شمال سوريا- يحمل أحمد عبد الكريم وزوجته طفلهما إلى السيارة على وجه السرعة، بهدف إسعافه إلى أقرب مشفى، بسبب معاناته من التهاب رئوي حادّ طيلة الأيام الماضية.

يسكن أحمد في منطقة شرق مدينة جنديرس بريف حلب، ويروي -للجزيرة نت- تجربته بمحاولة نقل طفله إلى مشفى المنطقة القريبة، وكيف انتقل إلى مشفى في منطقة أطمة على بُعد 20 كيلومترا من منطقة سكنه، ليجد الأَسِرّة ممتلئة بالأطفال، بعضهم تم وضعهم على مفارش أرضية، بسبب ضعف قدرة المشافي الاستيعابية.

وأضاف عبد الكريم أنه اضطر إلى الذهاب بعيدا إلى منطقة الدانا شمال إدلب، بالقرب من الحدود التركية السورية، للوصول إلى مشفى الحياة الخاص بهدف إنقاذ حياة طفله، حيث قطع مسافة تقارب 40 كيلومترا للوصول لمشفى غير مكتظّ بالأطفال المرضى.

منسِّق في شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للجزيرة نت "هناك موسم من الأمراض التنفسية يواجهنا في شمال غرب سوريا" (الجزيرة) حالات غير مسبوقة

يواجه الشمال السوري حاليا تزايُدا واضحا في الأمراض التنفسية الحادّة، حيث أظهرت بيانات الإبلاغ الأسبوعي من المراكز المبلغة لشبكة الإنذار المبكر، ارتفاعا في عدد حالات المرض الشبيه بالإنفلونزا "آي إل آي" (ILI) والمرض التنفسي الحادّ الشديد "إس إيه آر آي" (SARI).

وتُظهر البيانات أن عدد الحالات من كِلتا المتلازمتين أصبحت أعلى من المعدل السنوي، خصوصا عام 2021 التي انتشرت فيها موجة المتحور "دلتا" من فيروس "كوفيد-19″.

ووفقا لبيانات التحاليل المخبرية من المراكز الخيرية للأمراض التنفسية الحادّة ضمن شبكة الإنذار المبكر، تظهر نتائج تحليل الـ" بي سي آر" (PCR) تزايدا في عدد النتائج الإيجابية للفيروس التنفسي المخلوي "آر إس في" (RSV)، الذي يسبب أمراضا ووفيات بنسب عالية عند الأطفال الصغار الأقل من 5 سنوات، والأقل من سنتين على وجه الخصوص، ومن الملاحظ وجود إصابات لدى باقي الفئات العمرية أيضا.

يقول الدكتور ياسر الفروح وهو منسّق في شبكة الإنذار المبكر والاستجابة، في حديث للجزيرة نت إن "هناك موسما من الأمراض التنفسية يواجهنا في شمال غرب سوريا، ويبدأ برنامج شبكة الإنذار بشكل مبكر بمراقبة مستوى الأمراض الوبائية، خاصة الأمراض التنفسية، عن طريق مراقبة متلازمتين، الأولى هي المرض الشبيه بالإنفلونزا، أي الكريب الشديد، وهو لا يتطلب دخول المريض إلى المستشفى".

وأضاف الدكتور في حديثه "أما المتلازمة الثانية، فتكون عند الشخص إصابة تنفسية حادّة مع حاجة لدخول المشفى، وبمراقبة بيانات آخر 5 سنوات والأرقام المسجلة حاليا، فقد بدأت ترتفع الحالات منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي فوق المعدل، والمميز حاليا هو الارتفاع الحادّ بضعفَي المعدل الطبيعي".

ولفت المتخصص ذاته إلى أن "الأرقام المسجلة حاليا من منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بدأت تصبح أرقاما قياسية، سواء في حالات المرض الخفيف أو الأمراض التنفسية الحادّة، حسب التحاليل التي نُجريها، وبدأنا منذ 3 أشهر نأخذ عينات من جميع السكان من مختلف المناطق، بهدف معرفة العامل التنفسي المُمرِض".

