لماذا تستخدم إيران الحوثيين لمهاجمة إسرائيل؟
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
بعد إسقاط الولايات المتحدة والقوات البحرية المتحالفة معها عدداً كبيراً من الطائرات الحوثية دون طيار فوق البحر الأحمر، أدى إعلان وزارة الدفاع الأمريكية إطلاق عملية "حارس الازدهار" إلى زيادة الاهتمام بدعم المليشيا اليمنية لحماس.
تـُشكل المسافة الجغرافية بين اليمن وإسرائيل، والتضاريس الجبلية الوعرة في اليمن أيضاً عاملاً مهماً آخر في الحسابات الاستراتيجية الإيرانية.
و قال محموديان، في تحليل بموقع "ناشونال إنترست" لا يملك الحوثيون القدرة حالياً على مهاجمة إسرائيل بنجاح لكن هذا لا يعني بالضرورة أنهم ورقة غير رابحة لإيران".
يدعم هذا الموقف التقارير الإعلامية الأخيرة التي تشير إلى أن المرشد الأعلى الإيراني خامنئي قال خلال اجتماع عُقد في بداية نوفمبر(تشرين الثاني) مع زعيم حماس إسماعيل هنية، إن إيران لا تنوي المشاركة في الهجمات. وحسب التقارير، قال خامنئي إنه بما أن حماس بدأت العملية بشكل مستقل عن إيران، فعليها أن تمضي فيما قدماً، وبشكل مستقل.
The Houthis, unlike Iran's other proxies, might be considered more expendable in the broader spectrum of Tehran's strategic considerations, writes @MahmoudianArman. https://t.co/k7TLRgDXTO
— National Interest (@TheNatlInterest) December 22, 2023ورغم الثقة في هذه التقارير، يقول الكاتب، من المعقول القول إنه بسبب التفاوت الكبير في القوة بين إيران والولايات المتحدة، وإسرائيل، سيكون من المنطقي لإيران ألّا تشن حرباً على إسرائيل. والواقع أن إحجام إيران عن إطلاق العنان لحزب الله اللبناني، أو غيره من الوكلاء في سوريا ضد إسرائيل، أمر مفهوم أيضاً، إذ أن من شأن هذه الهجمات أن تفضي إلى تصعيد الموقف، وتنذر بمواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل.
ومن ناحية أخرى، ونظراً لدور إيران المُزعوم في حماية المجتمع الإسلامي و"الشعب المضطهد"، فإن التقاعس عن العمل ليس خياراً مُجدياً. ففي نهاية المطاف، تقود إيران سلسلة وكلاء في كل المنطقة تُعرف بـ "محور المقاومة".
وفي هذا السيناريو، تضطر إيران إلى التصرف بطريقة تُقلل التداعيات المحتملة. وسيتمثل الخيار الأقل خطورة في إجراءات رمزية، أو غير فعالة إلى حدٍ كبير. وقد يفسر هذا المنطق سماح إيران للحوثيين الأقل تهديداً لإسرائيل، بإطلاق الصواريخ والتهديد بالسلاح، ما يسمح لإيران بالحد من التصعيد، وحفظ ماء وجهها في آنٍ واحد.
اعتبارات استراتيجية
والواقع أن القرارات الوطنية تاريخياً، بما فيها التي تُقدِم عليها إيران، تتأثر بمجموعة من العوامل. ومن ثمَّ يمكن أن يُعزى قرار إيران الاستفادة من الحوثيين في اليمن لاعتبارات استراتيجية مُختلفة.
وأوضح الكاتب، أن من بين هذه العوامل الرئيسة وجود اليمن خارج المجال التقليدي للعمليات الاستخباراتية الإسرائيلية. فقد كانت إحدى نقاط قوة إسرائيل قدرتها الاستخبارتية القوية التي أدّت دوراً حاسماً في إنجازاتها العسكرية، الأمر الذي تجلى في حرب الأيام الستة في 1967، وعملية أوبرا ضد منشأة نووية عراقية في 1981، وعملية البُستان التي استهدفت منشأة نووية سورية في 2007، والعمليات التي عطّلت المساعي النووية والباليستية الإيرانية.
ورغم تفوق شبكة الاستخبارات الإسرائيلية في اختراق خصومها الأساسيين، فإن هذا التركيز ربما أدى إلى إهمال نسبي للكيانات الأقل تهديداً. وكانت الهجمات المفاجئة الأخيرة بمنزلة شهادة على هذا ذلك.
اليمن نقطة عمياء
إن اليمن البعيد عن قلب محور المقاومة يمثل نقطة عمياء نسبياً للمخابرات الإسرائيلية، حسب الكاتب. وقصور مراقبة اليمن يُمكن أن يعطي إيران شعوراً بالأمان في استعانتها بالحوثيين، وكيلاً استراتيجيّاً دون التعرض لخطر الضربات الاستباقية أو الانتقامية الإسرائيلية.
وتـُشكل المسافة الجغرافية بين اليمن وإسرائيل، والتضاريس الجبلية الوعرة في اليمن أيضاً عاملاً مهماً آخر في الحسابات الاستراتيجية الإيرانية لاستخدام الفصيل الحوثي. فالمسافة بين البلدين تُقدر بنحو 2211 كم، ومن ثم فهي تمثل تحديات لوجستية للعمليات العسكرية الإسرائيلية.
