موقع النيلين:
2025-04-26@23:49:01 GMT

التجربة والفرصة

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT


أصبحنا جميعًا نعرف ما علمنا إياه الصينيون من أن فى الأزمة أخطارًا وفرصًا؛ ونحن الآن نعيش فى ظلال حزمة من الأزمات، وعلينا أن نخرج منها بأعلام خفاقة. القائمة باتت معروفة عما جرى خلال السنوات العشر الماضية، التى بدأت بأزمات ما بعد الربيع العربى المزعوم من فوضى لدينا وحروب أهلية فى دول الإقليم، بعضها لا يزال ساخنًا فى سوريا واليمن وأخيرًا فى السودان، ولم تنتهِ بعد بسلسلة أزمات الإرهاب والكورونا والحرب الأوكرانية، وأخيرًا حرب غزة الخامسة، التى تَشِى باتساع نطاقها من الشام إلى مضيق باب المندب؛ وإذا ما استمرت طبول الحرب قارعة فسوف تصل إلى الخليج.

مجمع الأزمات هذا أعطانا قدرًا كبيرًا من النضج والخبرة والحكمة، يظهر الآن فى إدارة الأزمة الراهنة، التى ندخلها بمشروعية انتخاب قيادة متمرسة، بعد تمكن شخصيات من دخول الانتخابات، كان على رأس برامجها حرب مع إثيوبيا وأخرى مع إسرائيل، وفوق ذلك عودة الإخوان المسلمين إلى الساحة السياسية مرة أخرى.

الانتخابات الرئاسية، وقبلها ممارسة الحوار الوطنى، كان فيهما قدر كبير من التدرُّب على المسؤولية، وعلى أن الدولة المصرية تقطع مسارها الخاص فى التطور والتغيير، الذى يبدأ بالبيئة المادية للإقليم المصرى، وإقامة العدالة بين أقاليم الدولة كلها، لا يُستثنى منها ريف ولا حضر ولا محافظات على بحر أو نهر. لم يعد الأمر فى مصر شعارات تُرفع لتنمية الصعيد، ويمر العام وراء العام ولا يلقى الصعيد إلا النزر القليل؛ ولا حلفان القَسَم على تعمير سيناء، وتمضى السنة وراء الأخرى، فلا يكون هناك إلا نفق يتيم وجسر للسلام أقامته اليابان، بينما بقيت سيناء على حالها، حتى باتت موئلًا للإرهاب الممتد حتى وادى النيل.

التجربة كانت غنية بالأصول الجديدة والمثمرة، واستيعاب ٢٠ مليون نسمة إضافية، غير اللاجئين والنازحين، ولكن كان لها ثمن تمثل فى مجمع من الديون الداخلية والخارجية، وتضخم وزيادة فى أسعار السلع، مع تراجع فى معدلات النمو وتقديرات المؤسسات المالية الدولية لمستقبل الاقتصاد المصرى. هذه المعادلة ما بين غنى الأصول فى ناحية وتهافت السوق المصرية وضعف عملتها واضطراب قراراتها وأسعار سلعها من ناحية أخرى؛ على ما تسببه من مصاعب وآلام للشعب المصرى قابلة للعلاج إذا ما عرفنا أمرين: أولهما أنه لا يجوز فى القرن الواحد والعشرين إعادة اختراع العجلة؛ وثانيهما أن الأصول التى حققناها من الطرق والكبارى والجامعات والمصانع والمزارع والمدن الجديدة، كلها تكفى وزيادة لإعادة التوازن مرة أخرى إلى الاقتصاد المصرى إذا ما بدأنا فى استخدامها والاستثمار فيها. كل ما نحتاجه هو أن نعرف كيف استخدمت شعوب ودول مثل الصين والهند وفيتنام وكوريا الجنوبية وغيرها العجلة، التى تحقق التوازن للاقتصاد القومى ودفع الأفراد والشركات إلى التنافس الداخلى والخارجى فى سوق حرة ومبدعة.

المسألة من ناحيتنا جرى تكرار المقترحات الخاصة بها، التى تبدأ بتطبيق مشروع إصلاح النظام الإدارى للدولة، والذى كان منتظرًا تطبيقه مع الانتهاء من العاصمة الإدارية، ومن ثَمَّ تكون هى العقل الذى يُدير بالرقمنة جهاز الدولة فى أقاليم مصر، التى آن الأوان لتحريرها من المركزية الشديدة، وتحويلها إلى قدرات استثمارية جديدة، ومتنوعة تنوع اقترابها أو ابتعادها من النهر، حيث الدلتا والصعيد، والبحرين الأبيض والأحمر وخليجى العقبة والسويس ومثلث قناة السويس وفرع دمياط وطريق القاهرة والعين السخنة، ونهر النيل الجديد فى الصحراء الغربية من «توشكى» إلى الدلتا الجديدة ومتفرعه فى الوادى الجديد والواحات والعوينات.

