بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كثر الحديث هذه الأيام عن ما يسمى: وثيقة أريحا (Jericho Document)، وزعموا أنها كانت تتضمن تحذيرات دقيقة من الهجمات الغزاوية قبل عام من انطلاقها في السابع من أكتوبر. وزعم فريق آخر ان تلك الوثيقة كانت عبارة عن معلومات موثقة وفي غاية السرية تسربت من اجتماعات حماس واخواتها من داخل انفاق غزة.
بداية نقول: ان اول من تحدث بهذا الموضوع هي صحيفة (نيويورك تايمز) في مقالة ضبابية مثيرة للجدل، كتبها (رونين بيرجمان)، ونشرتها الصحيفة بتاريخ 30 نوفمبر من هذا العام. أي قبل بضعة أسابيع، في حين لا توجد مؤشرات على أن الموساد كان على علم بوثيقة (جدار أريحا) المزعومة، التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز. .
كل ما قام به الكاتب (بيرجمان) انه قام بإعادة سرد تفاصيل معركة طوفان الأقصى، وتحدث عنها بصيغة الماضي البعيد، زاعما انه اقتبسها من وثيقة سرية كانت مطروحة على الموساد، لكن حكومة النتن ياهو لم تعبء بها. .
وبالتالي فان صحيفة نيويورك تايمز هي الحاضنة الأولى لإنطلاق هذه الأكذوبة، وهي التي كانت وراء دعمها وتأييدها، ثم تشعبت التحليلات والتكهنات المبنية على هذه الأكذوبة، حتى وصلت حمى اللهاث وراء الأكاذيب إلى منصات التواصل العربية وذلك من خلال ما يطرحه بعض الذين انطلت عليهم الحكاية. .
والسؤال الذي ينبغي ان نطرحه على طاولة الحوار، هو: ما الذي دفع الصحف الداعمة لاسرائيل إلى ترويج تلك الأكاذيب، ولماذا تطوعت لتسويق الأوهام بهذه الطريقة ؟. .
والجواب هو كالآتي:- ان الأجهزة المخابراتية الأمريكية والصهيونية لا تريد الاعتراف بفشلها، ولا تريد الظهور بمظهر المغفل الذي سقط مغشيا عليه بسبب الصدمة التي تلقاها على يد رجال المقاومة. . إنهم يريدون ان يوهموا للعالم أنهم قادرون على التنبؤ بأدق التفاصيل قبل وقوعها بأكثر من عام. . التظاهر بانهم كانوا على دراية بتحركات المقاومة عن طريق عملائهم وجواسيسهم. . تضخيم صورة اسرائيل وتعظيم كيانها الهزيل، وإيهام الناس بتصورات لا أصل لها. . محاولة الطعن بحكومة النتن ياهو، واتهامها بالإهمال والفشل بذريعة أنها لم تكترث بالتحذيرات. بضمنها تحذيرات عباس كامل رئيس جهاز المخابرات في حكومة السيسي. .
ختاماً نقول: لو كانت اجهزتهم الاستخبارية بهذا المستوى الخرافي من التنبؤ بالحوادث قبل وقوعها لما اخطئت طائراتهم بقصف رعاياهم، ولما تكررت حوادث قصف جنودهم بنيران صديقة، ولما فشلوا حتى الآن في الحصول على نسخة مستنسخة من خارطة الأنفاق. .
وما أبرع الفاشل عندما يبرر فشله بعد اهتزاز صورته. .
د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
فايننشال تايمز: تغير خريطة الشرق الأوسط تحد كبير للغرب
حذر باحث بارز في الشؤون الدولية الغرب من التهاون في التعامل مع التحولات التاريخية في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن في ذلك خطرا كبيرا.
وأكد إميل حكايم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ومقره في العاصمة البريطانية لندن، أن توالي التطورات التي بدأت في المنطقة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت مذهلة لاجتماع أحداث مأساوية وإستراتيجية فيها ستستغرق وقتا حتى تهدأ، لأن ما حدث سيكون له، بلا أدنى شك، تداعيات على المدى الطويل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايمز: عندما يتعلق الأمر بالقيم البريطانية الأمر جد معقدlist 2 of 2لوفيغارو: حكومة طالبان تعتمد على السياحة للتخفيف من عزلتهاend of listوأضاف، في مقاله بصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن المجتمعات في المشرق العربي "متنوعة وهشة" وتمر بتحولات تاريخية جذرية، ومن غير المرجح أن تحصل على مساعدة من الخارج، نظرا لتردد دولها وفتور همة العالم على حد سواء.
