تطورات جديدة ونوعية في معارك السودان وقوات الدعم السريع تتوغل في عمق الجزيرة واتفاقات ببعض المدن
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
تصاعدت بشكل واسع عمليات الاستنفار والتعبئة وتسليح الشباب في معظم مدن وسط وشمال وشرق السودان، إثر السقوط المفاجئ لمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في قبضة قوات "الدعم السريع"، إذ يتحسب الجميع لأي هجوم متوقع على مناطق جديدة بولايات نهر النيل وسنار والشمالية والقضارف.
وأكدت مصادر عسكرية أن الجيش السوداني دفع بتعزيزات كبيرة إلى ولايتي الجزيرة والقضارف للتأثير في المعادلة العسكرية الميدانية وتأمين الطرق القومية الرابطة بين شرق ووسط البلاد، فيما تواصل قوات "الدعم السريع" توغلها في عمق قرى ومدن غرب الجزيرة في وود سلفاب وطابت عبدالمحمود والحاج عبدالله المتاخمة لولاية سنار، وفق مواطنين من هناك، وذلك بعد بسط سيطرتها شرق الولاية.
هدوء وتعقيدات في الأثناء يسود مدينة ود مدني منذ أمس هدوء نسبي مشوب بالحذر، في ظل أوضاع إنسانية صعبة، وتوقف برنامج المساعدات وخروج جميع مستشفياتها من الخدمة، واستمرار عمليات النزوح على رغم العودة الجزئية لبعض مظاهر الحياة كالاتصالات والكهرباء وبعض المخابز.
وقال تقرير للجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن جميع المرافق الصحية بالمدينة خرجت من الخدمة، بعد عمليات نهب وتخريب واسعة للمستشفيات. وأوضح التقرير أن المدينة تحولت إلى مركز رئيس للخدمات الصحية لكل السودان، بعد خروج أكثر من 90 في المئة من مستشفيات الخرطوم عن الخدمة، مما سيؤدي إلى انهيار كامل وخطر للمنظومة الصحية بالبلاد.
اتفاقات للتعايش
وجنحت بعض المدن التي انسحبت منها قوات الجيش والشرطة في شرق وغرب ولاية الجزيرة إلى عقد اتفاقات للتعايش مع الوضع الجديد بين الأعيان والقيادة الميدانية لقوات "الدعم السريع" فيما يشبه الاعتراف بسلطة الأمر الواقع، بغرض عودة الحياة فيها إلى طبيعتها ووقف النزوح، مع سماح الطرف الآخر بالحماية بوصول وتوفير المستلزمات الضرورية.
وتعليقاً على الخطوات اللاحقة التي اتخذتها قوات "الدعم السريع" في مناطق سيطرتها بشرق وغرب الجزيرة، وتكليف أبو عاقلة كيكل قائداً للمنطقة العسكرية بالولاية، أوضح أستاذ الإدارة الحكومية بالجامعات السودانية، عثمان الزبير، أنه بدعوة "الدعم السريع" لتشكيل لجان شعبية خدمية لتولي شؤون الولاية، شبيه بأسلوب ما يعرف بإدارة المناطق المحررة بهدف التطبيع بين المواطنين وتلك القوات.
أشار الزبير إلى أن تحديات كبيرة ستختبر مدى قدرة القادم الجديد على إدارة شؤون الولاية على نحو سليم، إذ يتطلب سعيه إلى بسط الأمن والاستقرار في الولاية كثيراً من الموارد للصرف على الخدمات لكسب ثقة وتعاون المواطنين، قبل الانتقال إلى المرحلة (الانتقالية) التالية لإكمال سيطرته الإدارية على مقاليد الحكم ثم الانتقال من التطبيع إلى تثبيت العلاقة مع المواطنين.
تحديات الإدارة لفت المتخصص في الإدارة الحكومية إلى أن أسلوب إدارة ما تعرف بالمناطق المحررة هو نفسه الذي اتبعته تلك القوات في دارفور بغرب البلاد، وكذلك الحركة الشعبية- شمال (عبدالعزيز الحلو) في مناطق سيطرتها بجبال النوبة تحت مسمى المناطق المحررة.
لكن الزبير يرى أن المعضلة الأساسية التي ستواجه "الدعم السريع" في ولاية الجزيرة هي فرار معظم المواطنين والكفاءات والكوادر الإدارية والتنفيذية من الولاية، مما يصعب تسيير دولاب العمل، ويستدعي البحث عن حاضنة جديدة من الموالين لملء الفراغ التنفيذي.
تصعيد الاستنفار
في سياق رفع الاستعدادات وتصعيد حملات الاستنفار والتعبئة، دعت الجبهة الوطنية السودانية بولاية نهر النيل، إلى إعلان التعبئة العامة وزيادة نشر نقاط الارتكاز العسكرية على مستوى الولاية، وتشكيل غرف الطوارئ بالمحليات والقرى والأحياء، وتسليح كل الراغبين في حمل السلاح إلى التسلح للدفاع عن الوطن.
من ناحية أخرى، اجتمعت اللجنة الأمنية بمحلية الدبة في الولاية الشمالية بالعمد والمشايخ والأعيان في شأن تأمين المحلية، وجرى تسليح نحو 5200 من الشباب المستنفرين والمتقاعدين من الأجهزة الأمنية للعمل بنقاط الحماية على حدود الولاية، كما دعت جميع المدنيين للمشاركة في عمليات المراقبة والتبليغ الفوري عن أي أشخاص يشتبه فيهم لدى الجهات الأمنية على وجه السرعة.
تحوطات بالشرق في ولاية البحر الأحمر التي تمثل عاصمتها بورتسودان العاصمة الإدارية البديلة، وقفت اللجنة الأمنية برئاسة الوالي المكلف، اللواء ركن (م) مصطفى محمد نور، أمس الجمعة، بمشاركة كل قادة الوحدات والقيادات العسكرية والأمنية على المواقع الأمامية المتقدمة وجاهزية القوات لتأمين الولاية. كما تفقد والي القضارف المكلف، محمد عبدالرحمن، نقاط الارتكازات العسكرية على طول طريق القضارف كسلا، مؤكداً جاهزية القوات المسلحة والمستنفرين ومنسوبي حركات الكفاح المسلح للدفاع عن الولاية والبلاد، وفق تنسيق تام بين الولايات الشرقية وسنار المجاورة، مع توفير المحروقات بالمحطات على الطرق العابرة وفتحها للعابرين.
تأهب بالنيل الأزرق ووجه الفريق أحمد العمدة بادي، حاكم إقليم النيل الأزرق، قيادات الإدارة الأهلية وفعاليات المجتمع بالانخراط الفوري في الاستنفار العام لمواجهة التحديات الأمنية.
ووصف بادي في اجتماع حكومة الإقليم مع قادة الأجهزة النظامية والإدارة الأهلية واللجنة العليا للاستنفار ودعم القوات المسلحة، الأحداث الأمنية التي تدور بالبلاد بأنها حرب بالوكالة تمولها جهات خارجية طامعة في ثروات البلاد والإقليم
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
تقارير أممية عن نزوح ثلث السودانيين وظروف كارثية للفارين من مخيمات دارفور
كشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن أن واحدا من كل 3 أشخاص في السودان أجبر على النزوح. بينما يواجه مئات الفارين من مخيمات دارفور ظروفا كارثية في أعقاب الهجوم الدامي الذي شنته قوات الدعم السريع.
وأفاد المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين بدارفور، آدم رجال، بأن تدفق النازحين من مدينة الفاشر ومخيمي "زمزم" و"أبو شوك" استمر بأعداد كبيرة إلى بلدة "طويلة" غربي الفاشر.
وأشار رجال إلى وصول نحو 400 ألف نازح خلال أسبوعين فقط، بالإضافة إلى آلاف آخرين فروا منذ تصاعد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مايو/أيار الماضي.
وتخضع "طويلة" لسيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، وقد أصبحت في الآونة الأخيرة مقصدا رئيسيا لعشرات الآلاف من النازحين الهاربين من العنف المتصاعد شمالي دارفور.
ظروف إنسانية "كارثية"بدورها، وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" الأوضاع في مخيم "طويلة" بالكارثية، حيث يعاني النازحون من نقص حاد في المياه والغذاء والرعاية الصحية.
وقال ممثل المنظمة، تيبو هندلر، للصحافة الفرنسية "لا يوجد مصدر مياه ولا مرافق صرف صحي ولا طعام… المنطقة التي كانت أرضا خالية قبل أسبوع أصبحت مكتظة بالعائلات اليائسة".
وأضافت المنظمة أن 1600 نازح يحتاجون لخدمات طوارئ عاجلة نتيجة الجفاف الشديد، بينما يعاني الأطفال من آثار العطش وسوء التغذية.
كذلك، قالت ماريون رامشتاين، منسقة مشروع منظمة "أطباء بلا حدود" في دارفور، إن فرقها عالجت أكثر من 170 شخصا من جروح ناجمة عن طلقات نارية وشظايا انفجار، بما في ذلك عدد كبير من النساء والفتيات.
من جهتها، قالت منظمة حقوقية محلية إن أكثر من 280 ألف نازح وصلوا حديثا إلى طويلة، لينضموا إلى نصف مليون شخص سبق أن لجؤوا إلى هناك منذ بداية النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023.
وروى ناجون من الهجوم على مخيم زمزم تفاصيل مروعة، شملت عمليات إعدام ميدانية واعتداءات جنسية، بالإضافة إلى النهب والحرق الممنهج.
وأظهرت لقطات مصورة مقاتلين من قوات الدعم السريع وهم يطلقون النار على المدنيين العزّل ويحتفلون وسط جثث الضحايا، فيما نفت القوات الاتهامات بارتكاب انتهاكات، زاعمة أن المعسكر كان يُستخدم كقاعدة عسكرية من قبل قوات موالية للجيش.
وتشهد دارفور تصعيدا عنيفا في الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص. وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من انهيار كامل للوضع الإنساني، في ظل تعطل المساعدات وصعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة.