالمنعم سعيد – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
استراتيجية قائمة على الحلول المالية الرقمية لتعزيز توجهات الدولة والمركزى
أكد عبدالحميد أبوموسى محافظ بنك فيصل الاسلامى المصرى على حرص البنك على تطبيق كل ما يستجد فى مجال التكنولوجيا المالية
وقال اعتمادنا استراتيجيات مبنية على الحلول المالية الرقمية المتميزة من خلال استثمارات متنامية تواكب التغير السريع والمتلاحق للتحول الرقمى، وذلك تعزيزًا لسياسة الدولة والبنك المركزى لنشر ثقافة الدفع الإلكترونى والتحول إلى مجتمع لا نقدى باعتباره الوسيلة الأكثر أمانًا ودقة ومرونة. فقد تم إطلاق موقع البنك الإلكترونى بعد تطويره تطويرًا شاملًا بما يتيح لزوار الموقع تجربة مميزة تلبى احتياجاتهم فى الحصول على المعلومات المتعلقة بكافة الخدمات والمنتجات التى يتيحها البنك لعملائه، فضلًا عن قيام البنك بتحديث وتطوير البرامج الآلية الخاصة بالمحفظة الالكترونية والأونلاين البنكى لتحسين مستوى الخدمات المتاحة وإضافة أخرى جديدة وهو ما ساهم فى زيادة عدد العملاء المشتركين فى الخدمات الرقمية، حيث ارتفع عدد العملاء المشتركين فى خدمة الانترنت البنكى بنسبة 13. 4% ليصل إلى 162. 9 ألف عميل فى نهاية ديسمبر 2024م مقارنة بنهاية ديسمبر 2023م، وارتفع عدد المشتركين بخدمة الموبايل البنكى بنسبة 25. 6% ليصل إلى 195. 3 ألف عميل، كما ارتفع عدد مشتركى خدمة محفظة «فيصل كاش» بنسبة بلغت 5. 1%، كما أطلق البنك خلال عام 2024م عددًا من الخدمات والمنتجات منها منتج «رجعها فابريكا» لتمويل صيانة السيارات من خلال صيغة إجارة الخدمات، ومنتج تمويلى للأنشطة الانتاجية الصناعية والزراعية لدعم وتمكين القطاع الخاص، كما أطلق البنك خدمة كبار العملاء «Royal Service» التى تتيح العديد من الامتيازات الحصرية لهذه الفئة المميزة من العملاء، هذا بالاضافة إلى إطلاق خدمة الصارف الآلى المتنقل، وإصدار حساب أهالينا الاستثمارى بالعملة المحلية لأصحاب الحرف والمهن الحرة وربات البيوت الذين لا يتوافر لديهم إثبات للدخل لفتح حساب بنكى.
الاحترافية والمرونةوحقق بنك فيصل الاسلامى المصرى خلال عام 2024م نموًا استثنائيًا فى جميع قطاعات العمل المصرفى بفضل الاحترافية والمرونة التى تعامل بها مع مختلف الأوضاع المتغيرة، إلى جانب الاستراتيجيات الفعالة التى تبناها فى كل قطاعاته والتى أسهمت فى الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة فى الأنشطة التى تتوافق مع الشريعة الاسلامية، فضلًا عن إدارته الرشيدة للتكاليف التشغيلية والتمويلية والتى كانت ضمن عوامل القوة التى عززت من النتائج المالية خصوصًا فى ظل البيئة التضخمية الحالية ليظل بنك فيصل على قائمة أقوى وأكبر البنوك العاملة فى السوق المصرية
قال أبو موسى أن الجهود التى قامت بها الحكومة والبنك المركزى أسهمت فى تحسين المسار الاقتصادى واستقرار القطاع المصرفى وتوفير بيئة ملائمة لعمل البنوك مكنتها من إتاحة التمويلات اللازمة للمشروعات فى الأنشطة الاقتصادية المختلفة الأمر الذى دعم من ربحية البنوك وتحقيق معدلات نمو قوية خلال عام 2024م.
ونوه إلى حفاظ البنك على نموه المستدام بمختلف أنشطته بشكل فاق التوقعات، حيث تصاعد إجمالى أصول البنك لتبلغ ما يعادل 240. 2 مليار جنيه مصرى فى نهاية عام 2024م محققًا زيادة سنوية قدرها 63. 3 مليار جم ونسبتها 35. 8% مقارنة بنهاية عام 2023م، بلغت أرصدة التوظيف والاستثمار (بعد استبعاد المخصص) نحو 222. 7 مليار جنيه محقق زيادة قدرها 60. 7 مليار جنيه ومعدلها 37,5% وتمثل أرصدة هذا البند 92,7% من إجمالى الأصول، كذلك ارتفعت الأوعية الادخارية لتصل أرصدتها إلى 177. 1 مليار جنيه مسجلة زيادة قدرها 46. 6 مليار جنيه ونسبتها 35. 7% ويرجع ذلك إلى قيام البنك باصدار باقة متنوعة من الخدمات والمنتجات الرقمية لعملائه من الأفراد والشركات مع تحسين جودة الخدمات المصرفية وتبسيط اجراءات العمل بالفروع الأمر الذى ساهم فى اجتذاب عملاء جدد للبنك، وتتوزع أرصدة الأوعية الادخارية على أكثر من مليونى حساب يديرها البنك لصالح عملائه. . . هذا وقد ارتفعت حقوق الملكية لتصل إلى 38. 8 مليار جنيه محقق زيادة قدرها 14 مليار جنيه ونسبتها 56. 2% مقارنة بنهاية عام 2024م.
تمويل التجارة الخارجيةوقال محافظ بنك فيصل أن عمليات تمويل التجارة الخارجية تحظى باهتمام واسع من مصرفه، نظرًا لتأثيرها الإيجابى على دفع مسيرة التنمية الاقتصادية، وتعزيز سبل التعاون مع الدول والكيانات الاقتصادية الخارجية، وقد بلغ عدد العمليات التمويلية للتجارة الخارجية سواء استيراد أو تصدير خلال عام 2024م نحو 1841 عملية بقيمة بلغت 6. 8 مليار جنيه.
وقال وفقًا لخطة العمل المعتمدة لعام 2025م يستهدف التوسع فى الأنشطة المصرفية التى تتوافق مع الشريعة الاسلامية فى كل قطاعات النشاط الاقتصادى مع تعافى الاقتصاد المصرى فى ظل التراجع المتوقع لأسعار الفائدة الذى ينعكس ايجابًا على المستثمرين والتوسعات الاستثمارية، حيث يستهدف البنك زيادة إجمالى أصوله إلى 245. 8 مليار جم، وزيادة أرصدة المشاركات والمرابحات والمضاربات مع العملاء إلى 17 مليار جم، أما أرصدة الأوعية الادخارية فإن البنك يستهدف زيادتها إلى 183. 5 مليار جم، إلى جانب تحقيق زيادة قدرها 4. 5 مليار جم فى بند حقوق الملكية لتصل إلى 42. 3 مليارًا بنهاية عام 2025م.