القدس المحتلة- لم يكن تجنيد المرتزقة من حول العالم للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في الحروب والعمليات العسكرية ضد الفلسطينيين فكرة جديدة، حيث سبق أن أطلقت الحركة الصهيونية والعصابات اليهودية مشروع تجنيد المرتزقة واليهود من حول العالم للقتال في فلسطين، بداية أربعينيات القرن الماضي، من خلال منظمة "ماحل" (متطوعون من الخارج إلى إسرائيل).

وواصل الجيش الإسرائيلي، منذ النكبة وحرب 1948، الاعتماد على المرتزقة في تطوير القوات العسكرية والوحدات القتالية، للمشاركة في الحروب أو القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، مقابل أجور عالية ومزايا ومخصصات نهاية الخدمة، حيث تم مأسسة فرق المرتزقة من خلال مشاريع "الجندي الوحيد" أو "الجنود مزدوجو الجنسية".

وتمكنت "ماحل" عام 1947 من تجنيد أكثر من 3 آلاف متطوع من 37 دولة من أوروبا وأميركا، غالبيتهم العظمى من اليهود الذين تم تدريبهم على القتال، وجاؤوا إلى فلسطين خلال عام 1948 للقتال إلى جانب العصابات والتنظيمات اليهودية المسلحة، ومساعدتها في "إقامة إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني".

جيش المرتزقة

نشط مبعوثو "ماحل" في السر بين الشبان اليهود، ووجهوا نداءهم بشكل خاص إلى قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية، بينما وجد متطوعون آخرون من أوروبا طريقهم إلى القائمين على التجنيد بمبادرة منهم، حيث تم إنشاء مركز للتجنيد في باريس.

واستغل المتطوعون المرتزقة إقامتهم في المعسكرات بفرنسا للتدريب الأساسي، تحت إشراف مرشدين من الحركة الصهيونية، حيث كان اليهود ينتظرون دورهم للهجرة إلى فلسطين، ووصل جميع المرتزقة والمتطوعين اليهود فلسطين عام 1948، وشاركوا بالحرب وتهجير شعب فلسطين.

وبرز حضور المرتزقة ممن جندتهم الحركة الصهيونية في الجيش الإسرائيلي بعد النكبة، وكانوا الحجر الأساس لسلاح الجو والبحرية والبرية، وبعد تأسيس الجيش وانتهاء الحرب غادر الكثير منهم فلسطين.

وعام 1952، تم إنشاء حي "نيفي مال" وهو مجمع سكني يضم 100 شقة، ويقع شرق تل أبيب، وكانت تسكنه عائلات من المرتزقة من إنجلترا والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.

الجندي الوحيد

استلهم الجيش الإسرائيلي النجاح الذي حققته "ماحل" في تجنيد المرتزقة والمتطوعين اليهود، وأسس بشكل رسمي مشروعا خاصا داخل الجيش أطلق عليه "الجندي الوحيد" إذ إن الغالبية العظمى من الجنود الوحيدين أتوا إلى إسرائيل بدون عائلاتهم، ويحصلون على امتيازات وأجور مرتفعة، كما يسمح لهم بالعمل الخاص إلى جانب خدمتهم بالجيش الإسرائيلي.

وبحسب معطيات وزارة الأمن الإسرائيلية ووحدة البحث والمعلومات بالكنيست، بلغ عدد "الجنود الوحيدين" في الجيش الإسرائيلي قرابة 6 آلاف جندي، تم تجنيدهم من 70 دولة، وتبلغ نسبة اليهود منهم 20% فقط، بينما 80% أتوا بمفردهم ودون عائلاتهم، مما يعني أن النسبة الأكبر من الجنود الوحيدين الأجانب مرتزقة.

ويشارك "الجنود الوحيدون" إلى جانب قوات الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة والمعارك البرية، حيث يخدم نصفهم في وحدات قتالية، ويتميزون بالشراسة والخطورة في القتال.

ويحصل "الجندي الوحيد" على العديد من المزايا، مثل منحة شهرية ثابتة تقدر بآلاف الدولارات بالإضافة لأجره، وبطاقات الهدايا في أمسيات الأعياد، ومنحة الزواج، ومنح الطرود الغذائية، ومزايا مالية متنوعة، وتمويل رحلة جوية لزيارة الوالدين بالخارج، ومساعدة في الإيجار، وتمويل صيانة الشقة، والإعفاء من الضرائب.

جيش الجنسية المزدوجة

تتربع روسيا وأوكرانيا وبريطانيا وأميركا وفرنسا وجنوب أفريقيا على قائمة الدول التي يشارك مواطنوها في صفوف الجيش الإسرائيلي، سواء كمجموعات من المرتزقة يتم تجنيدهم عبر شركات أمنية إسرائيلية خاصة، تنشط على مدار العام حول العالم، أو من خلال الخدمة العسكرية بالجيش الإسرائيلي بسبب "الجنسية المزدوجة".

وقدرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان" أن هناك عشرات الآلاف -من المهاجرين الروس من أصحاب "الجنسية المزدوجة" الإسرائيلية والروسية- ما زالوا يخدمون بالجيش الإسرائيلي في سياق الخدمة المدنية وضمن قوات الاحتياط، ويشاركون في الحرب على غزة، في ظل مخاوف إسرائيلية من احتمال أن يتم تجنيدهم في الجيش الروسي بحرب أوكرانيا.

وفضحت تغريدة للاعب كرة القدم السابق إريك كانتونا جيش المرتزقة ومقاتلي الجنسية المزدوجة، الذين يشاركون بالحرب على غزة ففي منشور له على حسابه على "إنستغرام" تساءل النجم السابق لمانشستر يونايتد والمنتخب الفرنسي عن كيفية تعامل الدولة مع الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين سافروا للتجنيد أو التطوع في الجيش الإسرائيلي بالحرب على غزة.

وكتب كانتونا "هؤلاء الجنود الأربعة آلاف الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية الفرنسية، والذين غادروا البلاد للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي من أجل إبادة الفلسطينيين، بحجة شن حرب ضد حماس، هل سيتمكنون من العودة إلى فرنسا وكأن شيئا لم يكن؟ وهل سيحاكمون على أفعالهم؟".

مرتزقة بالحرب على غزة

وتحدثت صحيفة "غلوبس" عن تقرير جديد صدر قبل أيام من الجانب الروسي، يفيد بأن المرتزقة الذين قاتلوا في أوكرانيا ضد الجيش الروسي "حزموا أمتعتهم وتحركوا للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة".

وفي سياق تعزيز صفوف "جيش المرتزقة" خلال الحرب على غزة، كشف الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" النقاب عن آلاف المهاجرين الجدد الذين فروا من أوكرانيا وروسيا بسبب الحرب، وحشدوا للتطوع في قواعد الجيش الإسرائيلي للقتال وجمع التبرعات والمعدات لصالح الجنود، ويقدر أن نحو 1500 مهاجر جديد من روسيا وأوكرانيا لديهم قدرة على القتال والخدمة العسكرية.

كما أن المئات من الجنود الأوكرانيين مكثوا في إسرائيل للعلاج والتأهيل، جراء إصابتهم خلال الحرب الروسية الأوكرانية، ولم يعودوا إلى كييف، ويقدر أن الكثير منهم انخرط بالقتال والتوغل البري بالقطاع ضمن فرق المرتزقة.

ويأتي ذلك، بينما تكتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية على مشاركة أوكرانيين إلى جانب الجيش في الحرب على غزة، والمعارك البرية بالقطاع، لكن مقاطع فيديو وتقارير صحفية وثقت انضمام مقاتلين أوكرانيين للقتال مع الجنود الإسرائيليين في غزة، وقد قتل 7 منهم بمعارك حي الشجاعية.

وفي مؤشر آخر لاستعانة الجيش الإسرائيلي بمرتزقة، هددت خارجية جنوب أفريقيا مواطنيها الذين يعيشون بإسرائيل، وحذرتهم من الانضمام لجيش إسرائيل بالحرب على غزة، وأكدت أن ذلك يعرضهم لخطر الملاحقة القضائية في البلاد بتهمة انتهاك القانون الدولي. علما بأن هناك الآلاف من مواطني جنوب إفريقيا يعيشون في إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فی الجنسیة المزدوجة إلى جانب الجیش بالحرب على غزة الحرب على غزة فی الحرب فی الجیش

إقرأ أيضاً:

«أوقفوا الحرب.. جنودنا يقتلون»

