أمراض تنفسية حادّة تغزو الشمال السوري والمشافي ممتلئة
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
شمال سوريا- يحمل أحمد عبد الكريم وزوجته طفلهما إلى السيارة على وجه السرعة، بهدف إسعافه إلى أقرب مشفى، بسبب معاناته من التهاب رئوي حادّ طيلة الأيام الماضية.
يسكن أحمد في منطقة شرق مدينة جنديرس بريف حلب، ويروي -للجزيرة نت- تجربته بمحاولة نقل طفله إلى مشفى المنطقة القريبة، وكيف انتقل إلى مشفى في منطقة أطمة على بُعد 20 كيلومترا من منطقة سكنه، ليجد الأَسِرّة ممتلئة بالأطفال، بعضهم تم وضعهم على مفارش أرضية، بسبب ضعف قدرة المشافي الاستيعابية.
وأضاف عبد الكريم أنه اضطر إلى الذهاب بعيدا إلى منطقة الدانا شمال إدلب، بالقرب من الحدود التركية السورية، للوصول إلى مشفى الحياة الخاص بهدف إنقاذ حياة طفله، حيث قطع مسافة تقارب 40 كيلومترا للوصول لمشفى غير مكتظّ بالأطفال المرضى.
منسِّق في شبكة الإنذار المبكر والاستجابة للجزيرة نت "هناك موسم من الأمراض التنفسية يواجهنا في شمال غرب سوريا" (الجزيرة) حالات غير مسبوقةيواجه الشمال السوري حاليا تزايُدا واضحا في الأمراض التنفسية الحادّة، حيث أظهرت بيانات الإبلاغ الأسبوعي من المراكز المبلغة لشبكة الإنذار المبكر، ارتفاعا في عدد حالات المرض الشبيه بالإنفلونزا "آي إل آي" (ILI) والمرض التنفسي الحادّ الشديد "إس إيه آر آي" (SARI).
وتُظهر البيانات أن عدد الحالات من كِلتا المتلازمتين أصبحت أعلى من المعدل السنوي، خصوصا عام 2021 التي انتشرت فيها موجة المتحور "دلتا" من فيروس "كوفيد-19″.
ووفقا لبيانات التحاليل المخبرية من المراكز الخيرية للأمراض التنفسية الحادّة ضمن شبكة الإنذار المبكر، تظهر نتائج تحليل الـ" بي سي آر" (PCR) تزايدا في عدد النتائج الإيجابية للفيروس التنفسي المخلوي "آر إس في" (RSV)، الذي يسبب أمراضا ووفيات بنسب عالية عند الأطفال الصغار الأقل من 5 سنوات، والأقل من سنتين على وجه الخصوص، ومن الملاحظ وجود إصابات لدى باقي الفئات العمرية أيضا.
يقول الدكتور ياسر الفروح وهو منسّق في شبكة الإنذار المبكر والاستجابة، في حديث للجزيرة نت إن "هناك موسما من الأمراض التنفسية يواجهنا في شمال غرب سوريا، ويبدأ برنامج شبكة الإنذار بشكل مبكر بمراقبة مستوى الأمراض الوبائية، خاصة الأمراض التنفسية، عن طريق مراقبة متلازمتين، الأولى هي المرض الشبيه بالإنفلونزا، أي الكريب الشديد، وهو لا يتطلب دخول المريض إلى المستشفى".
وأضاف الدكتور في حديثه "أما المتلازمة الثانية، فتكون عند الشخص إصابة تنفسية حادّة مع حاجة لدخول المشفى، وبمراقبة بيانات آخر 5 سنوات والأرقام المسجلة حاليا، فقد بدأت ترتفع الحالات منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي فوق المعدل، والمميز حاليا هو الارتفاع الحادّ بضعفَي المعدل الطبيعي".
ولفت المتخصص ذاته إلى أن "الأرقام المسجلة حاليا من منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بدأت تصبح أرقاما قياسية، سواء في حالات المرض الخفيف أو الأمراض التنفسية الحادّة، حسب التحاليل التي نُجريها، وبدأنا منذ 3 أشهر نأخذ عينات من جميع السكان من مختلف المناطق، بهدف معرفة العامل التنفسي المُمرِض".
وأوضح الدكتور الفروح أن الموادّ المخبرية تعطينا القدرة على كشف 4 عوامل مُمرِضة، وهي إنفلونزا من نمط "إيه" (A) وإنفلونزا من نمط "بي" (B) وفيروس المخلوي التنفسي والفيروس المسبب لمرض كوفيد-19، وقال إن "التحاليل أظهرت منذ نهاية الشهر الأخير أن الفيروس التنفسي المخلوي يسبب إصابات تنفسية شديدة عند الأطفال ذوي الأعمار أقل من 12 شهرا، وفئة البالغين أكثر من 65 سنة".