وأوضح الدكتور الفروح أن الموادّ المخبرية تعطينا القدرة على كشف 4 عوامل مُمرِضة، وهي إنفلونزا من نمط "إيه" (A) وإنفلونزا من نمط "بي" (B) وفيروس المخلوي التنفسي والفيروس المسبب لمرض كوفيد-19، وقال إن "التحاليل أظهرت منذ نهاية الشهر الأخير أن الفيروس التنفسي المخلوي يسبب إصابات تنفسية شديدة عند الأطفال ذوي الأعمار أقل من 12 شهرا، وفئة البالغين أكثر من 65 سنة".

نقص الكوادر الطبية المؤهلة، والهجمات المستمرة على المنشآت الطبية تزيد من معاناة القطاع الصحي (الجزيرة) لا طاقة استيعابية

وبحسب الأطباء يوجد ارتفاع واضح بالأمراض التنفسية في شمال سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إذ سجلت رقما قياسيا منذ 5 سنوات، وأظهرت النتائج المخبرية أن أكثر من 70% من الحالات هي بسبب الفيروس المخلوي، حيث تم تسجيل ارتفاعه بالعديد من الدول الأوروبية، و85% من الحالات المقبولة في الشمال السوري، بسبب الأمراض التنفسية الحادة من الأطفال تحت عمر 5 سنوات.

وقال مدير الصحة في إدلب الدكتور زهير قراط  "نواجه من بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نقصا بأسِرّة استشفاء الأطفال والحواضن في العناية المشددة، ولدينا عدد كبير من الأطفال المصابين بالتهاب قصيبات شعرية، وأمراض تنفسية متعددة قد تختلط مع الكوفيد-19".

وأضاف قراط في حديث للجزيرة نت "ليس لدينا طاقة استيعابية لهؤلاء الأطفال، وأحيانا نستعين بالقطاع الخاص وهو غير كافٍ، وأحيانا يتم تحويل بعض هذه الحالات إلى تركيا ولكن بعدد محدود".

ولفت في حديثه "راسلنا جميع الشركاء من منظمة الصحة العالمية، ومنظمة اليونيسيف لرعاية الطفولة، بأننا نواجه مشكلة وأننا نسعى لتوزيع عدد جيد من الحواضن على المشافي، وتَوسِعة بعض أقسام الأطفال في المشافي العامة".

أظهرت النتائج المخبرية أن أكثر من 70% من حالات الإصابات التنفسية هي بسبب الفيروس المخلوي (الجزيرة) موت قبل التحويل

في حالة أخرى من الإصابات المنتشرة، لم يتمكن محمد السالم من إنقاذ حياة طفلته بعد مضيّ 12 ساعة على وضعها على جهاز الإنعاش، بعد تنقُّلها بين عدة مشافٍ في منطقة سرمدا في شمال سوريا قرب الحدود مع تركيا.

ويقول محمد للجزيرة نت إن طفلته "كانت تعاني من رشح خفيف، وفي الساعة السادسة صباحا بدأت تعاني من اختلاج ورجفة، وتم نقلها إلى المشفى، ومن ثَم تحويلها إلى مشفى ثانٍ، بسبب عدم وجود حواضن شاغرة"، وأضاف "تم وضعها على جهاز الإنعاش لمدة 12 ساعة، وأخبرنا الأطباء بأنها بحاجة للنقل إلى تركيا، ولكن التحويل يحتاج 24 ساعة، وقبل مرور الوقت للحصول على التحويل فقدت طفلتي الحياة".

ويواجه القطاع الصحي في الشمال السوري تحدِّيات كبيرة، بسبب النزاع المستمر في المنطقة، من بينها تدمير المرافق الصحية والمستشفيات، ونقص الإمكانات والمعدات الطبية، ونقص الكوادر الطبية المؤهلة، والهجمات المستمرة على المنشآت الطبية، التي تزيد من معاناة القطاع الصحي، وتجعل من الصعب تقديم الرعاية الصحية الكافية للسكان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأمراض التنفسیة الشمال السوری للجزیرة نت إلى مشفى فی شمال

إقرأ أيضاً:

الصحة العالمية: تطعيم أكثر من 556 ألف طفل بغزة ضد شلل الأطفال

 

الثورة نت/..

أعلن مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الانتهاء من تطعيم 556 ألفا و774 طفلا دون العاشرة ضد شلل الأطفال في عموم قطاع غزة، في إطار المرحلة الثانية من حملة التطعيم.

جاء ذلك في منشور لغيبريسوس، عبر منصة “إكس” الخميس، حول انتهاء المرحلة الثانية من حملة التطعيم في قطاع غزة.

وأوضح أن الحملة انتهت في شمال غزة (بما يشمل المدينة) الأربعاء، حيث تلقى 105 آلاف و559 طفلا الجرعة الثانية من اللقاح.

وأشار غيبريسوس، إلى أن نسبة التطعيم بلغت 88 بالمئة.

واستدرك “لكن لم يتمكن 7 إلى 10 آلاف طفل بمحافظة شمال القطاع من الحصول على الجرعة الثانية من اللقاح، وبالتالي أصبحوا عرضة للإصابة بشلل الأطفال”.

وفي عموم القطاع “تم تطعيم 556 ألفا و774 طفلا دون العاشرة بالجرعة الثانية، ما يعادل 94 بالمئة من جميع الأطفال في القطاع” وفق غيبريسوس.

وأكد أن منظمة الصحة العالمية ستواصل جهودها للوصول إلى المزيد من الأطفال من خلال الخدمات الصحية المنتظمة.

وقال غيبريسوس، إن “الحل لكي يتمتع جميع الأطفال في غزة بصحة جيدة وينعموا بالأمان، هو التوصل لوقف إطلاق النار”.

وفي 14 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، بدأت الجولة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال في محافظة الوسطى، ثم انتقلت إلى جنوب غزة، بينما بدأت السبت الماضي في محافظة غزة، وتم استثناء شمال القطاع بسبب الإبادة الإسرائيلية المستمرة.

وأوضحت الأمم المتحدة في بيان الاثنين، أن حملة التطعيم ضد شلل الأطفال لمن هم دون سن العاشرة في شمال غزة، جرت بالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية والأونروا واليونيسف، وانتهت اليوم الاثنين.

وأضاف البيان أنه تم تطعيم 94 ألف طفل في نطاق الحملة، مؤكداً أنه لم يتم الوصول إلى آلاف الأطفال حتى الآن.

وفي 12 سبتمبر/ أيلول الماضي، انتهت المرحلة الأولى من “حملة التطعيم ضد شلل الأطفال” في غزة، والتي بدأت مطلع الشهر نفسه، بتطعيم أكثر من 560 ألف طفل فلسطيني، وفق ما أعلن مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس.

وحسب الأمم المتحدة، يحتاج أطفال غزة إلى جرعتين من اللقاح، كل منهما على شكل نقطتين عن طريق الفم.

وبدأ جيش العدو الإسرائيلي في 5 أكتوبر المنصرم، قصفا غير مسبوق على مناطق شمال القطاع، قبل أن يجتاحها في اليوم التالي بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها”، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجيرهم.

وتشن “إسرائيل” بدعم أمريكي مطلق حرب إبادة جماعية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، خلّفت نحو 146 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.​​​​​​​

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

مقالات مشابهة

  • عشرات آلاف المحاصرين جراء العمليات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة
  • قائد الجيش الإسرائيلي: يمكن البدء بإعادة سكان الشمال إلى منازلهم تدريجيا
  • نشرة التوك شو| حقيقة وجود نقص في الأدوية وأسباب انتشار الأمراض التنفسية في هذا التوقيت
  • الصحة العالمية: تطعيم أكثر من 556 ألف طفل بغزة ضد شلل الأطفال
  • استشاري أمراض باطنة يكشف أسباب انتشار الأمراض التنفسية في هذا التوقيت
  • الشمال يحترق.. إسرائيل تدفع بـ15 فرقة إطفاء للسيطرة على حرائق مستوطنة أفيفيم
  • كيف تحمي صمامات القلب من الأمراض
  • «داء اليهود»
  • الأمم المتحدة: تدهور الوضع الإنساني شمال غزة ومخاوف من أزمة صحية وغذائية حادة
  • منسق مبادرة الكشف المبكر تطمئن الأمهات وتوضح أماكن التوجه لفحص الأطفال