كيف يستقطب الجيش الإسرائيلي المرتزقة ومزدوجي الجنسية؟
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
القدس المحتلة- لم يكن تجنيد المرتزقة من حول العالم للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في الحروب والعمليات العسكرية ضد الفلسطينيين فكرة جديدة، حيث سبق أن أطلقت الحركة الصهيونية والعصابات اليهودية مشروع تجنيد المرتزقة واليهود من حول العالم للقتال في فلسطين، بداية أربعينيات القرن الماضي، من خلال منظمة "ماحل" (متطوعون من الخارج إلى إسرائيل).
وواصل الجيش الإسرائيلي، منذ النكبة وحرب 1948، الاعتماد على المرتزقة في تطوير القوات العسكرية والوحدات القتالية، للمشاركة في الحروب أو القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، مقابل أجور عالية ومزايا ومخصصات نهاية الخدمة، حيث تم مأسسة فرق المرتزقة من خلال مشاريع "الجندي الوحيد" أو "الجنود مزدوجو الجنسية".
وتمكنت "ماحل" عام 1947 من تجنيد أكثر من 3 آلاف متطوع من 37 دولة من أوروبا وأميركا، غالبيتهم العظمى من اليهود الذين تم تدريبهم على القتال، وجاؤوا إلى فلسطين خلال عام 1948 للقتال إلى جانب العصابات والتنظيمات اليهودية المسلحة، ومساعدتها في "إقامة إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني".
جيش المرتزقةنشط مبعوثو "ماحل" في السر بين الشبان اليهود، ووجهوا نداءهم بشكل خاص إلى قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، بينما وجد متطوعون آخرون من أوروبا طريقهم إلى القائمين على التجنيد بمبادرة منهم، حيث تم إنشاء مركز للتجنيد في باريس.
واستغل المتطوعون المرتزقة إقامتهم في المعسكرات بفرنسا للتدريب الأساسي، تحت إشراف مرشدين من الحركة الصهيونية، حيث كان اليهود ينتظرون دورهم للهجرة إلى فلسطين، ووصل جميع المرتزقة والمتطوعين اليهود فلسطين عام 1948، وشاركوا بالحرب وتهجير شعب فلسطين.
وبرز حضور المرتزقة ممن جندتهم الحركة الصهيونية في الجيش الإسرائيلي بعد النكبة، وكانوا الحجر الأساس لسلاح الجو والبحرية والبرية، وبعد تأسيس الجيش وانتهاء الحرب غادر الكثير منهم فلسطين.
وعام 1952، تم إنشاء حي "نيفي مال" وهو مجمع سكني يضم 100 شقة، ويقع شرق تل أبيب، وكانت تسكنه عائلات من المرتزقة من إنجلترا والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.
الجندي الوحيداستلهم الجيش الإسرائيلي النجاح الذي حققته "ماحل" في تجنيد المرتزقة والمتطوعين اليهود، وأسس بشكل رسمي مشروعا خاصا داخل الجيش أطلق عليه "الجندي الوحيد" إذ إن الغالبية العظمى من الجنود الوحيدين أتوا إلى إسرائيل بدون عائلاتهم، ويحصلون على امتيازات وأجور مرتفعة، كما يسمح لهم بالعمل الخاص إلى جانب خدمتهم بالجيش الإسرائيلي.
وبحسب معطيات وزارة الأمن الإسرائيلية ووحدة البحث والمعلومات بالكنيست، بلغ عدد "الجنود الوحيدين" في الجيش الإسرائيلي قرابة 6 آلاف جندي، تم تجنيدهم من 70 دولة، وتبلغ نسبة اليهود منهم 20% فقط، بينما 80% أتوا بمفردهم ودون عائلاتهم، مما يعني أن النسبة الأكبر من الجنود الوحيدين الأجانب مرتزقة.
ويشارك "الجنود الوحيدون" إلى جانب قوات الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة والمعارك البرية، حيث يخدم نصفهم في وحدات قتالية، ويتميزون بالشراسة والخطورة في القتال.