حل الدولتينوتترافق عملية إعادة ترتيب المنطقة -وفق الكاتب- مع أعمال عنف شديدة وسجالات متجددة، فالفلسطينيون يعانون الأمرين على نحو غير مسبوق في قطاع غزة على يد الجيش الإسرائيلي.
وزعم حكايم أن رهان حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذي يصفه بالفاشل، وعجز شركائها عن نجدتها، هو تذكير بأن المسار الوحيد لقيام دولة فلسطينية يكمن في تدويل القضية والتوصل إلى حل عبر التفاوض.
إعلانوقد برز التحالف من أجل حل الدولتين الذي تتبناه دول عربية وأوروبية باعتباره الوسيلة الأرجح لتحقيق ذلك الهدف.
وتابع قائلا إن على الفلسطينيين الاقتناع بأن الأمر أكثر من مجرد حفلة دبلوماسية رمزية، ولكن عليهم أن يثبتوا أنهم أصحابها، وهي نتيجة لن تتحقق إلا بإصلاح السلطة الفلسطينية الذي طال انتظاره.
عجرفة الاحتلالوفي موازاة ذلك، انتقل الإسرائيليون من صدمة شديدة -في إشارة إلى هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- إلى "انتصار عسكري" في غضون عام واحد فقط، كما يدعي كاتب المقال.
وقد عزز ذلك، برأيه، الاعتقاد بأن إسرائيل لا يمكنها الاعتماد إلا على قوتها العسكرية وأن التوسع في غزة والضفة الغربية المحتلة والآن جنوب سوريا ليس مبررا فحسب بل إنه مطلوب.
وأردف أن الدعم غير المشروط الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية سمح لها بصرف النظر عن ضرورة التوصل إلى سلام عادل من شأنه أن يوفر الأمن للجميع.
لكن عقلية إسرائيل القائمة على الأمن فقط ستكون لها عواقب وخيمة، فهي في نظر حكايم مكلفة، وتزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة، وتنفر الشركاء الحاليين والشركاء المحتملين في الجوار، الذين يخشون من أن توسع إسرائيل نطاق الصراع بضرب قيادة إيران ومنشآتها النووية.
خسارةولفت إلى أن خسارة إسرائيل سمعتها جراء حربها على غزة هائلة، وتنطوي على التزامات قانونية، إلا إن وضع اللبنانيين مختلف، إذ ينبغي على حزب الله أن يأخذ في الاعتبار انهيار إستراتيجيته العسكرية وسقوط سرديته الأيديولوجية وتداعي مصداقيته، على حد تعبير الكاتب.
أما السوريون فيتذوقون طعم الحرية لأول مرة منذ عقود، كما يقول حكايم الذي يعزو انهيار نظام بشار الأسد السريع إلى فساده. وأشاد بالإدارة الجديدة في دمشق لتحليها بضبط النفس وبعض الحكمة.
ومع ذلك، فهو يعتقد أن إحلال السلام يتطلب مآثر جمة من النبل والشهامة والتفاني في إرساء حكم يشمل الجميع رغم أنف المخربين في الداخل والخارج.
إعلان تغيرات إستراتيجيةوأوضح أن من أجل التوصل إلى مصالحة بين العرب والأكراد، فإن ذلك يستدعي "اعتدالا ووسطية" من جانب تركيا، ودبلوماسية من قبل الولايات المتحدة، معتبرا ذلك حيويا.
وقال إن بإمكان دول الخليج أن تساعد في تحييد نفوذ إيران، التي يعدها الخاسر الأكبر فيما يجري.
وخلص إلى أن كثيرين في العواصم الغربية سيجدون سلوى في أن هذه التحولات التاريخية قد تم احتواؤها حتى الآن بشكل مدهش.