نقص الكوادر الطبية المؤهلة، والهجمات المستمرة على المنشآت الطبية تزيد من معاناة القطاع الصحي (الجزيرة) لا طاقة استيعابيةوبحسب الأطباء يوجد ارتفاع واضح بالأمراض التنفسية في شمال سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إذ سجلت رقما قياسيا منذ 5 سنوات، وأظهرت النتائج المخبرية أن أكثر من 70% من الحالات هي بسبب الفيروس المخلوي، حيث تم تسجيل ارتفاعه بالعديد من الدول الأوروبية، و85% من الحالات المقبولة في الشمال السوري، بسبب الأمراض التنفسية الحادة من الأطفال تحت عمر 5 سنوات.
وقال مدير الصحة في إدلب الدكتور زهير قراط "نواجه من بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نقصا بأسِرّة استشفاء الأطفال والحواضن في العناية المشددة، ولدينا عدد كبير من الأطفال المصابين بالتهاب قصيبات شعرية، وأمراض تنفسية متعددة قد تختلط مع الكوفيد-19".
وأضاف قراط في حديث للجزيرة نت "ليس لدينا طاقة استيعابية لهؤلاء الأطفال، وأحيانا نستعين بالقطاع الخاص وهو غير كافٍ، وأحيانا يتم تحويل بعض هذه الحالات إلى تركيا ولكن بعدد محدود".
ولفت في حديثه "راسلنا جميع الشركاء من منظمة الصحة العالمية، ومنظمة اليونيسيف لرعاية الطفولة، بأننا نواجه مشكلة وأننا نسعى لتوزيع عدد جيد من الحواضن على المشافي، وتَوسِعة بعض أقسام الأطفال في المشافي العامة".
أظهرت النتائج المخبرية أن أكثر من 70% من حالات الإصابات التنفسية هي بسبب الفيروس المخلوي (الجزيرة) موت قبل التحويلفي حالة أخرى من الإصابات المنتشرة، لم يتمكن محمد السالم من إنقاذ حياة طفلته بعد مضيّ 12 ساعة على وضعها على جهاز الإنعاش، بعد تنقُّلها بين عدة مشافٍ في منطقة سرمدا في شمال سوريا قرب الحدود مع تركيا.
ويقول محمد للجزيرة نت إن طفلته "كانت تعاني من رشح خفيف، وفي الساعة السادسة صباحا بدأت تعاني من اختلاج ورجفة، وتم نقلها إلى المشفى، ومن ثَم تحويلها إلى مشفى ثانٍ، بسبب عدم وجود حواضن شاغرة"، وأضاف "تم وضعها على جهاز الإنعاش لمدة 12 ساعة، وأخبرنا الأطباء بأنها بحاجة للنقل إلى تركيا، ولكن التحويل يحتاج 24 ساعة، وقبل مرور الوقت للحصول على التحويل فقدت طفلتي الحياة".
ويواجه القطاع الصحي في الشمال السوري تحدِّيات كبيرة، بسبب النزاع المستمر في المنطقة، من بينها تدمير المرافق الصحية والمستشفيات، ونقص الإمكانات والمعدات الطبية، ونقص الكوادر الطبية المؤهلة، والهجمات المستمرة على المنشآت الطبية، التي تزيد من معاناة القطاع الصحي، وتجعل من الصعب تقديم الرعاية الصحية الكافية للسكان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأمراض التنفسیة الشمال السوری للجزیرة نت إلى مشفى فی شمال
إقرأ أيضاً:
«كوب 29».. فرصة لإنقاذ ملايين الأطفال حول العالم من تغير المناخ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يتعرض أطفال شرق إفريقيا إلى الكثير من الأزمات بسبب التغيرات المناخية، مما أدى إلى التخلف عن الدراسة وإغلاق المدارس، من ثم جاءوا إلى باكو لعرض مشكلتهم في كوب 29.
وذكر تقرير عرضته قناة «القاهرة الإخبارية»، بعنوان «كوب 29.. فرصة لإنقاذ ملايين الأطفال حول العالم من تغير المناخ» ، أنّ أطفال شرق أفريقيا يواجهون الكثير من الأزمات بسبب التغيرات المناخية الحادة في بلادهم، مما أدى إلى التخلف عن الدراسة وقلة الموارد الغذائية، إذ أُغلقت المدارس بسبب موجات الحر والفيضانات في الأشهر الأخيرة ، من ثم جاءوا إلى العاصمة باكو؛ أملا في دفع قادة العالم لحماية تعليمهم ومستقبلهم في قمة المناخ للأمم المتحدة كوب 29.
وأوضح التقرير، أنّ الإحصائيات تشير إلى أنّ أكثر من 40 مليون طفل جرى إبقائهم خارج الفصول الدراسية هذا العام من أسيا إلى أفريقيا بسبب الحرارة الشديدة التي يقول العلماء إنها أصبحت أكثر شدة وتكرارا بفعل تغير المناخ.
ولفت التقرير، إلى أنّ أطفال العالم وخاصة من الدول النامية يعقدوا آمالا كبيرة على مؤتمرات المناخ، حيث يمكن أن يتخذ قادة العالم قرارات من شأنها إنقاذ مستقبلهم ومستقبل الأرض التي باتت طبيعتها تتألم من تأثير التغيرات المناخية العنيفة.