ويحصل "الجندي الوحيد" على العديد من المزايا، مثل منحة شهرية ثابتة تقدر بآلاف الدولارات بالإضافة لأجره، وبطاقات الهدايا في أمسيات الأعياد، ومنحة الزواج، ومنح الطرود الغذائية، ومزايا مالية متنوعة، وتمويل رحلة جوية لزيارة الوالدين بالخارج، ومساعدة في الإيجار، وتمويل صيانة الشقة، والإعفاء من الضرائب.
جيش الجنسية المزدوجةتتربع روسيا وأوكرانيا وبريطانيا وأميركا وفرنسا وجنوب أفريقيا على قائمة الدول التي يشارك مواطنوها في صفوف الجيش الإسرائيلي، سواء كمجموعات من المرتزقة يتم تجنيدهم عبر شركات أمنية إسرائيلية خاصة، تنشط على مدار العام حول العالم، أو من خلال الخدمة العسكرية بالجيش الإسرائيلي بسبب "الجنسية المزدوجة".
وقدرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان" أن هناك عشرات الآلاف -من المهاجرين الروس من أصحاب "الجنسية المزدوجة" الإسرائيلية والروسية- ما زالوا يخدمون بالجيش الإسرائيلي في سياق الخدمة المدنية وضمن قوات الاحتياط، ويشاركون في الحرب على غزة، في ظل مخاوف إسرائيلية من احتمال أن يتم تجنيدهم في الجيش الروسي بحرب أوكرانيا.
وفضحت تغريدة للاعب كرة القدم السابق إريك كانتونا جيش المرتزقة ومقاتلي الجنسية المزدوجة، الذين يشاركون بالحرب على غزة ففي منشور له على حسابه على "إنستغرام" تساءل النجم السابق لمانشستر يونايتد والمنتخب الفرنسي عن كيفية تعامل الدولة مع الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين سافروا للتجنيد أو التطوع في الجيش الإسرائيلي بالحرب على غزة.
وكتب كانتونا "هؤلاء الجنود الأربعة آلاف الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية الفرنسية، والذين غادروا البلاد للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي من أجل إبادة الفلسطينيين، بحجة شن حرب ضد حماس، هل سيتمكنون من العودة إلى فرنسا وكأن شيئا لم يكن؟ وهل سيحاكمون على أفعالهم؟".
مرتزقة بالحرب على غزةوتحدثت صحيفة "غلوبس" عن تقرير جديد صدر قبل أيام من الجانب الروسي، يفيد بأن المرتزقة الذين قاتلوا في أوكرانيا ضد الجيش الروسي "حزموا أمتعتهم وتحركوا للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة".
وفي سياق تعزيز صفوف "جيش المرتزقة" خلال الحرب على غزة، كشف الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" النقاب عن آلاف المهاجرين الجدد الذين فروا من أوكرانيا وروسيا بسبب الحرب، وحشدوا للتطوع في قواعد الجيش الإسرائيلي للقتال وجمع التبرعات والمعدات لصالح الجنود، ويقدر أن نحو 1500 مهاجر جديد من روسيا وأوكرانيا لديهم قدرة على القتال والخدمة العسكرية.
كما أن المئات من الجنود الأوكرانيين مكثوا في إسرائيل للعلاج والتأهيل، جراء إصابتهم خلال الحرب الروسية الأوكرانية، ولم يعودوا إلى كييف، ويقدر أن الكثير منهم انخرط بالقتال والتوغل البري بالقطاع ضمن فرق المرتزقة.
ويأتي ذلك، بينما تكتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية على مشاركة أوكرانيين إلى جانب الجيش في الحرب على غزة، والمعارك البرية بالقطاع، لكن مقاطع فيديو وتقارير صحفية وثقت انضمام مقاتلين أوكرانيين للقتال مع الجنود الإسرائيليين في غزة، وقد قتل 7 منهم بمعارك حي الشجاعية.