يبلغ مدى عمليات المقاتلات الإسرائيلية، مثل F-35 Lightning II – بين 900 و 1200 ميل بحري، ويبلغ مدى F-16 نحو 900 ميل دون إعادة تزود بالوقود. وبسبب قدرات إسرائيل المحدودة للتزود بالوقود جواً، فإن هذه النطاقات تجعل العمليات المُستمرة على هذه المسافات صعبة جداً.
ورغم أن المقاتلات من طراز F-15 Eagle الإسرائيلية بوسعها العمل ضمن نطاق يبلغ 3 آلاف ميل، فإن هذا النوع من المقاتلات مُصمّم بالأساس للمعارك الجوية، التي قد لا تتماشى مع متطلبات مهام الضربات بعيدة المدى ضد الحوثيين.
ورغم امتلاك إسرائيل صواريخ باليستية بعيدة المدى، من طراز أريحا 2/3 (YA-3/4) القادرة نظرياً على الوصول إلى اليمن، فإن قرار استخدام هذه الأصول الاستراتيجية ينطوي على اعتبارات دقيقة. وتشكل البنية اللامركزية وشبه القَبَلية لميليشيا الحوثي ووجودها المتفرق في المناطق الجبلية تحدياً للاستهداف الدقيق.
موقع اليمن
وفي هذا السياق يصبح تحليل تكاليف ومنافع إرسال موارد عسكرية كبيرة ضد عدو غير واضح نسبياً في التضاريس الصعبة في اليمن، جانباً حاسماً في صنع القرار الاستراتيجي في إسرائيل.
وثمة عامل آخر يجب وضعه في الاعتبار، يضيف الكاتب، وهو موقع اليمن الجيوستراتيجي، إلى جوار البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، الذي تمر عبره 40% من التجارة الدولية. ويمكن لهذا الموقف أن يعطي الحوثيين وداعمتهم إيران شعوراً، ولو زائفاً، بالأمن، ظناً منهم أن المجتمع الدولي لا يستطيع تحمُّل ثمن حرب طويلة الأمد في تلك البقعة.
وأخيراً، يؤكد الكاتب ضرورة إدراك أن شبكات وكلاء إيران ليست مجرد أدوات للنفوذ الإقليمي، وإنما هي مكونات رئيسة لاستراتيجية الردع. وبتسليح هذه الجماعات، تُنذر إيران خصومها بالفوضى المحتملة التي يمكن أن تجتاح المنطقة.
وفي هذا السياق، تُعدّ كيانات مثل حزب الله، والميليشيات الشيعية في العراق، وسوريا، نشطة للغاية حتى أنه لا يمكن المخاطرة بها في صراعات حماس. لكن وضع الحوثيين مختلف.
واختتم الكاتب تحليله بالقول: "استطاعت إيران تعزيز أهدافها الإقليمية لنحو أربعين عاماً دون أن تعول على الحوثيين كثيراً، ما يشير إلى أنها يمكن أن تستمر في ذلك، وأن الحوثيين يمكن التخلي عنهم أكثر من غيرهم من وكلاء إيران في النطاق الأوسع لاعتبارات إيران الاستراتيجية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل إيران فی الیمن
إقرأ أيضاً:
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
كثفت إسرائيل وحزب الله، الأحد، الهجمات المتبادلة، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار نهائي بينهما.
وأطلق حزب الله، الأحد، أكثر من 200 قذيفة صاروخية على مدن إسرائيلية، بينما شنت إسرائيل غارات متزايدة على لبنان، استهدفت واحدة منها، مركزا تابعا للجيش اللبناني.
ويوحي تبادل الهجمات بعدم التوصل لوقف لإطلاق النار، لكن "مسؤولا أميركيا" أبلغ مراسل موقع "أكسيوس" باراك رافيد، الأحد، عن "قرب" التوصل لاتفاق.
وخلال استضافته في برنامج "الحرة الليلة" على قناة "الحرة"، قال إلياس جرادة، وهو عضو في البرلمان اللبناني إن تصعيد حزب الله هو "رد" على التصعيد من الجانب الإسرائيلي.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، كثف المبعوث الأميركي الخاص، آموس هوكستين، حواراته مع المسؤولين في إسرائيل ولبنان، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، ألون أفياتار، في مقابلة مع "الحرة" إن "إسرائيل تكثف الضغوط العسكرية ضد حزب الله في لبنان، من أجل تعزيز الضغط على إيران".
وكشف أفياتار عن وجود "ضغوط" أميركية على إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
والأحد، أفادت مصادر مطلعة قناة "الحرة" بتراجع فرص نجاح المساعي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، رغم التفاؤل الذي ساد خلال محادثات المسؤولين اللبنانيين مع الموفد الأميركي، آموس هوكستين.
وقال باراك رافيد، مراسل موقع "أكسيوس" الأميركي، الأحد، إن مسؤولا أميركيا أبلغه بأن اتفاقا لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، أصبح أقرب.
وأضاف رافيد في تغريدة على حسابه في منصة "أكس" أن المسؤول أبلغه أيضا بأنه "لا يزال هناك بعض العمل يتعين القيام به"، للوصول إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار.