الليرة السورية تتكبد خسائر كبيرة في 2023.. والمواطنون يدفعون الثمن
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
مُنيت الليرة السورية بخسائر كبيرة في العام 2023، وشهدت قيمتها تقلبات حادة مسجلة مستويات هبوط قياسية في غضون أيام، وذلك رغم "الانفتاح العربي" على النظام السوري الذي حدث في هذا العام، ليأتي أداء العملة المحلية مخالفاً للتوقعات التي كانت تتحدث عن تحسن اقتصادي قد تشهده سوريا.
ووصف اقتصاديون وخبراء أداء الليرة السورية في العام 2023 بـ"الكارثي"، حيث خسرت الليرة على مدار العام أكثر من 200 في المئة من قيمتها وفق سعر السوق السوداء، وأكثر من 300 في المئة بحسب النشرة الرسمية الصادرة عن "مصرف سوريا المركزي".
خسائر كبيرة
شهد سعر صرف الليرة السورية في الأيام الأولى من العام 2022، بعض التحسن، عندما هبط سعر الدولار إلى مستويات 6500 ليرة سورية، بعد أن كان سعر الدولار يتجاوز حاجز 7 آلاف ليرة في أواخر العام 2021.
لكن هذا التحسن لم يدم طويلاً، إذ عاودت الليرة الهبوط في مطلع شباط/ فبراير لتحوم عند مستوى 7 آلاف أمام الدولار الواحد.
ورغم تدفق المساعدات العربية والدولية لسوريا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال سوريا في 6 شباط/ فبراير، لم يطرأ أي تحسن على أداء الليرة، بل العكس واصلت الليرة الانحدار، ولم تنه شهر آذار/ مارس إلا وقد تجاوز الدولار حاجز 8 آلاف ليرة.
وفي منتصف أيار/ مايو سجلت الليرة موجة تقلب كبيرة، عندما قفز الدولار عتبة 9 آلاف ليرة، قبل أن تستعيد الليرة بعض خسائرها، ويعود الدولار إلى ما دون 8500 ليرة، لكن لأيام قليلة.
ومنذ مطلع تموز/ يوليو دخلت الليرة في مرحلة "السقوط الحر"، بحيث لم ينته هذا الشهر إلا وقد ارتفع سعر الدولار إلى 12500، بعد أن كان في حدود 9 آلاف في مطلعه.
وفي منتصف آب/ أغسطس تعرضت الليرة لخسارة كبيرة، عندما بلغ سعر الدولار 15500 ليرة، ونتيجة إجراءات "إسعافية" من جانب النظام استعادت الليرة بعض عافيتها، وأنهت الشهر عند حدود 13 ألف أمام الدولار.
وفي الأشهر التالية، استمر التراجع لكن بمستويات "اعتيادية"، وصولاً إلى كانون الأول/ ديسمبر الحالي، الذي تجاوز فيه سعر صرف حاجز 14 ألف ليرة لكل دولار في السوق السوداء.
أما على مستوى التسعيرة الرسمية، ارتفع الدولار إلى أكثر من 12 ألف ليرة في هذه الأيام، بعدما كان السعر عند 3030 ليرة بداية العام، وهو ما يعني أن الليرة خسرت أكثر من 300 في المئة من قيمتها.
أسباب متعددة
ويرى أستاذ الاقتصاد الدولي رفعت عامر، في الانخفاض الحاد في قيمة الليرة السورية "نتيجة طبيعية" لأسباب منها، تعطل الدورة الإنتاجية بكل حلقاتها من الإنتاج والتسويق وصولاً للبيع والمستهلك النهائي، وإلى تدني إنتاجية العاملين وعلى الخصوص في القطاع الحكومي.
ويشير في حديثه لـ"عربي21"، إلى تعطل منظومة السوق بمعناها الاقتصادي والقانوني والأمني، فلا أسواق تعمل بكفاءة بغياب مؤسسات الدولة، وإلى فقدان عامل الثقة بالليرة، وكذلك إلى عدم توفر الاحتياطات الأجنبية في خزينة البنك المركزي، وإلى تمويل الموازنة العامة للدولة بالعجز وبيع السندات.
أما عن الأسباب الأكثر تأثيراَ، يلفت عامر إلى توقف الدعم الإيراني أو تقليله بالحد الأدنى، وإلى التشديد الدولي والإقليمي على تجارة المواد المخدرة.
من جانب آخر، يلفت عامر إلى زيادة هجرة أصحاب الأموال والصناعيين إلى خارج سوريا، بعد فقدان الأمل بأي تحسن للوضع في سوريا، علماً أن الانفتاح على النظام كان قد أشاع بعض التفاؤل لديهم.
وبذلك، يؤكد أستاذ الاقتصاد الدولي أن المصدر الوحيد المتبقي للنظام هو تحويلات المغتربين إلى عائلاتهم، وعائدات تجارة المخدرات، مستدركاً: "لكن حتى هذا المورد أصبح تحت رقابة دولية وإقليمية وهو آخذ في الانخفاض".
2024 الأصعب
وعليه، يجزم عامر بأن الليرة ستواصل الانحدار في العام القادم، وأبعد من ذلك يقول: "ستكون الخسائر أكبر لا بل وبشكل متسارع، بسبب فقدان الأمل من أي دعم إيراني أو روسي بعد أن استحوذت طهران وموسكو على القدر الأكبر من مقدرات البلاد".
ويتفق مع عامر، المراقب المالي منذر محمد الذي يؤكد لـ"عربي21" أن كل وعود النظام بالتحسن الاقتصادي لم تتحقق، بل العكس.
ويقول: "ما من مؤشرات اقتصادية على احتمال تحسن قيمة الليرة، وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن العام 2024 سيكون الأصعب على الليرة، وعلى السوريين بطبيعة الحال".
تداعيات "كارثية" على السوريين
ويحذر المراقب المالي من تداعيات اقتصادية "كارثية" على السوريين الذين يعيشون في غالبيتهم تحت خط الفقر، مشيراً إلى أن مراكز البحوث المحلية تُقدر أن العائلة السورية تحتاج إلى ما لا يقل عن مليون ونصف مليون ليرة لتعيش الكفاف، في حين أن متوسط الأجور لا يتجاوز ربع مليون في أفضل الأحوال.
ويلفت محمد إلى التضخم الكبير في الأسواق السورية، بحيث لم يعد الراتب قادراً إلا على تغطية احتياجات 3 أيام، مبيناً أن "تكلفة إعداد وجبة واحدة تبلغ 100 ألف ليرة سورية، بدون لحوم طبعاً".
وبحسب تقارير إعلامية نشرتها وسائل إعلام موالية، فإن غالبية السوريين يضطرون للتخلي عن بعض المأكولات الأساسية واستبدالها بالخبز الحاف كوسيلة لتلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.
وذكرت "وكالة أوقات الشام" أن سوريا شهدت ارتفاعاً هائلاً في أسعار الخضار والفواكه بنسبة تصل إلى 1900 في المئة، ما أدى إلى تغيير جذري في عادات تناول الطعام للمواطنين.
ويفاقم تخفيض المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مشكلة الأمن الغذائي في سوريا.
وكان "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" قد اعتبر أن تفشي الفقر في سوريا أثر بشكل كبير على قدرة السكان على تأمين احتياجاتهم اليومية من الغذاء والسلع الأساسية، خصوصاً في ظل الارتفاع الحاد وغير المسبوق في الأسعار، وقال في بيان نشره في تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، إن "النزاع في سوريا وما رافقه من أزمة نزوح، وانكماش اقتصادي حاد، وانخفاض قيمة العملة المحلية، أدى إلى إفقار السكان وزيادة أعبائهم المعيشية، إذ بات نحو 90 في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر، وسط ارتفاع قياسي في الأسعار تعدى 800 في المئة خلال العامين الماضيين فقط".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الليرة اقتصادي سوريا التضخم سوريا اقتصاد الأسد تضخم ليرة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللیرة السوریة سعر الدولار الدولار إلى فی المئة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
خسائر فادحة تهز ثروات البرازيل وسط انهيار العملة وتضخم العجز المالي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تكبد أغنى أثرياء البرازيل خسائر فادحة هذا الأسبوع تجاوزت 12 مليار دولار، حيث أدى البيع المكثف في الأسواق إلى هبوط العملة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق وتراجع تقييمات بعض الشركات بأكثر من 60% خلال العام الحالي.
وشهد مليارديرات مثل روبنز أوميتو وأندريه استيفيس انخفاضًا في ثرواتهم بالفعل هذا العام، مع استمرار الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في رفض تقليص الإنفاق، مما أدى إلى تضخم العجز المالي للبلاد إلى ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وانكمشت صافي الثروة بشكل أكبر هذا الأسبوع بعد أن خفف الكونجرس من التخفيضات المقترحة للإنفاق وقام البنك المركزي بعدة محاولات فاشلة لوقف انهيار العملة. وخسرت بورصة الأوراق المالية القياسية في البلاد حوالي 230 مليار دولار هذا العام - 60 مليار دولار في الأسبوع الماضي وحده.
وتدخل صناع السياسات مرة أخرى يوم أمس الجمعة ببيع فوري ومزاد لخطوط الائتمان بلغ إجماليه 7 مليارات دولار. وقد أدى ذلك إلى انتعاش الأسواق، حيث ارتفع الريال بنسبة 1.4%، مما أدى إلى محو خسائر الأسبوع لفترة وجيزة.
وتزيد الأزمة المتصاعدة من تفاقم المخاوف في مختلف أنحاء "فاريا ليما" ــ التي تعتبر وول ستريت في البرازيل ــ من أنه على الرغم من النمو الاقتصادي القوي نسبيا، فإن لولا سيشل قرارات الاستثمار الطويلة الأجل عندما كان يحاول جذب الشركات الأجنبية لإحياء الصناعة.
ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة إلى 15% العام المقبل، مع توقعات ضئيلة أو معدومة بأن الحكومة اليسارية سوف تستسلم لمطالب السوق بالتقشف. هذا، إلى جانب تقلبات السوق، يترك المستثمرين دون أي سبب للتفاؤل بشأن آفاق الأمد القريب.
وقال أوميتو، الملياردير الذي يقف وراء شركة كوسان العملاقة لإنتاج الإيثانول والخدمات اللوجستية، لصحيفة "فولها دي ساو باولو" في مقابلة هذا الأسبوع إن المشكلة سياسية في معظمها، حيث يرفض أعضاء حزب الرئيس لولا التراجع عن مواقفهم، وأن الشركات توقف استثماراتها.