وفي مؤشر آخر لاستعانة الجيش الإسرائيلي بمرتزقة، هددت خارجية جنوب أفريقيا مواطنيها الذين يعيشون بإسرائيل، وحذرتهم من الانضمام لجيش إسرائيل بالحرب على غزة، وأكدت أن ذلك يعرضهم لخطر الملاحقة القضائية في البلاد بتهمة انتهاك القانون الدولي. علما بأن هناك الآلاف من مواطني جنوب إفريقيا يعيشون في إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی الجنسیة المزدوجة إلى جانب الجیش بالحرب على غزة الحرب على غزة فی الحرب فی الجیش
إقرأ أيضاً:
هل ألغت غوغل قمة التعاون مع الجيش الإسرائيلي؟
بعد عام من بدء الحرب على غزة أصبحت العلاقة الوثيقة التي تجمع بين "غوغل" وجيش الاحتلال الاسرائيلي أكثر وضوحًا، إذ تكشفت أوراق تثبت استخدام الأخير لتقنيات "غوغل" في استهداف المدنيين داخل قطاع غزة وتعزيز قدرات جيشه.
ولكن يبدو أن أواصر هذه العلاقة تمتد إلى أبعد من الدعم اللوجستي المتمثل في التقنيات والمنتجات المختلفة، إذ ظهرت مجموعة من الصور والمستندات التي تثبت نية "غوغل" استضافة قمة تقنية لدعم جيش الاحتلال الإسرائيلي والتوفيق بينه وبين الشركات الناشئة التي تقدم خدمات يمكن للأخير الاستفادة منها.
قمة الجيش الإسرائيلي التقنية باستضافة وتنظيم "غوغل"بدأت القصة عندما لاحظ موقع "إنترسبت" (The intercept) ظهور مؤتمر مفاجئ عبر تطبيق تنظيم المؤتمرات "لوما" (Luma)، وكان هذا المؤتمر يحمل عنوان "مؤتمر الجيش الإسرائيلي التقني"، ووفق بيانات التطبيق، فإن المؤتمر كان موجهًا للمستثمرين والمبتكرين ومؤسسي الشركات التقنية التي تسعى للتعاون مع الجيش الإسرائيلي.
وفي خانة مكان المؤتمر، تم وضع "حرم غوغل في تل أبيب" مع وضع اسم "غوغل" و"ميتا" ضمن منظمي المؤتمر والرعاة الرسميين له إلى جانب قسم الأبحاث والتطوير في وزارة الدفاع الإسرائيلي "مافات" (Ma’Fat).
تدخل "غوغل" في هذا المؤتمر لم يقتصر فقط على التنظيم والرعاية، بل تضمن جمع المعلومات من كل المشاركين في المؤتمر، وهو ما تم توضيحه في اتفاقية مشاركة المعلومات الموجودة داخل التطبيق، وهو ما يشير إلى ارتباط وثيق بين "غوغل" والمؤتمر وغايات أخرى للشركة من هذا المؤتمر.
إعلانولكن عندما توجه موقع "إنترسبت" بسؤال إلى عملاق البحث، فإن الصفحة المتعلقة بهذا المؤتمر اختفت تمامًا من التطبيق، وجاء الرد الرسمي على لسان أندريا ويليس المتحدثة الرسمية للشركة بأن "غوغل" لا علاقة لها بهذا التطبيق، واكتفت الشركة بهذا الرد ولم تجب على أي سؤال آخر للموقع.
وفي يوليو/تموز الماضي، ظهرت صفحة أخرى متعلقة أيضًا بمؤتمر مماثل تابع لجيش الاحتلال، وظهر عبرها اسم "غوغل" كأحد المنظمين، وبحسب الشركة المنظمة للمؤتمر، فإن وجود اسم "غوغل" وسط المنظمين كان خطأً من طرفهم.
وذلك رغم أن بعض المستندات الداخلية في "غوغل" تؤكد رعايتها للمؤتمر، وهو الأمر الذي يثير المزيد من التساؤلات، إذ إن هذا لا يعني إلغاء "غوغل" لأي مؤتمر لها، ولكن الاختفاء من قائمة الرعاة ومن الواجهة الإعلامية.
