الجزيرة:
2025-02-03@20:50:45 GMT

هل يشكل خروج باريس من النيجر نهاية أفريقيا الفرنسية؟

تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT

هل يشكل خروج باريس من النيجر نهاية أفريقيا الفرنسية؟

نيامي- نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022، سحبت فرنسا آخر جنودها من دولة أفريقيا الوسطى، وفي نفس الشهر من 2023 سحبت آخر جنودها من النيجر، وما بين التاريخين عام حافل بالخيبات والإخفاقات بتراجع نفوذها وانحسار وجودها التاريخي غرب أفريقيا، وخروجها من 4 دول بالقارة، لتكتب النيجر ربما نهاية حقبة مليئة بالتدخلات والانقلابات التي كانت باريس خلفها منذ ستينيات القرن العشرين.

وكان جليا منذ الأيام الأولى للانقلاب في النيجر، توجهات المجلس العسكري الانتقالي الذي كان حاسماً في طلب إنهاء الوجود الفرنسي، وإلغاء الاتفاقيات العسكرية مع باريس.

وتعاملت فرنسا بالرفض وعدم الاعتراف بالسلطات الجديدة، متحدية مطالب سحب السفير وإنهاء الوجود العسكري، ومارست ضغوطا هائلة عبر مجموعة "إيكواس" التي فرضت عقوبات قاسية على هذا البلد بما فيها التهديد بالتدخل العسكري، وإعادة الرئيس بازوم، إلا أن فرنسا اضطرت للرضوخ والموافقة على الانسحاب بعد شهرين من الرفض والمحاولات الفاشلة.

عملية فك الارتباط

بدأت القوات الفرنسية انسحابها مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث توجهت إلى تشاد مؤقتا حسب تصريحات السلطات الفرنسية، وصرح الملازم إبراهيم سليم قائلاً "تاريخ اليوم يمثل نهاية عملية فك القوات الفرنسية بمنطقة الساحل" مؤكداً أن العملية شملت 45 رحلة جوية و15 قافلة برية، نقلت حوالي 1500 عسكري فرنسي.

واختتمت مراسم الخروج بتوقيع وثيقة مشتركة بين قائد القوات البرية النيجرية العقيد مامان ساني، وقائد القوات الفرنسية بالساحل الجنرال إريك أوزان، وحضر مراسم التوقيع ممثلون عسكريون من الولايات المتحدة وتوغو، وسلمت فرنسا القاعدة الجوية إلى سلطات النيجر.

ويشكل خروج فرنسا من النيجر مرحلة فارقة، ودلالة ذات أهمية على مستقبل علاقاتها بأفريقيا، ففرنسا التي تمددت على ثلث هذه القارة على مدى 3 قرون مضت، لم تراجع سياساتها بالقدر الذي يؤهلها بالبقاء على علاقات متوازنة، ولم تحذو حذو الدول التي اعتذرت عن أخطائها التاريخية.

كما أخفقت باريس بشكل واضح في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية، في ظل تنافس دولي يتيح فرصاً للدول الأفريقية في تنويع الحلفاء، ومصادر الدعم، ويعتبر الطرد من النيجر -حسب محللين- ضربة قاصمة للنفوذ الفرنسي، أكثر مما جرى في أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو.

ورقة "إيكواس"

فشلت جهود "إيكواس" في التوصل لتفاهمات مع المجلس العسكري الانتقالي بالنيجر كما حدث مع مالي وبوركينا فاسو، حيث تم الاتفاق على سقف زمني للانتقال، وهو ما لم يتم في حالة النيجر، مما دفع المراقبين للقول إن تشدد فرنسا واستخدامها منصة "إيكواس" للضغط على المجلس العسكري قاد إلى طريق مسدود.

وكانت "إيكواس" قد علقت في ديسمبر/كانون الأول الجاري عضوية النيجر بالمجموعة، وهي سابقة خطيرة قد تفضي إلى وضع يصعب معالجته لاحقا.

علاقات دولية أخرى

خرجت فرنسا وبقيت القوات الأميركية بالنيجر، وقد أبدت واشنطن مؤخراً استعدادها لاستئناف التعاون مع النيجر، إذا اتخذ المجلس العسكري خطوات معينة، وجاء على لسان مساعدة وزير الخارجية الأميركي مولي في أنه "يتعين على المجلس العسكري الحاكم أن يعلن موعداً نهائياً لانتقال سريع وذي مصداقية، تنبثق منه حكومة منتخبة ديمقراطياً" كما أبدت ألمانيا التي تملك قوة محدودة هناك الاستعداد نفسه وبالشروط نفسها، وفق تصريح وزير دفاعها الذي كان في زيارة نيامي.

وإلى جانب رغبة واشنطن وبرلين باستئناف التعاون مع النيجر مؤخراً، وقبل 3 أيام من استكمال فرنسا إنهاء وجودها بالنيجر، صرح رئيس الوزراء المكلف علي محمد الأمين زين لوكالة "نوفو سيتي" بأن بلاده ترغب في تعزيز التعاون مع روسيا في مجالات الاقتصاد والأمن قائلاً "مرة أخرى لابد من القول إن البلدين يتعاونان مجدداً، ونحن نحاول المضي قدماً في جميع مجالات الاتصال والأمن" وأشار إلى أن المعدات العسكرية التي تم شراؤها سابقاً من روسيا سمحت لسلطات البلاد بمواجهة الجماعات المسلحة بشكل أكثر فعالية.

مستقبل الوجود الفرنسي بأفريقيا

وكنتيجة طبيعية للتراجع الفرنسي بالمنطقة، توترت الأوضاع بين فرنسا وبوركينا فاسو على إثر تعليق السلطات فيها بعض وسائل الإعلام الفرنسية، واعتقال 4 موظفين اتهمتهم بكونهم عملاء للمخابرات الفرنسية، فضلاً عن توجه ما تبقى من دول مجموعة الساحل لحل المجموعة، بعد انسحاب النيجر وبوركينا فاسو منها بداية الشهر الحالي، وهي في الأصل كانت إحدى الجبهات التي تنفذ فرنسا عبرها سياستها في المنطقة بشكل عام.

وبقراءة فاحصة للتطورات التي تشهدها منطقة غرب أفريقيا، في ظل تنافس الفاعلين الدوليين على القارة، فإن حظوظ بقاء فرنسا بشكل قوي يواجه تهديداً حقيقياً، وربما تفقد ما تبقى لها من نفوذ في القارة، وهو الأمر الذي تتوفر له كل الأسباب.

وقد جاء على لسان دبلوماسي فرنسي سابق لوسائل إعلامية معلقاً على الظروف التي تواجهها بلاده في أفريقيا "نحن هنا بحاجة إلى إعادة التفكير بشكل كامل في علاقاتنا بأفريقيا" وأضاف "لقد طردونا وعلينا أن نغادر بلداناً أخرى قبل أن يطلب منا الرحيل" وهو ما يعبر بدقة عما تواجهه فرنسا في هذه القارة.

وما بين سياسة "فرانس أفريك" لشارل ديغول عام 1944 وسياسة "عدم الإنكار وعدم الاعتذار" لماكرون عام 2020 و"بريتون وودز" التي رسمت خارطة النفوذ الاقتصادي الفرنسي بأفريقيا، جرت مياه كثيرة، سنحت لفرنسا أن تكون اللاعب المتحكم في مصائر عدد من الشعوب الأفريقية، ولكن لم يكتب لقادتها رؤية الواقع المؤلم لشعوبها بل وتعمدوا إهمالها، مما دفع إلى تآكل نفوذها وتقلص مساحة قبولها في أوساط الشعوب الأفريقية، وانتهاء بعزلة ربما تكون نهائية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المجلس العسکری وبورکینا فاسو من النیجر

إقرأ أيضاً:

بوابة “أفريقيا والذهب”.. عين روسيا على قاعدة مهجورة في ليبيا

بعد أن كانت القوات التابعة لروسيا تتمركز في مناطق شرق ووسط ليبيا، بدأت تتحرك نحو جنوب البلاد، لتضع موطئ قدم لها في قاعدة معطن السرة الجوية الاستراتيجية، والتي كانت مهجورة لسنوات طويلة.
ويؤكد الخبير العسكري الليبي، عادل عبدالكافي أن هذه القاعدة تضم مطارا هاما كان مطمعا للقوى الأجنبية، وذلك لوجوده في منطقة “مثلث استراتيجي” مهمة تعتبر بوابة على كل أفريقيا.
وقال لموقع “الحرة” أن الصور الملتقطة من الأقمار الصناعية التي يتم تداولها تظهر وتؤكد أن القوات الروسية أصبحت تسيطر على هذا المطار العسكري الهام.
ونشرت منصة “إيكاد” مجموعة من الصور التي التقطت خلال الفترة 6 وحتى 11 يناير الماضي تظهر أعمال تأهيل للمدرجات الرئيسية التي كانت يغطيها الكثبان الرملية، وتطوير منطقة تجميع الطائرات الرئيسية غرب المدرج.
وجغرافيا، يقع هذا المطار في قرية السارة في جنوب ليبيا التي تبعد عن مدينة الكفرة ما يزيد عن 300 كلم.
كما أنه قريب من منطقة كوري بوغدي، على الحدود بين تشاد وليبيا الغنية بالذهب، وتعتبر مطمعا للجميع.
والعميد عبدالكافي، المستشار العسكري السابق للجيش الليبي في غرب البلاد أشار إلى أن هذا المطار يقع في منطقة مثلث استراتيجي عند حدود ليبيا وتشاد والسودان، ويتسع لأكثر من 100 طائرة مقاتلة.
وزاد أن مطار معطن السرة كانت قاعدة للقوات الليبية، لعب دورا هاما خلال الصراع التشادي الليبي في الثمانينات من القرن الماضي، وفي الفترة التي تلت ذلك أصبحت مهجورة لسنوات طويلة.
ويضم المطار عدة مدارج للطائرات العسكرية، ويمكنه خدمة عشرات الطائرات الحربية في الوقت ذاته، ومع ذلك تقوم روسيا حاليا بإعادة تأهيله وتوسيع المدارج، فيما تم رصد هبوط طائرة روسية من نوع “إليوشن” مؤخرا، والتي ضمت عددا من الخبراء الروس الذين يشرفون على تطوير المطار، بحسب عبدالكافي.
وعند سؤاله عما يعني بأنها قاعدة استراتيجية، أجاب عبدالكافي أنها يمكن أن تصبح “بوابة روسيا لنقل الأسلحة والمقاتلين لكل أفريقيا وتدعم عملياتهم هناك”.
وحذر من أن روسيا ستستغل حالة الفراغ في أفريقيا، خاصة مع إلغاء عدد من الحكومات اتفاقياتهم بشأن تواجد القوات الفرنسية أو الأميركية في دولهم.
ولم يستبعد عبدالكافي أن تستغل روسيا هذا المطار لنقل كميات من الذهب أو الموارد التي يتم تهريبها من دول أفريقية مجاورة، مشيرا إلى أن موسكو تتبع نوعا من السياسات الهجينة بدعم القوى المتنازعة، بهدف الحصول على موارد البلاد.
ولليبيا حدود مع السودان من الجنوب الشرقي، وتشاد من الجنوب، والنيجر من الجنوب الغربي، والجزائر من الغرب، وتونس من الشمال الغربي.
ويشرح أن التوسع الروسي بدأ منذ 2019، عندما تدفقت عناصر فاغنر، حيث تمركزوا في قواعد: الجفرة قرب مدينة سرت، وقاعدة براك الشاطئ الجوية، وقاعدة الخادم، ولكن منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، بدأنا نشهد زخما أكبر في نقل المزيد من المقاتلين والأسلحة من سوريا إلى ليبيا.
وقال إن هذا الزخم يتطلب إعادة تموضع لروسيا في الداخل الليبي، خاصة مع نقلها لأسلحة مثل منظومات الدفاع الجوي، والقطعات العسكرية الجوية، والبحرية بما فيها طائرة أنتونوف الضخمة.
في 18 ديسمبر، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بأنه تم نقل رادارات وأنظمة دفاع جوي روسية من بينها “اس-300″ و”اس-400” من سوريا إلى ليبيا، مستندة في ذلك الى مسؤولين ليبيين وأميركيين.
وبعد أن كان الاعتماد على عناصر ميليشيا فاغنر، أصبح هناك ما يسمى الفيلق الروسي الأفريقي، التي تتبع لموسكو بشكل مباشر، وفقا لعبدالكافي.
في مايو 2024، كشف اتحاد التحقيقات السويسري “كل العيون على فاغنر” أنشطة روسية في حوالي 10 مواقع ليبية، من بينها ميناء طبرق حيث وصلت معدات عسكرية في فبراير وأبريل.
وكان عديد القوات الروسية في فبراير 2024 يناهز 800 عنصر، وارتفع الى 1800 في مايو من العام ذاته.
تعاني ليبيا البالغ عدد سكانها 6.8 ملايين نسمة، انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011.
وتدير شؤون البلاد حكومتان: الأولى في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد يترأسها أسامة حماد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر المتحالف مع روسيا.
التحركات الروسية في ليبيا تظهر أنها تريد استعادة نفوذها في القارة الأفريقية كلها والذي فقدته بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وهو ما قد يجعل قاعدة معطن السرة الجوية الاستراتيجية بوابة لها.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نظام الذل يعترف بإفلاس الدولة الجزائرية…تبون يثير السخرية : لن نرسل مرضانا إلى المستشفيات الفرنسية
  • باريس تُسلِّم آخر قاعدة عسكرية لها في تشاد.. هل ولّى عصر "إفريقيا الفرنسية"؟
  • سفير فرنسا بالقاهرة: مؤتمر وزاري حول سوريا في باريس 13 فبراير الجاري
  • وكالة الأنباء الفرنسية: القوات الروسية تقدمت 430 كيلومترا في أوكرانيا
  • وزير الدفاع يلتقى نظيره الكويتي لبحث التعاون العسكري المشترك
  • إعلام إسرائيلي: المستوى العسكري يوصي بالسيطرة على مواقع استراتيجية جنوب لبنان
  • بوابة “أفريقيا والذهب”.. عين روسيا على قاعدة مهجورة في ليبيا
  • فرنسا.. ضحايا في حريق بدار للمسنين قرب باريس
  • "يورونيوز": فرنسا والاتحاد الأوروبي يخسران نفوذهما في غرب أفريقيا
  • يورونيوز : فرنسا والاتحاد الأوروبي يخسران نفوذهما في غرب أفريقيا