وإذا كنا نريد «جمهورية جديدة» حقًّا فإن عليها أن تتخلص من التقاليد المركزية، وتنظر فى الإقليم المصرى وترى ما فيه من فرص وإمكانيات مادية وبشرية. ما نحن بصدده حقًّا مرحلة جديدة ليس فقط فى البناء، وإنما أكثر من ذلك فى التفكير فى أن المرحلة المقبلة سوف تعتمد كثيرًا على قدراتنا الذاتية، وسوقنا المحلية، وتكاملها الإقليمى، فى بيئة تشتد فيها المنازعات والصراعات، بينما تكون علينا رعاية مائة وعشرين مليون نسمة فى المتوسط خلال السنوات الست المقبلة. باختصار، فإن واجبنا إزاء المشروع الوطنى المصرى أن نعرف من الآن أن العالم والإقليم الشرق أوسطى سوف ينتابه الكثير من القلق والاضطراب، الذى يلحق بالقوى المختلفة، التى لن يستثنى منها قوة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية. مصر سوف يكون عليها دائمًا أن تكون رمانة الميزان، التى تعطى الشرق الأوسط الأمان والسلام، والواحة التى تخلق فرص الرخاء والازدهار؛ والتى فيها من الحكمة ما يكفى للسلوك الإيجابى بلا تورط، ومن الكمون الاستراتيجى ما يكفى للبناء بلا عزلة أو انكفاء.

عبدالمنعم سعيد – المصري اليوم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

"لعبة النهاية " من جديد على مسرح الطليعة.. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يعود العرض المسرحي "لعبة النهاية" إنتاج فرقة مسرح الطليعة بقيادة المخرج سامح بسيوني، من جديد لمسرح الطليعة، حيث يقدم العرض ابتداء من مساء أمس الخميس، و يستمر العرض يوميا في السابعة والنصف مساء على قاعة صلاح عبدالصبور بمسرح الطليعة بالعتبة، ضمن خطة قطاع المسرح برئاسة المخرج  خالد جلال، وخطة البيت الفني للمسرح برئاسة الفنان هشام عطوة. 

لعبة النهاية من سعد أردش إلى السعيد قابيل

"لعبة النهاية " أعادت فرقة مسرح الطليعة إنتاجه باعتباره أول عمل قدمته الفرقة عند افتتاحها عام 1962، بمناسبة مرور ستين عاماً على عرضه الأول وضمن مشروعها الاستعادي لتراث الفرقة، حيث أن  نسخة "لعبة النهاية"2024، من إخراج السعيد قابيل، بينما حملت نسخة العام 1962 توقيع الراحل سعد أردش.

تدور مسرحية لعبة النهاية أو نهاية اللعبة، كما أرادها مؤلفها صموئيل بيكيت، حول أربع شخصيات، «هام» الرجل المشلول كفيف البصر الذى يجلس عاجزا على كرسيه المتحرك يرى الحياة من خلال خادمه المطيع «كلوف»، ذلك الخادم المسكين المهمش الذى لا يدرى سببا لطاعة سيده ولا يفضل صحبته، ولكنه يجد نفسه مضطرا للسمع والطاعة وتلبية رغباته التافهة والإجابة عن أسئلته المكررة، بينما تعيش شخصيتان من العالم الافتراضي  في براميل صدئة هما «ناج» و«نيل»، والد ووالدة هام المشلول، واللذان توفيا منذ زمن طويل لكنهما يظهران في مخيلته ويدور بين الثلاثة حوار أقرب للهذيان.

"لعبة النهاية" 2024،  تأليف صمويل بيكيت، إعداد وإخراج السعيد قابيل، تمثيل د. محمود زكي، محمد صلاح ، لمياء جعفر، محمد فوزي الريس، ديكور ودعاية أحمد جمال، أزياء مها عبدالرحمن، إضاءة إبراهيم الفرن.

مقالات مشابهة

  • استكمال محاكمة 64 متهما في خلية "القاهرة الجديدة الإرهابية"
  • محافظ شمال سيناء: رفح الجديدة تستوعب 25 ألف أسرة.. تشغيل المنطقة الصناعية بالعريش قريبا
  • هل يمكن للفول السوداني علاج حساسية الفول السوداني؟
  • "لعبة النهاية " من جديد على مسرح الطليعة.. صور
  • عرض لعبة النهاية من جديد على مسرح الطليعة
  • الرئيس السيسي: السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية
  • نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ43 لتحرير سيناء
  • عيد تحرير سيناء|قصة نصر لا تنتهى.. 25 أبريل.. يوم رفرف فيه العلم على الأرض الطاهرة.. ملحمة شعب وجيش لا تنتهي
  • برلماني: ذكرى تحرير سيناء تظل شاهدة على ما قدمه جنود مصر البواسل من تضحيات عظيمة
  • اللواء محمد إبراهيم الدويري: سيناء رمز السيادة وعنوان الإرادة