الجيش الإسرائيلي يفرض رقابة عسكرية مشددة على سير الحرب على جبهات متعددة (الصحافة الأجنبية) لماذا تنكر "غوغل" هذه المؤتمرات؟في أبريل/نيسان الماضي، اندلعت مجموعة من التظاهرات التي تهاجم "غوغل" وترفض تعاونها مع الحكومة الإسرائيلية في المشاريع التي يتم استخدامها بشكل عسكري وتشارك بشكل مباشر في حرب غزة، هذه التظاهرات كانت من موظفي "غوغل" أنفسهم إلى جانب بعض المؤيدين الخارجيين.
بالطبع، قامت إدارة "غوغل" بإقالة بعض المرتبطين بالتظاهرات وقد وصلوا إلى 50 موظفا، وهو الأمر الذي أثار حنق المتظاهرين، وجعلت "غوغل" تبدو بشكل مريب أكثر، خاصةً وأن هذه التظاهرات كانت ضد مشروع أعلنت عنه "غوغل" سابقا تحت اسم "نيمبس" (Nimbus)، وهو يهدف لتزويد جيش الاحتلال بمجموعة من الخدمات السحابية لتعزيز قدراته.
تمكنت "غوغل" من تهدئة الرأي العام ضدها، ولكن هذا لا يعني تخليها عن المشروع أو توقفه، إذ كشفت بعض المستندات التي وصلت إلى موقع "إنترسبت" أن الشركة ما زالت ماضية في جهودها دون أي تغيير في الخطط.
إعلانوبينما قد يبدو تعاون "غوغل" مع جيش الاحتلال الإسرائيلي أمرًا مألوفًا نظرًا لكثرة الشركات التقنية العالمية المتعاونة معه، فإنه يثير العديد من التساؤلات خاصةً وأن المشروع مستثنى من قواعد "غوغل" العامة للصفقات التجارية والعسكرية، وذلك وفق مستندات مختلفة وصلت إلى موقع "إنترسبت".
تمنع قواعد "غوغل" العامة الشركة من المشاركة في أي مشروع قد يستخدم من أجل سلب الحقوق أو تعريض المدنيين للضرر الذي قد يصل إلى الموت في حالات عديدة، وهو ما ينطبق تمامًا على مشروع "نيمبس"، لذا قامت "غوغل" بابتكار آلية قوانين جديدة تشرّع هذا الاستخدام ضمن هذا المشروع فقط، أي أن حماس أو غيرها من الفصائل المقاومة لا يمكنها الاستفادة من تقنيات "غوغل" ذاتها، لأن القوانين العامة للشركة تمنع ذلك.
وبعد أن وجدت "محكمة العدل الدولية" أن وجود دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية هو أمر مخالف لكافة القوانين الدولية وأدانت الجهود العسكرية وجرائم الحرب المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني في حرب غزة الأخيرة، أصبح موقف "غوغل" أكثر صعوبة، كونها الآن تتعاون مع مجرم حرب بحكم المحكمة الدولية.
هل تغير "غوغل" خططها؟من الصعب الجزم بأن "غوغل" تعتزم تغيير خططها فيما يتعلق بالتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ إن الشركة ما زالت تتعاون معه رغم قرار محكمة العدل الدولية ومحاولة الشركة إبعاد نفسها بشكل رسمي عن جيش الاحتلال.
كما أن مكتب الشركة ما زال موجودًا فضلا عن افتتاحها مكتبًا جديدًا للأبحاث داخل اسرائيل وفق تقرير "رويترز" في يوليو/تموز الماضي ودفعها أكثر من 300 مليون دولار لتأجير مساحة عمل في أحد الأبراج البارز بتل أبيب في يونيو/حزيران الماضي.
كل هذه الجوانب تؤكد أن الشركة ما زالت ماضية في خطط التعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي رغم المعارضة العالمية التي تواجهها فضلًا عن الاعتراضات الداخلية ضد هذا التعاون، فهل ترضخ "غوغل" مستقبلًا؟ أم يجب على المعارضين اتخاذ خطوات أكثر وضوحًا؟