خسائر تل أبيب ترفع أصوات معارضى حكومة الاحتلال 

على خلفية مقتل جنود إسرائيليين، صعدت الخسائر التى تلقاها  الاحتلال الإسرائيلي، فى الأسابيع الماضية، فى الكمائن والعمليات العسكرية التى نفذتها المقاومة الفلسطينية، فى شمال قطاع غزة، من الانتقادات والأصوات التى تطالب بوقف الحرب، خاصة بين النخب السياسية والصحفية فى حكومة الاحتلال والشارع الإسرائيلى بشكل عام.
ودفعت إعلانات قوات الاحتلال عن مقتل وإصابة ضباط وجنود، فى شمال غزة،  صحفيين ونخباً سياسية واجتماعية إسرائيلية إلى السؤال مجدداً عن «جدوى استمرار الحرب»، وتوجيه انتقادات للمستوى السياسى على رأسه بنيامين نتنياهو، والقيادة العسكرية خاصة رئيس الأركان هرتسى هليفي.
واعتبر صحفيون ومراسلون عسكريون أن الاستراتيجية التى وضعها رئيس أركان الاحتلال، هرتسى هليفي، وقائد المنطقة الجنوبية للقتال فى غزة «فاشلة»، وتسببت بخسائر فادحة فى صفوف الضباط والجنود، حسب وصفهم.
وكشفت منصات إعلامية تابعة للمستوطنين عن كمين قاتل وقعت فيه قوة من لواء «الناحال»، فى شمال غزة، أدى لمقتل عدد من العسكريين وإصابة آخرين، وأشارت إلى أن ركام المبنى الذى تفجر بالجنود دفن ثلاثة منهم تحته.
وأكد الصحفى الإسرائيلى إيتى لاندسبرغ نيفو أن المستوطنين بتجربة مريرة عاشوها، قبل عقود، خلال احتلال جنوب لبنان، عندما كان الجنود والضباط يتساقطون فى كمائن المقاومة، واعتبر أن ما يجرى فى غزة حالياً هو أضعاف الخسائر فى تلك الفترة.
ووصف غزة بأنها «فيتنام» الخاصة بـ«إسرائيل»، وقال: «الجنود يموتون واحدًا تلو الآخر، يومًا بعد يوم، عبوة أخرى، قناص آخر، مبنى آخر ينهار».
وهاجم الكاتب الإسرائيلى ناحوم برنياع فى مقال على «يديعوت أحرونوت»، قوى المعارضة فى دولة الاحتلال واعتبر أنها خائفة من إعلان موقف واضح من استمرار الحرب التى تسببت بمقتل وإصابة آلاف الجنود والمستوطنين، وقال: «أين المعارضة؟ أين لبيد، غانتس، غولان؟ يعرفون ما أعلمه وأكثر، أين حركة الاحتجاج؟ أين هرتسوغ؟ الخوف من تصويرهم على أنهم مهزومون أو خونة أو يساريون يمنعهم من التحرك».
وأكد أن طموح قوى المعارضة الإسرائيلية هو «الوصول إلى السلطة من خلال موقف وسط»، حسب وصفه، واعتبر أن «لا مكان للوسط فى إسرائيل اليوم بل يجب أخذ موقف واضح».
وأشار إلى تجربة حرب الاستنزاف التى استمرت لمدة 1000 يوم على جبهات القتال المختلفة، عقب حرب 1967، وأضاف: «استمرت الحرب 1000 يوم قُتل خلالها قرابة 1000 إسرائيلى أكثر من ثلثهم على الجبهة المصرية، استغرق الأمر سنوات حتى أدركنا مدى الحماقة التى كنا فيها وكيف فقد أصدقاؤنا أرواحهم وأُصيبوا فى حرب بلا منطق أو هدف».
واعتبر الوزير السابق فى حكومة الاحتلال، إفرايم سنيه، أن «استمرار التواجد العسكرى الإسرائيلى فى غزة سيكون له ثمين ثقيل وفظيع من حياة الجنود».
وهاجم الكاتب الإسرائيلي، عيناف شيف، فى مقال على «يديعوت أحرونوت» المحللين العسكريين الذين قال إنهم «يروجون لإنجازات وهمية للجيش»، قائلاً: «فى المشهد الحالى الذى لا يظهر له نهاية تتصدر هذه الفترة قائمة الحماقات، الصحفيون العسكريون وأشباههم يتحدثون عن إنجازات مهمة نتيجة الدخول الثالث أو الرابع أو ربما الثالث ونصف إلى مناطق فى قطاع غزة التى قيل إنها عولجت قبل شهور» وقال: «المنازل تتهدم والأرواح تتحطم، بينما العائلات التى حظها جيد تعانى فقط من القلق المستمر على أولادها».

مقالات مشابهة

  • خليل الحية: “أنصار الله” هم إخوان الصدق الذين غيّروا من معادلة الحرب والمنطقة
  • السويد تخطط لسحب الجنسية من الأشخاص الذين يعتبرون تهديد للأمن القومي
  • تقرير مسرب.. ماذا حدث داخل الجيش الإسرائيلي نتيجة الحرب؟
  • الجيش الإسرائيلي يفجر منازل ويجرف طرقات جنوب لبنان
  • عاجل| تصاعد الخسائر.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يفقد 3406 بين قتيل وجريح منذ بدء حرب غزة
  • تقرير عبري: الجيش الإسرائيلي يواجه “ورطة كبيرة” في قطاع غزة
  • «أوقفوا الحرب.. جنودنا يقتلون»
  • خبيران: ما يحدث في شمال غزة يؤكد فشل مشروع اليمين الإسرائيلي
  • بالفيديو. جنرال في الجيش السوداني يحث الجنود لدخول الخرطوم
  • ارتفاع حصيلة قتـ.لى جيش الاحتلال الإسرائيلي في عملية بيت حانون لـ4 جنود